العاملون فى مسلسل «أسمهان» دخلوا سباقا مع الزمن للانتهاء من تصويره قبل بدء الموسم بفترة كافية، خصوصا أن قناة ( mbc ) اشترت حق عرضه حصريا فى شهر رمضان المقبل. ومعروف أن فريق العمل تأخر كثيرا في البدء في التصوير بسبب ضخامة إنتاج المسلسل وكثرة عدد الممثلين الذين يشاركون في حلقاته إذ بلغوا 259 ممثلا وممثلة، منهم 165 من مصر.
المسلسل، قصة ممدوح الأطرش وقمر الزمان علوش، وسيناريو وحوار السوري نبيل المالح والمصري بسيوني عثمان، ومن إخراج التونسي شوقي الماجري، والبطولة لكوكبة كبيرة من النجوم العرب من (مصر- سورية - لبنان - تونس)، فمن سورية سولاف فواخرجي التي تؤدي دور «أسمهان» الشخصية المحورية، عابد فهد «حسن الأطرش»، فراس إبراهيم « فؤاد الأطرش» ومن مصر أمل رزق «أمينة البارودي»، يوسف شعبان «أحمد حسنين» وأحمد شاكر «فريد الأطرش»، بهاء ثروت «محمد التابعي» عبدالرحيم حسن «زكريا أحمد»، أحمد صيام «القصبجي»، كما يشارك فى البطولة ميمي جمال، أحمد سلامة ومحمد عبدالحافظ.
وتدور أحداث المسلسل عن حياة الفنانة الراحلة الكبيرة «أسمهان» بكلّ تفاصيلها وظروف ولادتها وموتها الغامض الذي سيكون موضع ترقب المشاهدين بالإضافة إلى بعض التفاصيل الدقيقة عن تلك المراحل التاريخية الغنية بأبعادها السياسية والاجتماعية والفنية. وجاء اختيار الممثلة التي ستقوم بدور أسمهان بعد جدل شديد وحيرة دارت بين عدّة أسماء فنية بارزة على الساحة الفنية مثل المطربة اللبنانية نانسي عجرم ،الممثلة الفلسطينية الصاعدة نسرين طافش، المطربة كارول سماحة، دينا حايك، صفاء رقماني وغيرهنّ، إلى أن استقر الأمر في النهاية على سلاف فواخرجي.
إسماعيل كتكت منتج المسلسل أعرب عن سعادته الغامرة بهذا العمل الفني الضخم الذي يضم نخبة كبيرة من النجوم المتميزين على مستوى العالم العربي، فضلا عن المخرج شوقي الماجري الذي يعتبر واحدا من أهم المخرجين الذين أثبتوا جدارتهم وتفردهم في الفترة الأخيرة من خلال عدة أعمال بدأ من مسلسل «عمر الخيام» وانتهاء بمسلسلي «أبناء الرشيد - الأمين والمأمون» و»الاجتياح « وأخيرا المسلسل التاريخي الضخم « أبوجعفر المنصور».
عن الشائعات التي ترددت حول وجود خلافات مع الورثة وإنهم غير موافقين على ظهور المسلسل للنور قال كتكت: لا توجد أية مشكلات مع الورثة الحقيقيين لأسمهان والذين طالبوا بوقف تصوير المسلسل ليسوا الورثة الحقيقيين، وقد حصلت على أحكام قضائية نهائية من سورية وموافقة الحكومة والتلفزيون العربي السوري علي التصوير والتقيت مع الأمير فيصل الأطرش الوريث الأصلي وقدّم لي سيناريو بخط يده للمسلسل لتقديمه في أفضل صورة وكان متجاوبا معي لدرجة كبيرة وهنا لابدّ من أن أشيد بتعاونه معي.
وأكد كتكت أنه - الأطرش - لم يتدخل من قريب أو بعيد في اختيار الأبطال؛ لأنّ هذا في المقام الأول والأخير مهمة المخرج الذي وقع اختياره عليه بعد أن أعجب بأعماله وفكره، ويتابع: كل عوامل الإنتاج متوافرة لتقديم مسلسل عالمي وهناك على سبيل المثال: مديرا التصوير والاضاءة من بولندا والكوافير مجدي خلف والمكياج محمد عشوب، والكلفة الفعلية للمسلسل حتى الآن وصلت إلى ثلاثة ملايين و500 ألف دولار وربما يكون هو أوّل عمل درامي يصل إلى هذه الموازنة الضخمة.
أما الفنان الكبير يوسف شعبان الذى يؤدي شخصية «أحمد حسنين باشا» فقد أكد سعادته بالانضمام إلى فريق عمل هذا المسلسل الكبير الذى يحقق الوحدة الفنية العربية التي نفتقدها في كثير من الأعمال الحالية، وعن عدم خوفه من المقارنة مع الفنان عزت أبوعوف الذي قدم الشخصية نفسها في مسلسل «الملك فاروق» العام الماضي، قال شعبان: كلّ ممثل له أدواته وفكره ومن الصعب أنْ تجد تشابها بين ممثل وآخر خصوصا إذا كان هذا الممثل لديه خبرة كبيرة تتيح له فرصة أنْ يتلوّن ويقدم كل الشخصيات بالقوّة نفسها.
وبشأن المراجع أو الكتب التي استعان بها لتقديم شخصية حسنين باشا قال: إنه لم يضطر لأن يرجع إلى الكتب؛ ليقرأ بسبب ثراء السيناريو وقوّته وإلمامه بأدق التفاصيل، ومن المعروف أن المطربة الراحلة تميّزت بصوتها الرومانسي، والعميق والقوي مما جعلها من المطربين الخالدين في ذاكرة الشعب العربي مع أنها لم تقدّم إلا عددا قليلا جدا من الأغنيات وصلت تقريبا إلى نحو 40 أغنية، بنت عليها شهرة لا يمكن أنْ تمحى من سجل الغناء العربي، اذا ما قورنت بمثيلاتها من مطربي الصف الأوّل في ذلك الزمان. يذكر أنّ أسمهان واسمها الحقيقي آمال الأطرش ولدت على متن سفينة متجّهة من اليونان إلى بيروت العام 1917 وكان والدها الأمير فهد فرحان إسماعيل الأطرش من جبل العرب في سورية، ووالدتها علياء المنذر من بلدة حاصبيا فى الجنوب اللبناني. ومعروف أنّ والدها كان على صلة بالثورة السورية الكبرى التي اندلعت العام 1922 ضد الاستعمار الفرنسي، وعلى إثر ذلك أبعد وعائلته عن دائرة الحوادث والشغب إلى مصر.
وحين بلغت أسمهان عامها الـ 13 إلتحقت مع شقيقها المطرب الكبير الراحل فريد الأطرش في إحدى الصالات الغنائية في القاهرة، وبعدها بثلاث سنوات - تقريبا - غنت أسمهان في دار الأوبرا الملكية المصرية، وسجلت أوّل أسطوانة لها قبلها بعام واحد لقاء 20 جنيها (وهو مبلغ زهيد آنذاك )، تزوّجت أسمهان من ابن عمها الأمير حسن الأطرش ورزقت منه بابنتها الوحيدة كاميليا، لتتوقف عن الغناء لمدة 4 سنوات، ومن ثم عادت إليه من جديد العام 1937 بأغنيتها الجميلة ( أين الليالى ) للشاعر أحمد رامي وألحان أحد أهم عباقرة الموسيقى العربية محمد القصبجى، ثم غنت من ألحان شقيقها الموسيقار الكبير فريد الأطرش أغنية «أوف يابا» وبعدها بعام واحد لحن لها أغنية ثانية أسمها «نويت أدارى» التي توافقت مع العام نفسه التي حصلت فيه على الطلاق من أبن عمها الأمير حسن الذي اعترض بقوة على استمرارها في الغناء حيث كان يعتبره عيبا اجتماعيا ولا يليق بالأسر العريقة في منتصف القرن الماضي، تعاونت أسمهان مع الفنان الكبير محمد عبدالوهاب فغنت من ألحانه الأغنية العذبة «محلاها عيشة الفلاح «والتي قدمتها في فيلمه «يوم سعيد».
وكما هو معروف أيضا، فإن المطربة الكبيرة الراحلة أسمهان كان لها صلات مع المخابرات البريطانية، وبسبب علاقتها بأحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي الذي كانت تغار عليه كثيرا الملكة نازلى تعرضت أسمهان للطرد من مصر، لكن صديقها الوفي الكاتب الصحافي الكبير محمد التابعي - رئيس تحرير آخر ساعة - أنقذها من تنفيذ هذا القرار، وقبل وفاتها في العام 1944 لعبت أسمهان بطولة فيلم «غرام وانتقام» مع الممثل القدير يوسف وهبى، لكنها لم تشاهد العرض بسبب موتها المفاجئ والغامض مع صديقتها مارى قلادة حيث غرقتا في إحدى ترع مصر بعد أن انحرفت السيارة التي كانت تقلهما عن الطريق وأحيط الغموض بهذا الحادث حتى يومنا الجاري، كما كانت حياتها أيضا مملوءة بالشائعات المثيرة والغريبة عن علاقتها بجهاز المخابرات البريطانية حتى أنّ كثيرين وصفوها بـ «الجاسوسة.»
العدد 2108 - الجمعة 13 يونيو 2008م الموافق 08 جمادى الآخرة 1429هـ