المقهى الشعبي قديما كان ملتقى الأدباء والمفكرين، وكان رواده من رجال السياسة والعلم وبفضل هؤلاء تحول إلى منبر من منابر الثقافة، إذ كان رواده يتحاورون في كل ما يهم المجتمع وفي شتى المجالات الحياتية إلا أنه في نهاية الثمانينيات ومع مطلع التسعينيات ونشوب حرب الخليج وعودة المصريين المقيمين هناك، بدأت الحاجة إلى البحث عن مشروع استثماري سهل وله ربح مضمون وتم تطوير (المقهى) ليصبح (كوفي شوب) ونجحت الفكرة وساعد على ذلك انتشار البطالة إذ وجد الشباب في هذا المشروع ضالتهم سواء بالجلوس عليها لتضيع الوقت أو العمل به.
يقول أحد معدي البرنامج الشهير (حكاوي القهاوي) مصطفي وهيب إن تاريخ المقاهي في مصر يرتبط بوجود اليونانيين في مدينة الإسكندرية إذ كانوا أحد الأسباب الرئيسية وراء انتشارها ولعل أشهرها والذي لايزال قائما حتى الآن هو مقهى (كوستا) اليوناني.
وبعد ذلك أصبح المقهى ملتقى الأدباء والمفكرين وكان من أشهر روادها عبدالله النديم وبيرم التونسي ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وغيرهم الكثيرين، أما الآن وفي ظل تغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية فقد اختص هؤلاء ليحل محلهم العاطلون ومدخنو الشيشة سواء كانوا من الشباب أو الفتيات.
يقول محمد مصطفي(75 عاما) مدير مقهى أم كلثوم بالعتبة وهو أحد المقاهي الذي يرجع تاريخ إنشائها إلى سنة 1951: إن المقهى يلعب دورا كبيرا في الحركة الاجتماعية بجميع مجالاتها لأنه بلا شك ملتقى مناسب لإقامة حوار مفتوح أو نقاش عن أية قضية تشغل الرأي العام، إذ يتداولون الآراء بحرية وهم يتناولون المشروبات التي يفضلونها.
ويضيف أن زبائن اليوم اختلفوا كثيرا عما كان يستقبله المقهى منذ 20 عاما، فقد كان رواد المقهى وقتها يتجاذبون أطراف الحديث في قضايا مهمة وقد تكون شائكة، وذلك يعبر عن وعي واهتمام الناس بما يحدث في الوطن. وفي كافيه آخر بأحد الأحياء الراقية بمنطقة المهندسين رفض صاحبه أيمن مدكور أن يطلق عليه اسم مقهى.
قائلا: إن ذلك اللفظ مرتبط بموروث شعبي، وإن هذا المفهوم تغير الآن إذ أصبح يطلق عليه (كافيه شوب)، وهو مكان واسم مأخوذان عن الثقافة الفرنسية بحيث يتم تصميمه لتقديم المأكولات والوجبات الخفيفة وأنواع مختلفة من المشروبات، كما يتم تخصيص ركن خاص للتدخين.
وأضاف أنه استجابة لمتطلبات الزبون الذي يقبل على مثل هذا النوع من المقاهي تم أيضا تخصيص جزء للدخول على الإنترنت والتمتع بخدماته حتى انه يوجد عدد كبير من رجال الأعمال والإعلاميين الذين يجدون في تلك المميزات إنجازا لأعمالهم بسرعة وفي الوقت نفسه يتابعون لقاءاتهم مع أصدقائهم وبالتالي أصبح الكافيه شبيه بالفندق الخمس نجوم
العدد 2281 - الأربعاء 03 ديسمبر 2008م الموافق 04 ذي الحجة 1429هـ