ألقى قانون حريّة انتقال العامل الذي أصدرته هئية تنظيم سوق العمل مؤخرا بظلاله على المجتمع البحريني بكافّة أطيافه وبلا استثناء، فمن هنا وهناك نسمع العديد من القصص الطريفة التي تدور حول كيفيّة تصرف العمّال الذين استطاعوا أخيرا التخلّص من ذاك البعبع المخيف المسمّى بالكفيل.

ففي جدحفص يجلس الحاج خلف صاحب صالون الزهور بلا حول ولا قوة بعدما ترك العمال العمل لديه وعلى أثر ذلك أغلق الصالون أبوابه أمام الجدحفصيين بعدما خدمهم لـ 37 عاما.

«الوسط» سألت الحاج خلف عن الأمر وكيفية حدوثه فأجاب قائلا: «إن هذا الحلاق أتى للبحرين منذ ما يقارب الـ 37 عاما، أي بعد عام واحد فقط من استقلال البحرين عن بريطانيا، ولهذا السبب فإنّ أهالي جدحفص يعاملونه وكأنه واحد منهم؛ فهو يأكل ويشرب معهم؛ ويحادثهم ويحادثونه، فقديما كان يُقال إنّه من عاشر قوما أربعين يوما صار منهم، فلا يوجد شك أنه من عاشر الجدحفصيين 37 عاما صار جدحفصيّا أيضا!

وواصل الحاج خلف حديثه بأن الحلاق وبعد 37 عاما من «حلاقة الجدحفصيين وتحديد لحاهم»؛ يبدو أنه قد ملّ مني وانتهز فرصة القانون الجديد ليبحث له عن كفيل آخر غيري؛ وخصوصا أن ما يكسبه من أموال من الحلاقة يرجع لي طبعا وليس له، فما إن أصدرت وزارة العمل قرارها حتى أسرع برفقة زميله الآسيوي الآخر إلى مغادرة الصالون من دون رجعة ذاهبين إلى كفيلٍ آخر.

وأشار الحاج خلف إلى أن الطريف في الأمر أن الآسيوي وزميله لم يقوما بمغادرة الصالون فحسب؛ بل قاما أيضا بأخذ مكيّف الهواء الموجود به بحجّة أنّه ملكهم؛ فالآن أصبح الصالون يفتقد للحلاقين ولمكيّف الهواء في آن واحد.

أما أنا فها أنا ذا جالس بالمنزل ضارب «كفّا بكفّ» على ما حدث لي؛ وقمت كذلك بإغلاق الصالون بطبيعة الحال لعدم توافر الحلاقين، ولهذا انقطع مصدر رزقي، في الوقت الذي لا أستطيع أن أقوم بجلب حلاقين آخرين خوفا من هروبهم «القانوني»، أو ربّما خوفا من أخذ مكائن الحلاقة أو الأمواس هذه المرة.

وفي نهاية حديثه أكد الحاج خلف أن قصته هي ليست الأولى، إن لم تكن ضمن رواية كاملة أبطالها معروفون للجميع؛ وبالطبع لن تكون الأخيرة في ظلّ قانون حريّة انتقال العامل الذي هو على ما يبدو فتح أبوابا كانت في غلقها مصلحة للكثيرين في السنوات الماضية.