العدد 2038 - الجمعة 04 أبريل 2008م الموافق 27 ربيع الاول 1429هـ

الغريفي يدعو إلى مشروع عملي جاد لحماية البحرين من خطر «الطائفية»

الوسط - محرر الشئون المحلية 

04 أبريل 2008

قال نائب رئيس المجلس الإسلامي العلمائي السيد عبدالله الغريفي، ضمن «حديث الجمعة» الذي ألقاه مساء أمس الأول في جامع الإمام الصادق بالقفول: «إن مسئولية المخلصين الصادقين أن يواجهوا الفتنة الطائفية، وان ينطلقوا في مشروع عملي جاد وحقيقي لحماية البلاد والعباد من أخطار هذه الفتنة التي إذا اشتعلت - لا سمح الله - فلن تبقي أخضر ولا يابسا، ولن يكون هناك في البلاد رابح، ولا منتصر إلا أعداء الإسلام وأعداء الأمة». وقال: «أنا أدعو إلى تواصل علمائي (سني شيعي)، أدعو إلى تواصل ثقافي (سني شيعي)، أدعو إلى تواصل اجتماعي (سني شيعي)، إلى تواصل اقتصادي (سني شيعي)، إلى جميع أشكال التواصل. جهات كثيرة لا تريد هذا التواصل».

واشار الغريفي إلى أن الطائفية المرفوضة هي «عداء الآخر، محاربة الآخر، التحريض ضد الآخر. الطائفية المرفوضة: تميز السلطة في الحقوق والواجبات بين مواطن ومواطن على أساس الانتماء الديني والمذهبي والسّياسي». وأضاف «أنّ الانتماء الديني والمذهبي والسّياسي ليس من الطائفية المرفوضة، وان الدفاع عن هذا الانتماء بالأساليب المشروعة ليس من الطائفية المرفوضة، وان التحاور العلمي النظيف بين الانتماءات الدينية والمذهبية والسّياسية ليس من الطائفية المرفوضة. الطائفية المرفوضة تلك التي تتحول إلى عصبيات، وإلغاءات، ومصادرات، وعداوات، ومواجهات، وإلى استباحة دماء وأموال وأعراض (...) هذه الطائفية يتفق الجميع على خطرها، ويتفق الجميع على رفضها. ولكن السؤال الأصعب: هل يتحرك الجميع عمليا لمحاربة الطائفية؟ أم أنّ ذلك مجرد شعار يرفع، ومجرد كلمات تقال، ومجرد عواطف تطلق؟ دعونا نتحدث بصراحة».

السكوت لا يحمي من التداعيات

ولفت نائب رئيس المجلس الإسلامي العلمائي إلى أن «السلطة من المواقع الكبيرة وحتى أصغر المواقع ترفع شعار محاربة الطائفية وهذا جميل جدا، إلاّ أنّ الواقع العملي ماذا يقول؟ هل أن وظائف الدولة مفتوحة لكلّ المواطنين بلا تمييز؟ هل أنّ الوزارات والمؤسسات الحكومية تحتضن الكفاءات في هذا البلد بلا تمييز وبشكل عادل؟ هل أنّ البعثات الدراسية لا تخضع للمعايير الطائفية والمذهبية؟ هل أنّ السماح ببناء المساجد والحسينيات، والجمعيات، والمؤسسات لا يحكمه الحسّ الطائفي والمذهبي؟ هل ان مناهج التعليم في المدارس الرسمية لا تعبرّ عن إقصاء طائفي ومذهبي؟ هل أن تقسيمات الدوائر الانتخابية البرلمانية والبلدية لا تحمل ظلما وحيفا طائفيا ومذهبيا؟ وهل؟ وهل؟ وهل؟ إلى آخر التساؤلات... أترك الإجابة على هذه الأسئلة للمسؤولين».

واستدرك «قد يقول البعض: إن إثارة هذه القضايا، وهذه التساؤلات هو من أسباب التأجيج الطائفي لذلك يرفض هذا البعض أن يتحرك أيّ مشروع لمعالجة المشكلة الطائفية لأن هذا التحرك سيؤجج الخلافات المذهبية. الورقة التي تقدمتّ بها الوفاق حول «المسألة الطائفية» أثارت ضجّة لدى هؤلاء خشية أن تساهم مثل هذه الأوراق في التصعيد الطائفي. إذا أحسنا الظن فنقول: ان هؤلاء مشتبهون كلّ الاشتباه، وإذا لم نسمح لأنفسنا بحسن الظن فلا نشك في أن هذا الموقف يمثل طائفية بغيضة. ولنحسن الظن فنقول إنّهم مشتبهون. هل السكوت عن (الممارسات الطائفية) هو الذي يحمي هذا البلد من التداعيات الخطيرة للإقصاء الطائفي. إذا كان هؤلاء يصرّون أن لا تمييز طائفي ولا تمييز مذهبي، ولا تمييز وظيفي في هذا البلد، فليقبلوا بمحاسبة هذه المسألة من خلال البرلمان أو من خلال الحوارات أو من خلال أيّة صيغة أخرى. نتمنى أن تكتشف المحاسبة أن لا طائفية ولا تمييز. ولكن ماذا نقول لكلّ أولئك الذين يعانون ليل نهار من ضغط الطائفية والتمييز... هل يمكن أن تسكت أوجاعهم وآلامهم ومعاناتهم كلمات وتصريحات وبيانات؟ لابد أن نضع أيدينا على الجروح حتى يمكن أن نعالجها. إن جروح الطائفية والتمييز لا تعالج إلاّ بالمصارحة والمكاشفة والمحاسبة والعمل الجاد للخلاص منها».

