قدَّر البنك الدولي أن دول الشرق الأوسط، ومن ضمنها دول الخليج العربية، تحتاج إلى نمو متواصل في الناتج المحلي الإجمالي يبلغ بين 6 و7 في المئة سنويّا بهدف استيعاب الباحثين عن العمل الجدد، وأن الدول تحتاج إلى إصلاح اقتصاداتها وتعديل الحوكمة وأن الدخل الناتج عن ارتفاع أسعار النفط لن يكون كافيا لتوفير ملايين من فرص العمل.
وقال التقرير إنه في دول الخليج العربية التي تستورد عمالة أجنبية فإن الطفرة النفطية لم تستفد منها بشكل متكافئ، وإن النمو استمر متقلبا، بل إنه تراجع في بعض الدول. وتبلغ نسبة النمو في البحرين نحو 7 في المئة ولكن نسبة التضخم، ومن ضمنها التضخم المستورد، أثرت على نسبة النمو.
كما بيَّن التقرير أن فرص العمل المطلوبة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا) تبلغ نحو 80 مليون وظيفة بحلول العام 2020، ترتفع إلى 100 مليون وظيفة إذا تمت إضافة عدد الباحثين الحاليين عن العمل في دول المنطقة.
وقال التقرير: «مستويات الباحثين عن عمل في منطقة مينا تنتفخ واضعة ضغوطا على اقصادات الدول والنظام السياسية، وفي السنوات المقبلة؛ فإن الزيادة في الشباب ستضيف ملايين من الذين يريدون الدخول في سوق العمل، وإذا لم يتم حل طلبات العمل الحالية فإن ذلك قد يقود إلى زيادة النزاعات العائلية ويزيد العنف الداخلي».
إن النمو السكاني في المنطقة يمكن أن يستخدم لتعزيز النمو الاقتصادي إذا تم توظيف الباحثين عن العمل في وظائف منتجة، ما سيساعد كذلك في خفض النفقات وزيادة الاستثمارات وهو الأمر الذي حدث من قبل في دول شرق آسيا، التي استفادت من الاستثمار المسبق في الصحة والتعليم ما ساهم في خلق فرص عمل كثيرة. وأفاد أنه بسبب تراجع وفيات الأطفال والتوقع بصعود مستوى المعيشة في السبعينيات والثمانينيات فقد أدى ذلك إلى نمو مطرد للسكان في المنطقة. فقد بلغ عدد القوة العاملة في منطقة مينا في العام 2000 نحو 104 ملايين عامل وعاملة. أما في العام 2020 فيتوقع أن تبلغ القوة العاملة نحو 185 مليونا. ومن دون زيادة واضحة في فرص العمل في عدد العاطلين عن العمل سينمو بقوة.
وعلى رغم اختلاف الأقوال فإن الحقيقة التي لا ينازع عليها هو أن عدد العاطلين عن العمل مرتفع جدّا في منطقة مينا.
وبحسب تقديرات البنك الدولي؛ فإن النمو ارتفع في العام 2000 من مستواه المنخفض في العام 1996 إلى 1999 والبالغ 3,6 في المئة، ولكن «هذا النمو المتصل بالنفط لا تستفيد منه دول الخليج العربية الغنية بالنفط التي تستورد ملايين العمال الأجانب». وقد أدت طفرة أسعار النفط إلى مستويات قياسية بلغت نحو 90 دولارا للبرميل الواحد إلى ازدهار اقتصادي غير مسبوق في دول الخليج العربية.
ويعمل في دول الخليج الست نحو 12 مليونا أجنبيّا، معظمهم من شبه القارة الهندية والفلبين. وتحتضن المملكة العربية السعودية، وهي أكبر مصدر ومنتج للنفط في العالم, أكبر عدد منهم إذ يبلغ عدد الأجانب نحو 7 ملايين شخص، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم الكويت.
وذكر التقرير أن تحديات توفير فرص العمل ضخمة وأن الإصلاحات الماضية كانت محدودة. ودعا، كخطوة أولى, إلى انخراط القطاع الخاص - الأشخاص والمؤسسات - في النقاش بشأن الإصلاحات.
وتعترف معظم الدول في المنطقة بأنه لكي يستمر النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل لا بد من زيادة دور القطاع الخاص. لكن بدلا من استهداف الجذور الأصلية فإن هذه الدول تركز على الأمور الجانبية، من ضمنها التمويل وتشجيع الأعمال الخاصة و«موطنة» الوظائف. وعلى رغم أن هذه الإجراءات تساهم في إيجاد وظائف مؤقتا فإنها لا تحل جذور مشكلة البطالة.
وأوضح التقرير أن «الإصلاحات الصحيحة تحتاج إلى الابتعاد عن احتكار الدولة للقوة السياسية والاقتصادية، وتتجه إلى نظام تقوم فيه الدول بتهيئة البيئة للقطاع الخاص ليكون المحرك للنمو الاقتصادي.
كما كشف أن البطالة تزيد بين الشباب والنساء في المنطقة، التي لديها أعلى معدل من البطالة ويبلغ نحو 12 في المئة. إذ بلغت نسبة العاطلات في العام 2007 أكثر من 16 في المئة مقابل 9 في المئة للرجال العاطلين عن العمل. وارتفع عدد العاطلين في الشرق الأوسط 50 في المئة منذ العام 1997.
وأضاف ضمان الحكومات في منطقة «مينا» للخريجين بتوفير العمل، هي سياسة واضحة ما جعل القطاع العام مصدرا للتوظيف يوفر مرتبات عالية وضمان عمل مدى الحياة بالإضافة إلى الفوائد الأخرى. ويبلغ عدد العاملين في القطاع العام نحو 33 في المئة من مجمل القوة العاملة. وتمثل هذه النسبة نحو 70 في المئة من مواطني دول الخليج العربية معظمهم في الحكومة المركزية، وهذه النسبة مرتفعة بالمقارنة مع النسبة العالمية البالغة 27 في المئة، في حين تبلغ نحو 13 في المئة في الدول الصناعية.
العدد 2009 - الخميس 06 مارس 2008م الموافق 27 صفر 1429هـ