فيما أدت ازمة الرهون العقارية إلى دفع ملاك فقراء إلى الشارع في الولايات المتحدة لعدم قدرتهم على سداد الأقساط وبينما تسجل الأسعار ركودا في أوروبا أسفرت المضاربات في إيران عن ارتفاع حاد في أسعار السكن.
وقد انعكس هذا الوضع إيجابا على الملاك الذين يحققون مكاسب كبيرة على حساب الملايين الذين فقدوا كل أمل في تملك مسكن يوما. فمؤخرا، بيعت شقة من 1400 متر مربع في حي راق في طهران مقابل 14 مليون يورو، أي 10 آلاف يورو للمتر المربع. وهي ثروة كبيرة مقارنة بمتوسط الراتب الشهري في العاصمة (طهران) الذي لا يتجاوز 200 أو 300 يورو. وارتفع سعر المتر المربع في غضون ثلاثة أشهر بمقدار 10 ملايين ريال (700 يورو) على الأقل في الأحياء الراقية شمال العاصمة، إذ أصبحت أسعار المتر المربع تتراوح بين 60 و100 مليون ريال (4200 الى 7000 يورو)، وهو ما يقارن بأسعار المساكن الباريسية. وقال علي مشكيني الذي يدير مؤسسة عقارية «بات من الضروري دفع مليون دولار على الأقل لشراء شقة في شمال طهران إذ يصل معدل مساحة الشقق إلى 200 متر مربع». ويزيد المهندسون من الخدمات المقدمة كحوض السباحة والسونا والجاكوزي وصالات التمارين، لرفع أسعار الشقق.
وفي واحدة من بنايات شمال طهران يوجد مدرج للمروحيات فيما يوجد في أخرى مصعد يسمح بايقاف السيارة في طابق السكن. ويطال هذا الارتفاع الأحياء الشعبية أيضا إذ تضاعفت الأسعار في عدة أشهر في المدن الحديثة كباراند أو هاشتغرد التي تبعد أكثر من 50 كلم عن طهران. أما في أصفهان ومشهد وتبريز، أكبر ثلاث مدن في البلاد بعد طهران، فبلغت الأسعار الضعفين في عام واحد. وأوضح مشكيني «أمست العقارات الاستثمار المربح الوحيد» مضيفا «في عام، ارتفعت الأسعار بأكثر من 100 في المئة والارتفاع في تواصل. ولا يحقق أي قطاع آخر مثل هذه المكاسب».
واشتكى مدير مطعم للوجبات السريعة قائلا «في فبراير/ شباط ومارس/ آذار الماضيين تجاوزت مبيعاتي التوقعات كافة، لكن أرباحي الصافية لم تتجاوز 6 في المئة». وصرح صناعي أنه أغلق اثنين من شركاته المتخصصة في استيراد المواد الكيميائية بسبب الخسائر الهائلة الناجمة عن تقلبات الأسعار. وقال: «خسرنا في العام حوالى 800 الف دولار» موضحا «استثمرنا في شراء أراض في محيط طهران ما عاد علينا في شهرين بأرباح توازي ما خسرناه».
في الواقع، يفضل عدد كبير من الصناعيين وضع جزء من رأس مالهم في العقارات، عوضا عن إعادة استثماره في قطاع عملهم. ويعتبر البعض هذه الظاهرة فقاعة ناجمة عن المضاربات ستنفجر يوما ما، فيما يعتبر آخرون أن الارتفاع سيتواصل.
ويعود ارتفاع الأسعار إلى استثمارات كثيفة للشركات العامة والمصارف الخاصة في قطاع البناء. وفي ظل ركود البورصة وتردد الصناعة تبقى العقارات قطاع الاستثمار المفضل لرؤوس المال المتنقلة. وتضاعف حجم الاستثمارات مع ضخ حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد كميات هائلة من دولارات النفط في الدورة الاقتصادية. غير أن ارتفاع أسعار المساكن يدفع 40 في المئة من أصل 70 مليون إيراني إلى اليأس، إذ لا يملك هؤلاء أي مكان سكن ولن يتمكنوا من شراء واحد ابدا. ما يزيد الطين بلة هو انعكاس ارتفاع أسعار العقارات على الإيجارات. وتقل القروض المصرفية السكنية في إيران، إذ جرت العادة عموما على شراء الشقة قبل اتمام البناء على أن يتم تسديد 30 إلى 40 في المئة من الثمن في البداية والمبلغ المتبقي على ثلاثة أعوام
العدد 2085 - الأربعاء 21 مايو 2008م الموافق 15 جمادى الأولى 1429هـ