العدد 282 - السبت 14 يونيو 2003م الموافق 13 ربيع الثاني 1424هـ

«فينسنت كاسل» الفتى الذهبي الجديد في السينما الفرنسية

في كل جيل يظهر ممثل فرنسي يولّد حرارة شديدة حتى لدى الجمهور الانجليزي، ففي الخمسينات والستينات ظهر «ييف مونتان» و«جان بول بيلموندو» و«ألين ديلون» أما في السبعينات والثمانينات فقد برز «كريستوفر لامبرت» و«جون رينو» وعملاق السينما الفرنسية «جيرارد ديبارديو»، وجميعهم اشتركوا في الرجولة والاسلوب الانفعالي والحساسية النادرة، والآن جاء دور «فينسنت كاسل» ذي الجسم الرياضي والجاذبية المميزة الذي اثار فيلمه الأخير الكثير من الجدل، بسبب ظهور زوجته الحقيقية في مشهد مدته تسع دقائق تؤدي فيه دور امرأة يتم اغتصابها، وهو الأمر الذي جعل منه بطلا عالميا.

ظهر كاسل للمرة الأولى في العام 1995 في فيلم La Haine في دور شاب يهودي حليق الرأس يجول شوارع باريس حاملا مسدسا مسروقا من احد رجال الشرطة، وقد غير المخرج ماثيو كاسوفيتز بهذه الدراما المؤلمة جدا وجه السينما الفرنسية بين عشية وضحاها إذ أبرز من خلالها حال النفور من الطبقات العرقية الدنيا في باريس.

وقد جسد كاسل في هذا الفيلم الرجولة الخشنة، إذ يصعب تصوره في اي دور آخر.

وبفضل مواهب كاسل المتعددة ظهر في اكثر من 20 فيلما فرنسيا وعالميا إذ قدم افلام كوميديا رومانسية مثل فيلمي The Hitchcockian. L'Appartement ودراما تقليدية مثل Merchant Ivory Jefferson in Paris, Elizabeth, Brotherhood of the Wolf وحتى أفلام كارتون إذ ادى صوت روبن هود في فيلم Shrek الكارتوني.

ولم يؤثر زواجه من الممثلة الايطالية الرشيقة مونيكا بلوشي على عمله كممثل، إذ يعتبر الاثنان اشهر زوجين متحابين في السينما الفرنسية.

ومنذ البداية كان كاسل مصرّا على ألا يظهر بالصورة نفسها دائما في افلامه، وهو يقول بخصوص ذلك: «أنا اقاوم هذا الأمر باستمرار، عندما بدأت دراسة التمثيل في فرنسا، كنت أُجبر على تمثيل شخصيات مسرحيات موليير وكان ذلك يغضبني كثيرا».

ويشعر كاسل بسعادة كبيرة اذا اخذه الدور باتجاه جديد حتى لو كان دورا صغيرا. ابتداء من دوره في فيلمGuest House Paradiso وصولا الى ادائه في عمل Birthday Girl إذ لعب هو وكاسوفيتز دور ابناء اعمام العروس الروسية نيكول كيدمان. وعند سؤالي له عما اذا كان قد شعر يوما بالقلق من احتمال تبديد موهبته، أجاب قائلا: «كلا، لأن هذا هو الجانب الممتع في الأمر فالتمثيل مهنة خفيفة وسهلة والأمر الوحيد الذي يتعين عليك عمله هو ان تحسن اختياراتك».

ومثل ديبارديو تماما فإن كاسل لا تستحوذ عليه الأدوار الرومانسية، كما انه لا يخشى لعب الأدوار الجنسية، وعند تمثيله دور دوك دانجو في فيلم Elizabeth سرق الاضواء تقريبا من الممثلة كيت بلانشيت (تماما كما فعل ديبارديو حين أدهش الجماهير في العام 1986 بأدائه لدور لص شاذ في عمل Tenue de Soiree للمخرج برتراند بلير). ويرى كاسل أن «التمثيل هو عملية انثوية، فالممثل يجب ان يكون مرغوبا من الآخرين، وأنا لا مانع لدي من ذلك»، تماما كما كان ديبارديو يقول، ومثل ديبارديو ايضا فقد خاطر كاسل باداء بعض الأدوار المثيرة للجدل. فبعد عامين من تمثيله في La Haine قدم الفيلم الفرنسي المليء بالعنف والذي يتحدث عن الهوس بالكمبيوتر Debormann والممتلئ باصوات انفجارات القذائف ومشاهد العنف العرضية، ويعلق كاسل «عندما عُرض هذا الفيلم في فرنسا جن جنون الناس، ومرة اخرى سمعنا كلمات مثل (فاشية)، و(الخوف من الشذوذ)، ولكنه شكل تحولا كبيرا في السينما الفرنسية». والآن في فيلمه الأخير، يجازف مرة اخرى بظهوره مع مونيكا بلوشي (زوجته) في فيلم Irreversible للمخرج غاسبر نوي، وهو الفيلم الذي يحمل سمعة سيئة بسبب مشهد الاغتصاب المهين الموجود فيه والذي تبلغ مدته تسع دقائق.

يبلغ كاسل من العمر 36 عاما وهو طويل وذو جسد رياضي وخدين مرتفعتين كما ان له عيينن زرقاوين واسعتين، وهو ليس وسيما جدا ولكن شكله مثير، ولذلك فليس غريبا ان تتهافت مجلات أزياء الرجال للحصول على موافقته على عرض بعض الأزياء الرجالية، ولكن كاسل ليست لديه أدنى رغبة في عمل الاعلانات او ما شابه، ويقول بخصوص ذلك: «اعتقد ان الطريقة التي يبيع بها بعض الأشخاص سلعهم على التلفزيون طريقة سخيفة»، ولكن هل سيوافق على تمثيل اي اعلان لشركة كبرى مثل جوشي مثلا؟، يجيب كاسل: «حسنا السؤال الأول الذي سأطرحه هو كم ستدفعون؟، فهذا عمل ولكن حتى اذا اعجبني المبلغ فيجب ان أرى نفسي في مادة الموضوع وأن يكون المستحضر الذي سأعلنه مستحضر استطيع استخدامه، فاذا كانوا يريدون استخدامي والاستفادة مني فانا ايضا اريد استخدامهم والاستفادة منهم، كما لن اؤدي اي مشاهد او لقطات تعري من أجل بيع سيارة او عطر مثلا»، وعلى الشاشة يظهر كاسل على الدوام ليسخر من مظهره، وهي طريقة يحقق بها شهرة اكبر. هناك مواقع الكترونية صممها معجبوه مخصصة لتسريحات الشعر التي ظهر بها فنسنت كاسل في أفلامه المختلفة، ابتداءا من حلاقة شعره بالكامل في فيلم La Haine، الى الشعر الطويل والمجعد الذي ظهر به في فيلم LAppartement ثم تسريحة (البونكس) التي جاءت متممة لشخصية المجرم في فيلم Dobermann، ثم تسريحة ذيل الحصان غير المحتملة التي تعود الى القرن الثامن عشر في فيلم Brotherhood of The Wolf، وأخيرا تسريحة الشعر الغريبة وشاربي الأرنب وربطة عنق سمك السلمون الذين ظهر بهم في فيلم Read My Lips إذ لعب دور المحتال بول، وهو المظهر الذي اكسبه الترشيح لعمل Cesar، ويتذكر كاسل قائلا «في لقائنا الأول قال لي المخرج جاك اوديارد «اسمع لقد شاهدت ادائك في العديد من الأفلام ولكن هذه المرة اريدك ان تظهر بشكل لا يمكن الآخرين من التعرف عليك، فانت تصبح افضل عند ما لا تكون على طبيعتك». وفي الواقع كان اوديارد مصمما على لا يظهر سحر كاسل الفرنسي بحيث تم عمل انف مزيف له وتم حشو الأنف بأوراق الحمام ليظهر بمظهر المجرم المشبوه، ومع ذلك كان شكله مثيرا بشكل غريب، الأمر الذي أدى لحدوث انجذاب بين بول وسكرتيرة ايمانويل ديفوس الصماء الانتقامية.

اما بالنسبة لشخصيته فان كاسل شخص عميق التفكير وظريف، ودائما يحافظ على التعامل بأسلوب مؤدب مع الآخرين، لكنه شاذ نوعا ما، وقد انطلق الى الشهرة بلعب دور العامل الاصلع ولكنه في الحقيقة شديد الاناقة. والدته صحفية ووالده هو الممثل الفرنسي جون بيير كاسل، والمعروف لدى الجمهور الانجليزي للعبه دور لويس الثــالث عشــر في فيلم The Three Musketeers الذي قدم في العام 1973. كاسل الابن صريح جدا فيما يتعلق بخلفيته الأسرية التي اعطته تميزا ويعترف قائلا «عند ما قدمت اول عمل ناجح لي وهو فيلم La Haine كان الدور بعيدا جدا عني فأنا لم أعش أبدا في الشارع، بل كنت ملتحقا بمدرسة داخلية سيئة تكاليفها باهظة ولذا اعترض الكثير من الاشخاص على ادائي للدور إذ كانوا يرون ان شخصا اخر يجب ان يقدم هذا الدور وهو الأمر الذي اتفهمه تماما وقد قالوا لماثيو يجب ان لا تختار فينسنت للدور» ولذلك فقد اثاره ذلك واصر على اختياري للدور، ولكن اداء الدور شكل ضغطا كبيرا علي لأنه كان يتوجب عليّ أن اجعل المشاهد يصدقني»، ثم سألته «هل كان من الصعب ان تنشأ كابن لممثل مشهور؟» فضحك كاسل واجابني «اعتقد انه اذا قررت ان لا يسحقك ذلك فان هذا الأمر صحي جدا اذ انه سيكون لديك شيء تقاومه، اتذكر مرة قال لي والدي «امر رائع ان تعمل مع ماثيو كاسوفيتس ولكن يجب ان تعمل مع العظماء» فرددت عليه مجادلا «عما تتحدث؟ هؤلاء الأشخاص هم عظماء المستقبل وآمل ان نكون نحن الاشخاص الذين سيتعلم منا الآخرون خلال بضع سنين»، هل يعني هذا ان كاسل الابن سعيد بمقارنة الآخرين الدائمة له مع ديبارديو؟، يجيب كاسل «بالطبع فهو الشخص الذي كان له التأثير الأكبر على السينما الفرنسية وهو الشخص الذي يريد اي ممثل فرنسي ان يكون مثله، وهو مثل دونيرو مثلا في اميركا ولكني مؤخرا بدأت لا أشعر بأي رغبة في ان افعل ما يفعله فانا اعتقد انه اصبح اثر فني تقريبا، واشعر انه لم يعد يهتم لأي شئ، انه نموذج جيد بالنسبة لي فانا اتأمله دائما وافكر في انني يجب ان اكون حذرا والا اصبحت مثل جيرارد ديبارديو». ولد كاسل في مونتمارتري في باريس في العام 1967، وقد عارضه والداه حين قرر ان يصبح ممثل ولذا فقد انضم الى مدرسة لتعلم فن السيرك عند ما كان في سن السابعة عشر، ويتذكر كاسل قائلا «كنت أهرب من مدرسة السيرك الى فصل الباليه ومن أرجوحة البهلوان الى الرقص النقري، كان لدي طاقة هائلة ولكني آذيت نفسي بشكل كبير وانا اقوم بعمل احدى عروض الاكروبات وفجأة لم أعد استطيع فعل شيء، ثم انتقلت الى التمثيل فوجدت انني اعرف جيدا كيف اتحرك على المسرح وكيف استخدم المساحة المخصصة لي بشكل جيد، بالاضافة الى ذلك فقد رأيت العديد من الممثلين الذين احبهم عن قرب، ولاحظت تركيزهم على الطريقة التي يسيرون بها على المسرح أو الطريقة التي يلتقطون بها الأشياء مثل النظارات، انهم ببساطة يجسدون الشخصية التي يؤدونها. في العام 1991 قدم كاسل دورا بسيطا في عمل Les Cles du Paradis للمخرج فيليب دو بروكا. وبعد عامين استمتع بأول تعاون له مع كاسوفيتز في فيلم Metisse وهو فيلم كوميديا رومانسية لعب فيه دور اخ كاسوفيتز الأكبر وهو ملاكم يهودي قوي. ثم اصبح الاثنان رمزا للموجة الفرنسية الجديدة وحاولا تقديم اي شيء يمكن ان يدفع بالسينما الفرنسية الى الأمام ابتداء من الهوس بالكمبيوتر في Dobermann الى دور الرجل الشجاع في فيلم The Crimson River او دوره في فيلم الحركة الذي قدم في العام 2001 Brotherhood of the Wolf. هذا الفيلم بالاضافة الى فيلم Amelie (الذي كان من بطولة كاسوفيتز واودري تاوتاو) اجتذبا ما يزيد على ستة ملايين مشاهد في فرنسا وحققا مبيعات عالية في الولايات المتحدة، يقول كاسل «ان فيلم Brotherhood of the Wolf فيلم مهم للغاية لأنه يمثل شيئا جديدا، المخرج كريستوفر غانز اتى بفكرة استخدام اسطورة فرنسية لعمل فيلم حركة صيني غريب نوعا ما، وكانت النتيجة عملا لم أر مثيلا له من قبل».

( خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط»

العدد 282 - السبت 14 يونيو 2003م الموافق 13 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً