العدد 399 - الخميس 09 أكتوبر 2003م الموافق 12 شعبان 1424هـ

المعلم كما يريده المجتمع

التعليم مهنة سامية ووظيفة مقدسة تحتاج إلى مربين فاضلين متمكنين سلوكا ودينا وأخلاقا وإخلاصا يدركون انهم يمارسون أشرف مهنة لاقدس مهمة هدفهم ينطلق من ثوابت سامية تقوم على اهمية غرس الاخلاق الطيبة الصافية في النفوس البشرية الغضة والعلم في العقول المتفتحة ليكونوا في الغد لبنات صالحة تبني وتشارك وتدافع وتعمل وتكسب، وصانع هذه الاجيال لابد ان يكون على قدر من المسئولية وكفؤا للمهمة ويعلم قبل غيره مكانة المعلم الذي خصه شوقي بقوله:

أعلمت أشرف او اجل من الذي

يبني وينشئ انفسا وعقولا

إن المعلم - كما هو معلوم - جندي مجهول في ميدان المعركة التي تخوضها الشعوب ضد الجهل والفقر والمرض، وتربية الجيل الصاعد واعداده لتحمل مسئولياته المقبلة. نعم... انه جندي مجهول بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. انه الشمعة التي تحترق لتنير الطريق للاجيال الصاعدة نحو عالم افضل، وحياة اسعد وارفه، ولقد اجاد الفرنسيون حين وصفوا التعليم بأنه (مهنة بلا مجد). فالمهندس يتحدث عنه الناس بأنه مصمم هذه العمارة. والطبيب يقولون عنه بأنه نجح في العملية الطبية، والمحامي برع في تبرئة او ادانة المتهم. اما المعلم... فهو بصمت... معلم...!

المعلم الذي يريده المجتمع معلما لابنائه مؤدبا لسلوكياتهم مهذبا لاخلاقهم مصلحا لشأنهم لابد ان تجتمع فيه صفات المربي الفاضل حتى يكون مقنعا لتلاميذه عندما يتم التواصل المعرفي بينهم فهو قدوتهم الصالحة حينما يتبارى كل التلاميذ في تقليده والاعتزاز به وهو مثلهم في الخبرة والثقافة والعلم والتقوى والصلاح والادب.

وستبقى صورة المعلم والمربي الفاضل في نفوس تلاميذه لسنوات عندما يكون مؤثرا فيهم. بما امتلكه من صفات اهلته للوصول إلى قلوبهم ومكنته من ايصال العلوم والمعارف والمهارات إلى عقولهم ودائما المعلم يبقى له دور مؤثر في سلوكيات ابنائه التلاميذ كلما تحلى بالسلوك الذي يؤهله ليكون قدوة حسنة لهم.

المعلم الذي يريده المجتمع هو ذاك المعلم والمربي الذي ينظر إلى ابناء مجتمعه وكأنهم ابناؤه يحرص على تعليمهم ويهتم بتربيتهم ويخاطبهم بأحب اسمائهم ويلاطفهم بأرق العبارات واحسنها، ويثني على ادوارهم، ويمتدح اعمالهم، ويحثهم على الارتقاء بمستوياتهم، ولا يدخر جهدا في سبيل تفوقهم، ويسعى إلى ما فيه نفعهم ويحاول توفير الاجواء المناسبة لهم ويلجأ إلى التنفيس عنهم بشيء من المرح والمداعبة ويغرس فيهم الخصال النبيلة كالوفاء لبعضهم والتعاون فيما بينهم والسؤال عن بعضهم ويعالج المثالب وفق اساليب تربوية بعيدا عن العقاب الجسدي الذي يترك آثارا سلبية او العقاب اللفظي الذي يندب النفوس ويجرحها.

المعلم الذي يريده المجتمع هو المعلم الذي ينوع في طرائق تدريسه ويأخذ بكل وسيلة تعليمية يرى جدواها في ترك اثر للتعليم على المتعلم وتعمل على ايصال المعارف العلمية بأسلوب شيق وسهل ومحبب، ويمتلك القدرة على ادارة صفه ومناقشة تلاميذه ويلجأ إلى اساليب التحفيز والتشجيع والتكريم ويراعي الفروق الفردية بينهم فيعطي كل تلميذ حقه من التعليم وفق قدراته واستيعابه وبالشكل الذي يناسبه.

المعلم الذي يريده المجتمع هو المعلم الذي يعشق عمله فلا يجمع معه عشق مهنة اخرى تنال من طاقته على حساب عمله كمدرب ومعلم يدرك انه المحور الاهم في العملية التعليمية فيبني ثقافته ويلاحق كل جديد ومفيد في معترك الساحة التربوية ويحرص على نظرة الناس اليه فلا يقوم بعمل يستهجنه الآخرون او يسقطه في اعينهم ويجعل حكمة الامام علي كرم الله وجهه نصب عينيه «من نصب نفسه للناس معلما فليبدأ بتعليم نفسه قبل غيره وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه».

أحمد علي حسن علي

العدد 399 - الخميس 09 أكتوبر 2003م الموافق 12 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً