تتحدث الأوساط السياسية العراقية ولا سيما تلك المقربة من قوات التحالف عن تغيير جوهري مرتقب في منهج إدارة التحالف لشئون العراق. وتشير هذه الاوساط الا انه قد تتخلى سلطة التحالف عن كثير من سلطاتها لمجلس الحكم الذي ربما سيتم توسيعه الى الضعف، او ربما تنهي سلطات التحالف احتلالها للعراق في غضون شهرين وترك ادارة شئون العراق للامم المتحدة على اساس مشاركة دولية واسعة من جانب عدة دول في قوات حفظ امن دولية.
وتوضح هذه الاوساط ان ثمة مراجعة شاملة تجري الآن في واشنطن للملف العراقي برمته، وان هناك اختلاف داخل الادارة الاميركية في الاحتفاظ بالعراق بأي ثمن او التخلص من المستنقع العراقي عبر العودة مرة اخرى إلى بوابة الامم المتحدة، وتقليص الوجود العسكري الاميركي والبريطاني في العراق لصالح مشاركة دولية واسعة في اطار جهود للامم المتحدة في بناء الاستقرار والسلام في هذا البلد.
وتلفت هذه الاوساط النظر الى زيارة نائب وزير الدفاع الاميركي بول وولفوفيتز الى بغداد التي لم يعلن عنها من قبل، الذي التقى خلالها بول بريمر قبل مغادرة الاخير بغداد بساعات الى واشنطن في مهمة عاجلة قد تستمر اسبوعا بناء على طلب من البنتاغون. وكشفت مصادر عراقية مقربة من القوات الاميركية وسلطة التحالف في بغداد لـ «الوسط» ان وولفوفيتز ركز في مباحثاته مع بريمر على الملاحظات التي اوردها تقرير فريق الخبراء الخمسة الذين ارسلتهم وزارة الدفاع الاميركية لتقييم جهود اعمار العراق. وكان التقرير انتقد مواصفات الرجال الذين اختارهم بريمر لكي يكونوا مستشارين اميركان للوزارات العراقية.
كما ركزت مباحثات وولفوفيتز - بريمر على استعراض الموقف الميداني في العراق، وتوصل فيه المسئولان الاميركيان الى قناعة مشتركة من ان المقاومة العراقية المتصاعدة تشكل تهديدا استراتيجيا واضحا في العراق ابعد من الخسائر المؤلمة بالارواح التي تتكبدها القوات الاميركية؛ وان خطر المقاومة يأتي من انها ستشعل حرب عصابات واسعة ناتجة ليس من الولاء للبعث ولكن من الاحباط من الاحتلال الاميركي.
واوضحت المصادر ان وولفوفيتز اعلن خلال لقائه مع كبار الضباط الاميركيين العاملين في العراق بحضور بريمر، ضرورة وضع خطة عاجلة لمنح افراد القوات الاميركية العاملة في العراق اجازات دورية طويلة ما بين شهر ونصف وشهرين لعناصر هذه القوات ريثما يتم ابدال هذه القوات في غضون سنة. كما تم الاتفاق على ضرورة انسحاب القوات الاميركية من داخل المدن العراقية وعدم البقاء في التجمعات السكانية الكبيرة وانما تترك مسألة الحفاظ على الأمن داخل المدن الى العراقيين انفسهم. وكشفت المصادر أن بريمر شرح في الاجتماع مع كبار الضباط ان نحو 3500 من ميليشيات الأحزاب العراقية تقوم بهذا الشأن
العدد 318 - الأحد 20 يوليو 2003م الموافق 20 جمادى الأولى 1424هـ