تبدو المسافة التي قطعها شين، مند كان مجرد «زوج السيدة مادونا»، حتى أصبح واحدا من كبار المخرجين الفلسطينيين في السينما الأميركية، وصولا إلى ترؤسه لجنة التحكيم في الدورة الجديدة لمهرجان «كان» السينمائي، وهي مهمة لا تسند عادة الا إلى كبار السينمائيين في العالم.
والأمر يبدو - طبعا - شديد الغرابة لفتى أميركي، كان الاعلام لا يذكر ايمه خلال ثمانينات القرن الفائت الا لمناسبة الحديث عن المغنية النجمة، زوجته التي كانت، أحيانا تفاخر بطاعته لها طاعة عماياء، وتشكو في احيان أخرى من انه صار ؟؟؟ عليها. هذا كله تبدل الآنَ، ففي وقت يكاد يختفي فيه ذكر مالدوناـ يبرز اسم شين بن، بشكل ثلاثي ايضا، فهو من ناحية واحد من كبار الممثلين الجديدين في راهن السينما الأميركية، حيث يختار أدواره بعناية ويحاول أن يجعل لكل دور رسالة في الحياة ما اهله للفوز بالاوسكار قبل سنوات قليلة عن فيلم «نهر المستيكك» من اخراج كلينت استوود؟ وهو من ناحية ثانية مناضل سياسي حقيقي ومشاكس يقض ؟؟؟ الرئيس بوش وبقية الأدارة الأميركية بوقوفه ضد الحرب، بل حتى بموافقه الكيدية التي قادته ذات مرة إلى ايران الثورة الإسلامية، كما إلى عراق صدّام حسين.
أما من ناحية الثالثة، فإن شين بن يعتبر مخرجا طلعا ومجتهدا يرى كثر أنه يسير على درب استاذه الروحي الراحل جون كازافتس. صحيح ان بن لم يحقق حتى الآنَ، وعلى فترات متباعدة، سوى أربعة أفلام: «الراكض الهندي» و»حاجز مرور القطار» ثم «تاتعهد» واخرا قبل أسابيع تحفته الجديدة «نحو البراري»، لكنه اثبت عبر كل واحد من هذه الأفلام التي كان لافتا انه لم يمثل فيها، انه مخرج من طراز رفيع إن كان باختياره مواضيعه، وبلغته السينمائية، وليس، دل على هذا من انه اختار للفيلمين الآخرين عملين أدبيين طليعيين وصعبين، أولهما نص ذلك تبت السويسري فرديك دورنمات «صاحب زيارة السيدة العجوز»، واما ينسبها كتاب الصحافي جون كراكور الذي يروي الحقيقي لشاب أميركي متمرد ترك العالم كله ذات يوم في رحلة غبر البراري الأميركية قادته إلى الوحدة المطلقة ثم إلى المصير النهائي.
كل هذا جعل من شين بن مخرجا استثنائيا. فاذا اضفنا إليه الدقائق الـ 11 التي كرست لعمل من توقيعه في الفيلم الجماعي «11 سبتمر/ أيلول 2001» ليندي فيلمه الأفضل بين 11 عملا تكون منها ذلك الفيلم، يمكننا ان نتفهم الوقع الذي مار في السينما العالمية لشن بن البالغ الان الثامنة والاربعين. وهذا الوقع هو الذي جعل اهل السينما الحقيقيين يرجون به باعتباره رئيس اللجنة تحكيم «كان» في دورة تعد منذ الان بان تكون - لي العام الفائت على الاقل - دورة للسينما وقد استعادت انفاسها كنت حقيقي، له ما ضي... ولكن له، ايضا، مستقبل يتحدد باستمرار.
العدد 2078 - الأربعاء 14 مايو 2008م الموافق 08 جمادى الأولى 1429هـ