قلَّل مصرفيون من وطأة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على بنك المستقبل ومقره البحرين، وقالوا إن البنك قادر على مواصلة نشاطاته والتزاماته وخصوصا بالنسبة إلى الزبائن الذين لديهم ودائع مع البنك البحريني/ الإيراني المشترك ما لم تكن معظم أمواله بالدولار الأميركي وموجودة في أسواق الولايات المتحدة الأميركية.
كما ذكر بعض المصرفيين أن الإجراء قد يكون مؤقتا ويشبه الإجراءات التي اتخذتها الخزانة الأميركية بعد غزو القوات الأميركية العراق في التسعينيات للإطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين إذ تم تجميد بعض أصول مصارف تعمل في دول الخليج العربية، من ضمنها مصارف عراقية، للتأكد من عمليات التمويل ما لبثت أن تم السماح لها من جديد.
وأبلغ مصرفي «مال وأعمال» ردّا على سؤال بشأن تأثيرات الحظر الأميركي: «الحجز جاء عن طريق وزارة الخزانة الأميركية وليس الأمم المتحدة، ولذلك فهناك فرق كبير بين الاثنين. الحظر الأميركي معروف لكن هذا لا يطبق في جميع الدول لأنه قانون خاص بها فقط».
كما سانده مصرفي آخر، وقال: «الحظر ليس من الأمم المتحدة بل من الولايات المتحدة الأميركية ولذلك؛ فإن الوضع مختلف لأن المصرف يعمل من البحرين. الحجز والتجميد سيكونان فقط على الأصول الموجودة في أميركا».
واتفق المصرفيان اللذان لم يرغبا في ذكر اسميهما على أن بنك المستقبل قادر على تلبية جميع التزاماته وخصوصا أن أصوله مقومة بالدينار البحريني. وبيّن أحدهما أن بإمكان البنك تحويل المبالغ عن طريق أوروبا، ولكن إذا كان الجزء الأكبر من الأصول مقومة بالدولار فهذا قد يسبب مشكلات للبنك».
كما رأى مصرفي آخر أن «ودائع بنك المستقبل هي بالدينار البحريني، وبسبب أن الحظر هو حظر أميركي وليس دوليّا، فإن البنك سيزاول أعماله كالمعتاد في بقية دول العالم ولديه القدرة على تلبية جميع التزاماته».
وكانت وزارة الخزينة الأميركية ذكرت أنها اتخذت تلك الخطوة ضد بنك المستقبل بسبب سيطرة بنك ملي الإيراني عليه. ونسبت الوكالات إلى مساعد وزير الخزينة لشئون الإرهاب والاستخبارات المالية ستيوارت ليفي قوله: «إن «بنك ملي يحاول كل جهده لمساعدة إيران في سعيها إلى الحصول على القدرات النووية والصواريخ البالستية، كما يساعد كيانات أخرى محددة على تجنب العقوبات».
وبموجب الحظر على بنك المستقبل يتم تجميد جميع الأصول في الولايات المتحدة الأميركية ويحظر على جميع الأميركيين التعامل مع البنك أو مواجهة الغرامة والسجن عند مخالفتهم القرار.
وقد رأى بعض المصرفيين أن العقوبات الاقتصادية الأميركية على بنك المستقبل، هي جزء من حرب اقتصادية ونفسية على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. لكن مصرفيين آخرين رأوا أن العقوبات على بنك المستقبل، وهو مصرف بحريني / إيراني مشترك مقره البحرين ومرخص من قبل بنك البحرين المركزي، تهدد حرية تحرك رؤوس الأموال الأجنبية.
أما البعض الآخر فذكر أن فرض عقوبات اقتصادية على البنك سيسد «نافذة عالمية» تتنفس منها إيران بسبب شراكة واحد من أكبر المصارف في المنطقة وهو البنك الأهلي المتحد الذي يملك حصة كبيرة في البنك.
وبين أحد المحللين الاقتصاديين أن الإجراءات الأميركية «هي تهديد خطير لحرية وحركة الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية التي سيتم تسييسها. البنك مؤسس في البحرين وجميع أنشطته مرخصة من قبل مصرف البحرين المركزي».
وأضاف «كان بإمكان الولايات المتحدة الأميركية، لو أرادت، أن تطلب من البنك المركزي وضع قيود واشتراطات واتخاذ إجراءات من شأنها ضمان عدم توجه أي تمويل إلى المجموعات غير المعروفة أو ألإرهابية».
ورفض مسئولون في مصرف البحرين المركزي التعليق على الإجراءات الأميركية ولكن بيانا رسميا ذكر أنه «في ضوء الإجراءات التي اتخذتها السلطات الأميركية بشأن بنك المستقبل حديثا، يود مصرف البحرين المركزي إعلام الجمهور بأنه على اتصال ببنك المستقبل فيما يتعلق بالتزاماته نحو زبائنه». والإجراء هو الأول من نوعه الذي تتخذه السلطات الأميركية بشكل علني ضد مصرف يعمل من البحرين منذ نحو عقدين على رغم أن هذا المصرف مملوك جزئيّا لحليف استراتيجي وأول دولة توقع اتفاقية تجارة حرة ومركز رئيسي للقوات البحرية الأميركية. لكن الإجراء هو الثاني بعد فرض إجراءات مماثلة على مصرف مملوك جزئيّا لليبيا يعمل في المملكة.
وتأسس بنك المستقبل في العام 2004 وهو مملوك بالتساوي إلى بنك صادرات إيران وبنك ملي إيران والبنك الأهلي المتحد برأس مال مدفوع يبلغ 99 مليون دولار، ويباشر عملياته من البحرين.
وكان من المتوقع أن يعمل بنك المستقبل (Future Bank) في دول عربية وإيران وبلدان أخرى وسيساعد البنك الأهلي على دخول السوق الإيرانية والأسواق الخليجية، وخصوصا أن السوق الإيرانية تحمل مستقبلا واعدا للمصارف الخليجية.
ونتج عن تأسيس بنك المستقبل اندماج كل من «بنك صادرات إيران» و«بنك ملي إيران»، وجاء كإحدى ثمار التعاون الاقتصادي بين البحرين وإيران، وإن اتخاذ إيران البحرين لتكون مركزا لإدارة أنشطتها المالية إقليميا وعالميا عائد لثقتها بمركز البحرين المالي.
ويعمل في البحرين، وهي المركز المالي والمصرفي في المنطقة، نحو 400 مصرف ومؤسسة مالية تبلغ مجموع الموجودات فيها أكثر من 200 مليار دولار. كما يعمل البنك المركزي على تقديم تراخيص إلى الكثير من فروع مصارف عالمية في سويسرا وفرنسا.
وحاز المركزي ثقة المؤسسات المالية العالمية بسبب الرقابة الشديدة والقوانين التي تتماشى مع المعايير الدولية.
العدد 2019 - الأحد 16 مارس 2008م الموافق 08 ربيع الاول 1429هـ