شهدت بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا 1 لموسم 2008 تتويج 3 سائقين مختلفين في السباقات الثلاثة الأولى منها، وهو ما جعل الإثارة تتزايد بشكل ملحوظ، وتنبئ عن صراع كبير على الفوز بلقب البطولة، يتوقع الجميع أنه سيحتدم نهاية الموسم الحالي.
ففي الوقت الذي قص فيه سائق ماكلارين مرسيدس البريطاني الشاب لويس هاميلتون، شريط افتتاح البطولة بصعوده إلى النقطة الأعلى على منصة التتويج في سباق جائزة استراليا الكبرى على حلبة ملبورن، كان لبطل العالم، سائق فيراري الفنلندي كيمي رايكونن، الكلمة في سباق جائزة ماليزيا الكبرى على حلبة سيبانغ، قبل أن يحتفظ زميله في فريق «الحصان الجامح»، البرازيلي فيليبي ماسا، بلقبه بطلا لسباق جائزة البحرين الكبرى على حلبة الصخير.
هذا الواقع لا يعتبر سابقة في بطولة العالم للفئة الأولى التي أبصرت النور في 1950، إذ ان نسخة العام 2008 منها شكلت المرة الـ 26 التي تعيش فيها هذا السيناريو من أصل 58 بطولة.
التاريخ يرجح كفة هاميلتون
وتشير الوقائع والأرقام إلى أنه في الـ 25 مرة السابقة من البطولات التي شهدت تتويج 3 سائقين مختلفين في السباقات الثلاثة الأولى، نجح الفائز بالسباق الأول في 10 مناسبات من إنهاء الموسم متوجا بلقب بطل العالم، فيما توج الفائز بالسباق الثاني 4 مرات، متخلفا عن بطل السباق الثالث الذي أحرز اللقب العالمي في 8 نسخ.
وهذا يعني، بموجب هذه الوقائع، أن هاميلتون يملك الحظ الأوفر لغنم اللقب للمرة الأولى في مسيرته التي انطلقت في الموسم الماضي حين فرط بباكورة ألقابه في المراحل الحاسمة.
وهذا يعني أيضا أن الوقائع نفسها لا تصب في خانة رايكونن، بل أنها تعطي الأفضلية لزميله ماسا، إلا أن هذا لا يعني أن بطولة العالم للسائقين ستنحصر بين هؤلاء الثلاثة، إذ سبق أن انتزع اللقب سائق لم يفز بأي من السباقات الثلاثة الأولى، وذلك في 3 مناسبات.
المرة الأولى التي شهدت فيها البطولة تتويج 3 سائقين مختلفين في جوائزها الثلاث الكبرى الأولى كانت العام 1951 عندما فاز الأرجنتيني خوان مانويل فانغيو بسباق سويسرا، والأميركي لي والارد على أرضه، والإيطالي جوسيبي فارينا في بلجيكا، وقد توج الأول بطلا للعالم في نهاية المطاف.
العام 1952 شهد تكرارا للظاهرة عندما توج الإيطالي بييرو تاروفي في سويسرا، والأميركي تروي روتمان على أرضه، والإيطالي ألبرتو أسكاري الذي توج بطلا للعالم في بلجيكا.
وبعد 3 سنوات (1955)، فاز فانغيو بالسباق الأول في الأرجنتين، والفرنسي موريس ترانتينيان بالثاني في موناكو، والأميركي بوب سويكيرت في الولايات المتحدة، وقد توج الأول بطلا للعالم مع إسدال الستارة على المنافسات.
وبعدها بسنة، تقاسم الإيطالي لويجي موسو وفانغيو المركز الأول للسباق الافتتاحي في الأرجنتين، ثم توج البريطاني ستيرلينغ موس في السباق الثاني في موناكو، والأميركي بات فلاهيرتي في الثالث في الولايات المتحدة، وشهدت البطولة في تلك السنة تتويج فانغيو أيضا بطلا للعالم.
وفي 1959، أحرز الاسترالي جاك برابهام المركز الأول في موناكو، والأميركي رودغر وارد المركز الأول على أرضه، والسويدي يواكيم بونيير في هولندا، وتوج الأول بطلا للعالم في تلك السنة.
وفي العام التالي، تكرر السيناريو بفوز الاسترالي بروس ماكلارين في الأرجنتين، وموس في موناكو، ثم الأميركي جيم راثمان في الولايات المتحدة، إلا أن الأسترالي جاك برابهام هو من توج باللقب العالمي.
أما في العام 1961، فقد توج موس في موناكو، والألماني فولفغانغ فون تريبس في هولندا، والأميركي فيل هيل في بلجيكا وهو من أحرز اللقب العالمي في نهاية المطاف.
وللمرة الرابعة على التوالي يتكرر المشهد في 1962 عندما فاز البريطاني غراهام هيل في هولندا، والاسترالي بروس ماكلارين في موناكو، ثم البريطاني جيم كلارك في بلجيكا إلا أن الأول هو من توج بطلا للعالم.
وبعد أربع سنوات (1966)، فاز البريطاني جاكي ستيوارت في موناكو، ومواطنه جون سورتيس في بلجيكا، والاسترالي برابهام الذي توج بطلا للعالم، في فرنسا. وبعد سنة واحدة، فاز المكسيكي بدرو رودريغيز بالسباق الأول في جنوب افريقيا، والاسترالي ديني هالم بالسباق الثاني في موناكو، والبريطاني كلارك بالسباق الثالث في هولندا، وتوج الثاني في نهاية المطاف بطلا للعالم.
في العام 1970، فاز الاسترالي برابهام في جنوب افريقيا، والبريطاني جاكي ستيوارت في إسبانيا، والنمسوي جوشن ريندت في موناكو وهو من توج بطلا للعالم.
وبعد سنتين، توج البريطاني ستيوارت في الأرجنتين، والاسترالي هالم في جنوب افريقيا، والبرازيلي إيمرسون فيتيبالدي في إسبانيا، وقد توج الأخير بطلا للعالم في نهاية المطاف.
العام 1974، أحرز هالم المركز الأول في السباق الأول في الأرجنتين، وفيتيبالدي في الثاني في البرازيل، والأرجنتيني كارلوس رويتمان في الثالث في جنوب افريقيا، وقد توج الثاني باللقب العالمي، وبعدها بسنة، فاز فيتيبالدي في الأرجنتين، ومواطنه البرازيلي كارلوس بايس على أرضه، والجنوب افريقي جودي شيكتر على أرضه أيضا، إلا أن النمسوي نيكي لاودا هو من انتزع لقب بطل العالم.
العام 1977، فاز شيكتر في الأرجنتين، ورويتمان في البرازيل، ولاودا في جنوب إفريقيا، وأحرز الأخير اللقب العالمي.
وفي 1978، فاز الأميركي ماريو أندريتي في الأرجنتين، ورويتمان في البرازيل، والسويدي روني بيترسون في جنوب افريقيا، وقد توج الأول بطلا للعالم. أما العام 1981، فقد فاز الاسترالي ألان جونز في الولايات المتحدة، ورويتمان في البرازيل، والبرازيلي نيلسون بيكيت الذي توج بطلا للعالم في الأرجنتين.
وفي 1983، فاز بيكيت في البرازيل، والبريطاني جون واتسون في الولايات المتحدة، والفرنسي ألان بروست على أرضه، وقد أحرز الأول اللقب العالمي.
بعدها بسنة، توج بروست في البرازيل، ولاودا في جنوب افريقيا، والإيطالي ميكيللي البوريتو في بلجيكا، وقد توج الثاني بطلا للعالم في نهاية المطاف، وفي العام 1985، فاز بروست في البرازيل، والبرازيلي إيرتون سينا في البرتغال، والإيطالي إيليو دي أنجليس في سان مارينو، وتوج الأول بطلا للعالم.
وفي السنة التالية، فاز بيكيت في البرازيل، وسينا في إسبانيا وبروست الذي توج بطلا للعالم في سان مارينو.
العام 1990، فاز سينا في الولايات المتحدة، وبروست في البرازيل، والإيطالي ريكاردو باتريزي في سان مارينو. وشهدت تلك السنة تتويج الأول باللقب العالمي. وبعد تسع سنوات، فاز البريطاني أيدي ايرفاين في استراليا، والفنلندي ميكا هاكينن في البرازيل، والألماني مايكل شوماخر في سان مارينو، وتوج الثاني بطلا للعالم.
العام 2003، فاز البريطاني ديفيد كولتهارد في أستراليا، والفنلندي كيمي رايكونن في ماليزيا، والايطالي جيانكارلو فيزيكيللا في البرازيل، إلا أن مايكل شوماخر هو من توج بطلا للعالم في نهاية المطاف.
وفي العام الماضي (2007)، فاز رايكونن في أستراليا، والإسباني فرناندو ألونسو في ماليزيا، والبرازيلي ماسا في البحرين، وتوج الأول بطلا للعالم، فيا ترى من سيكون بطل هذا الموسم، وهل تصدق التوقعات؟.
العدد 2044 - الخميس 10 أبريل 2008م الموافق 03 ربيع الثاني 1429هـ