العدد 1931 - الأربعاء 19 ديسمبر 2007م الموافق 09 ذي الحجة 1428هـ

علي جاسم أوصى بالاهتمام بزوجته ومولوده المرتقب... ورحل

«الوفاق» تدرس مع عائلة المتوفى التحرك القانوني

جدحفص - فرح العوض، علي طريف 

19 ديسمبر 2007

أمّ محمد هي والدة الشاب المتوفى يوم الاثنين الماضي علي جاسم محمد مكي(31 عاما) كانت ولاتزال تردّد عبارات هي أعلم بمعانيها، تبكي مرّة وتصرخ أخرى، وهي تقول من بين ما تقوله: ابني شهيد.

تمرّ أمّ محمد بحالة نفسية سيئة جدا، يغيب الوعي عنها فترة ويعود؛ إذ كان خبر وفاة الابن الرابع في ترتيب أبنائها بمثابة الصدمة لها.

حاورت «الوسط» شقيقة علي جاسم ووالدته بعد الانتهاء من مجلس عزاء اليوم الأول (أمس الأربعاء) الذي شهد حضور أعداد كبيرة من النساء اللائي ذهبن لمواساة أسرة المتوفى.

شقيقة الشاب المتوفى الأصغر منه سنا (24 عاما) تحدثت إلى «الوسط» بصوت مبحوح وبحرقة، واصفة ما حدث له قائلة: «دخل علي المنزل يوم الاثنين 17 ديسمبر/ كانون الأول الجاري وكان متعبا جدا، ولون وجهه يميل للزرقة، وبدأ يقول ويكرّر: صدري يؤلمني، إلى أن جلس». وأضافت «كان يريد أن يحمل ابنتي فاطمة ذات الـ 8 أشهر التي كان متعلقا بها جدا إلا أنه لم يتمكن من ذلك».

«أوصيكم بزوجتي وابني المرتقب»، كان ذلك آخر ما تناهى إلى مسامع والدة علي وشقيقاته الثلاث، قبل أن يودّع هذه الدنيا.

وبحسب شقيقة علي جاسم «توجه أخي الأصغر سنا منه يكلمه فردّ علي قائلا إن صدره يؤلمه، فما كان منه إلا أن ذهب للشباب في الخارج لاصطحابه إلى المستشفى الدولي، وفي تلك الأثناء حاولت أن أجري له تنفسا صناعيا فلم أستطع، بينما لونه كان يزداد زرقة».

وأوضحت شقيقة علي أنها وشقيقاتها كن سيتوجهن إلى مستشفى البحرين الدولي إلا أنهن تلقين نبأ وفاته، مؤكدة أنه «في تلك الأثناء وصلتني رسالة نصية قصيرة تسألني من خلالها: من هو المتوفى؟ فتأكدت من نبأ وفاة أخي».

وأكدت شقيقة المتوفى - كما كانت جميع أخواته وقبلهن والدته يقلن - بأن «سبب وفاة علي لم يكن ارتفاعا أو هبوطا في ضغط الدم، نحن ننفي ذلك، وخصوصا مع وجود ضربات في الجانب الذي كان يشير إليه».

وبيّنت شقيقته أن «عليا كان شديد التعلق بالأطفال ولا يرضى أن يسمع بكاء الأطفال، وخصوصا ابنتي فاطمة»، مضيفة أنه «انتهى من شراء وتجهيز كل ما يلزم ابنه، عدا سرير لم يتمكن من شرائه».

وعن الحالة الصحية لزوجة علي وهي فاطمة التي تبلغ من العمر 22 عاما، قالت شقيقته إنها «لا تزال ترقد في المستشفى، بعد إصابتها بارتفاع في السكري وضغط الدم منذ لحظة سماعها بنبأ وفاته»، مضيفة أنها لم تستطع حضور الفاتحة التي أقيمت منذ صباح أمس الأربعاء.

أما الوالدة المفجوعة بمصاب ابنها التي تمنت أن تعيش هذه الأيام سعيدة كغيرها بفرحة عيد الأضحى المبارك، فاعتبرت سبب وفاة ابنها استنشاقه للغازات السامة وتعرضه للضرب الذي بقيت آثاره على جسمه وخصوصا على صدره وكتفه، وأنه لم يمت «موتة» طبيعية، مطالبة «بكشف الحقيقة وراء وفاة علي»، وأكدت أن «الأسلوب الذي تم التعامل به مع ابني والشباب لا يدل على الرحمة، وأنه لم يكن حلا على الإطلاق».

وقالت أمّ محمد «رجال الشرطة هم أنفسهم رجال أمن، وهذا يعني أنهم يجب أن يكونوا كذلك لا أن يتعاملوا مع البشر بقسوة حتى الحيوانات لا تعامل بها»، متسائلة: «هل هذا العقاب يوجه لمواطن أم لعدو؟».

كان لعلي الذي يعيش هو وزوجته في منزل والده 6 شقيقات من والده، رحلت واحدة منهن، أما الآن فتعيش 5 شقيقات من دون علي الذي مرّ على زواجه عام ونصف العام. شقيقه الأكبر وأفراد عائلته سيجددون حزن علي لأمه على رغم أنه لن ينتهي، بعد عودتهم بإذن الله من الحج، وستبقى أم محمد تردّد: «أين الحقيقة؟».

إطلاق المطاطي عمدا على المنازل

من جانب آخر، و في الوقت الذي شكا فيه عدد من المواطنين لصحيفة «الوسط» انزعاجهم «من تعمد اطلاق مسيلات الدموع والرصاص المطاطي من قبل قوات مكافحة الشغب وتوجيهها عمدا إلى منازلنا»، شهدت بعض مناطق البحرين مساء أمس الأول (الثلثاء) مواجهات بين مجموعة من الشباب وقوات الأمن.

وطوق رجال مكافحة الشغب الثلثاء عددا من مناطق البحرين من بينها جدحفص، الديه، السنابس، والبلاد القديم وقاموا بإجراءات أمنية مكثفة بعد المواجهات التي نشبت بين مجموعات من الشباب وقوات الأمن بالقرب من دوار عبدالكريم (جدحفص) ، في الوقت الذي كانت جموع من المشيعين يتجمهرون في مقبرة جدحفص لمواراة جثمان علي جاسم .

إلى ذلك، قالت عائلة سيد ميثم سعيد مرزوق التي تقطن في مجمع 363 ان منطقة البلاد القديم شهدت مواجهات مساء الاثنين والثلثاء الماضيين عند الساعة العاشرة والنصف.

وأضافت العائلة التي تتكون من 8 أشخاص مع الوالدين «تجمعنا في الغرفة التي لا تطل على الشارع لكي لا نستنشق الغازات المسيلة للدموع التي كانت تنهال على المنطقة بشكل عشوائي».

وأوضحت أن «احدى طلاقات المسيلة للدموع سقطت من سطح المنزل الذي كان بابه مكسورا وسقطت في وسط المنزل في الوقت الذي كان احد الأبناء استنشق رائحة المسيل للدموع ، فما أن فتح الباب وشاهد طلقة من مسيل الدموع والغاز في بداية انبعاثه قام بإخبار الجميع الخروج من المنزل»، مشيرة إلى انها أنها قامت بالخروج من الغرفة المجاورة عن طريق النافذة والتوجه إلى منزل احد الجيران والنوم فيه حتى صباح أمس.

وذكرت العائلة ان لديها ابنا يبلغ من العمر عاما ونصف العام يعاني من ضيق في التنفس، مطالبة مراعاة كبار السن والأطفال وعدم استخدام المفرط للغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.

إلى ذلك، أفادت عائلة أخرى بان الرصاص المطاطي والمسيل للدموع كان ينهال على سطوح منازل القاطنين بشكل كثيف، ما أدى إلى «اختناق الكثير من العوائل التي كانت جالسة في منازلها آمنة».

واضاف أن العائلة لديها كبار في سن ويعانون من مرض ضيق التنفس، ومطالبة وزارة الداخلية بمحاسبة قوات مكافحة الشغب التي تقوم بالتعمد بإطلاق غاز المسيل للدموع وتوجيهها عمدا إلى المنازل، على حد قول المواطنين.

عائلة السيدسعيد أفصحت بأنها نقلت ابنها إلى مجمع السلمانية الطبي لتلقي العلاج بعد استنشاقه للغاز المسيل للدموع الذي كان يتطاير داخل المنزل، وأضافت العائلة أن سيارتها تعرضت للتخريب بعد تساقط مسيل الدموع عليها واحتراق صبغتها، وأوضحت العائلة أنها ستقدم بلاغا ضد رجال الأمن المدنيين الذين كانوا يطلقون الغاز المسيل للدموع بشكل عشوائي على رغم عدم وجود أي شخص في الخارج.

إلى ذلك، شهدت مناطق عدة مساء أمس حوادث أمنية بين متظاهرين وقوات مكافحة الشغب وإشعلت فيها الإطارات وألقيت فيها قنابل مسيلة للدموع والرصاص المطاطي.

«الوفاق» تدرس التحرك القانوني

وفي سياق متصل، ذكر عضو كتلة الوفاق النائب عبدالجليل خليل أن «الكتلة أطلعت أسرة المتوفى علي جاسم محمد على جهود الكتلة من توارد نبأ الوفاة حتى تشكيل لجنة طبية تشرف على تشريح الجثة، والاتصالات التي جرت مع رئيس النيابة العامة ووزير الصحة من أجل أن تضم اللجنة التي ستباشر عملية التشريح في عضويتها أشخاصا من خارج النيابة العامة، وكذلك مطالبة الكتلة من وزير الصحة اختيار أطباء مشهود لهم بالكفاءة والإخلاص والصدقية من أجل أن يصل الجميع للحقيقة كاملة، والذي هو أساسا رغبة وطلب الأسرة كذلك كما عبروا عنها، وكانت هناك شكوك وخشية من أن تشكل لجنة سريعة تخرج بنتائج تتعرض لطعون في وقت لاحق».

وأفاد خليل بأن «وفد الكتلة تحدث خلال زيارته العائلة أمس بشأن الخطوات القانونية التي ينبغي القيام بها من أجل كشف الحقيقة كاملة وخصوصا فيما يتعلق بضرورة تقديم طلب قانوني من الأسرة لاختيار محامٍ لمتابعة فتح قضية تحقيق في المحكمة لمعرفة كامل تفاصيل القضية والاستماع للشهود والمختصين في هذا الشأن، وأبدت الأسرة توافقها الكامل بالعمل مع الكتلة في هذا الموضوع، وسلموا النسخة الموجودة لديهم من التقرير الطبي إلى الكتلة».

وأشار خليل إلى أن «العائلة كانت متفاعلة مع تحرك الوفاق وذلك لرغبتهم في معرفة تفاصيل القضية حتى لا تضيع قضية ابنهم، وخصوصا بعد سماع أن اللجنة المختصة بتشريح الفقيد أرسلت عينات لمختبرات خارج البحرين من أجل استكمال الفحص الطبي، وتم التوافق على أن تتم مباشرة هذه الجهود المشتركة بعد انتهاء مراسم العزاء».

حرق سيارة في كرزكان وتحطيم أخرى في السنابس

تعرضت سيّارة مدنية من نوع شيفر صالون سوداء اللون يعتقد بأنها تابعة لوزارة الداخلية ويستقلها مدنيون إلى هجوم من قبل متظاهرين في قرية كرزكان في الساعات الأولى من صباح يوم أمس أسفرت عن تدمير السيارة بالكامل، وإصابة أحد ركابها الثلاثة الذي تم نقله بسيارة إسعاف للمستشفى العسكري. وأكّد شاهد عيان قيام عدد من الملثمين بالقرب من الدوّار الرابط بين قريتي كرزكان والمالكية بمدينة حمد بإلقاء زجاجات حارقة على سيارة مدنية بها ثلاثة أشخاص. وعلمت «الوسط» بأنّ السيارة المحترقة تم نقلها برافعة خاصة من موقع الحادث، بعد أن تدخلت سيارات أمن مدنية أخرى من نوع «تيرسل» لحماية من فيها والاشتباك مع المتظاهرين بمسيلات الدموع والرصاص المطاطي حتى صباح أمس، من دون أن يسفر ذلك عن اعتقال أي من المتسببين في الهجوم.

من جانب آخر، تعرّضت سيّارة مدنية يعتقد أنها تابعة لوزارة الداخلية يوم أمس الأوّل للتكسير من قبل متظاهرينَ في منطقة السنابس بعد أن شاهدها متظاهرونَ أن مستقلّي السيارة يقومونَ بتصوير المتظاهرينَ أثناء تشييع المتوفى علي جاسم مكي، ولم ينتج عن ذلك أيّ إصابات. وقد حاولت «الوسط» التأكّد من المعلومات من قبل مصادر في الداخلية، إلا انه لم يتسنَّ لها ذلك.

العدد 1931 - الأربعاء 19 ديسمبر 2007م الموافق 09 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً