كان يوم الأب الذي صادف الأحد 3 يونيو/حزيران يوما معتما في عائلة بيكهام، إذ كان رب الأسرة تيد بيكهام (53 عاما) لاعب كرة القدم سابقا الذي تحول الى سباك لا يستطيع التفكير في مستقبل ابنه بعيدا عن مانشستر يونايتد، ولا حتى كذلك سير أليكس فيرجسون وبيكهام الصغير بمعزل كلية عن العاطفة الجياشة التي تربطه بمانشستر منذ الصغر. فقد رعاه مدير النادي وكأنه أبوه بالتبني منذ ان كان في الرابعة عشرة من عمره. وكان هناك حزن في الأسرة عندما توصل ديفيد وزوجته فيكتوريا بعد رحلة شهرتهما للولايات المتحدة الى قرار الابتعاد عن مانشستر يونايتد.
بحق كان المسئول عن هذا التحول في الحوادث موضع تخمينات كثيرة، فبعد آخر مباراة محلية له في أولد ترافورد، تمشى بيكهام مستعرضا حول الاستاد مع ابنه الأول بروكلين، وقال تعليقا لزميل له فهم بلغة الشفاه «ان لديّ مفاوضات»!
انكر الرئيس التنفيذي ليونايتد بيتر كينيون شائعات انتقال اللاعب قائلا: «لديفيد بيكهام دور عظيم يلعبه في التطور المستقبلي لهذا النادي من ان يباع بملبغ 30 مليون جنيه استرليني. وكان كلا المعسكرين (النادي والصحافة) يمثلان لعبة تحد سرعان ما اتخذت زخما غير قابل للكتمان. إذ ان النتيجة ان بيكهام على الأرجح سينضم الى ناد جديد حالا، بعد ان تنافس فيه الناديان التقليديان الإسبانيان برشلونة وريال مدريد.
إن قبول يونايتد القاسي بمغادرة بيكهام سيؤذي اللاعب اليافع الذي تعمق ولاؤه العاطفي إلى النادي منذ الصغر بواسطة أبيه. إذ كان تيد يحمل ديفيد الصغير شمالا في جولات لمشاهدة يونايتد في تمارينه وكسب الصبي في سن الحادية عشرة منافسة مهارات كرة القدم القومية في العام 1987. كانت الأخيرة في أولد ترافورد، وجائزتها رحلة الى إسبانيا للتدريب مع برشلونة.
ثم أعقبت ذلك أيام ساحرة لديفيد كناشئ كرة قدم منتظم في يونايتد حتى «الانتقال» النهائي من بريمسداون روفرز الى مشروع متدربي مانشيستر.
ولد بيكهام في مايو/أيار 1975، عندما كان لاعبو مانشستر يونايتد يحاولون النهوض بأنفسهم من النزول الى الدجة الثانية القديمة. كما يحاول آلاف آباء اللاعبين القدامى إحداث إنجاز رغبات مماثلة لأبنائهم سنويا. ولكن قليلا ما يدركون ذلك فقد أثبت انتداب تيد بيكهام بالمسئولية الأبوية لأليكس فيرجسون انه كان اختيارا فطنا.
فقد تولى فيرجسون دائما الشرف الأبوي تجاه اللاعبين الناشئين في النادي فكان يعرف جميع اسمائهم ويرعى باهتمام تقدمهم الكروي. وانهى أحد صحافيي الرياضة الكبار ذات مرة مقابلة مع فيرجسون ليجد نفسه منطلقا بسرعة في سيارة المدير المرسيدس ليشاهد تمرين فريق الشباب. فهؤلاء كانوا الفائزين بكأس الشباب للعام 1992، إذ تضم تشكيلتهم ليس بيكهام فحسب ولكن أيضا ريان جيفز، غاري وفل نيفايل، نيكي بت وبول سكولز، جميعهم من لاعبي انجلترا الدوليين مستقبلا.
كان كثيرون من مديري النادي يبتهجون إذا صعد لاعب واحد الى الدوري من حظائر الشباب الضيقة. وقد نمى فيرجسون مهارات ستة لاعبين من جيل واحد، إلا ان هناك ثمنا يدفعه هؤلاء الشباب فعليهم التخلي عن غرورهم ورغباتهم من أجل المصلحة العليا للنادي. أما أولئك الذين لم ينفذوا هذه المبادئ، ولم يستطيعوا الابتعاد عن شرب «الكحول» او الهيام بالمعشوقات فقد تركوا الى سبيلهم.
كان بيكهام آخر من يجتاز هذا التحدي إذ التزم بعد ذلك بهذه السياسة التزاما شديدا ومن ثم تم تكريمه في 26 مناسبة في موسم 1995/1996.
وعلى رغم ان مواهب الفتى برزت الآن على الملعب، فإن فيرجسون يحتفظ بحجاب وقائي حوله لسنوات عدة. فليس هناك مقابلات ولا دعوات لأخذ صور، فقط عمل مضن واخلاص لمانشستر يونايتد. حتى عندما أحرز بيكهام هدفه الرائع الأول في مطلع موسم 1996/1997 من ضربة منحنية من منتصف الملعب لتمر فوق حارس مرمى ويمبلدون، نيل سوليفان، أخمد فيرجسون صخب وسائل الإعلام حالا حتى لا يؤثر ذلك على اللاعب.
أصبح بيكهام اللاعب الطويل الأشقر بحسب المظهر هدفا جليا للمستغلين، ولكن فيرجسون يحميه مثل الكاهن الكالفيني من أتباع مذهب كالفين. كان الدرس الأول ان السكرى، المقامرين والباحثين عن الشهرة سيعانون اللعنة والإدانة. وقام المدير باستثناءات لاريك كانتونا النرجسي المحتال وروي كين المروع لأن هدفهما كان هدفه «الكسب».
عندما استدعت انجلترا ديفيد بيكهام للالتحاق بالمنتخب القومي تلاشت التوترات والامتعاضات، إذ شوهد تصرفه المعبر عن ذاته والجدير بالملاحظة عندما كان لابسا السارنغ بجانب صديقته الجديدة بووش سبايس في حفلة في جنوب فرنسا في فعاليات كأس العالم 1998. وكان التصرف الثاني عندما تسبب في ابعاد نفسه اثناء مباراة ضد الارجنتين عندما رفس دايغو صايمون الذي عرقلة على أمل ان يعوق تقدمه. وجد اللاعب نفسه في موضع سخرية في الصحافة وأقلية من مشجعي انجلترا، إذ أحرق متظاهرو وست هام دمى لبيكهام عندما جاء الصبي الذي أدى أداءسيئا الى شرق لندن. واستمرت المضايقة التي شملت أناشيد بإساءات مبطنة لصديقته لمدة شهور عدة. وظلت الحماية التي يقدمها فيرجسون لبيكهام مذهلة إذ اخضع لفترة تأهيل في العام 1999 ساعد يونايتد في ثلاث منافسات. الدوري، وكأس الاتحاد ودورة الأبطال.
بدأت أيقونات ووسائل تسويق بيكهام بجدية - من خلال القمصان، الإعلام، الملصقات، وأكياس المخدات - في مخزن النادي الكبير، ومن ثم في الشرق الأقصى. وقام يونايتد برحلات قبل الموسم لهذه الاقاليم لاستغلال الانتهاج الذي أثارته هذه القنبلة الشقراء. ثم تمت رعاية عرس بيكهام من فيكتوريا في ايرلندا في العام 1999 بواسطة مجلة أوكيه - إذ بدت تيجان العريسين في حفل الاستقبال ملائمة لملك وملكة الثقافة العامة - ولكن احتفظ بيكهام بحبه لمديره. واستمر في اللعب الجيد، شاحذا من مستوى عبوره في الملعب ومهارات الضربات الحرة فاقترب الى إتقانها. ومع ذلك تم تشجيع مواهبه النادرة بواسطة فيكتوريا فبدأت في الازدهار، وازدهر ايضا مساره مع منتخب انجلترا، ليأخذ بيده خارج سيطرة فيرجسون، ويتجاوز منافسي الأندية التقليدية ويصبح بطلا قوميا. عين قائدا للمنتخب الانجليزي في العام 2001.
توكيد الذات (الاعتزاز بالنفس) الذي انكره بيكهام اثناء مطلع العشرينات ازداد الآن، ليثير غضب فيرجسون، وبانتقال سكن أسرتها الى قصر في هيرتفوردشير، ازدادت التكهنات بأن بووش أصبحت شخصية يوكو أونو في حياة لاعب كرة القدم.
وكان أشهر رد فعل على الاطلاق لفيرجسون على الاستقلالية المتزايدة لمحاميه هو ابعاده عن الفريق بعد ان أضاع التدريب بسبب مرض ابنه بروكلين. من هنا بدأت بوادر الخلافات وكشف ظهور بيكهام في البرنامج المفتوح التليفزيوني لمايكل باركينسون عن شخصية جذابة، متواضعة، مخلصة لأسرتها، وعزز هذه السيرة الجديدة بأداء كروي مثير في المنافسات المؤهلة لكأس العالم.
وبينما تنتشر التملقات كذلك تزداد صفقات التصديق لنظارات بوليس الشمسية وهواتف فودافون النقالة. لكن فيرجسون قالها واضحة: «إن على بيكهام ان يقوم بهذه الأنشطة إذا كان في المنتخب وليس مع يونايتد». ثم أحيل اللاعب إلى الراحة لعدة مباريات. وتنامى سخط فيرجسون بواسطة اعجاب بيكهام العلني بأسلوب ادارة اريكسون الهادئ (شخصية أبوية أخرى).
وانتهى الأمر بيونايتد بفقده الكأس في العام 2002 بينما واصل بيكهام المصاب عملية شفائه استعدادا لكأس العالم. وقبل بدء البطولة بقليل ظهر بيكهام على غلاف مجلة «جي كيو» من دون الفانلة، وجذع منقع في زيت - اطفال، واظافر مصبوغة بلون ارجواني ذاكن، وملتف بسترة قماش كشميري. فلو رأى فيرجسون ذلك المشهد لاختنق في هريسته، لأنها كانت اشارة واضحة على انه فقد السيطرة على الرجل الذي رعاه منذ كان صبيا.
وفي مقابلة مصاحبة مع شريك ايلتون جون، ديفيد فيرنيش، أعرب بيكهام عن فرحته بأن يتم اختياره أفضل رجل مهندم في بريطانيا بواسطة قراء المجلة قائلا: «انني سعيد بحق بأن هناك جانبا من حياتي غير كرة القدم. إن ذلك يجعل الاشياء ممتعة الى حد ما بحيث لا أقرأ فقط عن كرة القدم فحسب...».
أما اذا كان بيكهام هو الذي أثار زخم الانتقال او مجلس إدارة يونايتد هو الذي قرر انه حان الوقت لكي يضخ النقد في أصول النادي الأساسية فذلك سيبقى سرا لسنوات مقبلة. بالنسبة إلى الغرباء، يبدو ان الأمر افتراق طرق بين لاعب شاب يرغب في تكوين نفسه قبل ان يفوت عليه الوقت، ورجل إداري نفذ صبره أخيرا مع مساعي محاميه.
لا أحد يعتقد ان بيكهام كان متعمدا، فقد ذرف دمعا بعد مباراته الأخيرة في أولد ترافورد. لا أحد شاهد فيرجسون الطاغية الأوحد. إذ كام رجل شفقة وسكون وكأنه يدعم عمال مناجم مضربين او يحضر جنازة صحافي رياضي. ولكن هذه هي التجارة، إذا ما عن اللاعب الشاب نفسه: فهل أصبح أكبر من حذائه؟
ليس كذلك ربما، بمعنى الغرور - فقد حدث العكس، مهما يكن اعتقاد فيرجسون - إذ ظهر الرجل قزما من خلال علامته الخاصة. فقد سبقت قدرته على الكسب مهارته الكروية. الآن يغادر موطنه طواعية أو بطريقة أخرى، مبعدا نفسه من الأسرة الكروية الوقائية الى رعايته الخاصة لنفسه. فهل سيتأقلم مع الوضع الجديد؟ ربما توحي ذخيرته الفنية لتصفيفات الشعر بساطة مرحة معينة، ولكن اعتاد بيكهام من قبل ان يكون سلعة. الاسبوع الماضي كان في رحلة اعلان تجاري الى الشرق الاقصى لشركة زيوت. وكان ايضا لديه عرض من الوكالة الرياضية «سي اف اكس» التي تسوق «لاعبين مميزين» آخرين مثل غاري لينكر واندري اغاسي، طبعا سيؤدي بيكهام أداء كرويا رائعا وخصوصا إذا لعب بجانب لاعبين كبار مثل روبيرتو كارلوس وزين الدين زيدان في إسبانيا، سيكون لاعبو كرة القدم على ثقة بحيث يديرون شئون أنفسهم سواء داخل أو خارج الملعب، ويشجعون على أساس انهم ناضجون أكثر من معاملتهم تلاميذ مدرسة اشقياء، لذلك بينما ستكون مغادرته لموطنه مؤلمة الآن، تتوقع كل الاطراف الاستفادة من وراء ذلك. وسيصبح بيكهام قابلا للتسويق أكثر. سيكسب فيرجسون 30 مليون جنيه استرليني لتمويل حلم لقبه الأوروبي الآخر. كما سيصبح تيد سائحا مألوفا من ستانيستد، «لا أحد يخسر على الاطلاق».
(خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط»)
مدريد - د ب أ
أصبح خوان لابورتا الرئيس الجديد لنادي اف سي برشلونة بعدما فاز في انتخابات يوم أمس الأول الاحد بحوالي 53 في المئة من أصوات الناخبين.
وكان الوعد الذي قطعه لابورتا على نفسه بالتعاقد مع نجم فريق مانشستر يونايتد ديفيد بيكهام أحد العوامل الحاسمة وراء فوزه في الانتخابات. ومن ثم فإنه يتعين على لابورتا الآن خوض معركة شرسة ضد منافسه اللدود فريق ريال مدريد من أجل ضم قائد المنتخب الانجليزي إلى كامبنو.
وكان هامش فوز لابورتا مفاجئا إلى حد ما لاسيما أن استطلاعات الرأي طوال هذا الاسبوع قد أظهرت تقدمه بفارق طفيف فقط على منافسه.
وفي هذه الانتخابات حصل باسات الذي خسر أمام خوان جاسبارت في العام 2000 على حوالي 23 في المئة فقط من أصوات الناخبين.
أما المرشحون الاربعة الاخرون فقد فازوا بنسبة 15 في المئة فقط من الاصوات فيما بينهم. وسيتعين على لابورتا العمل بشكل دؤوب لاحياء عمالقة كتالونيا المتعثرين. إذ أنهم لم يفوزوا بلقب بطولة الدوري منذ العام 1999 كما أن ديون النادي قد زادت بدرجة كبيرة بسبب الحملات الانتخابية الخاصة بجاسبارت والتي اتسمت بالتبذير مما دفعه للاستقالة في مارس/آذار الماضي.
وفور سماعه نبأ فوزه في الانتخابات تلقى لابورتا خبرا سارا آخر ألا وهو فوز الفريق بثلاثة أهداف مقابل هدف في المباراة التي أقيمت خارج ملعبه أمام فريق فالنسيا.وبهذا الفوز أصبح فريق برشلونة يحتل المركز السادس وهو ما يعني أنه من المرجح أن ينتزع مكانا له في بطولة كأس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم في حال فوزه على فريق سيلتا فيجو في المباراة التي ستقام على أرضه يوم الاحد المقبل
العدد 284 - الإثنين 16 يونيو 2003م الموافق 15 ربيع الثاني 1424هـ