المطلوب أن تبدأ لقاءات جادة

وفيما يتعلق بعلماء الدين والقوى الدينية قال الغريفي: «لا أعتقد أنّ عالما سنيا أو شيعيا لا يؤمن بضرورة محاربة الطائفية البغيضة، صحيح قد يوجد في هذه الطائفة أو تلك – من هو مسكون بـالهوس الطائفي، فتراه بمناسبة أو غير مناسبة يمارس الشحن الطائفي ويؤجج العداوات، ويحرض ويهذي هذيان المخبولين. هذا الفصيل يجب ان يكون منبوذا مرفوضا لأنه بلاء على هذا الشعب ومصدر فتنة وفساد. الكلام عن المسار العام لعلماء هذا البلد (سنة وشيعة) ممن يحملون شعار التصدر والمواجهة للوضع الطائفي وممن يؤمنون بخطر الصراع الطائفي ونتائجه المدمرة، لهؤلاء أقول: أين هو التحرك العملي لمواجهة خطر الطائفية؟ وأين هو المشروع العملي في التصدي لكل الممارسات التي تشنج الوضع الطائفي وتأجج الصراع الطائفي؟ الحديث مع السنة والشيعة معا، إذا كنا نؤمن جمعيا بخطر الطائفية المرفوضة، وبآثارها المدمرة ونتائجها المرعبة فلماذا يبقى الأمر مجرد شعارات وكلامات، وخطابات... وإذا تطور الأمر مجرد ملتقيات ومؤتمرات تحمل شعار الوحدة والتقارب إلا أنها لا تحرك شيئا على الأرض. تنتهي الملتقيات والمؤتمرات وتصدر القرارات والبيانات الختامية، إلا أنها تبقى حبرا على ورق، ويعود السني إلى قواعده ليتحصن فيها، ويعود الشيعي إلى قواعده ليتحصن فيها، وتبقى الفواصل المصطنعة هي التي تحكم كل العلاقات».

وأردف «السؤال: متى يتحرك المشروع العملي للتقارب في مواجهة خطر الطائفية المدمر؟ حتى الآن لم تبدأ الخطوات الأولى لهذا المشروع... لماذا وما هي المعوقات؟ هناك معواقات لا يتسع هذا الحديث لتناولها، ولا يسمح هذا الخطاب لمعالجتها. المطلوب أن تبدأ لقاءات جادة تؤسس لمشروع التصدي لخطر الطائفية وهنا يجب ان يتصدى بعض العلماء المخلصين من الطائفتين ليتم التواصل والتفكير الجاد في الانطلاق بالمشروع العملي. أنا أعلم أن هناك من لا يرضيهم التواصل السني الشيعي، وهناك من لا تسمح مصالحهم لهذا التواصل، إلا أن الانتماء الصادق لهذا الإسلام ولهذا الوطن، في ظل المشروعات التي يحركها أعداء هذه الأمة من اجل زرع الفتنة الطائفية، ومن أجل تفتيت الوحدة والتقارب، كل هذا يفرض أن نتواصل وأن نواجه مخططات العبث الطائفي، ومشروعات الفتنة الطائفية».

نمد أيدينا لأي تقارب حقيقي

وختم الغريفي بالقول: «إننا نمدّ أيدينا لأي تقارب حقيقي، وليس لملتقيات ومؤتمرات واحتفالات ومؤسسات شكلية توظف لمصالح الأنظمة السياسية. إننا نمد أيدينا ونفتح قلوبنا لأية مبادرة تؤسس للتواصل الحقيقي بين الطائفتين الكريمتين في هذا البلد. لقد أطلقنا ومازلنا نطلق وبكل صدق وإخلاص هذه المبادرة، ولسنا محكومين في هذا لحسابات سياسية، أو أغراض ذاتية أو أهداف مذهبية، إنما هي القناعة التي يشكلها الانتماء لهذا الدين ولهذه الأمة، وإنما هي الرؤية البصيرة التي تقرأ الواقع بكل مخاضاته وحساباته وضروراته. أنا أعلم أن مثل هذا الحديث يضيق به نفر ممن يحملون نفوسا ضيقة وعقولا أضيق، هؤلاء لا يريدون الخير لهذا لبلد، وإن ملأوا الدنيا ضجيجا وصراخا وعويلا وبكاء على الأرض والوطن، والحكم والحاكم».

العدد 2038 - الجمعة 04 أبريل 2008م الموافق 27 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً