العدد 259 - الخميس 22 مايو 2003م الموافق 20 ربيع الاول 1424هـ

باكستان قلّما تكون جزءا من الهند

الوسط - محرر الشئون التاريخية 

22 مايو 2003

ظهر سكان وادي انديوس أثناء الحقبة الهندوسية في الغرب ودلتا البادما - ميغهنا في الشرق أنهم منتصرون غالبا.

فالمنطقتان كلتاهما ظلتا مستقلتين عن وادي جانجيز وفي الواقع سيطرت الحكومات التي مقرها باكستان على شمال الهند في أحيان كثيرة ولفترات طويلة أكثر من حكم الهند للأقاليم الباكستانية. والأمر الأكثر أهمية أن باكستان باعتبارها دولة مستقلة تتطلع دائما إلى الغرب ولديها ارتباطات - ثقافية وتجارية بالإضافة إلى ارتباطات سياسية - مع الحضارات السومرية، والبابلية، والفارسية، واليونانية ووسط آسيا أكثر من ارتباطاتها مع وادي جانجيز. ولم تخضع هاتان المنطقتان (وادي الاندوس والدلتا) إلا أثناء العهد الإسلامي فقط فصاعدا إلى الحكومات الهندية الشمالية. وحتى في هذه الفترة لم تخل المنطقتان من الثورات والتأكيد الناجح للاستقلال عن تلك الحكومات. في الفترة قبل الحكم الإسلامي، غطى التوسع الهندي الشامل أجزاء شاسعة من شبه القارة إذ حدث ذلك فقط أثناء عهود الموريان (القرن الثالث قبل الميلاد)، والجوبتا (القرن الرابع الميلادي)، والراجا هارشا (القرن السابع الميلادي) وامبراطورية جورجارا للراجا بهوجي (القرن الثامن الميلادي)، والبراتيهارا (القرن التاسع الميلادي). ومن المهم ملاحظة أنه مع استثناء الفترة الموريانية التي بالكاد دامت مئة عام، لم تدر الحكومات الهندوسية باكستان أبدا تحت أي نفوذ من الأسر الأخرى. فدائما يبقى نفوذ تلك الحكومات شرق نهر سوتليج. هنا بعض المقاطع القليلة من التاريخ لتعزيز هذا القول:

- «في نهاية العهد الزاهر لسامودراغوبتا (القرن الرابع الميلادي) إذ امتدت امبراطوريته - الأعظم في الهند منذ أيام أسوكا - من الشمال إلى سفوح الجبال، ولكنها لم تشمل كشمير... ولم يحاول سامودراغوبتا حمل سلاحه عبر نهر سوتليج أو يحارب سلطة ملوك كوشان الذين استمروا في الحكم داخل وخارج حوض انديوس» (تاريخ اكسفورد للهند، بواسطة في أيه سميث).

- «اكتمل اخضاع هارشا للهند العليا في العام 612م، باستثناء البنجاب ولكنه شمل بيهار وعلى الأقل الجزء الأعظم من البنغال». (المصدر نفسه).

- «ربما يمكن تعريف امبراطورية جورجارا التابعة لبهوجا بأنها، في الشمال، تضم سفوح الجبال، وفي الشمال الغربي نهر سوتليج، وفي الغرب الهاكرا أو النهر المفقود الذي يشكل حدود السند» (المصدر نفسه).

- «لم يمتد حكم براتيهارا أبدا ما وراء السوتليج، إن تاريخ البنجاب ما بين القرنين السابع والعاشر الميلاديين كان غامضا بالكامل، وفي بعض الأحيان لم يسجل، إذ تكونت مملكة قوية، امتدت من الجبال وراء انديوس إلى الشرق بقدر حدود الهاكرا من النهر المفقود، لذلك ضمت جزءا كبيرا من البنجاب، بالإضافة ربما إلى شمال الهند» (المصدر نفسه).

- «سياسيا أثناء فترة ضعف الامبراطورية اليونانية في جنوب شبه القارة الآسيوية، والقرون التالية، بقي الشمال الغربي منفصلا عن شمال ووسط الهند. امبراطورية جوبتا، التي كانت في أوجها في منتصف القرن الرابع الميلادي، وامبراطورية هارشا في منتصف القرن السابع الميلادي بالكاد وصلتا إلى داخل البنجاب ولم تضما أيا من منطقة السند» (باكستان وغرب آسيا، بواسطة نورمان براون).

تبرهن الاقتباسات السابقة بإسهاب ان الهند لم تنجح في أي من حقب توسعاتها الكبيرة في احتلال باكستان. الاستثناء الوحيد هو فترة الموريا في القرن الثالث قبل الميلاد عندما ذكر أن امبراطورية أسوكا امتدت إلى كوش الهندوسية، شمال كابول. وحتى في هذه الحال الفريدة للموريانيين، أدرك المؤرخون أن شاندراجوبتا، مؤسس سلالة الموريا الذي جاء من باكستان (البنجاب) لم يضم باكستان بالغزو ولكن بالدبلوماسية من الحكام اليونانيين الذين خلفوا ألكسندر.

وكما أشار أكثر من كاتب، يظهر تاريخ باكستان الذي يمتد إلى 5000 سنة أن استقلالها هو الأصل بينما خضوعها أو ضمها إلى الهند هو الاستثناء. «من خلال التاريخ المسجل للشمال الغربي (أي باكستان) نجد في معظمه أن الاقليم ظل عادة إما مستقلا أو مدمجا في امبراطورية يقع مركزها أكثر في الغرب. المناسبات التي تم فيها حكم الاقليم (باكستان) من مركز ثقله في الشرق (الهند) تعتبر استثنائية بدلا من أن تكون قاعدة ثابتة، وتكوين باكستان الذي تم وصفه بأنه هاجس جغرافي يعتبر تاريخيا عودة إلى وضع طبيعي بقدر ما يعني باكستان» (دراسة تاريخ - بواسطة ايه جي توينبي).

وخلال تاريخها الممتد إلى 5000 عام، أصبحت باكستان خاضعة للحكومات الهندية المركزية فقط أثناء الفترات الموريانية والتركو - أفغانية والبريطانية التي هي بوذية واسلامية ومسيحية على التوالي. وبينما الفترة الموريانية (200 - 300ق.م) والبريطانية (1848 - 1947) بالكاد تصل إلى مئة عام، تعتبر الفترة التركو - أفغانية هي الأطول إذ استغرقت 500 عام.

وتأتي هنا عبر نطقة ايديولوجية مهمة جميع الديانات الثلاث أي البوذية، والإسلام والمسيحية التي نجحت في توحيد شبه القارة تحت الحكام الموريانيين، والأفغان - الأتراك والبريطانيين، وسعت إلى الأخوة الشاملة وانتشرت في جميع أنحاء العالم. في سياق الايديولوجية، فإن الدلالات واضحة، أي أن الناس الذين يعتقدون فقط بالأخوة الشاملة يستطيعون السيطرة على شبه القارة وتوحيدها على حد سواء. ماعدا ذلك، فإن استقلال باكستان لم يكن يوما ما معترضا عليه ولا خضع شعبها للحكومات الهندوسية في الهند

العدد 259 - الخميس 22 مايو 2003م الموافق 20 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً