يختلف الفنان أحمد شاكر كثيرا عن أبناء جيله، فهو لا يحلم بالوصول إلى مرتبة «السوبر ستار» التي تستهوي الكثيرين، ويرى أن النجومية الحقيقية إنما تتحقق من خلال الوصول بأحلامه وطموحاته في تقديم شخصيات تعيش في ذاكرة الجمهور وتسجل اسمه في سجل الدراما العربية إلى حيز التنفيذ علي أرض الواقع... وأخيرا جسد شخصية الفنان فريد الأطرش في مسلسل «أسمهان»، ونال عنه جائزة في مهرجان الإعلام العربي... قابلناه وكشف لنا تفاصيل هذا الدور الذي يراه أول بطولة حقيقية له، فكان اللقاء الآتي:
كيف كان شعورك وأنت تجسد شخصية عاشت بين الناس؟
- كنت مرعوبا جدا، لأن الناس تعلم الكثير عن فريد بحكم أنه نجم ومازالت أعماله تعيش بينهم، سواء كانت أفلاما سينمائية أم أغنيات تذاع في الراديو والتلفزيون، فضلا عن وجود كثيرين عاصروه وتعاملوا معه بالضرورة سيضعون الدور الذي أجسده في مقارنة مع الأصل.
وكيف تم ترشيحك لهذا الدور؟
- المخرج التونسي شوقي الماجري اختارني بالشكل الخارجي، إذ وجد هناك شبها كبيرا بيني وبين فريد، ويمكن للمكياج أن يقرب الشكل من الواقع، ولكنه عندما اختارني كان يبحث أيضا عن ممثل يستطيع أن يقدم مثل هذا الدور التاريخي، وأنا قدمت أدوارأ في أعمال تاريخية سابقة مثل «أم كلثوم» و «قاسم أمين» وكان لها دور كبير في ترشيحي للدور.
دور متميز
وما الفرق بين فريد وأدوارك السابقة؟
- أدواري السابقة كانت لشخصيات مهمة وفاعلة في الأحداث الدرامية، ولكن الأمر يختلف بالنسبة إلى فريد الأطرش لعدة أسباب، أولها لأنها شخصية معروفة للناس ولها أهمية خاصة، ويأتي بعد ذلك الخصوصية التي كان يمثلها فريد لشقيقته أسمهان، التي كانت تعتبر فريد توأم روحها وسندها الحقيقي في عالم الفن، لأنه هو الذي اكتشف موهبتها وقدمها إلى الملحنين والموسيقيين، وكان يلازمها في حفلاتها عندما بدأت تحترف الفن... ومن هنا تكون مساحة الدور أكبر ويعد بطولة موازية للشخصية الأساسية.
وكيف كانت استعداداتك لهذا الدور؟
- أولا أحب أن أشير إلى أن السيناريو كان مكتوبا بشكل جيد، فهو يجسد الشخصيات من لحم ودم، ولكني اجتهدت كثيرا في تكوين شكل متكامل لشخصية فريد الأطرش، فقد كنت مؤمنا بأني أمام اختبار صعب، وبعيدا عن الشكل الخارجي حاولت أن أصل إلى التفاصيل السيكولوجية لهذا الفنان العظيم، كيف كان يشعر ويفكر؟ وكيف تكون ردود فعله من منطلق هذا التكوين؟ ولتحقيق هذا شاهدت جميع الأفلام التي شارك فيها فريد، وقرأت مجموعة كتب مهمة تناولت حياته وفنه، منها كتاب للصحافي محمد بديع، وآخر للموسيقار أحمد فؤاد حسن، وكتاب للشاعر أحمد فؤاد نجم، وتحدثت إلى بعض الفنانين والموسيقيين الذين عاصروه لأتعرف على مفردات لم تكن معروفة للجميع عن أمير العود.
وبعد هذا البحث كيف ترى فريد الأطرش؟
- أراه فنانا عظيما اختار فنه ليكون سنده في الحياة، بعد أن زال عنه مجد الإمارة التي تركها عندما هاجر من الشام إلى مصر وأصبح فنه هو الذي يمنحه المجد والشهرة... فريد الذي افتقد عزوته بترك الأهل وجد في الفن عزوة له فكان فنه كل حياته.
ألا ترى أن دور فريد كان يجب أن يلعبه مطرب يجيد التمثيل؟
- كما قلت فإن الدور بطولة، ومن هنا يكون الأفضل أن يلعبه ممثل قادر على استيعاب الشخصية وتقديمها بالشكل الأمثل، وأحب أن أوضح هنا أنني أخذت كورسا للعزف على العود في كلية التربية الموسيقية من أجل تقديم أداء مقنع لطريقة العزف على العود وكيفية الأداء الغنائي لأعمال فريد الأطرش، وليس معنى ذلك أنني كنت أعزف وأغني، فهناك مطرب سوري محترف كان يقوم بالأداء الصوتي للأغنيات مع الفرقة الموسيقية، ولكنني أردت أن أعطي الإحساس بالغناء أمام الكاميرا وكما لو أنني أغني فعلا.
وماذا عن الخلاف الشهير بين فريد وحليم؟
- لم تصل الأحداث في مسلسل «أسمهان» إلى تلك الفترة التي حدث فيها خلاف عبدالحليم حافظ وفريد، لأن أحداث المسلسل تقف عند حادث وفاة أسمهان.
ماذا عن مشروعك السينمائي؟
- أسير منذ تخرجي في معهد الفنون المسرحية في خط محدد ومشروع ثابت هو تقديم أدوار مهمة، وعندما ألعب دورا على الشاشة أحاول تقديمه بعمق، فالمسألة بالنسبة إلي خطوات تضاف إلى رصيدي كممثل، أما السينما فليست لها علاقة بهذا العمق لأنها تعتمد على الفرقعات والموجات المتلاحقة من كوميديا إلى أكشن، ثم أفلام تغوص في الواقع لتستخرج أسوأ ما فينا وتقدمه على الشاشة. باختصار نحن نعيش زمن السطحية وعصر الفن التجاري، وأنا لا أستطيع السير مع هذه الموجات السينمائية.
وكيف تري حلم النجومية في حياتك؟
- النجومية عندي أن أقدم أدوارا تجعل المشاهد يفكر في حياته وواقعه، وهذا متاح في الدراما التلفزيونية أكثر من غيرها. وأحب أن أقول هنا إن التلفزيون أفرز نجومه، وهناك أسماء حققت النجومية بعيدا عن عالم السينما مثل يحيى الفخراني الذي أصبح «رقم واحد» في الدراما التلفزيونية.
العدد 2311 - الجمعة 02 يناير 2009م الموافق 05 محرم 1430هـ