العدد 1941 - السبت 29 ديسمبر 2007م الموافق 19 ذي الحجة 1428هـ

موهوبون ولكن!

قرى و«فرجان» البحرين تعجّ بهم...

كنت ومازلت أحد المهتمين بحضور الدورات الرياضية التي تقام في القرى سواء على مستوى القرية الواحدة أو على مستوى القرى والمراكز الرياضية (الدورات الخاصة بالمراكز والأندية الشبابية)... ولعل حضوري لتلك الدورات ليس هدفه الحضور فقط... وأخذ ما طاب من (الحب الشمسي والعصير) ففي هذه الدورات ترى المفاجآت والعجائب، إذ ترى حرّاسا متمرسين ولاعبين موهوبين ونجد كذلك مواهب جديدة تفتخر أولا بأنها خرجت من إحدى الدورات الداخلية وتفتخر كذلك أن هذه الموهبة هي موهبة قروية خالصة 100 في المئة، إذ تنتظر هذه الموهبة من يصقلها لتشق طريقها نحو مشوارها الرياضي.

والحديث هنا ذو شجون عندما ترى هذه المواهب الرياضية التي تعج بها البحرين من كل جهة ومن كل حدب وصوب... والسؤال الذي يخطر بذهنك وبذهن الكثيرين من المتتبعين لهذه الدورات من الوهلة الأولى... من المسئول؟ من هو المسئول عن هذه الفئة المهمشة الوطنية التي من شأنها أن تخدم الوطن وفي ألعاب مختلفة؟ ولماذا تبقى هذه الفئة مهمشة دائما من قبل المسئولين؟ أوليسوا من أبناء هذا الوطن؟ وهل إهمال مثل هؤلاء اللاعبين أمر مقصود أم هو غائب عن ذهن المسئولين؟

ويظن الكثيرون أن مواهبنا الوطنية متوافرة فقط في الأندية التي تكون تحت مظلة الاتحاد البحريني لكرة القدم أو أندية النخبة (أندية الكبار)... وهنا يجب أن يعلم الكثيرون أن المواهب الوطنية تمتلئ بها البحرين من شمالها لجنوبها ومن شرقها إلى غربها فمواهبنا متوفرة في كل زمان ومكان وعلى مدى التاريخ... ولكن ينقصها بعض الأشياء التي يجب أن يحصل عليها هذا الموهوب فيبحث تارة عن من يسانده (من المسئولين طبعا)! وإذا ما حصل المساندة والدعم من قبل المسئولين فإنه بالإمكان أن يكون موهبة وثروة وطنية يستفيد منها الوطن في السنين التي يكون فيها قادرا على العطاء فيها.

الكلام يطول عن المواهب... وأركز هنا على المواهب القروية التي تعج بها المملكة... لنطير معا إلى عالم الحقيقة... الحقيقة وهي واضحة للكثيرين... سواء من جمهور أو من مسئولين أو من صحافة محلية، فنحن في البحرين نملك القرى الممتدة على طول وعرض الخريطة الجغرافية لمملكة البحرين... ولعلنا إذا ما ذكرناها فسنراها تفوق الـ 50 قرية وكل قرية تعج بالرياضيين وفي ألعاب مختلفة سواء في كرة القدم التي تعد اللعبة الشعبية الأولى على مستوى العالم عموما والمملكة خصوصا أو في ألعاب رياضية أخرى... هذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها... وإذا كان الحديث يأخذنا في كرة القدم فإننا لا بدّ لنا هنا وأن نتكلم عن الدورات التي بصراحة تامة تفوق دورينا الممتاز جماهيريا! فدورة التعارف على سبيل المثال إحدى الدورات المهمة في تاريخ كرة القدم البحرينية... نعم هي من الدورات المهمة في تاريخ الكرة البحرينية... فمنذ أن تبنى نادي باربار فكرة إقامة دورة التعارف وها هي هذه البطولة تحصد نجاحا جماهيريا يفوق النجاح الجماهيري لمباريات الدوري! أضف إلى ذلك النجاح الذي تحصده الكرة البحرينية ولكنه نجاح (يحتاج إلى رعاية)، إذ رأيت شخصيا في آخر دورة رياضية وجوها تستطيع الدفاع عن ألوان منتخبنا الوطني في المحافل الرياضية فيما لو حصلت على الرعاية الكاملة من المسئولين... أضف إلى ذلك أنني لست من الحاضرين لكل المباريات إنما للبعض منها... ورأيت عددا لا بأس به... فما بالك لو حضرت جميع المباريات؟

