أنهى السابر الفضائي جاليليو - الذي أرسل أول صور مذهلة عن قرب لأقمار كوكب المشتري - مهمته أخيرا بعد أن ارتطم بالعواصف والسحب التي تحيط بأكبر كوكب في النظام الشمسي.
فبعد رحلة استغرقت 14 عاما قطع فيها جاليليو حوالي 3 بلايين ميل عبر الفضاء غاص هذا السابر الفضائي المبرمج في الغازات الملتفة كالدوامة التي تحيط بكوكب المشتري واحترق عندما دخل الغلاف الجوي لكوكب المشتري.
وبعد شهر من التوقف منذ الإعلان رسميا عن انتهاء المهمة في فبراير/ شباط الماضي تمت إعادة تنشيط السابر جاليليو ليبث صورا خلال ساعاته الأخيرة معطيا ما يأمل العلماء أن يكون معلومات جديدة حيوية عن الغلاف الجوي العاصف لكوكب المشتري. وقد وصلت أول حزمة من المعلومات إلى الأرض بعد ساعة من تحطم السابر وهو الوقت الذي تستغرقه الإشارة اللاسلكية للوصول بسرعة الضوء.
يقول مدير مشروع جاليليو في مختبر الدفع النفاث لناسا في باسادينا بولاية كاليفورنيا كلوديا اليكساندر: «إن المهمة كانت خرافية بالنسبة إلى علم الكواكب ومن الصعب أن نرى هذه المهمة وهي تأتي إلى نهايتها. ونأمل بعد هذه الرحلة التي قطع فيها جاليليو 3 بلايين ميل وعمل بمثابة أعيننا وآذاننا حول كوكب المشتري ان يقدم إلينا معلومات جديدة عن بيئة المشتري حتى في آخر ساعة».
وقرر العلماء إنهاء مهمة جاليليو بهذه الطريقة لأنه بعد نفاذ الوقود والطاقة أصبح هناك خطر احتمال ارتطام السابر بقمر يوروبا (وهو أحد أقمار كوكب المشتري التي قام بدراستها) وتلويثه بالجراثيم التي يحملها من الأرض.
وبخلاف السوبرات (المجسات) الأخرى لم يتم تنظيف وتطهير جاليليو قبل اطلاقه لأنه كان من المتوقع أن يبقى في المدار ويخشى العلماء أن تكون بعض البكتيريا ظلت حية على متنه.
ويعتقد العلماء - من المعلومات التي جمعها جاليليو - أن يوجد تحت القشرة الجليدية للقمر يوروبا التي يبلغ سمكها خمسة عشر ميلا بحار من الماء المالح الدافئ التي توجد بها حياة هناك أو لربما كانت هناك حياة في السابق.
وقد يؤدي التلوث بالميكروبات التي يحملها السابر من الأرض إلى التأثير على أية محاولة مستقبلية لدراسة القمر يوروبا. وتعتبر مهمة جاليليو الآن حققت نجاحا كبيرا على رغم حدوث نكسات في البداية. وقد تأخر إطلاق جاليليو العام 1989 من مكوك الفضاء بعد كارثة المكوك تشالنجر كما حدثت مشكلات فنية أخرى في الطريق إلى كوكب المشتري الذي وصل إليه السابر العام 1995.
وفي السنوات السبع الماضية زود جاليليو العلماء بمعلومات جديدة عن كوكب المشتري وخصوصا أقماره التي اكتشفها العالم الفلكي جاليليو حاليلي العام 1610 وتم تمديد المهمة مرتين. وبإرسال «سابر جوي» إلى عمق الغلاف الجوي المظلم استطاع السابر جاليليو عمل رصد شامل لأحزمة السحب الاستوائية لكوكب المشترك وللسحب البيضاوية المحيطة التي لبعضها أعمار طويلة.
ولكن الاكتشافات الحقيقية تركزت على أقمار كوكب المشتري. ففي دورانه الأول مرّ السابر جاليليو على القمر ايو واكتشف كيف تغيّر هذا القمر الصغير منذ الاجتياز العابر لفويجر (Voyager) في العام 1979. وتظهر الصور المأخوذة عن قرب لبركان رابتارا تدفق الحمم الكبريتية المتصاعدة من فوهة بركانية ضخمة. وفي مداره الأخير رصد جاليليو أقوى بركان في قمر أيو المسمى لوكي بالأشعة تحت الحمراء إذ تمت رؤية مواد بركانية مقذوفة حديثا على شواطئ بحيرة الحمم.
وتم جمع معلومات أيضا عن القمرين المكسوين بالجليد جانيميد وكاليستو بالإضافة إلى معلومات عن الأقمار الصغيرة الأخرى التي تدور حول كوكب المشتري.
يقول أستاذ الفيزياء في جامعة اكسفورد فرِد تيلر: لقد قدم إلينا السابر جاليليو قاعدة بيانات رائعة ستكون مصدرا ثريا لتطور علوم الكواكب لعدة سنوات أو عقود مقبلة. وبينما يغلق فصل في استكشاف الفضاء يفتح فصل آخر.
إن مركبة الفضاء كاسيني - أخت المركبة جاليليو والمسماة باسم عالم فلكي سابق في طريقها الآن إلى كوكب زحل (جار كوكب المشتري) وهي تحمل السابر هيوجنز التابع إلى وكالة الفضاء الأوروبية.
وعندما تصل المركبة الفضائية إلى الكوكب العملاق في يوليو/ تموز المقبل ستبدأ جولة استكشافية تستغرق أربع سنوات لهذا الكوكب وأقماره بما في ذلك أكبرها الذي يعرف باسم «تايتان».
(خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط»
العدد 439 - الثلثاء 18 نوفمبر 2003م الموافق 23 رمضان 1424هـ