العدد 292 - الثلثاء 24 يونيو 2003م الموافق 23 ربيع الثاني 1424هـ

البابا يطلب المغفرة لخطايا الكاثوليك في البوسنة والهرسك

بانيا لوكا (البوسنة والهرسك)- فسنا بيريك زيمونيتش 

24 يونيو 2003

طلب البابا يوحنا بولس الثاني (زعيم الكاثوليك في العالم) المغفرة من اللّه لذنوب وخطايا الكاثوليك عبر تاريخ البوسنة والهرسك المضطرب وذلك خلال زيارته الأخيرة للمنطقة الأحد الماضي.

وقال البابا في خطبته في بانيا لوكا: «من هذه المدينة، التي تميّز تاريخها بالكثير من المعاناة وسفك الدماء، أطلب من اللّه أن يهب المغفرة للخطايا التي ارتكبت ضدّ الانسانية وكرامة الإنسان والحرية أيضا من جانب أبناء الكنيسة الكاثوليكية، ولزيادة الرغبة في التسامح المتبادل».

ويتمنى الفاتيكان أن يؤدي تقديم هذا الاعتذار إلى المصالحة والتوافق الضروري جدا مع الصرب الأرثوذوكس ويساعد على بناء مجتمع متعدد الأثنيات.

وأضاف البابا في دعوته إلى المصالحة بين الشعبين المسيحيين المتعارضين: «انه فقط في جوٍّ من التوافق والمصالحة الصحيحة لن تذهب ذكرى هؤلاء الضحايا البريئين وتضحياتهم سدى، وانما ستشجع كل شخص على بناء علاقة جديدة من الإخاء والتفاهم».

وكان موقع الحدث -دير بيتريسيفاك- يحمل مدلولا رمزيا كبيرا. فالقتل الجماعي الأول للأرثوذكس الصرب في الحرب العالمية الثانية في منطقة بانيالوكا بدأ بعد أن ترك الراهب الفرنسيسكاني توميسلاف فيليبوفيتش الدير في بيتريسيفاك وانضم إلى جنود نظام اوستاشي في موجة القتل قبل ستين عاما. وقتل في ذلك أكثر من 2500 صربي بمن فيهم 550 طفلا. واشتهر نظام أوستاشي بسياسته المنظمة في استئصال الصرب واليهود والغجر.

وبعد خمسين عاما تعرض الكروات المحليون لعمليات ترحيل جماعي. وتمّ إحراق الكنيسة والدير الفرنسيسكاني في بيتريسيفاك بالكامل في العام 1995.

والهدف الرسمي لزيارة البابا هو إحياء ذكرى دينية لإيفان ميرز، من مدينة بانيالوكا، الذي كرّس حياته للبعث الديني بين الشباب الكاثوليكي في كرواتيا المجاورة.

والبابا يوحنا بولس الثاني الذي أضعفه مرض باركنسون، وآلام المفاصل ومشكلات الركب، بدا متعبا وغير مرتاح إذ جلس تحت ظلة صفراء خلال التجمع في الهواء الطلق الذي احتشد فيه أكثر من 50 الفا من الزوار. وجاوزت درجة الحرارة الثلاثينات لكن البابا استمر في خطبته ما يقارب ثلاث ساعات، فيما كانت بعض كلماته تخرج متلكئة بشكل غير واضح في بعض الأوقات.

والاعتذار عن الخطايا الكاثوليكية السابقة كان غالبا ما يذكر باعتباره شرطا لأول لقاء للبابا مع رأس الكنيسة الأرثوذكسية الصربية، بافل. واللقاء بين الرجلين يمكن أن يمهّد الطريق لزيارة البابا الأولى للبلد الأرثوذكسي الأكبر: روسيا.

ويعيش اليوم في هذه المدينة 15 ألفا من الكروات والمسلمين فقط، في بحرٍ من الصرب الأرثوذكس الذين يبلغ عددهم 300 الف. وكان تعداد المجتمع الكرواتي قبل الحرب يبلغ 80 ألف نسمة. وغالبية المحتشدين في لقاء الأحد البالغ عددهم 45 الفا، جاءوا لمشاهدة البابا من كرواتيا ومناطق أخرى من البوسنة والهرسك، إذ لايزال هناك مجتمع كرواتي.

وبالنسبة إلى من تركوا بانيالوكا كلاجئين وعادوا من أجل حضور زيارة البابا التي تستغرق 10 ساعات، لابد أن تكون تجربتهم غريبة. فالشوارع والميادين أصبحت تحمل أسماء صربية جديدة. وهناك شوارع بأسماء صربيين مدافعين ومن الجيش الصربي والحكام الصرب. وخلت شوارع بانيا لوكا من الناس ماعدا الآلاف من رجال الشرطة والزوار وسط إجراءات أمنية مشددة لم تشهدها المدينة من قبل.

ولم يحمل الزوار أية أعلام كرواتية أو غيرها اتباعا للتعليمات. ورددوا اناشيد دينية فقط بعد الوصول إلى بيتريسيفاك. ثم غادروا المدينة في هدوء في صفوف طويلة من الشباب والكبار وسط بحر من الألوان الصفراء. وكانت هناك عبارة منقوشة ،ترجمتها «طوبى لأصحاب القلوب الصافية»... وهو شعار الزيارة البابوية الاولى لهذه المنطقة ذات الكثافة الأرثوذكسية.

ينشر المقال بالاتفاق مع صحيفة «الاندبندنت» البريطانية

العدد 292 - الثلثاء 24 يونيو 2003م الموافق 23 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً