يرى مسئولون في الأمم المتحدة والبنك الدولي أن الانتقال بالاقتصاد العراقي الذي أنهكته 23 سنة من الحروب والحصار، الى اقتصاد السوق ستكون مهمة شاقة تتطلب إجراءات اجتماعية لمصلحة السكان الذين يعانون من ظروف حياتية صعبة.
واعلن المدير العام للبنك الدولي لمنطقة المشرق جوزيف سابا في تصريحات صحافية «ان مناخ انعدام الامن يجعل من الصعب جدا تحويل العراق من اقتصاد مركزي الى اقتصاد السوق وينبغي عدم التقليل من مدى واتساع هذه المصاعب».
وقال سابا على هامش مؤتمر نظمته الامم المتحدة في بغداد «ان تحديا مهما اخر يكمن في ايجاد فرص عمل في بلد تمثل فيه فئة الشباب دون السادسة عشرة نسبة 50 في المئة من عدد السكان». واشارت دراسة للبنك الدولي عرضت في المؤتمر الى ان المؤشرات الاجتماعية تدهورت بشكل ملحوظ في العراق إذ بات الدخل الفردي يساوي ربع ما كان عليه قبل 25 عاما الى جانب تدهور الانتاج النفطي وارتفاع نسبة الفقر اضافة الى انهيار الطبقة الوسطى.
وقال سابا ان الرهان يتمثل «في جعل النمو ينعكس في ايجاد وظائف منتجة مناسبة للشباب». وراى انه يجب ان نتحلى «بالحذر حيال التوقعات» لانه «لا يمكن التعافي في يوم واحد بعد 20 عاما من المرض».
ورأى انه ينبغي ايضا اعطاء السكان «شعورا بالامن والارتياح» والتركيز على إعادة تأهيل قطاعات الصحة والتربية.
لكن الدراسة تشير مع ذلك الى ان العراق «يتمتع، وعلى خلاف المرحلة الانتقالية لاقتصاديات دول اوروبا الشرقية، باوراق رابحة تتمثل في الثروات النفطية والمائية الغزيرة اضافة الى جهاز بشري مؤهل».
ولهذا البلد من جهة اخرى «جذور ومئات السنين من الخبرة في مجال القطاع الخاص واسعار محررة وتجارة متينة».
وقالت الدراسة ايضا ان العراقيين «احتفظوا في ذاكرتهم بالخبرة التي اكتسبوها قبل 25 عاما في تسيير عمل مؤسسات اقتصادية وحرية التجارة».
لكن الدراسة اشارت مع ذلك الى ان «الموارد لا تكفي لوحدها لايجاد فرص عمل».
وشدد الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق سيرجيو فييرا دي ميلو ايضا على البعد الاجتماعي لاي تنمية اقتصادية.
وقال «هناك خطر حقيقي يتمثل باستمرار، او حتى بازدياد، الفساد والضعف في النظام القضائي والقانوني والتجاوزات والامتيازات الموروثة من النظام السابق والتمييز الاجتماعي والاقتصادي».
وتساءل دو ميلو امام مسئولين في البنك الدولي وخبراء عراقيين، «اي نوع من الديمقراطية هي تلك التي تؤدي خلالها عملية التغيير السياسي والاقتصادي الى مزيد من الظلم».
وقال «ادعو المقررين والمسئولين في العراق الى عدم نسيان ان هناك اخطارا في كل عملية انتقالية مركزة باتجاه اقتصاد السوق».
واقترح ان تترافق الاصلاحات الرامية الى دفع عملية النمو «مع سياسات اجتماعية تهدف الى حماية السكان الاكثر عوزا حتى بلوغ النمو المنشود».
ورأى سابا ان على المسئولين العراقيين ان يواجهوا الادارة المركزية للاقتصاد التي لا تنشىء بيئة تنافسية وذلك عبر الاخذ بالاعتبار ان النقل والطاقة والمنتجات الغذائية تحظى بالدعم والمساعدة.
واقترح ايضا ان تكون «طبيعة المساعدات في بادئ الامر نقدية»، وحمل عدد كبير من المتحدثين في المؤتمر على الغاء المساعدات. واشار الاقتصادي مهدي الحافظ الى ان «السكان ليسوا على استعداد البتة لمزيد من الحرمان»، وحذر من ثورة اجتماعية. وطالب بتقديم تعويضات في حال الغاء المساعدات.
واعلن المستشار الاقتصادي سنان الشبيبي ان اكبر مساعدة يمكن ان تقدمها الاسرة الدولية للعراق هي الغاء ديونه التي تمثل 150في المئة من اجمالي ناتجه الداخلي.
بغداد - رويترز
قال مسئول كبير في وزارة النفط العراقية إن العراق يعد لطرح ثالث مزايدة لبيع النفط الخام بعد الحرب. وقال المسئول أن موعدا لم يتحدد بعد للمزايدة المتوقع أن تشمل طرح نحو ثمانية ملايين برميل للبيع.
وقال لرويترز «يجرى بحث المزايدة حاليا. في الوقت الحالي فإن هذا هو السبيل الوحيد أمامنا لبيع النفط».
وأضاف أن النفط الذي سيطرح للبيع سيكون على الأرجح من حقول العراق الجنوبية التي يمكن الاعتماد عليها بدرجة أكبر من ضخ النفط عبر خط الأنابيب الشمالي الممتد إلى تركيا الذي تعرض لعدة عمليات تخريب. وقال مسئولو نفط أنه لم تكن لديهم الرغبة في اللجوء إلى طرح مزايدة أخرى لكنهم سيفعلون مع استمرار عدم اليقين بشأن الحفاظ على مستويات مستدامة من الصادرات. واستخدم العراق نفطا مخزنا في صهاريج في أول عملية تصدير للنفط بعد الحرب. وقال مسئول وزارة النفط أن التخريب ما زال يقوض جهود استئناف التصدير من الشمال، إذ تعرض خط الأنابيب الممتد إلى تركيا لسلسلة تفجيرات. وتوقع الانتهاء من إصلاح خط الأنابيب خلال نحو أسبوع. لكن مسئولي وزارة النفط يخشون أن تستمر التفجيرات طالما ظلت القوات الأميركية في البلاد. وقال مسئول وزارة النفط «لا أعتقد أنهم (المخربون) سيسمحون لنا بالتصدير من الشمال». وأشار إلى أن العراق يضخ النفط حاليا بمعدل منتظم قدره 800 ألف برميل يوميا يوجه منها 500 ألف برميل للاستهلاك المحلي. وقال «سنبلغ طاقة إنتاجية قدرها 1,3 مليون برميل يوميا خلال نحو أسبوع وطاقة تصديرية قدرها نحو 750 ألف برميل يوميا بحلول منتصف أغسطس/آب».
«لكن المشكلة تكمن في الكمية التي سنتمكن من تصديرها بشكل مستدام في ظل مشكلات التخريب».
وقال إنه مازال غير واضح متى سيمكن تصدير الخام إلى الأسواق وبأية كمية في ظل ما وصفه بالتخريب السياسي في الشمال والتخريب الاقتصادي لمنشآت النفط في الجنوب. وقال «المخربون في الشمال لا يستهدفون سوى خطوط الأنابيب لأنهم يريدون تأييد الرأي العام لكن ما يحدث في الجنوب تخريب اقتصادي». وأضاف «هناك أناس يطلقون الرصاص على خطوط الأنابيب الممتدة إلى المصافي للاستهلاك المحلي»
العدد 318 - الأحد 20 يوليو 2003م الموافق 20 جمادى الأولى 1424هـ