طهران - (رويترز)
على الرغم من صورته المتشددة يبدو أن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد يؤيد الاتفاق الخاص بالوقود النووي الذي وضعت الأمم المتحدة مسودته كوسيلة لتعزيز نفوذه وشرعيته بعد مرور خمسة اشهر على فوزه بولاية ثانية في انتخابات ثارت حولها نزاعات. لكنه يواجه معارضة قوية من منافسين بين النخبة من الساسة ورجال الدين الذين لا يريدون أن يعزى الفضل للزعيم الإيراني في تحقيق انفراجة مع الغرب.
وقال مسئول ايراني بارز طلب عدم نشر اسمه "الرئيس يريد إتمام الاتفاق. لقد ضاعف الجهود لنزع فتيل الخلاف النووي مع الغرب... إنه يعتقد أن الاتفاق يتماشى مع مصالح ايران." وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد اقترحت أن ترسل ايران معظم مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب الى الخارج ليعالج وتتم إعادته ليستخدم في مفاعل بحثي يستغل في أغراض طبية بطهران مما سيساعد على تهدئة المخاوف الدولية من أن الجمهورية الإسلامية تسعى الى تصنيع أسلحة نووية وهو الاتهام الذي تنفيه.
وكان الرئيس الأمريكي باراك اوباما والزعماء الأوروبيون قد قالوا إن صبرهم على ايران آخذ في النفاد. ولم تعط ايران ردا رسميا على المقترح الذي يدعمه الغرب والذي قبلته من حيث المبدأ في الاول من اكتوبر تشرين الأول. وتقول طهران إنها تريد إدخال تعديلات عليه وإجراء مزيد من المحادثات.
وقد تواجه ايران عقوبات دولية اكثر صرامة او حتى عملا عسكريا اسرائيليا اذا لم تستطع استعادة الثقة في أهدافها النووية التي تقول إنها مقتصرة على توليد الطاقة.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في تقرير صدر يوم الاثنين إن كشف ايران المتأخر عن موقع جديد لتخصيب اليورانيوم ربما يعني أنها تخفي مزيدا من الأنشطة النووية.
احمدي نجاد الذي تضررت مصداقيته بسبب الاضطرابات التي استمرت أسابيع بعد انتخابات 12 يونيو حزيران التي قال خصومه إنه جرى التلاعب بها يأمل فيما يبدو أن يحول دفة الدبلوماسية النووية لصالحه حتى اذا كان هذا يعني تخفيف حدة موقفه الذي ينزع الى القتال حتى الآن.
وقال هاشم صداقاتي المحلل السياسي الإيراني "احمدي نجاد في النهاية حذر. هو يسعى لتخفيف حدة الأزمة مع الغرب لتقوية موقفه في ايران والخارج."
والرهانات كبيرة بالنسبة لرئيس يتعرض لانتقادات لاذعة ليس من المحافظين بالبرلمان فحسب بل ايضا من منافسيه المعتدلين في الانتخابات الذين انتقدوه لاستعداء العالم لكنهم يتهمونه الآن ببيع المصالح النووية لإيران.
ووصف علي لاريجاني رئيس البرلمان وكبير المفاوضين السابق في المحادثات النووية الإيرانية وأحد المحافظين البارزين التسوية النووية المقترحة بأنها إهانة وهو شعور يلقى جاذبية من قبل أنصار المؤسسة الدينية ولا يمكن مناقضته بسهولة.
ويقول محجوب الزويري المحلل المتخصص في الشؤون الإيرانية بمركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة الأردن "لاريجاني وغيره ممن يطلق عليهم المحافظون يقولون (لم يجب علينا ان نتخلى عن اليورانيوم الخاص بنا؟) ما هي التجربة الجيدة التي مررنا بها مع روسيا وفرنسا لنعطيهما اليورانيوم الخاص بنا؟)."
ولا يزال الرأي العام داعما للاريجاني على نطاق واسع تحثه وسائل الإعلام المحلية التي تركز على ما تعتبره ايران معاملة مجحفة من الغرب لبرنامجها النووي.
غير أن محللين يقولون إنه قد تظهر أصوات معارضة اذا تم فرض مزيد من العقوبات على ايران او لاحت الضربات العسكرية في الأفق.
وقال صداقاتي "احمدي نجاد يعلم أن استعداء القوى العالمية بينما تمر ايران بأزمة داخلية وربما تواجه عقوبات جديدة لن يخدم مصالح البلاد."
والرئيس كأي مسؤول كبير آخر يدعم بشدة حق ايران في بناء صناعة نووية. لكن عدم رغبته في الوصول الى حل وسط فيما مضى أدت الى فرض مجلس الأمن الدولي ثلاث مجموعات من العقوبات على البلاد.
وقال دبلوماسي غربي بارز في الخليج إن احمدي نجاد حريص على "استرضاء" الغرب بإتمام اتفاق نووي لكنه يواجه "خطوطا حمراء على صعيد الخطاب" مما يصعب عليه التغلب على المعارضة من الخصوم في الداخل الذين يشعرون بالغيرة.
ولم يتضح بعد حجم الدعم الذي يتمتع به تأكيد احمدي نجاد الجديد على " التعاون وليس المواجهة" من الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي لكن معظم المحللين يقولون إنه ما كان التغيير ليحدث دون أن يحصل على الضوء الأخضر من خامنئي.
وخرج خامنئي عن المألوف عندما دعم احمدي نجاد دعما صريحا في خضم الاحتجاجات الحاشدة التي أعقبت الانتخابات وأغرقت ايران في أسوأ اضطرابات تشهدها منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979.
وربما يكون الزعيم الأعلى قد أضعف نفسه بتأييده الشديد للرئيس. ويقول تيم ريبلي خبير شؤون الشرق الأوسط بمجلة جينز الدفاعية الأسبوعية "هو الآن مثقل بالشخص الذي يحميه."وتساءل عما اذا كان احمدي نجاد قد قرر بالفعل إبرام اتفاق مع الغرب لكسب أرضية في صراع داخلي على السلطة.
وقال ريبلي إن البعض ينظر الى الرئيس على أنه رجل له آراء جامحة مستعد لاثارة حرب نووية مع اسرائيل بينما يعتبره آخرون قوميا متحمسا يرى في امتلاك قنبلة نووية وسيلة لتحويل ايران الى احدى القوى العالمية.
ومضى يقول "هناك ايضا رؤية تقول إن عليه استخدام المسألة النووية كوسيلة لتستمر الأزمة والشعور بأن بقية العالم يقف ضد ايران الى الأبد حتى يستطيع أن يجسد خصومه كخونة وأدوات للامبرياليين الأمريكيين." (شارك في التغطية اليستير ليون)