عندما يشارك المنتخب التونسي لكرة القدم في نهائيات كأس الأمم الإفريقية السادسة والعشرين 2008 التي تستضيفها غانا من 20 يناير/ كانون الثاني الجاري حتى العاشر من فبراير/ شباط المقبل سيظهر نسور قرطاج بثوب جديد بعد تغيير الكثير من نجوم الفريق الذي سطر انتصارات المنتخب التونسي عبر السنوات الماضية.
وبعد 4 سنوات فقط من فوز الفريق باللقب الإفريقي الوحيد له في تاريخ مشاركاته الكثيرة في كأس الأمم الإفريقية يسعى المنتخب التونسي بقيادة مديره الفني الفرنسي الخبير روجيه لومير إلى الظهور بشكل جديد ولكنه يسعى في الوقت نفسه إلى حصد اللقب الإفريقي الثاني له. ويحظى المنتخب التونسي بسمعة رائعة ليس على مستوى القارة الإفريقية فحسب وإنما أيضا على المستوى العالمي؛ نظرا لمشاركته في بطولة كأس العالم 4 مرات سابقة أعوام 1978 و1998 و2002 و2006.
وعلى رغم تذبذب نتائج المنتخب التونسي في تصفيات كأس الأمم الإفريقية منذ مشاركته الأولى في البطولة العام 1962 وحتى مطلع التسعينات إذ وصل للنهائيات 4 مرات فقط على مدار 3 عقود أصبح نسور قرطاج عنصرا منتظما في النهائيات منذ العام 1994 وحتى الآن، إذ ستكون البطولة القادمة في غانا هي المشاركة الثامنة على التوالي للفريق في النهائيات.
وبدأ المنتخب التونسي مشاركاته في كأس افريقيا بقوة، إذ وصل للمربع الذهبي في بطولة 1962 بإثيوبيا ولكنه خرج من الدور الأول في البطولة التي أقيمت في غانا 1963 ثم أحرز المركز الثاني في البطولة التالية التي استضافتها بلاده العام 1965.
وبعدها غاب الفريق عن النهائيات منذ بطولة عام 1968 وحتى بطولة العام 1992 باستثناء مشاركته في نهائيات 1982 بليبيا وخرج الفريق من الدور الأول للبطولة.
ولكن مع استضافة تونس للبطولة العام 1994 عاد نسور قرطاج للظهور في النهائيات لكن إقامة البطولة على ملعبهم لم يغير من الأمر شيئا، إذ خرج الفريق من الدور الأول للبطولة صفر اليدين.
ويبدو أن هذا الخروج المبكر تسبب في انتفاضة حقيقية لكرة القدم التونسية فأصبح الفريق على مدار السنوات العشر التالية من القوى الكروية الكبيرة على الساحة الإفريقية ففاز الفريق بالمركز الثاني في بطولة 1996 بجنوب افريقيا بعد الهزيمة في المباراة النهائية أمام أصحاب الأرض.
كما وصل الفريق لدور الثمانية في بطولتي 1998 و2006 وللدور قبل النهائي في 2000 بينما خرج من الدور الأول العام 2002.
وفي هذه الحقبة الزمنية نفسها بين أواخر القرن الماضي والسنوات الأولى من القرن الحالي انتزع نسور قرطاج بطاقة تأهلهم لكأس العالم 3 مرات متتالية وعلى رغم خروجهم من الدور الأول في البطولات الثلاث ترك الفريق أثرا جيدا في هذه المشاركات.
ولكن أبرز إنجازات المنتخب التونسي على الساحة الإفريقية تحققت عندما استضافت تونس البطولة العام 2004، إذ نجح الفريق في إحراز اللقب الإفريقي للمرة الأولى في تاريخه بقيادة المدرب الفرنسي روجيه لومير الذي قاد المنتخب الفرنسي سابقا للفوز بكأس الأمم الأوروبية العام 2000 ليكون أول مدرب في العالم يحقق إنجاز الفوز ببطولتين قاريتين في تاريخ اللعبة.
ومع خروج الفريق من دور الثمانية في البطولة الماضية 2006 بمصر يحتاج المنتخب التونسي بقيادة لوميير أيضا إلى استعادة بريقه عندما يشارك الفريق في بطولة 2008 بغانا وخصوصا أن المنتخب التونسي تأهل للبطولة من الباب الضيق لكونه أحد أفضل 3 منتخبات احتلت المركز الثاني في مجموعاتها بالتصفيات.
واحتل المنتخب التونسي المركز الثاني في المجموعة الرابعة بالتصفيات إذ فاز في 4 مباريات وتعادل في واحدة وخسر مثلها ليرفع رصيده إلى 13 نقطة بفارق نقطتين خلف نظيره السوداني متصدر المجموعة.
واستهل المنتخب التونسي مسيرته في التصفيات بالتعادل السلبي مع موريشيوس ثم حقق 4 انتصارات متتالية على السودان 1/صفر وسيشل 3/صفر و4/صفر وموريشيوس 2/صفر في حين جاءت الهزيمة الوحيدة للفريق في ختام مسيرته بالتصفيات وكانت أمام مضيفه السوداني 1/2.
وجاءت هذه الهزيمة بعد أن ضمن المنتخبان التأهل للنهائيات لكنها تركت أثرا سيئا لدى عشاق المنتخب التونسي وجعلت الفريق في حاجة إلى رد اعتباره من خلال التألق في النهائيات وخصوصا أنه يعتبر من أكثر منتخبات القارة استقرارا من الناحية الفنية إذ يتولى تدريبه لومير منذ سنوات.
ويخوض المنتخب التونسي البطولة القادمة بجيل جديد يختلف كثيرا عن الجيل الذي مثل الفريق في السنوات الماضية؛ نظرا لاعتزال عدد من اللاعبين البارزين في الفريق القديم واستدعاء لومير لعدد آخر من اللاعبين الجدد ما يجعل الفريق مزيجا بين الشباب والخبرة.
ويعتمد لومير الذي يقود الفريق في النهائيات للمرة الثالثة على التوالي على خبرة العناصر الباقية من الفريق القديم مثل اللاعب البرازيلي الأصل تونسي الجنسية فرانسيليدو دوس سانتوس وكريم حقي وجوهر المناري ومهدي نفطي بالإضافة لتألق العناصر الجديدة ومنها المهاجم الشاب لفريق النجم الساحلي بطل افريقيا وصاحب المركز الرابع في بطولة العالم للأندية باليابان العام 2007 أمين الشرميطي.
ولكن مشكلة المنتخب التونسي أن قرعة النهائيات أوقعته في مجموعة صعبة فعلا مع منتخبات السنغال وجنوب افريقيا وأنغولا وبالتالي لن تكون مهمة الفريق سهلة على الإطلاق.
وما يطمئن الفريق أنه عبر الدور الأول في 5 من آخر 6 بطولات خاضها في تاريخ كأس الأمم الإفريقية بالإضافة لتألق محترفيه في أوروبا والانتصارات التي حققها فريقا النجم الساحلي والصفاقسي التونسي في العامين الأخيرين.
العدد 1960 - الخميس 17 يناير 2008م الموافق 08 محرم 1429هـ