يزور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد غدا (الأحد) العراق، في خطوة جديدة تندرج في إطار محاولات التقارب القائمة بين إيران وجيرانها العرب، وذلك على رغم قلق بعض هؤلاء من تنامي نفوذ الجمهورية الإسلامية. ولم تتردد إيران في بدء خطوات التقارب بعد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في 2003.
وكان عدد كبير من المسئولين العراقيين المعارضين لجأوا إلى إيران أو حصلوا على دعم منها، علما بأن غالبية العراقيين كما الإيرانيين، هم من الطائفة الشيعية. ووصف الرئيس الإيراني نظيره العراقي جلال الطالباني بأنه «رفيق سلاح». وكانت قوات الطالباني الكردي استخدمت إيران كقاعدة خلفية لها خلال فترة حكم صدام حسين. ووجد المسئولون في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، أبرز حزب شيعي في العراق، ملجأ لفترة طويلة في إيران. ومنذ 2003، زار الرئيس ورئيس الوزراء العراقيان طهران مرارا ووقعا معها اتفاقات تجارية. إلا أنها المرة الأولى التي يزور فيها رئيس إيراني العراق في تاريخ البلدين الحديث.
وكثف أحمدي نجاد، منذ انتخابه في 2005، مبادرات حسن النية تجاه العراق، وكذلك تجاه دول عربية أخرى، ولاسيما في الخليج.
وبدا وكأن إيران مصممة على طي صفحة دعم العرب للعراق في حربه المدمرة على إيران في 1980 التي استغرقت ثماني سنوات وتسببت بمقتل نحو مليون شخص.
في مايو/ أيار 2007، قام أحمدي نجاد بزيارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة كانت الأولى على هذا المستوى منذ الثورة الإسلامية في 1979.
ثم فتح على حد قوله، «صفحة جديدة» في العلاقات بين إيران ودول شبه الجزيرة العربية، عبر المشاركة، وللمرة الأولى في تاريخ البلاد، في قمة لمجلس التعاون الخليجي عقدت في الدوحة. وقام رئيس وزراء الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بزيارة في المقابل إلى طهران. كذلك زار وزير الخارجية الكويتي محمد صباح السالم الصباح طهران حيث أكد أن بلاده «تعرف من هو صديقها ومن هو عدوها، وان إيران صديقة لها».
وترافقت هذه الخطوة مع جولة كان يقوم بها الرئيس الأميركي جورج بوش في الخليج مركّزا على حجم «التهديد الإيراني».
ولم تبق السعودية بعيدة عن التقارب الإيراني العربي، إذ وجه العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز دعوة رسمية إلى الرئيس الإيراني لأداء فريضة الحج في مكة المكرمة.
وتقيم سورية وإيران حلفا وثيقا، فيما العلاقة بين إيران والأردن متوترة. وتعمل طهران حاليا على تحقيق تقارب مع مصر. وتوجه مسئولون إيرانيون أخيرا إلى القاهرة من أجل محاولة استئناف علاقة قطعت مع ثورة 1979 واعتراف القاهرة بـ «إسرائيل».
غير أن كل ذلك لا يعني زوال كل أسباب الخلاف وانعدام الثقة. فهناك خلاف على جزر في الخليج تسيطر عليها إيران وتطالب بها الإمارات حيث تبرز مخاوف من تأثير إيراني على الشيعة في الخليج. إلا أن الدول العربية لا تنظر إلى الطموحات النووية الإيرانية على أنها تشكل تهديدا مباشرا لأمن الدول العربية، إنما كتهديد غير مباشر بسبب احتمال أن يؤدي النزاع بين إيران والولايات المتحدة إلى صدام عسكري.
كما تبدي دول الخليج، ومعها مصر والأردن، قلقا من اخطار زعزعة الاستقرار الناتجة عن العلاقات بين إيران وكل من حركة «حماس» الفلسطينية وحزب الله اللبناني. ويرى الخبير الإيراني في الشئون العربية محمد صادق الحسيني أن زيارة احمدي نجاد إلى العراق ستتسبب بـ «زيادة التنافس والحسد والقلق» لدى العرب تجاه إيران، لأن العرب، في رأيه، «لا ينظرون إلى الدور الإيراني على أنه ايجابي»
العدد 2003 - الجمعة 29 فبراير 2008م الموافق 21 صفر 1429هـ