مرت ذكرى اليوم العالمي لمناصرة ضحايا التعذيب في 26 يونيو/حزيران، ومرت معها بيانات عدة من الشجب والاستنكار... مرت الذكرى وأزاحت بمرورها الغبار عن ملف ضحايا التعذيب، بل وجرت معها مسيرة اللجنة الوطنية التي حركت المياه الراكدة وجددت المطالب لتفتح باب المعضلة على مصراعيه، ولكن... هل أدت الجمعيات السياسية والجهات الحقوقية ومجلس النواب دورها الحقيقي لمساندة ضحايا التعذيب؟ وما هي أبرز المعوقات السياسية والقانونية والحقوقية التي تعترض عمل هذه الجهات؟ وما مصير الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها المملكة؟ وماذا عن تبني بعض النواب مشروع المصالحة الوطنية... هل يُحقق النواب ما عجزت عنه الجمعيات؟ متى تنتهي المعاناة ويُطوى ملف ضحايا التعذيب...؟
ألتفت الحوارات على الطاولة المستطيلة وتقاطعت حول ضرورة تأهيل ضحايا التعذيب وطرح المشكلة بشفافية، وبدانا بالمعتقل السياسي السابق أحمد الجفيري كونه يُمثل مُحور القضية...
حكاية لها بداية
ويحكي الجفيري قصة اعتقاله «تم استدعائي ولم أكن موجودا في البيت فسُحب جوازي وجواز الوالد، وخيروني إما بتسليم نفسي، أو اقتحام المنزل وأخذ من فيه، وسارعت بتقديم نفسي، اصطحبني الوالد إليهم، وقالوا له اطمئن... سنرجعه بعد 5 دقائق، لقد اطمأننت كوني في سجن النعيم وهو أخف وطأة من السجون الأخرى، وبعد خروج الوالد بثواني تفاجأت بنقلي من سجن النعيم إلى سجن آخر، وصلت الى ذلك المعتقل بعد 10دقائق وأخذوني الى غرفة التحقيق. كان عمري حينها 17 سنة ، وكنت على وشك التخرج من الثانوية العامة»...
ما يذكره الجفيري يذكره غيره من المعاناة والشدة والضرب حتى الاعتراف المهين للانسان تحت الاكراه. «كان مهينا وإلى اليوم لا اعرف ماذا كُتب في إفادتي، إذ وقعت عليها تحت الإكراه والإجبار»... و«من اللحظات التي تركت أثرها في نفسي انه بعد ان أخبروا والدي بارجاعي له بعد 5 دقائق لم اره الا بعد 7 أشهر ولمجرد ربع ساعة، اقتصرت على الوالدة التي لم اتكلم معها اذ كانت تبكي طوال الربع ساعة وعلى والدي وأخوتي الذين كنت أرى الدموع في أعينهم، و اشتكيت من الآثار النفسية للاعتقال قبل يتم إعتقالي، إذ أُعتقل والدي في الثمانينات وكان عمري حينها 5 سنوات، وكانت العائلة تجتمع بنا نحن الصغار وتحذرنا من الكلام عن الوالد او التفوه باي كلمة عنه»... كانت تقول لنا «إن سألكم أي إنسان عن أبيكم فقولوا لا نعرف... لسنا على استعداد أن يعتقل شخص آخر من العائلة»... يحكي بحزن ويقول «أصبحت كتوما أكثر من اللازم، فعندما أفرح احتفظ بفرحي وعندما أحزن أحتفظ بحزني لنفسي... لا أستطيع أن أفرغ ما بداخلي لمن حولي ولمن يحبني... البعض يعتبرها صفة حسنة يُحسد عليها، إلا إنني أعاني منها كثيرا»...
وبسؤال له عما إذا قدمت له الجهات المختصة من وزارة صحة وجمعية أطباء ومنظمات حقوقية والبرلمان ما يعينه كمعتقل سياسي سابق يجيب الجفيري «لا أريد ان أجامل... ولكنني لم أسمع حتى اليوم إن هناك جهات معينة تتحرك على موضوعنا بشكل جدي، ولكني سمعت أن جمعية من الجمعيات تقدم استمارات على المعتقلين لاجراء تحقيق حول الموضوع أو ربما إعطاء تعويض ولكنني لم اذهب لتأكدي من عدم قدرة هؤلاء على عمل أي شيئ».
نداءات العريضة الشعبية
قدمت العريضة الشعبية المعززة بآلاف توقيع من ضمن مطالبها إنصاف ضحايا التعذيب والتحقيق عن طريق لجنة وطنية. وعن مدى تجاوب الجهات المعنية يقول رئيس لجنة ضحايا التعذيب جعفر العلوي «للأسف لا نجد أي تجاوب من قبل الجهات المعنية والرد غير مشجع وكأن ليس من الحق المناداة بقضاياضحايا االتعذيب لأن فتح هذا الملف سيؤدي الى إرجاع المعتقلين السابقين إلى السجن!».
وعن أساليب المطالبة يقول العلوي «تحركنا على المجال الإعلامي وكان هدفنا هو تحقيق مستوى لابأس به من الوعي لدى الناس وتعريفهم بقضيتهم ومدى شدة الفترة الماضية وما حدث لهؤلاء الضحايا، والأمر الثاني أن نشرك ضحايا التعذيب في المطالبة بحقوققهم».
ويقول المدير التنفيذي لمركز البحرين لحقوق الانسان عبدالهادي الخواجة عن جهود المركز «العمل على قضية ضحايا التعذيب بدأ قبل سنوات من الآن، وبالتحديد بداية التسعينات وتم توثيق المئات بل ربما الآلاف من حالات الضحايا للعديد من الجهات بالخارج (كان عمل الخواجة منصبا في الخارج وقتها) مثل منظمة العفو الدولية والأمم المتحدة ولدى هذه المنظمات الدولية الكثير من القضايا الموثقة بالتفاصيل وربما وربما قضية والد أحمد الجفيري من ضمن الملفات والقوائم الموجودة في الخارج، ولكن ما إن عدنا الى البحرين حتى بدا تحركنا مع جمعية الوفاق الوطني الاسلامية وذلك بجمع المعلومات وتكوين الملفات وساهمنا في تدريب القائمين على العمل وتقديم الدعم الفني على أن تحولت الآن الى لجنة حقوقية من ضمن لجان الجمعية.
الاتفاقيات بدون أسنان
وفيما يتعلق بأهم المعوقات التي تعرقل عمل المركز يُذكر الخواجة «أهم عائق هو عدم تعاون الجهات المعنية، وربما اختلف مع سيد جعفر العلوي في ان الجهات غير مهتمة بل انها مهتمة جدا ولكنها تبدي التجاهل بدلا من التعاون وهذا يُصعب الأمور بين الطرفين. ولكن لو تبادر هذه الجهات بإجراء حوار مباشر مع اللجنة فهذا سيرفع معوقا أساسيا».
ماذا قدم البرلمان لضحايا التعذيب؟
التف الحوار الى ان وصل الى النائب الأول في البرلمان عبدالهادي مرهون وعقب على ما سمعه من الجفيري بقوله «ليس جديد ما سمعته من الأخ أحمد، فما حدث في دولنا لم يحدث في أعتى الدول المتسلطة، وما جرى في حقبة التسعينات لم يجر حتى في الافلام، وبيد انها حقبة مظلمة إلا أنها اثبتت جدارة الشعب في التمسك بأرضه والنضال من أجل حقوقه، وكلنا يعلم ان المعاناة امتدت لسنوات ماضية والجميع كان يلتزم فيها الصمت عنوة. أما الآن فشيء من النور بدا يتدفق فظهرت هذه المعاناة علانية، فقد كنا نرى أهلنا وأصدقائنا وجيراننا ــ بعضهم توفوا واستشهدوا وبعضهم مازال يحمل أوسمة عز على أجسادهم والمعاناة التي مر بها شعب البحرين طوال هذه الفترة هي التي تجعلنا نتجاوز هذه المرحلة الى مرحلة ارحب نبني فيها اجيال تعرف كيف تنتزع حقها. وهذه الفترة ولت وإن كنت أعتقد أن هناك أطراف لا يسعدها أن يجتاز الوطن كل تداعيات الفترة الماضية فلازالت هناك أطراف تتشبث بسلطانها، ولازالت هناك أطراف تتمسك بمصالحها ولم تُساءل في الفترة السابقة بل وتفصل لهم قوانين على مقاسهم، ولكن السؤال الوجيه الذي طرحتيه «ماذا عملنا كنواب؟»
يواصل مرهون «حقيقية... لم نكن معزولين عما يجري أمامن اعيننا ولم نكن في الزاوية، فنحن جزء من ضمير هذه الأمة، ومن زوايا هذا الوطن، ورأينا هذهالقضية ماثلة أمام أعيننا، وهناك تيار متضامن من النواب مع أنشطة اللجنة... هذا الوطن فقد في فترة التسعينات 40 شهيدا وما ذكره السيد جعفر العلوي من وجود آلاف الضحايا يُشكل نسبة عالية من شعب البحرين، الامر الذي يتركنا أن نولي اهتماما عاليا بهذه القضية، ليس من باب المسالة الحضارية والحقوقية فقط بل لأنه عبأ على ضمير الأمة. والتيار المتضامن في البرلمان يستطيع أن ينجز الكثيرإذا تظافرت كل الجهود والآن فتحت الأبواب أمام المؤسسات لتطالب بحقها جهارا نهارا». ويواصل «واليوم أمامنا سُبل أخرى طبية وحقوقية وجمعيات فكل هذه الجهات في النهاية ستعطي المطالب الشرعية، وإذا أردنا للمملكة أن تكون سعيدة فلابد أن يكون أهلها سعداء فالذين عانوا كانوا أفضل منا ومتفوقين ولكن هذه هي الحياة... شخص ما عليه أن يدفع الضريبة»...
قاطعته: ولكن سؤالي الذي لم تجب عليه... ماذا عمل البرلمان (كجهة تشريعية) لضحايا التعذيب؟... فأجاب «كنا متجاوبين جدا مع لجنة ضحايا التعذيب ومركز البحرين لحقوق الانسان وشاركنا في كل الفعاليات في نادي العروبة والبلاد القديم وأثناء تسليم العريضة، وشاركنا في الآراء الداعمة لغلغاء مرسوم 56».
قانون رقم (10) هو الأساس
ويُكمل مرهون «إن قانون رقم 10 (العفو العام) الذي صدر في 2001 هو الأساس الذي يجب أن يتم التوافق عليه ضمن العملية السياسية، وهذا القانون حدد الفئات التي سيشملها العفو وهي الموقوفون والمحكومون والمسجونون، ووفق هذا الطرح يُعد العفو عن مرتكبي التعذيب خروج عن أصول العملية واللعبة السياسية والمشروع الاصلاحي، وأدعوا بقية النواب للاقتراب يشكل اكبر الى هموم المواطنين والمحرومين والعائدين الذين يستحقون الرعاية فجزء منهم تعذب نفسيا وجسديا لذلك علينا أن نلتصق أكثر بهموم شعبنا ونحن على اتصال قوي باللجنة والمركز».
مشروع المصالحة الوطنية
ويُذكر ان مرهون ينوي تقديم مشروع بقانون يجرم المعذبين في الدورة الثانية للبرلمان. وعن أسباب عدم طرح المشروع في الدورة الأولى يقول «البرلمان بدا بداية متعسرة وليس هناك زر نضغط عليه ونقول له ولد لنا قانونا يقنع الناس والسلطة التنفيذية ويُعطى كل ذي حق حقه، ولكن إدارة عملية الصراع الاجتماعي تحتاج الى توافق والى أرض مهيأة ، والبرلمان ليس كتلة متجانسة حتى يقول عبدالهادي شيء ويوافقه الجميع. فالبرلمان يتالف من كتل عديدة تعكس تيارات مختلفة في المجتمع، فبعضهم لايرى ان هذه المشكلة تحتل أولوية بالنسبة اليه، وربما تُشكل لنا أولوية لأننا نرى عذابات الآخرين تسير برجلين أمامنا، والنواب يرون أنها القضية الثانية التي من الممكن تأجيلها وسنسعى مع الاخوة والحقوقيين والمركز بطرح قانون على شكل مصالحة وطنية وهذه القضايا لا تسقط بالتقادم».
... ولكن يُفهم من كلامك إن تركيبة البرلمان الغير متجانسة ــ على حد تعبيرك ــ ليست لصالح ضحايا التعذيب؟ فأردف «لابد ان يُفهم من كلامي أن البرلمان مكون من 40 عضو لهم أولويات ونوازع قد تختلف أو تتفق وما أردت توضيحه أن الكرة لابد أن تبدأ من ملعبنا كنواب وطنيين مع الحقوقيين والمستشارين القانونيين لكي نبلور فكرة قانونية، وهذه المسالة لابد ان تأخذ أولوية من أولويات شعب البحرين، فقد عشنا 30 عام من غياب الديمقراطية والمسائلة، ولو اردنا علاج المشكلة فسنحتاج لجمعيات متخصصة تعالج هذه الشؤون، واقترح تأسيس جمعيات إختصاص تضغط على السلطة وعلى النواب، والنواب يمثلون ضمير الشعب لذلك عليهم أن يقتربوا من هموم الناس».
خلل حقوقي وسياسي وقانوني
وتعقيبا على ما أورده مرهون ينوه الجفيري «لو خيرونا نحن المعتقلين بالعفو عن هؤلاء فسيكون ردي: لو غفرنا عنهم فان التاريخ لن يغفر لهم». ويضيف «هناك نواب يستحقون التقدير والثناء، ولكن تركيبة البرلمان المعقدة بإستطاعتها إضاعة جهد النواب، لذلك يبقى المأمول شيء والواقع شيئا آخر، وتفضل النائب الأول وتكلم وكلامه يُثلج القلب ولكن هناك واقع مؤلم في أروقة البرلمان».
وينتقل الحوار للعلوي «هناك خلل في الساحة الحقوقية والسياسية، والخلل متمثل في وجود معوقات في مجلس النواب الحالي، وهنالك خلل في الجهات الحقوقية فبعض هذه الجهات بعيدة عن واقع وهموم الناس وقضاياهم، وللأسف الأجندة الموجودة لدى أكثر الجمعيات السياسية أجندة سياسية قد تقارب هموم الناس وقد تختلف عنها ولحد الآن لا أشعر إن لدى أكثر الجمعيات السياسية إهتمام جدي بموضوع الشهداء وضحايا التعذيب والأحداث الماضية تثبت ذلك. كذلك هناك خلل قانوني فكيف يُصدر قانون يُخالف الدستور، ونحن نعرف إن المملكة دستورية والدستور حاكم على كل القوانين، وأي قانون يُخالف الدستور لابد أن يطرح بعيدا عن التنفيذ والفصل الثالث من ميثاق العمل الوطني والمادة 19 الفقرة (د) من دستور مملكة البحرين، كلها تشير الى العقوبة على التعذيب، وكيف يصدر قانون يُخالف القانون الدولي ويُخالف الشريعة الاسلامية وهي مصدر رئيسي للتشريع في البحرين، فهذا الخلل الحقوقي والقانوني والسياسي يجعلنا في حالة نضال حقوقي مستمر...».
