العدد 319 - الإثنين 21 يوليو 2003م الموافق 21 جمادى الأولى 1424هـ

الدولار مستقر... واليورو يتراجع... والأسواق العالمية في حال اضطراب

في التقرير الأسبوعي لبنك الكويت الوطني

الكويت - بنك الكويت الوطني 

21 يوليو 2003

ذكر التقرير الاسبوعي لبنك الكويت الوطني ان الآمال التي توقعتها الاسواق المالية العالمية في خطاب رئيس المصرف المركزي الاميركي ألان غرينسبان تبخرت ما ان تحدث الرجل الاسبوع الماضي، الأمر الذي انعكس سلبا على اسواق السندات الاميركية، وعرض التقرير أحوال الاسواق المالية في اوروبا والمملكة المتحدة واليابان.

الولايات المتحدة

بعد ان انتظرت الاسواق المالية بشغف لم تشهده منذ فترة ما سيقوله رئيس مصرف الاحتياط الفيدرالي ألان غرينسبان عن الوضع الاقتصادي الاميركي، اطاحت تصريحاته بأسواق السندات الاميركية بمقدار اكبر مما حصل عندما خفض المصرف اسعار الفوائد بأقل من المتوقع وذلك بنسبة 25 نقطة اساس في يونيو/ حزيران الماضي.

والحقيقة هو ان ما صرح به غرينسبان يتلخص في استعداد مصرف الاحتياط لابقاء اسعار الفوائد الرسمية عند مستوياتها الحالية المتدنية إلى ان يبدأ الاقتصاد الاميركي بتحقيق النمو المطلوب علما بأن المصرف يتوقع ان ينتعش الاقتصاد الأميركي في النهاية.

وإذا كانت هذه خلاصة تصريحات غرينسبان فالسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا هبطت اسعار السندات الحكومية ولماذا ارتفعت عوائد هذه السندات بعد شهادته امام الكونغرس؟ والاجابة عن هذا السؤال تكمن في ان الاسواق على ما يبدو ركزت اهتمامها على الجزء المتفائل بشأن الاقتصاد في كلام غرينسبان كما يبدو ان المتعاملين فسروا هذه التصريحات باستبعاد قيام مصرف الاحتياط بمزيد من التخفيض في اسعار الفوائد من مستوياتها الحالية عند 1 في المئة. والأهم من ذلك هو استبعاد رئيس مصرف الاحتياط الفيدرالي استخدام اي اجراءات نقدية غير اعتيادية كقيامه بشراء السندات الحكومية لابقاء اسعار الفوائد طويلة الاجل تحت السيطرة على الاقل في الفترة الحالية. وقد تفاعلت اسواق السندات بشكل كبير مع هذا الكلام إذ ارتفعت عوائد السندات بسرعة مدهشة فعلى سبيل المثال رأينا ارتفاع عوائد السندات الحكومية لمدة عشر سنوات من 3,72 في المئة إلى 3,98 في المئة. وبعد ان تفاجأ غرينسبان بهذا الارتفاع عاد وخفف من وطأة كلامه مذكرا انه لم يستبعد اي اجراء نقدي غير اعتيادي لانعاش الاقتصاد وناسبا ارتفاع هذه العوائد إلى تفاؤل المستثمرين بفرص النمو الاقتصادي وموضحا ايضا ان لدى مصرف الاحتياط الفيدرالي عدة خيارات للوصول بالاقتصاد الاميركي إلى شط الامان.

في هذه الاثناء اعلن المكتب القومي للبحوث الاقتصادية ان الانكماش الاقتصادي الاميركي الذي بدأ في مارس/ آذار 2001 انتهى بعد ذلك بفترة ثمانية اشهر على رغم ضعف سوق العمل الاميركي وعلى رغم خسارة المزيد من الوظائف مذاك. وكانت ارقام مبيعات التجزئة قد ارتفعت بنسبة 0,5 في المئة في يونيو/ حزيران ما جعل البعض يشير إلى هذا الارتفاع كدليل على ان النمو الاقتصادي المنتظر قد يكون بدأ فعلا. وبشكل عام عندما تتضارب توقعات اسواق الاسهم مع اسواق السندات بشأن فرص النمو الاقتصادي، يتعرض سوق الصرف لتقلبات حادة، إلا أننا نتوقع ان يبقى الدولار الاميركي ضمن حدوده الواسعة المحققة سابقا إلى ما بعد انتهاء فصل الصيف.

اوروبا (اليورولاند)

استمر انخفاض اليورو مقابل الدولار الاميركي ليصل إلى مستوى 1,11 الاسبوع الماضي، متعرضا لموجة بيع متواصلة لم نشهد مثيلها منذ بداياته في العام 1999. وكانت تصريحات المستشار الالماني غيرهادر شرودر الاخيرة والتي طالب من خلالها المصرف الاوروبي الالماني بشكل صريح وواضح التدخل في اسواق العملات لاضعاف العملة الاوروبية، احد أهم اسباب انخفاض اليورو حديثا مع ان تفاعل الاسواق مع التصريحات جاء متأخرا إلى حد ما. ومن جهة اخرى كانت تصريحات الان غرينسبان المتفائلة بشأن الاقتصاد الاميركي السبب الآخر الذي دفع بالمستثمرين إلى الخروج من مراكزهم المشترية لليورو ما ادى الى تزايد عمليات بيع اليورو لوقف الخسائر.

والسؤال الأهم الآن هو ما اذا كان اليورو سيتعرض لمزيد من الضغوط التنازلية. الارجح اننا سنرى بعض الاستقرار فوق مستوى 1,10 وربما استرجعنا معدل 1,14 قبل ان يتعرض اليورو لمزيد من الضغوط وخصوصا اذا رأينا استمرار الدلائل على انتعاش الاقتصاد الاميركي. في هذه الحال فإننا لا نستبعد ان تهبط العملة الاوروبية لتستقر ضمن نطاق 1,10 -1,05 في الأشهر القليلة المقبلة لكن هذا لن يمنع حصول عمليات جني ارباح في هذه الاثناء ما قد يوفر للمستثمرين فرصا لتعديل مراكزهم لتتناسب مع توقعاتهم ولتتماشى مع اختياراتهم للمخاطر.

المملكة المتحدة

هبط الجنيه الاسترليني إلى ما دون معدل 1,5850 مقابل الدولار بعد ان قام المستثمرون بالتخلص من «متاجرة العوائد» التي من خلالها يقوم المستثمر بشراء العملات ذات العوائد المرتفعة وبيع العملات ذات العوائد المنخفضة. ويبدو ان «متاجرة العوائد» هذه فقدت بريقها أخيرا اذ راينا انخفاض معظم العملات ذات العوائد المرتفعة كالدولار الاسترالي والدولار الكندي والدولار النيوزلندي وغيرها في الاسبوعين الماضيين. وكان تخفيض بنك انجلترا (المركزي) لأسعار الفائدة بنسبة 25 نقطة اساس حديثا قد ضغط على العملة البريطانية.

وعلى رغم ان المؤشرات التقنية تشير إلى احتمال ارتداد الجنيه الاسترليني طالما بقي فوق معدل 1,5800 فإننا نلمس رغبة عارمة في شراء الجنيه في هذه الفترة.

اما من ناحية الارقام الاقتصادية فقد شاهدنا ارتفاع معدلات الاقتراض الحكومي إلى 4,8 بلايين جنيه في يونيو وهو رقم يتعدى ضعف المسجل العام السابق ويزيد على توقعات الاسواق ويبدو ان الانفاق الحكومي على الخدمات الاساسية كالتعليم والرعاية الصحية بدأ يؤثر على الموازنة الحكومية، وبدأ يثير الشكوك الجدية في مقدرة الاقتصاد البريطاني على النمو بنسبة 2,25 في المئة كما جاء في آخر توقعات موازنة وزير المال البريطاني غوردن براون إذ ان تحقيق موازنة الانفاق الموعود على الخدمات مع مداخيل الحكومة يبدو اكثر صعوبة الآن.

اليابان

ارتفع الدولار الاميركي مقابل الين الياباني عند نهاية التعاملات الاسبوع الماضي «وللمرة الألف» يبدو ان تهديد بنك اليابان المركزي بالتدخل في اسواق الصرف فعل فعله إذ ارتفع الدولار من 116,60 إلى ما فوق 119,00 قبل ان ينهي الاسبوع عند مستوى 118,50. وساعد ارتفاع الدولار بشكل عام هذا الاتجاه لكن الأهم هو ان الاسواق فهمت الدرس بشكل جيد وهو ان السلطات النقدية اليابانية لن تقبل بانخفاض الدولار إلى ما دون مستوى 115,00. إلا ان ارتفاع الدولار مقابل الين هذه المرة كان ايضا بسبب ارتفاع وتيرة القلق بعد تبادل النار ما بين الكوريتين الاسبوع الماضي ما دفع بالمتعاملين إلى بيع مراكزهم المشترية للعملة اليابانية.

في هذا الاثناء اعاد وزير الخزانة الاميركية جون سنو يوم الجمعة الماضي تأكيد سياسة الدولار القوي والاهم انه لم يوجه اي نقد إلى اليابان لتدخلها في اسواق الصرف لكنه ذكر ان الاقتصاد الياباني ربما في طريقه إلى النهوض من كبوته. والحقيقة ان غياب أية معارضة واضحة من قبل الولايات المتحدة لسياسة اليابان في اسواق الصرف قد يكون عاملا مساعدا على ارتفاع الدولار مقابل الين، لكن السؤال هو إلى متى سيتم التغاضي عن ذلك، خصوصا مع تحسن فرص النمو في اليابان الذي قد يجردها من أهم سبب لتدخلها في اسواق الصرف ومع اقتراب موعد الانتخابات الاميركية العام المقبل

العدد 319 - الإثنين 21 يوليو 2003م الموافق 21 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً