بدا لافتا أنّ أكثر ما تردد عشية انطلاق بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا 1 لموسم 2007 إن الفئة الأولى ستفتقد الكثير من بريقها مع اعتزال احد ابرز أساطيرها على الإطلاق الألماني مايكل شواخر بطل العالم سبع مرات.
إلا أن هذه النظرية سرعان ما تبخرت مع ظهور موهبة البريطاني الشاب لويس هاميلتون في شكل غير متوقع، إذ ضخ إثارة لا متناهية في البطولة التي استمرت المنافسة على لقب السائقين فيها حتى السباق الأخير في جائزة البرازيل الكبرى على حلبة انترلاغوس إذ توج الفنلندي كيمي رايكونن بطلا للعالم في سيناريو أشبه بالأفلام الهوليودية.
ويمكن القول انه على رغم السلبيات التي أرختها فضيحة تجسس فريق ماكلارين مرسيدس على غريمه فيراري، فان هذه الفضيحة لعبت أيضا دورا في استقطاب الاهتمام نحو فورمولا 1 بشكل غير اعتيادي، وخصوصا وسط الترقب لقرارات الاتحاد الدولي لرياضة السيارات «الفيا» ومسلسل التقارير الإعلامية التي صبت بدورها الزيت على النار ما أجج حدة «العداء» بين الفريقين البريطاني-الألماني والايطالي طوال السنة المنتهية.
ويعود البعض الآن إلى نغمة إمكان اقتحام الملل لحلبات الفئة الأولى في 2008 وسط التوقعات التي تشير كلها إلى عدم خروج المنافسة عن دائرة فيراري- ماكلارين إذ ستكون الفرق الأخرى بعيدة كل البعد عن المستوى الذي بلغه بطل الموسم الماضي ووصيفه من النواحي التقنية أو من ناحية الإمكانات الموجودة لسائقيها من أجل الخروج بأفضل النتائج الممكنة.
صحيح إنّ فيراري وماكلارين يلعبان الدور الأكبر حاليا في فورمولا 1 وان المنافسة الثنائية بينهما متوقعة مجددا، لكن هذا لا يسقط حضور الإثارة والتشويق بقوة إلى المراحل المختلفة للبطولة التي ستكون متجددة من نواح عدة، وخصوصا بعد حدوث تغييرات في ما يختص بالسائقين والفرق وحتى الفنيين.
لا شك في أن أكثر ما سيلفت الأنظار ويثير حشرية حتى أولئك الذين لا يهتمون بالفورمولا 1، هو تنظيم أوّل سباق ليلي في تاريخ البطولة في سنغافورة التي يتوقع أن تحتضن أكثر «سباقات الشوارع» إثارة على حلبة أشبه بتلك الموجودة في موناكو.
ضيفة أخرى سيرحب بها عالم السرعة القصوى في 2008، وهي حلبة فالنسيا الإسبانية التي ستستضيف جائزة أوروبا الكبرى بعد نجاح مالك الحقوق التجارية للبطولة بيرني ايكليستون في محاولته لإدخالها الروزنامة العالمية بالنظر إلى جودة المكان التي تتواجد فيه، وهو أشبه بإمارة موناكو إذ يركن الأغنياء يخوتهم الخاصة، ما يفتح أبوابا أوسع نحو استثمارات جديدة في بطولة اقل ما يمكن القول انه بقدر ما تستثمر فيها يمكنك جني أموال أكثر.
وسيكون انعكاس وجود سباق اسباني إضافي دفعة قوية لبلد لم يعر اهتماما حقيقيا للفورمولا 1 قبل إحراز البطل المحلي فرناندو ألونسو لقبه الأول في 2005، ما رفع من نسبة المشاهدين الأسبان للسباقات والذين تجاهلوا لفترة طويلة وجود ممثلين لهم في البطولة طوال الفترة القريبة الماضية (أمثال مارك جينيه وبدرو دي لا روزا).
وبالفعل ستتمكن اسبانيا عبر سباقي برشلونة وفالنسيا في تقديم براهين إضافية على جديتها في اقتحام عالم كبار الرياضة الميكانيكية في أوروبا أمثال ألمانيا وبريطانيا اللتين لطالما مثلتا العراقة في فورمولا 1، وخصوصا الأخيرة التي تقف في موقف حرج على اعتبار وجود الكثير من علامات الاستفهام حول قدرة حلبة سيلفرستون على مجاراة التطور الذي أصاب الحلبات العالمية الأخرى وطموح حلبات جديدة في الحصول على شرف استضافة إحدى الجولات.
ولن تكون الحوادث غائبة عن الحلبات وخصوصا تلك التي ستكون رطبة ومبللة بمياه الأمطار، إذ أنّ فرص فقدان السائقين سيطرتهم على السيارات ستزداد هذه السنة مع القوانين الإلكترونية الجديدة المفروضة وأبرزها منع استعمال جهازالتحكم بالتماسك وعدم الاعتماد على تقنية المساعد الإلكتروني.
وعلى رغم أهمية القرار الذي اتخذه «الفيا»، فانه يشكل خطرا أكبر على السائقين وسط المطالبة الدائمة بتعزيز إجراءات السلامة، إذ انه من دون جهاز التحكم بالتماسك سيكون السائقون أمام اختبار حقيقي عند الخروج من المنعطفات، ما قد يفقدهم في أحيان كثيرة السيطرة على سياراتهم، علما انه يمكن اعتبارأن هذا القرار سيعيد الفئة الأولى أعواما عدة إلى الوراء، مع الإشارة إلى أن محرك العشر اسطوانات المعتمد سابقا (8 اسطوانات حاليا) كان يساعد على المزيد من التحكم من خلال علبة السرعات، وهو الأمر الذي يبدو أصعب حاليا مع النوع المعتمد من المحركات.
إلا انه لا بد من الإشارة إلى أن غياب جهاز التحكم بالتماسك سيعطي أفضلية إلى أولئك السائقين الذين يعتمدون القيادة الحذرة بمهارة عند المنعطفات، أمثال سائق هوندا البريطاني جنسون باتون.
ومع إدخال هذه التعديلات كان لا بد من عودة المدير التقني المعروف روس براون إلى الرياضة لخوض تحد جديد، لكن هذه المرة مع هوندا الباحث عن الطريق إلى المجد بدلا من فيراري الذي ارتبط اسمه بالانجازات، إذ لم يفكر البريطاني في العودة إلى حظيرة «الحصان الجامح» إذ تبدو الأمور مهيأة للنجاح، مفضلا الكثير من العمل مع الفريق الياباني للحاق بفرق المقدمة.
وإذ كانت عودة ألونسو لولاية ثانية إلى رينو الفرنسي الأبرز في سوق انتقالات السائقين، فإنّ الحديث الواسع يدورحول زميله الجديد البرازيلي نيسلون بيكيت جونيور، وقد فاق الاهتمام بهذا الشاب السريع دخول هاميلتون للفورمولا 1 العام الماضي.
ويراهن كثيرون الآنَ على أنْ بيكيت جونيور نجل بطل العالم السابق سيخلق هموما عند «الماتادور» الإسباني ليضيف اسمه إلى هاميلتون والألماني نيكو روزبرغ (نجل بطل عالم آخر) كأحد ابرز المواهب التي ستطبع البطولة بطابعها الخاص في الفترة المقبلة، لكن لا يجب إغفال أن شخصية «نيسلينيو» القوية والثائرة قد تفرض على رينو نسيان لقبي ألونسو ومعاملة البرازيلي بالمساواة مع نظيره الاسباني وإلا سيتكرر سيناريو 2007 الذي شهد خلافا داخليا غير مسبوق بين الاسباني وزميله البريطاني في ماكلارين.
وبانتظار إطلاق السيارات العنان لمحركاتها في 16 مارس/ آذارالمقبل في جائزة استراليا الكبرى على حلبة ملبورن، يبقى الباب مفتوحا أمام دخول عناصر أخرى قد تضفي المزيد من التشويق إلى رياضة اعتنقت مبادئ الإثارة من دون سواها.
مرسيدس قد تجبر دينيس عن ماكلارين
يبدو أن مدير ماكلارين مرسيدس رون دينيس قد يبتعد عن فريقه وسط التقارير الصحافية التي تفيد بأنّ الشريك الألماني في طريقه إلى زيادة حصته التي ستجعله متحكما بشكل اكبر في إدارة الحظيرة البريطانية-الألمانية.
وشق دينيس طريقه بشكل تصاعدي حتى وصل إلى منصبه الحالي، إذ كان احد ميكانيكيي الفريق عند تأسيسه العام 1980، وسرعان ما تحول من العناصر البارزة وسط النجاح اللافت الذي حققه في موازاة فوز النمسوي نيكي لاودا والفرنسي ألان بروست والبرازيلي الراحل ايرتون سينا باللقب العالمي.
وكانت مرسيدس قد رفعت حصتها في الفريق إلى 40 بالمئة العام 1999، فيما تملك شركة مالية بحرينية نسبة 30 بالمئة من الأسهم، ويتقاسم دينيس وشريكه منصور أوجيه بقية الملكية.
وما لا شك فيه أن سمعة دينيس (60 عاما) شوهت بفعل فضيحة تجسس ماكلارين على فيراري في الموسم الماضي، ما أدى إلى حسم جميع نقاطه في بطولة الصانعين وتغريمه بمبلغ 100 مليون دولار.
وجاء تقديم السيارة الجديدة «أم بي 4-23» أمس الأوّل (الإثنين) في مدينة شتوتغارت الألمانية وليس في بريطانيا، ليؤكد سطوة الشركة الألمانية وتراجع دينيس.
وبحسب صحيفة «غارديان» البريطانية انه في حال قلصت صلاحيات دينيس أو اجبر على الابتعاد فان «يده اليمنى» مارتن ويتمارش سيكون البديل المثالي له، بينما قال متحدث باسم ماكلارين مرسيدس انه لا يتوقع إعلانا من الفريق تأكيدا للأنباء المتداولة بشأن المسألة.
العدد 1951 - الثلثاء 08 يناير 2008م الموافق 29 ذي الحجة 1428هـ