في مباراة مفتوحة أظهرت وجه الذئاب الحقيقي وعلى مدار شوطيها تمكن فريق المحرق من الفوز على البسيتين برباعية مقابل هدف واحد... ليتأهل الأحمر الملكي لنهائي كأس الملك بعد غياب موسمين، ليضرب المحرق موعدا جديدا مع النهائيات المحلية عندما يقابل الرهيب النجماوي يوم الأحد المقبل في النهائي الكبير.
المباراة أظهرت أمرا بات يتكرر في كل مواجهة يكون فيها المحرق طرفا فيها ومع أي فريق آخر، إذ أصبح المحرق هو صاحب التأثير الأكبر في حوادث المباراة وهو من يسيرها أو كما نقول «يمشيها» من خلال هجوم فتاك لا يرحم... وبمعنى آخر هجوم لا يصد ولا يرد، وكأن لاعبيه أرادوا تجسيد مقولة «الحرب المفتوحة»، والتي يستخدم فيها كل الأسلحة بغية الهجوم وتحقيق النصر.
كل شيء في فريق المحرق أصبح مخيفا للأندية المحلية... وربما يختلف معي الكثيرون في ذلك، وربما يتفق معي الكثيرون في هذا المعنى، ولكن هناك من الأسلحة التي يمتلكها المحرق ولا تتوافر في أي فريق آخر، فالأحمر يملك الروح المعنوية العالية ونجوم مدججة بالمهارة والفن والخبرة، بالإضافة إلى التكتيك الفني وأيضا الهيبة ورغبة الفوز.
ليس من سبيل المبالغة حين نقول ذلك ولكن هي حقيقة دامغة لا يستطيع أي فرد أو شخص إنكارها أو حجبها، فالمحرق بات بعبعا لكل أنديتنا، ومن كان يريد تحقيق بطولة عليه أولا تجاوز الأحمر والتغلب عليه، وهنا يستحضرني تصريح قديم لفهد الكرة الكويتية المرحوم الشيخ فهد الأحمد أثناء دورة الخليج التاسعة والتي أقيمت في المملكة العربية السعودية عندما فقدت الكويت لقبها جراء النتائج السلبية وقبل مباراة الكويت والسعودية قال الفهد: «من أراد تحقيق لقب دورة الخليج عليه أولا تحقيق الفوز على الأزرق».
عودة لمجريات مباراة المحرق والبسيتين أعتقد أن المستوى الذي قدمه المحرق في المباراة يدلل على دلالة واضحة وهي أن المحرق قدم عربونا ومهر اللقب الغالي مقدما وخصوصا إذا قدم مثل هذا المستوى المخيف أمام النجمة، إذ إن المحرق قدم كرة قدم هجومية ناصعة، وأطلق مدربه سلمان شريدة العنان للاعبيه لشن الهجوم على مرمى البسيتين، وخصوصا عندما دفع بالمدافع المحترف المغربي ابرارو لشغل الجهة اليمنى ما قلل من الواجبات الدفاعية لعبدالله عمر وزادت من طلعاته الهجومية، بالإضافة إلى محمود عبدالرحمن «الغائب الحاضر» في الجهة اليسرى، وأعطى شريدة نجم الفريق ريكو حرية الحركة ليصول ويجول على متن السفينة الزرقاء وخصوصا أنها افتقدت للحراسة والمراقبة، في حين كان سالمين والدوسري في قمة حضورهما الذهني من خلال أدوار خفية ومخفية، هذه التوليفة والتشكيلة جعلت المحرق يهاجم من كل حدب وصوب، فلم يعد البسيتين قادرا على سد ثغراته وفجواته ولم يعد قادرا على صد الهجوم الأحمر.
أما البقية الباقية من لاعبي المحرق علي عامر والبرازيلي جوليانو ومحمد عبدالله ومن خلفهم «السد» سيدمحمد جعفر فأدوا أدوارهم بمنتهى الدقة وكانوا متيقظين لأي طارئ يحدث.
بيان الكتيبة الحمراء
عموما، أعلنت الكتيبة الحمراء في بيان صادر عن قائدها الفني سلمان شريدة بعد المباراة التي أغرقت فيها سفينة البسيتين الزرقاء، أن الكتيبة الحمراء ستشن قريبا حربا مفتوحة أخرى على البيت الأبيض ورهيبها بقيادة «الفضي» كريسو من أجل خطف اللقب الغالي والكبير «أغلى الكؤوس»، ورفضت الكتيبة الحمراء في بيانها الصادر أمس الأول الكشف أو نشر تفاصيل الحرب المفتوحة التي ستشنها إلا أن مصادر عليمة بالكتيبة الحمراء أكدت لـ «الوسط الرياضي» أن ستستخدم ذات الأسلوب الذي استخدمته في حربها على السفينة مع إمكان دخول أسلحة كانت غائبة في المواجهة الأخيرة أمام البسيتين أمثال فتاي وعايش وجيسي جون.
إبرارو يقدم أوراق اعتماده
قدم اللاعب المغربي جمال إبرارو المحترف في صفوف ذئاب المحرق أوراق اعتماده رسميا بعد أن خاض أمام البسيتين مباراته الرسمية الأولى منذ بدايتها وهو الذي لعب قبلها في مباراتي البحرين والأهلي كلاعب بديل.
إبرارو قدم مستوى جيدا حاله حال بقية زملائه اللاعبين في المواجهة مع البسيتين وكانت له لمساته الفنية والتكتيكية على أداء الفريق، وبدا وكأنه منسجما مع رفيقه في الجهة اليمنى عبدالله عمر من خلال التفاهم الكبير الذي كان بينهما.
إبرارو يعد مكسبا كبيرا للمحرق بعد أن نجح في سد الفراغ في الجهة اليمنى، وحل المشكلة التي كان يعاني منها المحرق في الموسمين الماضيين في مركز الظهير الأيمن، ومستوى إبرارو مرشح للصعود والتقدم أكثر مع خوضه الكثير من المباريات في الأيام المقبلة.
سفينة مثقوبة
لم يقدم البسيتين في المباراة حتى 5 في المئة من مستواه الحقيقي، فغابت قوته الحقيقية والمتمثلة بانسجام خطوطه الثلاثة وترابطها وتفاهم لاعبيه وهو ما يعد مستغربا، ويبدو أن غياب الثلاثي المثير والمميز «هادي علي ووجيه الصغير ونواف المالكي» أثر بشكل كبير على مستوى الفريق وترابطه وانسجامه، وكان لهذا الغياب أثره في المستوى العام للفريق، ولهذا ظهرت سفينة البسيتين مثقوبة وغير قادرة على الإبحار، وخصوصا أنها اصطدمت بأمواج حمراء عاتية أجبرتها على رفع الراية البيضاء بل أجبرتها على التسليم بالغرق.
وعلى رغم البداية الجيدة للفريق في المباراة وخصوصا قبل تسجيل المحرق لهدفه الأول فإن مستوى الفريق الأزرق بدأ بالتراجع والانهيار، وسنحت للفريق فرصة العودة من جديد لأجواء المباراة ببداية مثالية مع بداية الشوط الثاني إلا أنه لم يستثمر ذلك، وربما نجد العذر له وخصوصا مع الخبرة الكبيرة التي يتمتع بها لاعبو المحرق والهجوم الخاطف الذي مارسوه على مرمى سيدشبر علوي بالإضافة إلى حال النقص الذي مني به الفريق جراء طرد محمد جاسم.
عموما، الفريق مطالب بوضع هذه المباراة في «درج» النسيان، ويعيد ترتيب حساباته ولاسيما أنه يتطلع للدخول في صلب المنافسة على بطولة الدوري وكأس ولي العهد.
ضياع «رنغو»
للمباراة الثانية على التوالي لم يظهر نجم المحرق الصاعد محمود عبدالرحمن بمستواه المعروف، وهو اللاعب المعروف عنه أنه لا يهدأ ولا يكل ولا يمل من الحركة المستمرة غالبية فترات المباراة، «رنغو» لم يكن في مستواه الذي عرفناه عنه، وربما أننا لم نشعر به إلا مرتين في المباراة الأولى في الدقيقة الأولى من المباراة بتسديدة مباغتة من الجهة اليمنى علت فيها الكرة العارضة، وفي الثانية بتسديدة قوية من الجهة اليسرى في الدقيقة 13 من الشوط الثاني وفيها ردت العارضة كرته، عدا ذلك لم نشهد له شيئا مؤثرا في أداء فريقه وبدا وكأنه تائه وضائع غالبية مجريات اللعب.
جماهير المحرق تتساءل عن السر الذي جعل مستوى «رنغو» يتراجع وطالبته بالظهور بمستواه المعروف في المباراة النهائية أمام النجمة حتى يتحقق الفوز بأغلى الكؤوس.
ريكو يخطف الأنظار من جون
ربما تكون عودة البرازيلي ريكو «المتوهجة» لصفوف المحرق سببا رئيسيا في شعور هداف المحرق هذا الموسم جيسي جون بالحرج وربما تسبب له ضغوطا نفسية كبيرة بعد المستوى اللافت الذي ظهر عليه ريكو في المباريات الثلاث التي لعبها أمام البحرين والأهلي والبسيتين وتمكنه من تسجيل 5 أهداف.
وربما يجد جون صعوبة كبيرة في خطف الأنظار إليه من جديد بعد أن سحبها منه ريكو ولاسيما أن هذا الأخير يحظى بحب الجماهير المحرقاوية من خلال ترديدها الأهزوجة «ريكو... ريكو... ريكو» بعد كل هدف يسجله.
وبالتأكيد فإن جون يدرك جيدا مدى صعوبة موقفه وخصوصا أنه للتو عائد من إصابة أبعدته قرابة الشهر وعليه مضاعفة جهوده من أجل استعادة مستواه المعروف والعودة إلى إحراز الأهداف من جديد حتى لا يدخل طي النسيان، ونقطة أخرى ربما تكون حاضرة في رأس جون إذ عليه أن يعلم أن أمر مشاركته مع الفريق أساسيا بيد مدرب الفريق سلمان شريدة وخصوصا مع المستوى الثابت الذي يقدمه الشاب عبدالله الدخيل.
العدد 1995 - الخميس 21 فبراير 2008م الموافق 13 صفر 1429هـ