ما يجعل الأفلام الكيوبيكية متميزة عن باقي الأفلام في كندا هو أنها دائما تحقق مبيعات عالية على شباك التذاكر بغض النظر عن جودة الفيلم، ولكن ما حدث في مايو/آيار 2002 هو انه كان هناك فيلمان كيوبيكيان. الأول أثنى عليه النقاد واعتبروه تحفة فنية مؤثرة، أما الفيلم الآخر فقد انتقدوه بشدة وعلانية واعتبروه عملا غبيا، لكن ما حدث هو ان الفيلمين تنافسا بشدة للوصول الى المرتبة الأولى بين محبي الأفلام السينمائية في كيوبيك.
الفيلمان هما A Man and His Sin من بطولة نجم الشاشة الأول في كيوبيك روي دوبيوس وفيلم The Dangerous Ones وهو من بطولة النجمة الخاطفة للأضواء فيرونيك كلوتيير، نجمة الصحف المثيرة والعزباء المتألقة التي كانت على وشك ان تصبح أما في ذلك الوقت.
ويمثل الفيلمان عملين متضادين تماما في الأذواق في كيوبيك، ولكن المؤكد هو ان جميع المشاهدين الذين ذهبوا لمشاهدة الفيلم الأول شاهدوا الفيلم الثاني ايضا، فكيوبيك هي مثل العائلة الكبيرة التي يؤازر فيها الناس بعضهم بعضا سواء المثقفين منهم أو الحمقى والبُلهاء.
ومن الواضح أن فيلم The Dangerous Ones يمثل عملا لنوع جديد من المخرجين، وسواء كانوا حمقى أم لا فلا يمكننا ان نجادل في موضوع نجاح أفلامهم. «لويس سايا» مخرج الفيلم هو ملك كيوبيك في الافلام الكوميدية الهابطة، وقد حققت ثلاثية Les Boys التي قدمها نجاحا باهرا، لكنه أقل من نجاح هذين الفيلمين المتنافسين، كما ان هذا المخرج حقق نجاحا ذهبيا قبل بضعة أعوام بفيلم La Florida الذي قدم نظرة ساخرة لسلوكيات الكيوبيكيين التقليدية الغريبة في دولة الشمس المشرقة.
وقد وصف احد النقاد عمل سايس الأخير The Dangerous Onesبأنه يعذب المشاهد ويحاول تقليد صيغ الجرائم السيئة الموجودة في افلام هوليود التافهة التي تحقق نجاحا كبيرا، وهو العمل الذي يرى النقاد انه عمل دقيق وفوق ادراك المخرج. ومع ذلك فبوجود كلوتيير الساحرة والممثل الكوميدي المشهور ستيفانا روسو ونخبة من الممثلين المعروفين والمقبولين لدى الجمهور، لا يمكن ان يخسر الفيلم.
أما الفيلم الأول فهو من اخراج «تشارلز بيناما» الذي يشكل النصف الأدبي في عقل السينما الكيوبيكية، وهو مخرج شحذ مهاراته في اخراج الأفلام الوطنية والتوثيقية. وقد حصل بيناما على الكثير من الاستحسان في مهرجانات الأفلام المختلفة لأعماله الانعكاسية والمفهومة في الوقت الذاته، وقد انتقل بيناما من افكاره الحديثة والمتحضرة ليهاجم الأفكار الكيوبيكية التي تنأى بها عن العالم.
وتُبنى قصة فيلم A Man and his Sin على رواية كتبها كلاود هنري غريغنون في العام 1933 والتي تصور حياة المستوطنين في الأقاليم المستعمرة بظروف اقل من المطلوب، إذ تمتلئ هذه الأقاليم بالبخلاء والمحبين المحبطين، ويلعب دوري البطولة كل من دوبيوس والنجمة الصاعدة كارين فانيس، وقد نتج من هذا الكتاب الكثير من المسلسلات التلفزيونية والاذاعية وكذلك فيلمان سابقان. وقد كسب الفيلم الاخير الكثير من الاستحسان مقارنة بفيلم The Dangerous Ones الذي يتنافس معه والذي يعتبر فيلما محرجا بكل معنى الكلمة.
فيلمA Man and his Sin فيلم رائع يستحق جائزة اوسكار ويمثل تحفة فنية وعملا غير اعتيادي، وبحسب كلام ابنة مؤلف الكتاب غريغنون فانه يمثل الفيلم الذي طالما حلم به والدها.
وقد حطم هذا الفيلم رقما قياسيا إذ عرض في 123 دار عرض سينمائي في كيوبيك، ولكن على رغم كل ذلك فقد كان محتملا ان يتفوق عليه فيلم The Dangerous Ones والسبب يعود الى ان الناس يفضلون ان يقضوا اجازتهم الاسبوعية في مشاهدة فيلم كوميدي غبي بدلا من فيلم رومانسي رائد، ما يجعل كلوتيير التافهة تسحب البساط من تحت اقدام دوبيوس الرائع المتجعد. وبغض النظر عن اي الفيلمين اجتذب عددا اكبر من المشاهدين فان كلا الفيلمين حقق نجاحا ماليا، وهذا دليل على قوة سوق الأفلام في كيوبيك.
وفي المقابل فان أمل الأفلام الكندية الناطقة باللغة الانجليزية في تحقيق نجاح كبير في كيوبيك جاء اخيرا مع فيلم Men With Brooms الذي عرض في العام 2002، والذي حقق نجاحا لا بأس به على رغم عدم وجود دعاية مسبقة للفيلم والانتقادات الشديدة التي وجهت اليه.
في كيوبيك ذات النظام الخاص للنجوم وذوق المشاهدين في تفضيل الأفلام الكوميدية البلهاء، يمكن لأي فيلم ان يحقق نجاحا مهما كان سيئا
العدد 282 - السبت 14 يونيو 2003م الموافق 13 ربيع الثاني 1424هـ