العدد 2126 - الثلثاء 01 يوليو 2008م الموافق 26 جمادى الآخرة 1429هـ

رئيس الوزراء: التنمية البشرية هي القوة المحركة لأي تقدم اقتصادي

قال رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة في مقابلة مع صحيفة «U.S.A TODAY» الأميركية تنشر جزءا موسعا منه اليوم في ملحق خاص عن مملكة البحرين «إن البحرين بالنسبة لنا مشروع مفتوح لم تكتمل مراحله وإنجازاته بعد، ونحن نعمل بثقة لا تعرف التردد من أجل بناء حاضر ومستقبل البحرين».

وأوضح سموه أن «التنمية البشرية هي القوة المحركة الحقيقية لأي تقدم اقتصادي». مؤكدا نجاح البحرين منذ فترة طويلة في اتباع سياسة الاقتصاد الحر.

وقال رئيس الوزراء إن البحرين «نجحت في تحقيق الكثير من الإنجازات الاقتصادية أهمها زيادة معدل النمو الاقتصادي، وارتفاع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، فضلا عن امتلاكها مركزا ماليا ومصرفيا دوليا متميزا».

ولفت إلى أن البحرين تمتلك أيضا مجموعة من المميزات تجذب الاستثمارات الأجنبية أهمها أنه لا توجد ضرائب شخصية أو قيود أو مراقبة على صرف العملات، أو على إعادة تصدير رأس المال والأرباح والأسهم، إلى جانب استقرار سعر العملة الوطنية التي ترتبط مع الدولار وقابليتها للتحويل».

وفيما يتعلق بإنجازات مسيرة مجلس التعاون قال سموه إن «تطلعات شعوب دول المجلس ترنو إلى المزيد». مشيرا إلى أن الدول الأعضاء في المجلس مطالبة بتنسيق سياساتها المالية والنقدية والمصرفية، وزيادة التعاون بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية بما في ذلك العمل على توحيد العملة لتكون متممة للتكامل الاقتصادي فيما بينها.

وفيما يأتي نص الحوار الذي أجرته صحيفة «U.S.A TODAY»:

صاحب السمو... نعلم أن لسموكم دورا كبيرا وتاريخيا في قيادة المملكة والوصول بها إلى العديد من مراحل التطور المتعاقبة. هل لكم أن تحدثوننا عن هذا الدور؟

- يسعدني أن التقي بكم لأعرب لكم عن تقديري لجهدكم الصحفي، وابدأ حديثي معكم لأقول لكم أهلا بكم في البحرين، وأنا اعلم أنه من خلال إقامتكم القصيرة في البحرين في إطار مهمتكم الصحفية قد التقيتم بالعديد من الفعاليات وشاهدتم حركة البناء والإعمار والحراك الذي يعيشه المجتمع البحريني، ولاشك أنكم أدركتم أهمية المرحلة التي نعيشها. فالبحرين بالنسبة إلينا مشروع مفتوح لم تكتمل مراحله وإنجازاته بعد، ونحن نعمل بثقة لا تعرف التردد من أجل بناء حاضر ومستقبل البحرين، فأهلا وسهلا بكم مرة أخرى. أما عن سؤالكم.. فإننا نحمد الله على ما أنعم به على بلادنا من خيرات، وفي مقدمتها نعمة الأمن والاستقرار، وكذلك العقول الوطنية، التي ساهمت ومازالت تساهم، في مسيرة التطور والتنمية بمملكة البحرين.

كما تعلمون فإن البدايات دائما صعبة لكني كنت على يقين بأن تنمية الموارد البشرية هي التنمية الحقيقة حيث عملت مع أخي سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من خلال التوظيف الأمثل لموارد البحرين المحدودة في بناء القدرات خاصة بعد استقلال البحرين في منتصف أغسطس/ آب 1971م .. كما أوليت خطط وبرامج الارتقاء بالخدمات الأولوية المطلقة وخاصة في قطاعات الصحة والإسكان والتعليم والرعاية الاجتماعية والتنمية الحضرية. وعملنا على تحديث جهازنا الإداري ليتماشى مع العصر ويقدم خدماته للمواطنين حيث تمت الاستفادة القصوى من مفاهيم الإدارة الحديثة وتوظيفها في دوائر ومؤسسات الدولة للحاق بركب الحضارة وتنوعت المهمات وتمكنا من الوصول بالبحرين إلى ما هي عليه اليوم ونحن ماضون في مسيرتنا من اجل استكمال ما تحقق والبناء عليه، وإن عهد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عزز دولة القانون والمؤسسات ووضع رؤية استراتيجية عنوانها التقدم والازدهار وتنمية الإنسان، ولذلك فنحن نعيش الآن في مناخ متميز من التنمية في مختلف المجالات.

مؤسسات المجتمع تمارس دورها بكل حرية

صاحب السمو... نريد أن نتعرف من سموكم على رؤيتكم للإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها مملكة البحرين؟

- نحن نشدد دائما على أن مسيرة التطوير والبناء في مملكة البحرين هي مسيرة متواصلة ومستمرة من مرحلة إلى أخرى، وإننا نسعى دائما إلى البناء على ما تحقق من انجازات، وننظر في ذلك إلى مصلحة الوطن والمواطنين، ونعمل على تحسين المستويات المعيشية والحياتية للمواطنين، وبما يحقق رفعة وإعلاء شأن الوطن.

وفيما يتعلق بالإصلاحات السياسية، فقد تم إقرار ميثاق العمل الوطني بأغلبية شعبية ساحقة، وتم تعديل الدستور، وانتخاب مجلس النواب في عام 2002م، وهو الآن يواصل مهامه في فصله التشريعي الثاني، ويقوم بدوره التشريعي والرقابي، جنبا إلى جنب مع مجلس الشورى، حيث يشكل المجلسان السلطة التشريعية.

ونقوم الآن بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية وإعادة تنظيم سوق العمل وتشجيع القطاع الخاص على الدخول في شراكة مع الحكومة لانجاز العديد من المشروعات الكبرى التي تسهم في التنمية الاقتصادية، وتؤدي إلى توفير المزيد من فرص العمل، وأصبحت لدينا ولله الحمد البنية التحتية اللازمة التي ترتكز عليها كافة المشروعات، ولعلكم تلحظون حركة العمران والإنشاءات التي تموج بها مملكة البحرين. ونحن على يقين بان هناك صلة تلقائية بين التنمية البشرية والنمو الاقتصادي، لذا فإننا نعمل على تقوية هذه الصلة لتصبح التنمية البشرية والنمو الاقتصادي متعاضدين. فالتنمية البشرية هي القوة المحركة الحقيقية لأي تقدم اقتصادي. كما ان مؤسسات المجتمع المدني تمارس دورها في الحراك المجتمعي بكل حرية في إطار القوانين والنظم التي تكفل لهذه المؤسسات مشاركتها في هذا الحراك على الوجه الأكمل، ولدينا أيضا العديد من الجمعيات التي تمارس نشاطها في مختلف المجالات.

صاحب السمو .. نعلم أن مملكة البحرين تتبع نظام الاقتصاد الحر وتشجيع المنافسة، وتسعى إلى تنويع مصادر الدخل، وخصخصة الكثير من المرافق العامة... إلى أي مدى نجحتم في هذا المجال؟

- نعم... لقد نجحنا ومنذ فترة طويلة في اتباع سياسة الاقتصاد الحر وحصلنا على مراكز دولية متقدمة في هذا المجال، ونستند إلى آليات السوق في عملنا الاقتصادي، ولدينا حاليا مجلس التنمية الاقتصادية، الذي يقوده ولي العهد سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، ويقوم هذا المجلس بدور هام في تطوير الاقتصاد، وتحقيق المزيد من الانفتاح الاقتصادي بما يؤدي إلى جذب الاستثمارات الأجنبية التي تتيح بدورها المزيد من فرص العمل للمواطنين، وتنعش الاقتصاد في المملكة.

وقد اعتمدنا منذ فترة طويلة، استراتيجية للتنمية الاقتصادية في البحرين تراعي خصوصية المجتمع وفي ذات الوقت تواكب العصر، وتستند إلى روح المبادرة الفردية والتحرر الاقتصادي، وتشجيع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتنويع مصادر الدخل، والاهتمام بالتنمية البشرية، فنحن ننظر إلى المواطن البحريني، باعتباره الثروة الدائمة لهذا الوطن. وبحمد الله وتوفيقه فقد نجحنا في تحقيق العديد من الانجازات الاقتصادية، ولعل أهمها زيادة معدل النمو الاقتصادي، وارتفاع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، كما أن لدينا مركزا ماليا ومصرفيا دوليا متميزا نفخر ونعتز بوجوده.

ومنذ السبعينيات من القرن الماضي انتهجنا سياسة تنويع مصادر الدخل كي لا يصبح اعتمادنا على النفط كمصدر وحيد لهذا الدخل، بما يحمله ذلك من مخاطر في المستقبل، وتمكنا من إدخال الكثير من الصناعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، فضلا عن تنويع مصادر الدخل من السياحة بكافة أشكالها، وخاصة سياحة المؤتمرات والمعارض، والسياحة العلاجية، والسياحة التعليمية وغيرها.

ندرس الأسلوب الأمثل

لخصخصة قطاعات أخرى

وتابع رئيس الوزراء: على صعيد الخصخصة فإننا نسير تدريجيا في هذا الاتجاه، وبما يحقق الفائدة المرجوة منه دون أن تتأثر شرائح المجتمع، من هذا الانتقال من الملكية العامة إلى الملكية الخاصة، وقد بدأنا بخصخصة قطاع النقل العام، وانتقلنا تدريجيا إلى قطاع الكهرباء والماء بالسماح للقطاع الخاص بإنشاء محطات إنتاج الكهرباء، وندرس الأسلوب الأمثل لخصخصة قطاعات أخرى في الوقت المناسب. أما عن القطاع الخاص فإننا نضع له أهمية كبيرة لما يمكن أن يقدمه من إسهام اقتصادي واجتماعي من أجل كفالة سبل عيشٍ أكثر للجميع.. فالشراكة بين القطاع العام والخاص لابد أنها ستقود إلى تقديم أفضل الخدمات على المستوى الوطني.

صاحب السمو... تتحدث الحكومة دائما عن توفير المزيد من الحوافز لجذب الاستثمار الأجنبي. هل يمكن أن تطلعونا على أهم هذه الحوافز المتاحة في بلادكم؟

- نحن ندرك أهمية الموقع الذي تتمتع به بلادنا في المنطقة، وكنقطة التقاء بين الشرق والغرب، ونحرص على استثمار هذا الموقع، لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، خاصة وأننا مدخل مهم وجزء من سوق إقليمية كبيرة. ونحن نحرص بالفعل، على توفير المزيد من الحوافز، لجذب هذه الاستثمارات، وأصبح لدينا حاليا مركز للمستثمرين، يضم كافة جهات التعامل مع الاستثمارات، في مكان واحد، وبما يحقق انجاز الموافقات والمعاملات، لمختلف المشاريع الاستثمارية، في أسرع وقت ممكن، كما اننا نعمل على تطوير هذا المركز لتحقيق الأهداف المرجوة منه.

وفي البحرين لا توجد ضرائب شخصية، كما لا توجد قيود أو مراقبة على صرف العملات، أو على إعادة تصدير رأس المال والأرباح والأسهم، وعملتنا النقدية مستقرة، وترتبط مع الدولار الأميركي بسعر ثابت، وهي قابلة للتحويل، كما تتمتع بلادنا بخدمات اتصالات متطورة ومنخفضة التكاليف، وتضم أحدث وأكثر أنظمة الاتصالات تقدما، فضلا عن أن تكاليف الأيدي العاملة لدينا تعادل ثلث مثيلاتها في البلدان الصناعية. ولدينا كذلك بيئة تشريعية وقانونية عصرية تسمح بامتلاك الأجانب ملكية كاملة للشركات، فضلا عن وجود تسهيلات واسعة، ومركز رئيسي للأنشطة التأمينية الإقليمية للمناطق الحرة، ومواقع مزودة بالخدمات الضرورية للمصانع والمستودعات، ويضاف إلى كل ذلك الأيدي العاملة الماهرة والمتخصصة.

صاحب السمو... تنفذ حكومة مملكة البحرين استراتيجية لتقليل معدلات البطالة وتسعى لإنهاء هذه المشكلة. كما أن هناك جهودا تبذل لرفع وتطوير المستوى التعليمي. هل يمكن التعرف على تقييمكم لما تحقق في هذين المجالين؟

- نحن نؤكد أن توفير فرص العمل للمواطنين يتصدر أولويات برنامج ومنهاج عمل الحكومة، وندرك أن تحقيق هذا الهدف يتطلب في موازاة ذلك، تطوير مستويات التعليم وربطها باحتياجات سوق العمل، وفي الفترة الأخيرة تمكنا من توفير وظائف للمواطنين البحرينيين من خلال المشروع الوطني للتوظيف، مما أسهم في خفض معدلات البطالة إلى أنزل مستوياتها، كما بدأنا في تطبيق قانون جديد للضمان الاجتماعي والتأمين ضد التعطل، ويتضمن المشروع صرف إعانة لمساعدة العاطلين ماديا خلال فترة البحث عن عمل.

كما أن جهود الحكومة لتطوير التعليم لا تتوقف ونسعى كما ذكرنا لربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل لتوفير العمالة المتخصصة التي يحتاجها السوق، ومن ثم تقليل معدلات البطالة إلى مستوياتها الدنيا، ونحن مستمرون في التطوير منذ بدأت مسيرة التعليم في البحرين، كما أننا نولي اهتماما كبيرا بالتعليم والتدريب، باعتبارهما الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية البشرية والتنمية المستدامة، فضلا عن أن تطوير التعليم يُعد من ابرز اهتمامات جلالة الملك، وصولا إلى الارتقاء بالأيدي العاملة الوطنية ورفع كفاءتها وبما يساهم في تحسين المستوى المعيشي للمواطنين.

كيف تنظرون إلى اتفاقية التجارة الحرة التي تم توقيعها بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأميركية، وكيف يمكن الاستفادة من هذه الاتفاقية؟

- البحرين تعد إحدى الدول السباقة في المنطقة التي ترتبط باتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية، والتي تمتد علاقات صداقتنا معها إلى أكثر من مئة عام، وهناك العديد من الفرص التي تتيحها هذه الاتفاقية لتطوير وتعزيز العلاقات الاقتصادية، وتحقيق الاستفادة المتبادلة منها في الأسواق البحرينية والأمريكية. ونحن نتطلع إلى استفادة مختلف القطاعات ورجال الأعمال في البحرين من المزايا التفضيلية التي توفرها هذه الاتفاقية، إلى جانب استقطاب الخبرات والاستثمارات ورؤوس الأموال الأميركية لإقامة المشروعات في الكثير من المجالات بالبحرين، وخاصة المشروعات التقنية والتكنولوجية المتطورة، وبما يساهم في دعم سياسة تنويع مصادر الدخل التي تنتهجها المملكة منذ سنوات طويلة.

كما أن هذه الاتفاقية تتيح المجال أمام الأشقاء في دول الخليج المجاورة للاستفادة منها في تدشين مشروعات استثمارية مشتركة في البحرين، والتمتع بالإعفاءات الجمركية التي تمنحها الاتفاقية لتصدير المنتجات البحرينية إلى الأسواق الأميركية.

العدد 2126 - الثلثاء 01 يوليو 2008م الموافق 26 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً