اختمت أمس فعاليات المنتدى القضائي العربي الذي ابتدأت أعماله الاثنين الماضي، وألقى وزير العدل جواد العريض كلمة في الجلسة الختامية. وخرج المنتدى بتوصيات أبرزها: ضرورة عزل عملية اختيار القضاة عن التعيين، وتولي المجلس الأعلى للقضاء أو السلطة القضائية مسألة اختيارهم، وأن يتم اختيار القضاة المرشحين بناء على معايير موضوعية مكتوبة، وأن تكون عملية التعيين والاختيار مفتوحة أمام جميع المؤهلين وأن تمتاز بالشفافية.
ومن التوصيات أيضا: يفضل إنشاء مراكز للتدريب المتخصصة في كل بلد، وأن الكثير من البلدان تتوافر لديها التشريعات التي تضمن حقوق الإنسان ولكنها بحاجة إلى تطبيق، وأن استخدام المحاكم الاستثنائية التي تعمل خارج إطار النظام القضائي هو تهديد لحقوق الانسان.
وتوافق المشاركون على أنه هناك حاجة إلى تبسيط الإجراءات القضائية في المنطقة، كما أشارت التوصيات إلى الدور المهم الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية في تطوير حماية حقوق الإنسان. وأكد حقوقيون بحرينيون شاركوا في المنتدى لـ «الوسط» أهمية تطبيق توصيات المؤتمر على نظام القضاء البحريني، «وأن تعلن السلطة القضائية خطة مفصلة ومحددة زمنيا لتطبيق هذه التوصيات».
المنامة - حسين خلف
اختتمت أمس أعمال المنتدى القضائي العربي الذي بدأ منذ يوم الاثنين الماضي تحت رعاية حكومتي مملكة البحرين والولايات المتحدة الأميركية، وألقى وزير العدل البحريني جواد سالم العريض كلمة في الجلسة الختامية، اشاد فيها بالوفود المشاركة وما طرح في المؤتمر.
وناقش المشاركون في المنتدى أمس محاور التعاون القضائي والقانوني عبر الحدود الوطنية والمسائل التجارية عبر الحدود الوطنية ودور هيئات التحكيم المحلية والإقليمية، والشفافية ودور التشريعات وأثرها في جذب الاستثمار، والجرائم عبر الحدود الوطنية، كما نوقشت مسألة الفساد في الأنظمة القضائية، ومسألة الرشا وكيفية محاربة هذا الأمر في الأجهزة القضائية، كما نوقشت مسائل محاربة عمليات غسيل الأموال ومحاربة الجريمة المنظمة على المستوى الدولي، وأوضح بعض المشاركين لـ «الوسط» أن «محاور النقاش أمس كانت تحمل توجه العولمة بحسب تعبيرهم، أكثر من التوجه للداخل المحلي في الدول العربية أو بما يحفظ المصالح المحلية، وكانت طريقة الطرح ذات توجه عولمي، ولهذا جاء النقاش يحمل المصلحة الدولية العامة».
أما الفساد أو الرشوة في الأنظمة القضائية العربية فلم يتم التركيز عليها على رغم انها موضوعات مهمة.
ومن الأمور التي نوقشت في نقطة فساد الأجهزة القضائية هو أن الفساد ليست له علاقة بالجوانب المادية، وطرحت مسألة الواسطة والنفوذ باعتبارهما من جوانب الفساد والتاثير على القضاء، وأكد المشاركون أن القضاة لهم دور اساسي في تطبيق القوانين الدولية على الصعيد المحلي لدولهم، إذ إن بعض الدول تتحسس من تطبيق القوانين الدولية باعتبار أنها تمس مسألة السيادة.
ونوقشت في ورقة أخرى مسألة مكافحة الجريمة المنظمة، وتطرق الحديث إلى الاتفاقات العربية في مكافحة الإرهاب والاتفاق الأمني بين دول مجلس التعاون، ولكن لم يتم التطرق لآثار هذه الاتفاقات على حقوق الإنسان، كما قال بعض الحقوقيين.
ومن جانبها أصدرت وزارة الخارجية البحرينية بيانا أشادت فيه بانعقاد المنتدى القضائي في المملكة، كما أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا على موقعها اشارت فيه وأكدت انه «كما هو ملاحظ في هذا المنتدى، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الحوار الاقليمي، وآليات أخرى لتحسين كفاءة العملية القضائية... ومن خلال مبادرة الشراكة للشرق الأوسط فإن الولايات المتحدة مستعدة للمساعدة في اثراء النقاش».
واضاف البيان «نحن نعمل مع الشركاء الحكوميين وغير الحكوميين في المنطقة، واتحاد مؤسسات قانونية لتطوير وإجراء برنامج إصلاح قانوني تجاري يركز على اصلاح قانوني جوهري، وتدريب في مجالات مثل التحكيم الدولي وتنفيذ عالمي للقرارات والأحكام».
ووزعت في المؤتمر مذكرة مقدمة إلى المنتدى القضائي موقعة من قبل جمعيات التحالف الرباعي أوضحت رأيها في مسألة تطوير النظام القضائي، واكدت انه لا يمكن تطوير النظام القضائي من دون فصل حقيقي بين السلطات.
المنامة - الوسط
قال الرئيس التنفيذي لمركز البحرين لحقوق الإنسان عبدالهادي الخواجة والذي كان مشاركا في جلسات المنتدى «إن عقد مثل هذا المؤتمر هو بلا شك خطوة مهمة، وكذلك محاوره التي تم نقاشها والتوصيات التي خرج بها المنتدى، ولكن المؤتمرات والمنتديات في حد ذاتها ليست إنجازا، الإنجاز هو أن تأخذ هذه التوصيات طريقها الى التطبيق، ولذلك من المهم أن يعلن الجهاز القضائي في البحرين عن خطة مفصلة يتم بموجبها تطبيق توصيات هذا المنتدى».
وأضاف «ومن المهم ايضا أن يكون هناك تواصل مباشر بين الجهاز القضائي وبين منظمات حقوق الإنسان، وكخطوة أولى أقترح ان يتم تنظيم ورش عمل ليطلع كل طرف الطرف الآخر على آليات عمله، كما أننا نرجو أن تكون خطوة دعوة المنظمات غير الحكومية إلى هذا المؤتمر سياسة مستمرة، فهذا شيء يساهم في الحوار والتواصل بين الجهات الحكومية وغير الحكومية».
ومن جهته علق عضو الجمعية البحرينية لحقوق الانسان عبد النبي العكري والذي كان مشاركا أيضا في المؤتمر بقوله «من المهم بالنسبة لنا كجهات مهتمة بحقوق الإنسان أن نكون جزءا من العمل، وشركاء مع الحكومات والمنظمات الدولية في صياغة القوانين، وفي المراقبة، وفي الاقتراحات، إن المنظمات غير الحكومية في الوطن العربي مغموط حقها».
وأضاف «إننا نحتاج لتطبيق توصيات هذا المنتدى كاستقلالية القضاء أو مدونة لسلوك القاضي ، أو تسهيل المعاملات القضائية،أو في اختيار القضاة وفي كل هذا يمكننا أن نساهم برأينا على الأقل».
المنامة - ريم خليفة
اكدت القاضية بالمحكمة الدستورية العليا الأميركية ساندرا دي اوكنور أن «كل أمة ناجحة تعتمد على النظام القضائي المستقل الذي يحفظ حقوق المواطنيين ويضمن احترام الدساتير وتطبيقها، ليس هذا فحسب بل اللجوء والتعرف على الاساليب التي يتم فيها اختيار القضاة قدامى او جدد يأتي من ضمن تطوير برامج الاداء القضائي بشكل عام».
واضافت قائلة: «نحن نثمن موقف وجهود البحرين في منتداها الأول وليس الأخير، فقد ساهمت في تيسير جوانب الحوار في جلسات عمل المنتدى... فضمنت وجود حوار صريح للطرح بكل شفافية واسقلالية بين المشاركين وهو ما سيساعدهم على تطوير نظامهم القضائي في دولهم». كما أشارت دي اوكنور الى ان «مبادرة الادارة الأميركية لمنطقة الشرق الأوسط قد خصصت 921 مليون دولار أميركي لدعم برامج التدريب في المنطقة فهي على اتم استعداد لتنظيم منتديات وبرامج تطوير بخصوص الأنظمة القضائية للبلدان التي شاركت في منتدى المنامة».
وفي سؤال لـ «الوسط» عما اذا تمت مناقشة قضايا المعتقلين في غوانتنامو خصوصا ان محور حقوق الانسان قد نوقش من قبل غالبية المشاركين لدول لها ملفات عالقة في هذا الشأن، فقد علقت دي اوكنور قائلة «لن اكون في وضع استطيع اعطاء تعليق في ذلك - لربما يكون في المحكمة التي اجلس فيها - لكن حاليا لا ارى هذا مناسبا وحبذا لو استقبلنا اسئلة في الجانب القضائي».
بينما استفسر أحد الصحافيين البريطانيين عن راي دي اوكنور في المطالب التي نادت بها مجموعات بحرينية في يوم افتتاح المنتدى إذ شملت موضوعاتهم محاكمة مسئولي ضحايا التعذيب الى سن قانون للاحوال الشخصية فأجابت دي اوكنور قائلة «لم افهم سؤالك ولست على علم تام بمطالب المجموعات البحرينية... ولست في وضع لأعلق على ذلك». وفي سؤال عن تقييمها للدستور البحريني وتجربة فصل السلطات فقد اوضحت انها «ليست ملمة بالجانب البحريني».
وكان من المتوقع ان يشارك عميد كلية الحقوق في جامعة يل الأميركية انطوني كرومل في المؤتمر الصحافي الذي اعلن عن اسمه بداية بدلا عن القاضية دي اوكنور التي فاجأت الصحافيين بحضورها في منتصف المؤتمر.
خرج المشاركون في المنتدى القضائي بعدة توصيات على المحاور التي تمت مناقشتها وجاء توصيات المحور الأول كما يأتي:
المحور الأول: اختيار القضاة وأخلاقيات المهنة والتدريب
اختيار القضاة:
- تعتبر مسألة اختيار وتعيين القضاة عنصرا مهما في ضمان استقلال القضاء وينبغي عزل عملية الاختيار عن التعيين ويتولى المجلس الأعلى للقضاة أو السلطة القضائية مسألة اختيار القضاة وأسلوب التعيين وتركيب مجلس القضاة ضروري لضمان كفاءة المجلس وخلوه من المؤثرات الخارجية غير الصالحة ويتم اختيار القضاة المرشحين بناء عل معايير موضوعية مكتوبة وعند تعيين القاضي من قبل رئيس الدولة يجب استشارة القضاء أو المجلس لاقتراح المرشحين المناسبين وعملية تعيين واختيار القضاة يجب ان تكون مفتوحة امام جميع المؤهلين وان تمتاز بالشفافية ويجب أن تكون هناك فرص متكافئة لجميع المواطنين للحصول على المؤهلات الأساسية المطلوبة لمهنة القضاة وبالنسبة إلى بعض البلدان، يجري الاهتمام الآن لتعيين بعض القضاة من المحامين الذين تتوافر فيهم خبرة كبيرة.
تدريب القضاة: ما قبل وبعد التعيين:
- أبدى المنتدى تأييدا قويا لتطوير أنظمة لكلا النوعين من التدريب للقضاة الجدد والقدامى ويجب أن يقوم القضاة أنفسهم بإدارة وتصميم عملية التدريب ويفضل إنشاء مراكز للتدريب المتخصص في كل بلد وأوصى المشاركون بالقيام بمناقشات أخرى لتحديد جدوى تأسيس تلك المراكز وتأييدا للتدريب المستمر أثناء الخدمة وخصوصا بالنسبة لقضايا محددة مثل:
- القرصنة، وجرائم التكنولوجيا الحديثة، تدريب بشأن حقوق الانسان، القضايا الأخلاقية، تدريب مهني متخصص.
المزايا والحصانة التي يتمتع بها القضاة:
- لا حظ المشاركون ضرورة أن يعفى القضاة من الاجراءات التأديبية أو العقاب طالما أنهم أمينون في تطبيق القانون ويجب ان يتمتع القضاة بالحصانة ضد المحاكمة عن ممارستهم الاجرامية وسوء استغلال السلطة وتطوير وتطبيق المعايير الأخلاقية
و القوانين المكتوبة وحدها لا تكفي لضمان السلوك الأخلاقي المطلوب ولكنها تسهم في تطوير ودعم استقلال القضاء وهناك أهمية لوضح لوائح نموذجية لأخلاقيات مهنة القضاة. وأن تتناسب مع كل بلد على حدة و يجب ان يكون القضاة مسئولين عن الاجراءات التأديبية للقضاة الآخرين وتدعيم المبادئ واخلاقيات المهنة ولاحظ المنتدى أن القضاة الجدد بحاجة إلى تلقي تدريب يتعلق بأخلاقيات المهنة.
اما المحور الثاني: دور القضاء في حماية حقوق الانسان واستقلال القضاء يضمن الحريات وحقق الانسان فجاءت التوصيات كالآتي:
الدور المركزي للقضاء في حماية حقوق الأفراد والحريات:
- الكثير من البلدان تتوافر لديها التشريعات والقوانين التي تضمن حقوق الانسان ولكنها بحاجة الى التطبيق ويجب ان تكون هناك مراجعة قضائية كافية لكل القضايا.
- تدريب اضافي للقضاة في مجال حقوق الانسان والقضايا التي تنشأ عندما يصبح القضاة مسئولين عن تطبيق القوانين المحلية التي لم يقوموا بوضعها وتطبيق المعايير الدولية بالنسبة إلى حقوق الانسان في القضاء المحلي تتضمن مشكلات في التنفيذ.
دور القضاء في القانون الجنائي والمرافعات:
- يجب ان تتوافر المتطلبات اللازمة لضمان وجود التمثيل القانوني لجميع المحاكمين واستخدام المحاكم الاستثنائية التي تعمل خارج اطار النظام القضائي هو تهديد لحقوق الانسان وفي حالات جنائية كثيرة هناك مشكلة في أنها لا تصل أبدا الى المحكمة بسبب وجود قوى غير قضائية وآليات أخرى.
أهمية استقلال المنظمات غير الحكومية ودورها في العملية القضائية:
- تلك المنظمات هي لاعب مهم في تطوير حماية حقوق الانسان وتلك المنظمات تشجع على تحديد مناطق يحتاج فيها تطبيق التشريعات إلى هذا المجال وتلك المنظمات يجب ان يكون لها دور ريادي في رفع الوعي بهذا المجال.
- يجب أن تكون غير سياسية.
المساواة أمام القانون:
- مع الاحتفاظ بمسألة الحصانة، لا يجب استخدامها لتغطية أي فرد بما في ذلك القضاة وجميع فئات المجتمع يجب ان تكون متساوية أمام القانون وتأييد تطوير آليات للأفراد للجود الى المحاكم لتأكيد حقوقهم.
وجاءت توصيات المحور الثالث: كفاءة نظام الاجراءات كما يأتي:
ناقش المشاركون معوقات التنمية الاقتصادية ودور القانون الذي تفرضه الانظمة القضائية. من الضروري اصلاح نظام الاجراءات واقامة مؤتمر آخر لمناقشة مزيد من الموضوعات المتعلقة بهذا المجال.
تبسيط الاجراءات القضائية
- وافق المشاركون على ان هناك حاجة إلى تبسيط الاجراءات القضائية في المنطقة والاجراءات المعقدة تشجع الاطالة وتعطي فرصا للفساد والرشوة وناقش المشاركون مشروعات رائدة واصلاحات فعلية تمت من قبل عدد من البلدان في المنطقة وشجعوا نشر هذه الحالات والدراسات وطرق تبسيط الاجراءات المقترحة:
- تبسيط اجراءات لبدأ التقاضي وتوفير اشعار للمدعى عليه.
المنامة - الوسط
اعترض السفير الأميركي رونالد نيومان على سؤال «الوسط» خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد ظهر امس بعد اختتام فعاليات المنتدى القضائي العربي بصورة لافتة للنظر اثارت حفيظة الصحافيين والحاضرين.
فعندما سألت «الوسط» عما اذا تمت مناقشة قضايا المعتقلين في غوانتنامو خصوصا ان محور حقوق الانسان نوقش من قبل غالبية المشاركين لدول لها ملفات عالقة في هذا الشأن... لم يتمالك السفير نفسه عندما سمع كلمة «غوانتنامو» فحاول سحب الميكروفون من مندوبة «الوسط» التي تعثر سؤالها الذي بدأته بالعربية لينتهي بالانجليزية موضحة حقها الصحافي في طرح السؤال.
وبعد ذلك تدخلت القاضية الأميركية ساندرا دي اوكنور وأجابت بطريقة دبلوماسية.
هذا وكان المؤتمر الصحافي قد بدأ بحضور عميد كلية الحقوق في جامعة يل الاميركية انطوني كرومل فقط، ثم حضرت القاضية الاميركية بعد مرور نصف ساعة تقريبا من عقد المؤتمر. وقد لوحظ التهميش الذي صاحب القاضية الاردنية تغريد حكمت خلال المؤتمر.
التصرفات بدت متناقضة مع مبادئ الشفافية والحرية والاستقلالية القضائية التي نادى بها المنتدى بل ومعارضة لشعارات الإدارة الأميركية في دعمها لحقوق الانسان وحرية التعبير
العدد 377 - الأربعاء 17 سبتمبر 2003م الموافق 21 رجب 1424هـ