«مناهضة التعذيب»
بين التوقيع والتطبيق
أشار الخواجة الى ان البحرين وقعت على اتفاقية مناهضة التعذيب وهي في المادة الثانية ملزمة بإتخاذ إجراءات تشريعية وادارية وقضائية وفي المادة الرابعة يوجد تجريم للتعذيب في القانون الجنائي الوطني، أي لا يكفي أن تكون هناك مواد دستورية، لابد أن يكون هناك قوانين تُجرم التعذيب وتحدد له عقوبات واضحة. فالمسالة التشريعية مهمة جدا، ومازالت الأرضية القانونية مهيأة لحدوث انتهاكات إذا تغيرت المعادجلات السياسية والأمنية، لأن قانون العقوبات به الكثير من الثغرات التي تسمح بالاعتقثال المنعزل واخذ الاعترافات عنوة وتسمح بغنشاء محكمة إستثنائية مشابهة لمحكمة أمن الدولة، لذلك ان لم يكن هنالك تشريع واضح في هذا الاتجاه، فلا يوجد ضمان بعدم تكرار ما حدث في الماضي». كذلك «لابد من إصلاح المؤسسات القائمة ولابد أن يكون القائمين على مراكز الاحتجاز والسجون مؤهلين ومدربين لان الاتفاقية الدولية تلزم الدولة بتدريب القائمين على هذا القانون يُضاف إلى ذلك ضرورة وجود الرقابة سواء من البرلمان أو من المؤسسات غير الحكومية، حتى نضمن إن الأمور سائرة بالاتجاه الصحيح».
حان وقت الأفعال
مرهون يُوافق طرح الخواجة فيما يتعلق بالارضية القانونية بقوله «طالما بقيت الأرضية القانونية ضمن معادلة العملية السياسية كما هي ولم تتطور الى الأفضل فالخشية من التراجع موجودة، وعلينا أن لا نقتنع إن هذا السقف هو السقف المثالي، يجب أن نطور مطالبنا ولكن بالنسبة للعملية التشريعية والقانونية فأنا أحمل قوى المجتمع كلها هذه المسؤولية بمن فيهم نفسي، فبالرغم من القصور الذي ندركه في تكوين الأساس التشريعي لكن علينا أن نؤمن إن الصراع في المجتمع لايكون إلا بهذه الطريقة... لا مجال فيه لليأس وعلينا أن نقوم بأدوارنا الحقيقية، علينا أن نشكل أداة ضغط على كل البرلمانيين وأن نوفر أرضية لقناعات مشتركة، وأنا لست واثقا من المعلومة التي تقول إن البرلمانيين يعترضون، أنا اشعر إن أغلب البرلمانيين ــ حتى الذين نختلف معهم ــ تجاوز المرحلة المعقدة وليسوا ممن يتمسكون بالماضي والعودة إليه وربما ليسوا من شخوصه. وهنا تكمن المعادلة فالجمعيات السياسية والحقوقية وضحايا التعذيب وأهاليهم مكلفين بالقيام بجهد مجتمعي، وهذا وقت مناسب حتى نطرح في هذا الجانب مصالحة وطنية وحسنا لو أشتركوا معنا الأخوان في مركز حقوق الانسان وجمعية المحامين وربما حتى الاهالي من خلال توضيح المعاناة، وليس من مصلحة مسيرة العمل الوطني أن تبقى قضية بمثل خطورة هذه القضايا معلقة، ولا يجب أن نراكم القضايا والملفات حتى لا تشكل هم كبير يصعب التعامل معه فيما بعد...».
واضاف مرهون «نحن نزعم أننا تركنا الماضي خلف ظهورنا، لكن الماضي لايترك هكذا عبثا فلابد ان تعالج تداعياته فقد كان الوطن يعيش حالة متأزمة من الاحتقان النفسي أما الآن فعلينا أن نخطو خطوات شجاعة ليس على مستوى القطاعات الشعبية فقط بل على مستوى السلطة التنفيذية أيضا، فالنوايا يجب أن تترجم إلى أفعال...».
لماذا «الوسط» فقط؟!
وبين العلوي إن هناك معاناة يعيشها قطاع واسع من شعب البحرين، «وهذه المعاناة مالم تجد طريقها للتنفس القانوني من خلال القضاء العادل فسيكون هناك طريقين فإما أن تنقل القضية إلى الخارج وهذا ليس لصالح الوطن أو ستجد طريقها باحتقانات سياسية.
وفي ختام اللقاء تساءل الخواجة «طرح سؤالي عبر «الوسط»... لماذا لم تتطرق وسائل الاعلام الى قضية ضحايا التعذيب في مرحلة من المفترض أن تتسم بالشفافية وحرية التعبير؟!! وأوجه كلمة شكر إلى صحيفة «الوسط» وهي الصحيفة الوحيدة التي طرحت الموضوع بشكل تفصيلي وملم...».
مرهون يطرح قانون المصالحة الوطنية...
والخواجة يُذكِر بالمعايير الدولية
الوسط - المحرر الحقوقي
شرح النائب الأول في البرلمان عبدالهادي مرهون تفاصيل قانون المصالحة الوطنية، ويهدف هذا القانون ( كما عبر عنه مرهون) إلى معالجة موضوعية وحقوقية لملف ضحايا المرحلة السابقة التي سادت فيها انتهاكات بينة لحقوق الإنسان نتيجة تعطيل العمل بالدستور وتطبيق قانون أمن الدولة، من خلال عدد من الآليات:
1 ــ إعادة الاعتبار للشهداء والضحايا وتقديم اعتذار لهم من أعلى جهة في الدولة.
2 ــ تقديم تعويضات لأسر الشهداء.
3 ــ تأهيل ضحايا التعذيب والمعتقلين وتعويضهم.
4 ــ إعادة تأهيل المبعدين وتعويضهم كذلك.
وعلينا إتخاذ ما يلي مع منتهكي حقوق الإنسان:
1 ــ تشخيص حالاتهم.
2 ــ تقديمهم إلى محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الشروط القضائية بحضور مراقبين حقوقيين وقانونيين.
3 ــ تقديم إعتذار علني، وتعهد بعدم العودة لهذه الممارسات.
4 ــ إلزامهم ببعض الأعمال التطوعية ثم العمل على إصدار قانون للعفو عنهم بالتوافق بعد قضاء مدة من الخدمة التطوعية، علما بأن هذا الإعتذار مشروطا بخدمة المجتمع.
وأكد مرهون «أننا ليس في مرحلة التسعينات وإلا لم نستطيع أن نجهر بالانتهاكات»، وأضاف «اجد نفسي مدعوا لتقديم اقتراح لاخواني النواب لنكون مجموعة نيابية للدفاع عن الضحايا من داخل المجلس وتبني فكرة إصدار قانون للمصالحة الوطنية وإقامة حوارات مع الجمعيات الحقوقية من خارج المجلس لان العمل من الداخل عن طريق لجنة يحتاج الى اجراءات كثيرة».
وتساءل الخواجة «كيف تقوم مصالحة وطنية ومطلوب من الضحايا من الآن أن يقدموا التنازل بينما الطرف الآخر غيرمستعد أن يفتح الملف أو أن يطرخ الموضوع للحوار، ومطلوب من الآن من الضحايا أن يقدموا التنازل وهذا شيء غير مقبول... المصالحة الوطنية لابد أن تقوم على أساس الحقيقة والإنصاف والقبول من المتضررين والمعايير الدولية، هذه العوامل الأربعة لابد أن تكون موجودة في هذا المشروع، فعندما يشعر المتضررون بالصدق في فتح الملف فربما يبدون نوع من المرونة إلا إن هذه العوامل الأربعة لابد أن تكون موجودة من ناحية أخرى»
العدد 301 - الخميس 03 يوليو 2003م الموافق 03 جمادى الأولى 1424هـ