ونحن هنا لا نستثني الدورات الأخرى والتي هي بمثابة دورة التعارف... فهناك دورة بتلكو ودورة عالي للشباب ودورة السهلة للناشئين، فالدورات كثيرة والمواهب كثيرة ليس كلاعبين فقط حتى كمدربين... لأنهم هم دائما من يصنعون هذه المواهب ومن يبدأ باكتشافها في هذه الدورات.

سألت أحد اللاعبين الموهوبين ذات يوم: ما هو حلمك من كل هذا؟ قال ومن دون تردد: أن ألعب لمنتخب بلدي، نعم أن ألعب للبحرين... واثبت للعالم أن جيسي جون ليس بأفضل مني وإنني قادر على إثبات وجودي، فقلت له: وما المانع، فقال: هو يلعب لفريق كبير كالمحرق، أما أنا فألعب فقط هنا لفريق قريتي... فقلت له: ربك كريم... وربما نراك في القريب العاجل في منتخبنا الوطني... فقال: ربك كريم.

لعل الحديث فيه الكثير من الغصة التي يعاني فيها هذا الموهوب... فهو يشتكي أولا من التجنيس الذي ابتلي به منتخبنا البحريني وحرمه من المشاركة في المنتخب الوطني وفي بعض الأندية المحلية... وثانيا أنه مهمش من قبل المسئولين وأنه سيقضي عمره فقط للعب في فريق القرية من دون الوصول إلى منتخب بلاده... وهنا يجب أن نضع بعض الحلول لإبقاء مواهب هؤلاء... للبداية الصحيحة لمستقبل الكرة البحرينية فقد يكون الحل صعبا، ولكننا طالما كجماهير رياضية طالبنا فقط بالبداية الصحيحة، ولكننا وحتى هذا اليوم (مكانك سر)، ولربما وعندما نتكلم هذه المرة تخطف كلماتنا هذه أعين المسئولين في إنشاء على سبيل المثال أكاديمية رياضية حتى ولو كانت بسيطة تضم الموهوبين المواطنين من هذا البلد، فنحن لا نطالب بأكاديمية (أسباير) كالتي في دولة قطر إنما نطالب بالقليل من أجل الارتقاء بالرياضة البحرينية في شتى المجالات سواء كانت عبر الألعاب الجماعية أو الألعاب الفردية والتي كما قلناها في السابق رياضات بإمكانها أن تصنع الكثير للرياضة البحرينية.

أخيرا... موهوبون من كل مكان، وفي ألعاب عدة وكثيرة وليس كرة القدم فقط... داخل الفرجان والقرى يلعبون قد يكونون لا يملكون الملعب المناسب ولا المكان المناسب ولكنهم على رغم ذلك موهوبون... موهوبون بالفطرة، ففي البرازيل نجوم من ذهب بدأوا من شواطئ ريو دي جانيرو... وأصبحوا اليوم من أساطير كرة القدم على مستوى العالم، كانوا موهوبين والآن هم نجوم محبوبون.

ركلة جزاء

حسين علي «بيليه» بدأ من قرية جدحفص، علاء حبيل بدأ من قرية سترة، حسن السيدعيسى بدأ من قرية المالكية، محمود العجيمي بدأ من قرية كرانة، عباس أحمد بدأ من قرية سترة... وسيدمحمود جلال بدأ من قرية باربار... وغيرهم من اللاعبين الذين ينتمون الآن إلى أندية القمة وبعضهم احترفوا في الخارج بدأوا من قرى البحرين الكثيرة... وهناك الكثير غيرهم وفي مثل مستواهم ينتظرون فرصة لبزوغ نجمهم... قد يكون هذا النجم أحد هدافي كأس آسيا في المستقبل... ولنعترف أن كل من ذكرناهم من نجوم قرويين هم (موهوبون بالفطرة).

ميثم المنصور

العدد 1941 - السبت 29 ديسمبر 2007م الموافق 19 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً