العدد 2010 - الجمعة 07 مارس 2008م الموافق 28 صفر 1429هـ

محطات فضائية تتحدى الملل بكل الطرق

من يحصِ المحطات الفضائية التي تظهر على شاشات تلفزيوناتنا اليوم يقل إن الملل ما هو إلا مصطلح لظاهرة انتشرت قديما تم القضاء عليها، وذلك باستحداث كم هائل من المحطات التلفزيونية تستطيع أن تشبع نهم مشاهدي التلفزيون للتسلية بأكوام وأكوام من البرامج المنوعة والمختلفة.

فبعد أن كنا ننام مع نهاية بث برامج المحطة الرسمية الوحيدة التي يمكن أن نستضيفها على شاشة التلفزيون، بتنا اليوم نحتاج لعدة ساعات لنستعرض المحطات التي يلتقطها جهاز استقبال البث الفضائي للمحطات لدينا، على أن يكون هذا الاستعراض سريعا من غير تأمل أو متابعة لبرنامج معين، لأن التوقف عند كل محطة لبعض الوقت سيؤدي من دون أية مبالغة لأن تمتد فترة استعراض المحطات لأكثر من يوم.

ولا تقصر محطات اليوم أو تبخل على المشاهد بنوع من أنواع المشاهدة، الأخبار على أنواعها، سياسية، فنية، اجتماعية، محلية وعالمية... الأفلام، عربية وأجنبية، قديمة وحديثة، ونرى منها أنواعا وأشكالا كلاسيكية، أكشن أو رومانسية... أما محطات الأغاني فحدث ولا حرج، كل ما أطفأنا التلفاز وأعدنا تشغيله قد نجد محطة جديدة، إما طربية أو شبابية، خليجية عربية، هندية ومن كل بقاع الأرض.

لا تقتصر اليوم التسلية المقبلة من خلال التلفزيون على البرامج والمسلسلات، فالإعلانات التي كانت سابقا تقطع علينا انسجامنا مع أحداث المسلسل، تستطيع اليوم أن تحبك باحتراف لا ينفر المشاهد منها، أن تتحول إلى وسيلة لتسلية المشاهد، بالإضافة لدورها في الإعلان والترويج.

فتستغل بعض المحطات اليوم قالب الإعلان للترويج كوسيلة من وسائل التسلية، فالإعلانات الساخرة التي تعرض في الفترة الأخيرة على بعض محطات الأغاني والتسلية الشبابية، حققت نجاحا كبيرا، فأتت خفيفة الظل وقادرة على شد المشاهد لها لمتابعتها باستمتاع، فكسر بذلك تلك السمة التي لطالما وصفت بها الدعايات، الثقل والملل. ولعل هذه المحطات التي اتخذت لنفسها شعار تحدي الملل، وفقت بدرجة ما في تحقيق شعارها على رغم أنها تأتي في أعلى قائمة المحطات المعرضة للانتقاد لأسباب منوعة.

ميزة هذا النموذج الجديد من الإعلان الذي اقترب من القنوات العربية منذ فترة قريبة، أنه يعتمد مبدأ الاستعراض الساخر والمنتقد، والذي يكشف العيوب، عوضا عن الأسلوب الذي يحاول أن يروج من خلال استعراض المحاسن مضخماَ من مزايا المنتج أو البرنامج المعلن عنه. البعض يرى في ذلك اقترابا من صناعة الإعلان بطريقة تقترب من الصناعة الغربية ويرى فيها بداية مشجعة لظهور أنماط جيدة من الإعلانات التي تطيح بالملل، في حين لا يرى آخرون أرضية تصلح للمقارنة وخصوصا أن هذه الإعلانات واضحة في تقليدها لبعض الإعلانات الغربية ولا تمتلك فكرة الإبداع والابتكار.

في المقابل ابتكرت قنوات خاصة للإعلان الترويجي فلا شغل لديها سوى عرض سلع استهلاكية من خلال برنامج معد لها إعدادا جيدا، وبالتالي لم يعد المنتج محتاجا لأية وسيلة تقف معه فقد أصبح مستقلا وله قناته الخاصة. هذه الظاهرة تفاقمت كثيرا وصار من المألوف أن تخصص بعض الشركات أو المنتجات قنوات خاصة لعرض منتجاتها فلا يستطيع المشاهد إلا أن يندمج مع القصة التي تروي حكايات تزعم أنها حقيقية. في النهاية فالمشاهد الذكي قد يكتفي بطرد الملل بمشاهدته للمحطات من دون أن يقع في شرك الاستهلاك والبقية على من لا يمتلك الذكاء اللازم إذ سيكون فريسة سهلة و مرغوبة من قبل صناع الإعلانات.

العدد 2010 - الجمعة 07 مارس 2008م الموافق 28 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً