تفجر جرح «المقشع» الذي كشف عنه سمو ولي العهد العام الماضي تحت قبة مجلس النواب في جلسة أمس، وذلك عندما عرضت اللجنة المشتركة من المرافق العامة والبيئة والخدمات الاقتراح برغبة بشأن ترميم وإعادة تأهيل المساكن الآيلة إلى السقوط في تقريرها المرفوع إلى المجلس.
وتسابق النواب في سرد إحصاءات عن المشكلة الإسكانية وعن معاناة الكثير من المواطنين الذين يسكنون في مساكن غير صالحة، واصفين الكثير من المناطق القروية أو حتى المدنية بـ «المقشع»، مذكرين بالصورة التي خرج بها سمو ولي العهد عن تلك القرية.
من جهته طلب رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني «عدم التهويل»، وقال: «غالبية أولئك لا يملكون الجنسية، الأمر الذي لا يؤهلهم للاستفادة من خدمات الإسكان»، في وقت أكد وزير مجلسي الشوري والنواب عبدالعزيز الفاضل أن «هناك لجنة عليا للإعمار والإسكان، ومشروعات كثيرة سترى النور».
القضيبية - عقيل ميرزا
وافق مجلس النواب في جلسة أمس على مشروع بصفة مستعجلة بشأن إنشاء هيئة عليا للتخطيط في مملكة البحرين وذلك بعد أن أجمع النواب على أن غياب هيئة أو وزارة للتخطيط في المملكة سبب في تأخر المملكة في كثير من الخدمات التي تمس المواطنين بصورة مباشرة، وكذلك في كثير من استراتيجيات العمل الاقتصادي، وإن وجود مثل هذه الهيئة من شأنه أن يطور الخدمات بصورة واضحة من خلال وضع الخطط في مختلف شئون وزارات الدولة سواء الاستراتيجية أو التكتيكية.
زينل: غياب التخطيط سبب في تراجع البحرين رياديا
وفي ذلك أكد النائب يوسف زينل أهمية التخطيط من خلال مداخلته إذ قال: «النجاحات الكثيرة في بعض من الدول كان سببها التخطيط الجيد والسليم، والمنهجي والمؤسسي».
وأضاف: «إن غياب مثل هذه الهيئة في البحرين أدى إلى تراجع الدور الريادي لها في المنطقة، من هنا لابد من وجود هذه الهيئة المستقلة وبصلاحيات تنفيذية كاملة».
وأشار زينل إلى أن أهداف مثل هذه الهيئة لابد أن تتضمن وضع الاستراتيجيات والخطط المستقبلية للتنمية الاقتصادية، وتحقيق التكامل الاقتصادي وتكامل المؤسسات الإنتاجية، وربط خطط التنمية الاقتصادية بالنماء الاجتماعي، وتحسين الوضع المعيشي للناس من خلال نشر ثقافة وقيم العمل واحترامها.
آل الشيخ: مشكلة الإسكان سببها سوء التخطيط
وتخوف النائب محمد آل الشيخ عباس من أن يسهم المقترح في تعميق البيروقراطية، ضاربا على ذلك مثلا بديوان الخدمة المدنية الذي «يعطل صلاحيات الوزراء».
وأرجع آل الشيخ عباس المشكلة الإسكانية في المملكة إلى سوء التخطيط بل إلى عدم وجود هيئة عليا تعنى بالتخطيط «الأمر الذي جعل المواطن البحريني ينتظر أكثر من عشرين عاما من أجل الحصول على وحدة سكنية».
الخياط: نبدأ من حيث انتهوا
إلى ذلك رأى النائب محمد الخياط «أن توكل إدارة هيئة التخطيط إلى عقول ذات كفاءة وخبرة كافية وإطلاع واسع في مجال عمل الوزارات والمؤسسات الحكومية، وفي مجال وضع الخطط البعيدة المدى».
كما أكد الخياط ضرورة أن تبدأ الهيئة من حيث انتهى الآخرون للاستفادة من تجارب الفشل والنجاح لدى الدول الآخذة بهذا التوجه، وأكد ألا تكون هذه الهيئة عبئا ماليا جديدا ولا يكون عملها عملا تنظيريا بحتا وترفا فكريا للتفاخر به في المؤتمرات المحلية والدولية، مع تأكيد أن تكون منسجمة مع الدستور.
سعدي: لماذا بقينا طويلا من دون هيئة تخطيط؟
وتساءل النائب سعدي محمد عن عدم وجود مثل هذه الهيئة طوال هذه السنين، مستدركا بقوله «ونحن نحضر لوجود مثل هذه الهيئة يجب ألا نكون متخبطين، ولابد من أن يرأس هذه الهيئة وزير يكون مسئولا أمام المجلس الوطني عن أداء الهيئة، وذلك بتقديم تقارير دورية للمجلس».
الفاضل: الحكومة كانت تخطط
وأجاب وزير شئون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل على تساءل سعدي ونواب آخرين بقوله: «هل يمكن لهذا الإنجاز في التعليم والصحة وما إلى ذلك من وجعل البحرين بهذه الريادة هل يمكن أن يكون كل ذلك من دون تخطيط؟ مشيرا إلى أن هناك مجلسا للتنمية الاقتصادية، إذ قام هذا المجلس بفتح الاستثمار في الاتصالات، وتنمية الموارد البشرية بفتح الاستثمار في الجامعات».
وقال النائب فريد غازي: «نحن نعلم أن التخطيط على رأس أولويات السلطة السياسية وخصوصا أن لدينا هيئات تخطيط في الكثير من الوزارات، ولكن ذلك لا يمكن له أن يستقيم، ولسنا من المشككين في مقولة الفاضل ولكن الحاجة إلى مثل هذه الهيئة ملحة».
العالي: التجنيس والبطالة نتيجة سوء التخطيط
أما النائب الشيخ عبدالله العالي فبدأ مداخلته بالحديث عن البطالة إذ قال: «نعرف أن عدد العاطلين بلغ أكثر من ثلاثين ألف عاطل، وان اثنين وخمسين ألفا تجنسوا بحسب إحصاءات الإدارة العامة للهجرة والجوازات، وان قائمة وزارة الإسكان تحتوي على خمسين ألف طلب، أين التخطيط عن كل ذلك؟ إذا كانت الحكومة تعطي أولوية للتخطيط فلماذا جنست هذه الأعداد الهائلة في الوقت الذي نحن نعاني من مشكلات تنتظر الحل؟».
كما أشار إلى الأجانب في وزارتي الداخلية والدفاع يبلغون أكثر من 172 ألف عامل أجنبي ولا توجد فرصة واحدة للبحريني، مشيرا إلى أن كل ذلك سببه سوء التخطيط.
وفي اجترار كل تلك المشكلات طلب الوزير الفاضل الحديث ليقول «يجب ألا نلقي كل تلك المشكلات على التخطيط».
علي أحمد: التخطيط أفضل من الارتجال
أما النائب على أحمد فأكد ضرورة أن تكون للتخطيط صورة واضحة بدلا من الارتجال في مشروعات التنمية، مشيرا إلى أهمية توافر معايير من خلال التخطيط للتنمية في كل شئون المملكة.
الحكومة تؤجل نقاش تعرفة الكهرباء والماء
وأجلت الحكومة النظر إلى تقرير لجنة المرافق العامة والخدمات المتضمن اقتراحين برغبة بشن تخفيض تعرفة الكهرباء والماء وإدخال مزيد من وحدات التعرفة المخفضة إلى المباني السكنية.
المجلس لا يوافق على مناقشة نقص الرمال
ورفض المجلس أمس مناقشة اقتراح بصفة مستعجلة بشأن نقص الرمال إذ أوضح الوزير الفاضل أن الحكومة تعمل جاهدة للتغلب على هذه المشكلة.
الموافقة على تعويض المتضررين من الحرائق
ووافق المجلس على رفع الاقتراح برغبة المقدم من النائب العالي بشأن تعويض الأسر ذوي الدخل المحدود في حال الحريق إذ جرت نقاشات مطولة في هذا المقترح.
وفي ذلك اقترح النائب علي السماهيجي أن تلتزم الحكومة بمساعدة هذه الأسر قبل أن تتعرض لحريق مشيرا إلى أن 58 في المئة من أسباب الحريق سببها تماس كهربائي الأمر الذي يؤكد أن ذوي الدخل المحدود يعانون من مشكلة في التوصيلات الكهربائية.
أما النائب سعدي فتخوف من التلاعب واستغلال القانون للحصول على التعويضات.
واقترح النائب جاسم السعيدي أن تكون هناك لجنة من وزارة العدل تدرس الحالة عند وقوع الحريق وتحدد قدر التعويض من دون جعل حد أدنى أو أقصر كما جاء في التقرير.
أما النائب عباس حسن فاقترح زيادة مبلغ التعويض من ألفي دينار إلى خمسة آلاف دينار.
وعلق وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي على ما دار من نقاش وقال: «إن الإحصاءات تقول إن في العام 2000 عدد حالات الحريق خمس حالات وفي 2001 أربع عشر حالة، وأيضا في 2002 أما في 2003 فتسع حالات لحد الآن».
وأشار إلى أن الحكومة ليس لديها مانع من زيادة الحد الأقصى موضحا أن ذلك يعتمد على حاجة المنكوب.
أما النائب يوسف الهرمي فرأى أن زيادة الحد الأقصى قد يؤدي إلى زيادة عكسية.
الموافقة على «ترميم المساكن الآيلة إلى السقوط»
كما وافق المجلس على مقترح بشأن ترميم وإعادة تأهيل المساكن الآيلة إلى السقوط، إذ استطرد الأعضاء في مناقشة هذا المقترح متنافسين في سرد المآسي الإسكانية إذ بدأ الحديث مقدم المقترح عبدالله العالي بقوله: «في العام الماضي قام سمو ولي العهد بزيارة قرية المقشع ليعطي جلالة الملك تقريرا عن هذه القرية لهول ما فيها، مشيرا إلى أنه يوجد في قرى ومدن البحرين أكثر مما في المقشع».
وفي ذلك قال النائب جاسم عبدالعال: «إن هناك من يمتلك «القصور والطيور» وهناك من لا يجد منزلا مناسبا يقيم فيه هو وأبناؤه»، ولوّح بيده التي كانت تحمل تقريرا يقول إن فيه معلومات عن 47 منزلا في المنطقة الغربية وحدها آيلا إلى السقوط.
وتجاوز النائب عيسى أبوالفتح حدود القرية في ذلك، مشيرا إلى أن المساكن الآيلة إلى السقوط ليست في القرى وحسب وإنما في المدن أيضا.
وطالب النائب غانم البوعينين بتطوير خطط الإسكان من خلال بناء وحدات سكنية في المناطق والمدن التي توجد بها مساحات خالية.
أما النائب محمد آل الشيخ فأكد أن بعض أهالي سترة يعيشون في منازل خشبية لا تقيهم حرا أو بردا في الوقت الذي «ينعم المجنسون بالوحدات السكنية بل بعضهم يؤجر تلك الوحدات»، وأوضح أن في منطقة سترة وحدها 96 مسكنا آيلا إلى السقوط.
واعترض النائبان السلفيان علي مطر وجاسم السعيدي على بعض الألفاظ التي تناولتها مداخلات بعض الأعضاء وأشارا إلى أن مثل ذلك يخرج الجلسة عن محتواها.
أما رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني فدعا إلى «عدم التهويل»، مشيرا إلى أن الذين يعيشون تلك المأساة السكنية لا يمتلكون الجنسية الأمر الذي لا يمكنهم من الاستفادة من الخدمات الإسكانية
العدد 425 - الثلثاء 04 نوفمبر 2003م الموافق 09 رمضان 1424هـ