شارك في المسيرة الشعبية التي نظمتها اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب والجمعيات السياسية الآلاف من مناصري ضحايا التعذيب في الذكرى العالمية لمناهضة التعذيب التي صادفت 26 من يونيو/ حزيران الجاري وهو اليوم الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة للتضامن مع ضحايا التعذيب وإساءة المعاملة.
وناشدت اللجنة والجمعيات الحكومة «الالتزام بدستور البلاد والاتفاقات الدولية، وفي مقدمتها اتفاق مناهضة التعذيب الذي انضمت إليه المملكة، والاستجابة لمطالب الشعب».
وعن ضعف المشاركة والعدد الذي لم يكن متوقعا أشار رئيس اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب جعفر العلوي إلى ان هذا يعود إلى عاملين: الأول هو «الجانب الإعلامي» والثاني هو «الإحباط الشعبي من عدم جدوى المسيرات والاعتصامات»، معتبرا ذلك «ضعف وعي» بالقضية وبمسئولية كل إنسان في المشاركة حتى تحقيق أو تقريب الأهداف المرجوة.
وكانت اللجنة الوطنية والجمعيات السياسية ركزت على المطالب التي رفعت إلى جلالة الملك في العريضة الشعبية التي وقعها أكثر من 33 ألف مواطن، وطالبوا فيها بإعادة الاعتبار لشهداء البحرين وتعويض أسرهم، وتشكيل هيئة وطنية للتحقيق في جرائم القتل والتعذيب، وتقديم المسئولين عنها إلى محاكم تنصف الضحايا وتعوضهم.
رأس الرمان - هاني الفردان
خرجت مساء أمس مسيرة شعبية شارك فيها الآلاف من مناصري ضحايا التعذيب في الذكرى العالمية لمناهضة التعذيب والتي تصادف السادس والعشرين من يونيو/حزيران والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة تضامنا مع ضحايا التعذيب وإساءة المعاملة.
وقبل بدء المسيرة أعلنت اللجنة التنظيمية المطالب الرئيسية لهذه المسيرة ـ والتي أعتبرها المتظاهرون تأكيدا لما جاء في العريضة الشعبية التي وقع عليها 33 ألف شخص وتم رفعها إلى عاهل البلاد للنظر فيها ـ إذ تركزت المطالب على إلغاء القانون المعوق لمحاكمة مرتكبي التعذيب والاعتراف بشهداء البحرين على أنهم شهداء الوطن وأنهم قتلوا ظلما وعدوانا من أجل تحقيق مطالب دستورية عادلة وتعويض أسرهم وتعويض وتأهيل ضحايا التعذيب في تلك الحقبة.
كما طالب المنظمون من جميع المشاركين في المسيرة بالحفاظ على سلمية المسيرة مؤكدين «أن هناك بعض الأشخاص يسعون إلى التخريب والمسيرة سلمية مئة في المئة، وهؤلاء الأشخاص يريدون أن تلغى جميع الفعاليات والمسيرات الشعبية من خلال خلق الفتن والتخريب»، مشددين على أنه «من الضروري عدم السماح لأي شخص أن يصطاد في الماء العكر وإفساد ما تم الوصول إليه من مكتسبات».
وانطلقت المسيرة من جامع رأس الرمان الكبير مرورا بمبنى الحكومة وحتى دوار باب البحرين، ورفع المتظاهرون الكثير من اللافتات التي عبر مجملها عن رفض للقانون المعوق لمحاكمة مرتكبي التعذيب والمطالبة بتجريم كل من مارس التعذيب وشارك في قتل الأبرياء والعمل على تعويض الشهداء والمعذبين.
كما ردد المتظاهرون الشعارات التي خرجت من منصة قيادة المسيرة ومنها «لا للإرهاب... حاكموا الجلاد» و «لا لقانون العفو العام عن مرتكبي الإجرام» و «إن هذا عهد الإصلاح فليحكم ذاك السفاح».
وشارك في المسيرة بعض نواب وأعضاء المجلس البلدي والمحامين ورؤساء الجمعيات السياسية والمهنية والحقوقية.
وقال النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون: «حتى تكون البحرين مملكة سعيدة، يجب ألا نسمح أن نكون موطئا وملاذا لمن ارتكبوا وانتهكوا حقوق الإنسان».
وطالب مرهون بالتفريق بين المطالبات المالية على بعض من أسماهم بـ «الجلادين» وبين ممارساتهم التعذيبية وانتهاكاتهم «الفاضحة» لحقوق الإنسان، وألا تؤخر هذه الأوليات على بعض المطالبات المالية.
كما طالب المجتمع ككل بـ «ان يشكل تيارا دافعا لتوفير جميع الحقوق للذين تعرضوا للتعذيب و الانتهاكات، من ضمن ذلك اقرار آليات لتعويض ضحايا التعذيب وتعويض أسر الشهداء ورد الاعتبار إليهم لأنهم هم من وضعوا أساس العملية الديمقراطية في هذا البلاد بدمائهم».
وعن سؤال وجهته «الوسط» إلى رئيس اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب السيد جعفر العلوي عن العريضة الشعبية التي رفعت إلى عاهل البلاد وإلى أين وصلت قال: «وُعدنا بأنها سيتم تسليمها إلى جلالة الملك، كما اخبرنا رئيس دائرة التظلمات في ديوان سموه سلمان الدوسري، أن الدائرة ستخبر اللجنة عن أية تطورات، إلا انه وحتى الآن لم نحصل على رد».
وأضاف «ان الحركة الشعبية ليست لشخص واحد، وهذه المسيرة تأكيد لكل ما جاء في العريضة الشعبية وإنه ليس من الصحيح متابعة الرد من قبل الديوان على العريضة، ولكن لابد من المتابعة عن طريق التحرك الشعبي الواسع».
وحول ضعف المشاركة والعدد الذي لم يكن متوقعا، أشار العلوي إلى أن هذا قد يعود إلى جزأين، الأول هو « الجانب الإعلامي» والذي ربما كان ضعيفا، والثاني هو «الإحباط الشعبي من عدم جدوى المسيرات والاعتصامات» واعتبر العلوي ذلك «ضعف وعي» في القضية ودور كل إنسان في المشاركة حتى تحقيق أو تقريب الأهداف المرجوة، مؤكدا أنه لو حضر فقط ضحايا التعذيب لكانت المسيرة أكبر، معللا ذلك بأن « عدد ضحايا التعذيب في البحرين يقدرون بالآلاف».
كما أشار العلوي إلى وجود إصرار أكبر على الصعيد الإعلامي والتركيز على نشر قضية ضحايا التعذيب والشهداء في كل مكان وبمختلف الوسائل حتى تحقيق مطالبهم، حتى لو تطلب ذلك اللجوء إلى المنظمات العالمية والمحاكم العالمية بعد «استنفاد السبل والوسائل المتاحة والممكنة كافة لتحقيق هذه المطالب على الصعيد الداخلي ومن دون اللجوء إلى الخارج».
وفي حوار خاص مع محامي اللجنة المكلفة عن متابعة الشئون القانونية كافة لضحايا التعذيب والشهداء حسن إسماعيل قال: «إلى حد الآن لم نتقدم بأية قضية في المحاكم» مؤكدا أن وجود المرسوم (56) يعوق اللجوء إلى القضاء.
وطالب بضرورة إلغاء هذا المرسوم خصوصا «أنه يتعارض مع الدستور ومع الاتفاقات الدولية والتي انضمت إليها البحرين، وأهمها اتفاقية مناهضة التعذيب والتي تجيز لكل من تعرض إلى التعذيب باللجوء إلى المحاكم وعلى السلطات أن تحميه وان تضمن إليه حقه».
وأوضح إسماعيل أن الخلل ـ من الجانب القانوني ـ في المرسوم (56) والذي جاء لـ «يفسر المرسوم (10) للعام 2001، والمتعلق بالعفو الشامل، هو أن المرسوم (10) واضح لا يحتاج إلى تفسير، ويشير بوضوح إلى أن المعفيين هم الموقوفون، والمحكومون، والمسجونون» وأكد إسماعيل أن «جملة دون المساس بحقوق الغير» تقصد المتضررين ماديا وليس من ارتكب التعذيب أو مارسه.
وتمنى إسماعيل تدخل عاهل البلاد لحل هذه المشكلة والتي تخدم «عملية الإصلاح والمسيرة الإصلاحية ولا تعوقها».
وفي ختام المسيرة ألقى نائب رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامي حسن مشيمع كلمة الجمعيات السياسية (التحالف السداسي) والتي ركزت على تحقيق مطالب العريضة الشعبية ومحاكمة الجلادين وإقفال ما أسماه بـ «الفصل الأسود» من تاريخ البلاد.
كما أكد العلوي في كلمة اللجنة أن مطالب ضحايا التعذيب في البحرين قد اكتسبت شرعيتها وحقها من «الشريعة الإلهية» التي قضت بحق القصاص، ومن مواد الدستور وميثاق العمل الوطني والتي قضت بـ «محاكمة الجلادين» ومن الاتفاقات الدولية لمناهضة التعذيب التي صدقت عليها البحرين والتي تلزم الدول بمنع حالات التعذيب، ومحاكمة الجلادين.
وأعربت اللجنة عن استغرابها من «السكوت والتجاهل الرسمي تجاه حقوق شريحة واسعة من المواطنين وعوائلهم الذين ذاقوا محنا كثيرة لا تزال آثارها النفسية والجسدية ضاغطة عليهم، وتبعاتها الاقتصادية السلبية مؤثرة عليهم».
مؤكدة أن «حقوق ضحايا التعذيب لم ولن تضيع، وستبقى شاخصة حتى ترجع الحقوق إلى أصحابها كاملة غير منقوصة». معربة عن أملها في أن يستجيب جلالة الملك للمطالب الشعبية التي وضعت في العريضة الشعبية
العدد 294 - الخميس 26 يونيو 2003م الموافق 25 ربيع الثاني 1424هـ