ردت فرنسا وألمانيا بفتور أمس على تحرك أميركي يستهدف الحصول على تفويض دولي من أجل قوة لحفظ السلام في العراق التي وصلها وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد في زيارة مفاجئة. وقال الرئيس الفرنسي جاك شيراك في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني جيرهارد شرودر: «نحن مستعدون لبحث المقترحات لكنها تبدو بعيدة للغاية مما يبدو لنا الهدف الرئيسي وهو نقل المسئولية السياسية إلى حكومة عراقية في أقرب وقت ممكن». وذكر شرودر أن المقترحات تظهر ان هناك تحركا في الموقف الأميركي لكنها لم تذهب إلى المدى المطلوب. وردا على ذلك قال وزير الخارجية الأميركي كولن باول: «إن مشروع القرار الاميركي يتعامل مع المخاوف التي طرحتها ألمانيا وفرنسا في الماضي ومع ذلك فالولايات المتحدة مستعدة لتلقي مزيد من الاقتراحات في هذا الشأن». ونفى الوزير أنباء أشارت إلى انه ورؤساء هيئة الأركان المشتركة أقنعوا معا البيت الأبيض بالسعي إلى استصدار قرار من الأمم المتحدة لإرسال مزيد من القوات الدولية إلى العراق ووصفها بأنها «رواية من وحي الخيال».
وتباينت آراء أعضاء مجلس الحكم العراقي بين مؤيد ومعارض للمشروع. وقال العضو موفق الربيعي: «إننا ندعم هذا التوجه ونسانده وأكثر من هذا فنحن نريد دورا أكبر للأمم المتحدة في العراق». غير أن غازي عجيل الياور انتقد المشروع معتبرا انه «سيحول العراق إلى ملعب سيرك». وأكدت الإذاعة السورية أن المشروع «على درجة بالغة من الأهمية». وأعلن السفير البريطاني أمير جونز باري ان المشاورات الأولى لمجلس الأمن بشأن المشروع ستجرى اليوم. وقال رامسفيلد في بغداد «إن سورية وإيران لا تبذلان جهدا كافيا لوقف تدفق المقاتلين إلى العراق».
واشنطن، عواصم - محمد دلبح، وكالات
وصل وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد أمس إلى بغداد في زيارة لم يعلن عنها مسبقا لإجراء مباحثات تتناول تعزيز قوات الأمن العراقية ورفع عدد القوات الدولية في العراق. وسيبحث رامسفيلد مع الحاكم المدني بول بريمر وأعلى مسئول عسكري في العراق ريكاردو سانشيز بناء الجيش العراقي الجديد. كذلك سيبحث رفع عدد القوات الدولية في العراق. وقال الوزير أمام صحافيين «المهم الآن هو بناء قوة عراقية كبيرة».
وقال الوزير في الطائرة التي أقلته إن «مجمل عدد القوات من أجل الأمن يجب أن يرتفع لكنني أعتقد ان ذلك يجب أن يتم بمساهمة عراقية ودولية أكثر من أميركية». وردا على سؤال عن حجم القوة الدولية اللازمة، قال «لا ادري ربما فرقة إضافية». ولم ينشر «البنتاغون» برنامجا محددا للزيارة. وهذه هي ثاني زيارة يقوم بها رامسفيلد إلى العراق منذ انتهاء الحرب. وتأتي في وقت تواجه فيه القوات الأميركية تصعيدا في الهجمات فيما يتزايد عدد الضحايا من العسكريين. كما تأتي غداة تقديم الولايات المتحدة مشروع قرار إلى مجلس الأمن يطالب بتشكيل قوة دولية مخولة «اتخاذ جميع التدابير اللازمة للمساهمة في إرساء الأمن والاستقرار في العراق» وتكون «تحت قيادة موحدة».
ويجيز مشروع القرار لقوة متعددة الجنسيات «اتخاذ جميع التدابير الضرورية للمساهمة في استتباب الأمن والاستقرار في العراق». وتؤكد هذه الوثيقة المسماة «مشروع عمل» أن هذه القوة ستوضع «تحت قيادة موحدة». و«تعترف» بأن مجلس الحكم العراقي «هو العنصر الأساسي للإدارة العراقية المؤقتة».
ويوضح أن القوة المتعددة الجنسيات ستتولى مهمات منها توفير امن موظفي الأمم المتحدة في العراق والسلطات العراقية الانتقالية وحماية البنى التحتية الاقتصادية والإنسانية الأساسية.
ويتضمن المشروع إشارة واحدة إلى الولايات المتحدة. ويطلب منها «أن تقدم إلى مجلس الأمن، باسم الدول الأعضاء المشاركة في القوة المتعددة الجنسيات، عندما ترى ذلك مناسبا، تقريرا عن جهود وإنجازات هذه القوة، بما لا يقل عن مرة واحدة كل ستة أشهر». ويدعو القرار الذي لا يتضمن أية إشارة إلى قوات التحالف «الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية إلى الإسراع في تقديم المساهمات المالية الأساسية لدعم جهود إعادة اعمار العراق».
وأقر رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير أمس بأن الوضع في العراق تدهور في الأسابيع الأخيرة وأصبح الآن «خطيرا». وقال في مؤتمر صحافي في لندن إن منطقة الشرق الأوسط أصبحت «ساحة قتال جديدة» في الحرب الدولية ضد «الإرهاب». وأضاف أن «القوات البريطانية والأميركية وغالبية كبيرة من العراقيين يواجهون عددا صغيرا من أنصار صدام وعددا متزايدا من الجماعات الإرهابية القادمة من الخارج».
وعلى زعم بلير أن فرنسا وألمانيا «مصممتان كليا على مساعدة العراق»، داعيا إلى أن يعمل الأميركيون والبريطانيون مع «الذين عارضوا الحرب والذين دعموها». وقال «أعتقد ان ما فعلناه في العراق صائب» مشددا على أن الوقت «لم يكن وقت تردد ولكن وقت مضاعفة الجهود».
وذكرت صحيفة «ديلي تلغراف» أن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أكد لبلير أن بريطانيا يجب أن ترسل خمسة آلاف جندي إضافيين إلى العراق والا فان جهود التحالف لإحلال السلام «مهددة بفشل استراتيجي». كما قالت وزارة الدفاع إن الوزير جيف هون طلب مراجعة وضع ومستوى القوات البريطانية في العراق.
في المقابل قال مسئول بارز في الحزب الحاكم بألمانيا إن برلين ليست على استعداد بعد لإرسال جنود إلى العراق لأنها لا ترى ان الولايات المتحدة وبريطانيا تسلمان السيطرة إلى الأمم المتحدة. فيما أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف أن بلاده لا تستبعد إرسال قوات في حال اتخذ مجلس الأمن قرارا بهذا الصدد وإذا تولت الأمم المتحدة السيطرة على الوضع في هذا البلد.
في غضون ذلك باشر عسكريون أتراك وأميركيون في أنقرة محادثات تقنية عن شروط إمكان انتشار تركي في العراق، كما أفاد مصدر رسمي. وقال وزير الخارجية العراقي الجديد هوشيار زيباري امس إن حكومته لن ترحب بقدوم قوات لحفظ السلام من دول مجاورة مثل تركيا لان هذا قد يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار. وتوجهت وحدة من القوات التايلندية إلى العراق أمس للانضمام إلى الفرقة المتعددة الجنسيات التي تقودها بولندا. أمنيا اشتبك جنود أميركيون مع مقاومين أطلقوا عليهم قذائف مورتر بالقرب من قاعدتهم ثم داهموا منازل لاعتقال أشخاص يشتبه في أنهم صانعو قنابل في محيط تكريت. ثم أطلق عراقيون قذائف صاروخية على دورية أميركية. ولم تقع إصابات في صفوف الأميركيين لكن قادة عسكريين قالوا إن عراقيا واحدا على الأقل لقي حتفه.
وقال متحدث عسكري أمس إن مدنيا عراقيا قتل وأصيب جنديان أميركيان في هجوم انتحاري في وسط العراق. وأضاف أن الحادث وقع الأربعاء في مدينة الرمادي. وقال سكان إن الهجوم وقع عند مدخل القاعدة العسكرية الأميركية الرئيسية بالمدينة المجاورة لحرم جامعي.
كما قال الجيش الأميركي أمس إن قوات أميركية نصبت كمينا وقتلت ثلاثة مقاومين كانوا يضعون شحنات ناسفة في جانب طريق شمال شرقي بغداد. وقال اللفتنانت كولونيل وليامز مكدونالد المتحدث باسم فرقة المشاة الرابعة إن المسلحين كانوا يحفرون فتحات لوضع متفجرات في جانب طريق جنوب شرقي بلدة بعقوبة عندما أطلق جنود عليهم نيران اسلحة صغيرة ودبابة مساء الأربعاء وقتلوا المسلحين الثلاثة.
وأفاد شهود عيان أن مجهولين هاجموا أمس قافلة عسكرية أميركية في وسط مدينة الفلوجة ما أدى إلى إصابة إحدى الدبابات بأضرار. وألقت مجموعة عراقية متطوعة مكلفة بحفظ الأمن داخل ضريح الإمام موسى الكاظم، في مدينة الكاظمية، القبض على امرأة ورجلين بحوزتهم مواد متفجرة وقنابل يدوية. وقالت صحيفة «الصباح» أمس إن أفراد المجموعة ألقوا القبض أولا على المرأة التي كانت تخفي «كميات كبيرة من المتفجرات والقنابل اليدوية داخل عباءتها في الوقت الذي كانت ساحات الحرم تشهد توافد العشرات من المواطنين لأداء صلاة المغرب». وأضافت أنه «تم القبض على الشخصين الآخرين بعد مطاردات في الشوارع». وذكرت أن «أحدهم اعترف بأنه من فدائيي صدام».
وأعلن مسئول في الشرطة أمس أن ثلاثة أشخاص يرجح أنهم إسلاميون أوقفوا الأربعاء في كركوك اعترفوا بأنهم كانوا يعدون لعمليات تفجير موضحا أن أحدهم اقر بانتمائه إلى حركة أنصار الإسلام. إلى ذلك نأى مؤسس أنصار الإسلام بنفسه أمس عن الجماعة التي شكلها بعد تقرير اتهم فصيلا منشقا بتفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد.
من ناحية أخرى عينت الحكومة الأميركية شركة محاماة يرتبط أصحابها بعلاقات شخصية مع الرئيس جورج بوش من أجل وضع الدستور العراقي الجديد. وذكرت شركة «ساندرز وديمبسي» أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تعاقدت معها لتقديم المشورة عن خصخصة الصناعات العراقية التابعة للدولة وبناء اقتصاد حكومي ووكالات منتظمة وتطوير هيكلية ضرائبية.
واشنطن - أ ف ب
نقلت صحيفة «الواشنطن بوست» عن مصادر برلمانية قولها أمس إن البيت الأبيض يعد طلبا لرفعه إلى الكونغرس لزيادة أرقام الموازنة بما بين 06 إلى 07 مليار دولار لتمويل الاحتلال العسكري للعراق وجهود إعادة الإعمار في هذا البلد. ويمثل هذا المبلغ ضعف ما كان متوقعا في الكونغرس تقريبا، وفقا لما ذكرته الصحيفة نقلا عن خبراء الموازنة في الكونغرس. وأوضحت ان ذلك يكشف مدى إساءة تقدير إدارة الرئيس جورج بوش للكلف الضرورية لإعادة فرض النظام في العراق وإعادة إعمار البنى التحتية لهذا البلد. وأضافت ان طلب زيادة الموازنة هذا ما زال بحاجة لتقديمه رسميا إلى الكونغرس. وكان الرئيس بوش حصل في أبريل/ نيسان على زيادة في الموازنة بلغت قيمتها 97 مليار دولار لمواجهة كلف العمليات في العراق وأفغانستان.
واشنطن- د ب أ
قدر الرئيس ا
العدد 364 - الخميس 04 سبتمبر 2003م الموافق 08 رجب 1424هـ