العدد 2022 - الأربعاء 19 مارس 2008م الموافق 11 ربيع الاول 1429هـ

رزان وخالد النبوي لا يمكن أن يصنعا ست الحسن والشاطر حسن!

«حسن طيارة» عمل سينمائي لا تختلف حكايته عن عشرات الحكايات التي قدمتها الشاشة منذ اختراع الصور المتحركة، ولكن الاختلاف في هذا الفيلم أنه لا يستفز المشاعر ولا يخدش الحياء... وعلى طريقة ست الحسن والشاطر حسن، يبدأ الشاب الفقير «حسن « الذي يجسد دوره خالد النبوي، وهو دور سائق ميكروباص ... يقضي معظم وقته على طريق 6 أكتوبر ثم العودة.

بالإضافة إلى أنه محام عاطل حيث لم يتمكن من الاشتغال بالمحاماة نظرا لمسئولياته العائلية التي كانت تتطلب أن يعمل في أي شيء يدر عليه مالا، فهو مسئول عن أمه «عايدة عبد العزيز» وشقيقه الصغير ورغم ذلك فقد كان يختلس الوقت ليتردد على مكتب صديقه المحامي المتواضع» عبده براءة» ويقوم بالدور «عبد الله مشرف» يمنحه استشاراته القانونية التي تشهد على تمكنه في مواد القانون وقدرته على تكييفها لخدمة الناس... وعلى الجانب الآخر من البطولة تقف ست الحسن بدلال بالغ «ملك» التي تجسد دورها المذيعة اللامعة «رزان مغربي» وهي تلعب دور ابنة الباشا الوزير «عزت أبو عوف» والتي تحب طيارة بشكل جنوني.

وكعادة الأفلام العربية لابد من وجود العزول الذي ينغص عليهما هذا الحب فكان دور الرجل الغني الذي يسعى إلى التودد إليها والزواج منها أملا في استغلال منصب وثروة الأب الوزير، ويقوم بهذا الدور خالد الصاوي.

أمجد بك (خالد الصاوي) رجل الأعمال الفاسد الذي يسعى للارتباط بها طمعا في مساعدة الوزير واستغلاله يعرف من صديقتها (داليا) أخبار علاقة (ملك) العاطفية وانجذابها إلى سائق الميكروباص ليحاول التحرش به وإهانته ويقرر تخريب العلاقة مستعينا بالصديقة التي تعمل في الوقت نفسه مديرة مكتب الوزير وعشيقة «أمجد» تمده بالأسرار وتسهل عليه إمكان الحصول على صفقات مقابل أن تحصل هي على نصيبها من الكعكة ... وهي قصة تكررت مرارا في الأفلام من دون أية إضافة· إرادة حديد وحسن أو الشاطر حسن شاب مقاتل أيضا وسوبر مان قادر على التصدي يعتز بكبريائه مثل أبناء البلد، لا يخشي الوزير الذي استنكر بشدة العلاقة التي تصر عليها ابنته، ويحاصر حسن بوسائل شتى ، لكن ابنته وهي فتاة عصرية متحررة تعمل مذيعة بالتلفزيون وتمتلك روحا شعبية وإرادة حديد تقرر الوقوف أمام محاولات الأب وتساعد حسن وتوفر له فرصة العمل كمحام في مكتب محام مشهور جدا ( حسن كامي ) ثم تقف إلى جواره عندما ينجح الأب في قطع عيشه، وينجح الخطيب بدوره في التصدي له وحرق سيارته، والاعتداء عليه، وتساعده أكثر عندما يترك المحامي الكبير ويعمل لدى صديقه المحامي البسيط من أجل نصرة العمال الذين طردهم «أمجد بك» ظلما ... وبعد هذه الحكاية لابد أن ينتصر عندما يحسم الشاطر حسن صراعه مع أمجد رجل الأعمال الفاسد بالضربة القاضية في معركة بالسلاح وبالأيدي داخل مصنع الأسمنت وهي معركة لا تنطلي على عاقل !!

الفيلم تناول أيضا قضية «الخصخصة» لشركات الأسمنت وبيعها إلى أمثال أمجد بك (خالد الصاوي) رجل الأعمال الشرير المتآمر على المال العام ومعه الوزير الغافل أو المتواطئ، فالشخصية حسب الفيلم بدت باهته انصب الاهتمام في تكوينها على الشكل الخارجي والعظمة المفتعلة والأبهة التي تعكس مقدارالثروة التي يملكها أيضا استغلال الجنس وتكريس دور المرأة في مثل هذه الصفقات إذ مثلت جيهان قمري دور داليا عشيقة رجل الأعمال التي تنتقم منه بعد أن يهجرها ويهينها بإفشاء أسراره وتسليم مفتاح شقته إلى المحامي الشاب الذي قرر أن يدافع عن المظلومين.

عفاريت الأسفلت

وبدا المؤلف مصطفى السبكي في هذا الفيلم وكأنه ليس مشغولا بالهم الاجتماعي ولا بالشأن العام وإنما بالحواديت ولكن أصبحت هذه الأمور الجادة مهمة لتحيل الفيلم قدرا من الحدية ولو بالإدعاء وهي سمة إيجابية على أية حال لأن مجرد الاعتراف بأهمية دور الفيلم في إثارة الوعي بقضايا المجتمع وبضرورة اتحاد العمال للدفاع عن حقوقهم كما أشار الفيلم عبر عنصر الحوار·

لكن الانطباع العام الذي يتولد مع نهاية (حسن طيارة) يجعله مجرد فيلم آخر يضاف إلى السلع التجارية الاستهلاكية في مجال الترفيه الجماهيري·

لقد راهن المخرج سامح عبد العزيز على الاستعانة بمذيعة شاطرة مهنيا مثل رزان مع أنها ممثلة متوسطة الحال ولكنها تصلح وحدها كعنصر يجذب الاهتمام شكليا ويثير فضول المتفرج بطريقتها في الحوار ولكنتها الغريبة، وتصميمات ملابسها وألوانها ومكياجها فهي «نجمة» تصلح في الدعاية لعروض الأزياء وموديل نموذجي للمذيعة العصرية في عصر الهيمنة باستخدام الصورة وتكريس عناصرها المستوردة ·

وقد بدا الثنائي العاطفي حسن - وملك غير متكافئ فاقد القدرة على إدارة الانفعال أو التجاوب، لا يوجد معادل موضوعي بين روميو (خالد النبوي) الباهت شكلا ، المحدود أداء والذي أضفى عليه الفيلم صفات أكبر من إمكاناته فهو في هذا السياق لا يشكل فتى الأحلام الذي يخطف القلب من أول نظرة ولا هو البطل مفتول العضلات القوي·

المشهد اللافت في هذا العمل هو ذلك الذي يجمع بين عايدة عبد العزيز وخالد النبوي، الأم وابنها الكبير في حضور ابنها الأصغر بينما تعنفه بطريقة مدهشة كأم على قيادته الميكروباص. الممثلة هنا منحت الدور والحوار بعدا اجتماعيا وإنسانيا مقنعا مشحونا بالمشاعر العميقة التي يختلط فيها الإحباط مع الحزن والغضب ورفض الإحساس بالعجز في مواجهة الظروف.

العدد 2022 - الأربعاء 19 مارس 2008م الموافق 11 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً