أوصى الناطق الرسمي باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان ورئيس المعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان والمنسق العام للتحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب هيثم منّاع بمتابعة النضالات القضائية لمحاسبة مجرمي حرب فلسطين وذلك ضمن استراتجية جديدة.
ودعا مناع، خلال ندوة نظمتها مساء أمس الأول (الأربعاء) الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان في الذكرى الأولى للعدوان الصهيوني على غزة بالتعاون مع جمعية الأطباء البحرينية والجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني تحت عنوان «غزة... عين العدالة الدولية»، إلى استقراء وسائل النضال المتقدمة من أجل رفع الحصار عن غزة التي تشمل المنظمات الحكومية والسلطات التشريعية الأوروبية والرأي العام فضلا عن استقراء وسائل المحاسبة من أجل إعادة بناء البنية التحتية الفلسطينية ووقف تهويد القدس ومحاصرة الاستيطان كجريمة حرب وتحقيق تكامل بين النضال السياسي والمدني والحقوقي للتأكيد أن قضية فلسطين ليست فقط قضية ضحايا وتعويضات وإغاثة ومساعدات، بل هي قضية شعب له كامل الحق في تقرير مصيره على أرضه والنضال بكل الوسائل الشرعية لنيل هذا الهدف المركزي. وتطرق إلى أشكال النضال ضد الإفلات من العقاب وهي المحاكم الوطنية ولجان المصالحة والعدالة والإنصاف، المحكمة الجنائية الدولية، محكمة العدل الدولية، المحاكم الإقليمية والمحاكم الخاصة للأمم المتحدة، الاختصاص الجنائي العالمي ومحاكم الضمير والمواطنة الدولية. وفي سياق ذي صلة ذكر مناع بدايات المحاسبة الدولية، حينما أرخت نهاية الحرب العالمية الثانية لانتقال مفهوم الاختصاص القضائي فوق الوطني أو العالمي من أدبيات القانون وكتب الفلسفة إلى التطبيق عبر إقرار الأطراف المنتصرة في الحرب العالمية الثانية لمحكمتي طوكيو ونورنبرغ وكان لهذه الخطوة ثلاث نقاط سلبية وثلاثة أبعاد إيجابية، والنقاط السلبية لمحاكم الحلفاء استثنائية وعسكرية و مكونة حصرا من قضاة من البلدان المنتصرة في الحرب.
أما بالنسبة إلى جديد بعد الحرب الكونية الثانية، على حد وصفه، أوضح مناع أن الوعي الجماعي دخل في ثلاثة مبادئ أساسية، المسئولية الجنائية الفردية أمام القانون الدولي مهما كانت المعطيات القانونية المخالفة لذلك في القانون الوطني، الاستفادة من الحصانة لرئيس دولة أو وزير تفقد معناها في الجرائم المسماة دولية من اللحظة التي يكون الحكم فيها على هذه الجرائم باسم المجتمع الدولي إلى جانب أنه لم يعد واجب طاعة المراتبية الأعلى في الدولة عذرا لمن يرتكب جرائم ضد السلام وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وتحدث عن الفرق بين المحاسبة بين النظرية والتطبيق، إذ قال: «لم تكن تجارب المحاكم الجنائية الدولية الخاصة خالية من السلبيات، فقد أصرت فرنسا على تحديد زمان اختصاص المحكمة الخاصة برواندا وعدم شمول الصلاحيات الأوروبيين أما بالنسبة إلى محكمة يوغسلافيا السابقة، وتم تجنب اعتقال الحيتان الكبار (رادوفان كاراتزيك وراتكو ملاديتش) لعشر سنوات. ومن الضروري التذكير أن سلودوفان ميلوزوفيتش استقبل في الإليزيه بزيارة نظمها برنار كوشنر في أواخر عهد فرانسوا ميتران، وانتظرت محكمة كمبوديا وفاة بول بوت لتبدأ جلساتها». وأضاف أنه جرت حماية العديد من مجرمي الحرب والمجرمين ضد الإنسانية وفق الاختصاص الجنائي العالمي في باريس وبروكسل ومدريد وبرلين في قضايا تتعلق بفلسطين ورامسفلد، وهذا هو حال رؤساء متورطين في جرائم جسيمة حضروا القمة الفرنسية الإفريقية في باريس في فترة جاك شيراك ورفض المدعي العام الفرنسي طلب المنظمات الحقوقية استدعاءهم باسم الحصانة. وقد تراجع القانون الوطني في إسبانيا وبلجيكا بضغوط إسرائيلية وأميركية ونخشى أن تعمم الظاهرة على بلدان أوروبية أخرى لحماية مجرمي الحرب الإسرائيليين.
وفي سياق ذي صلة، عرض مناع عددا من النقاط حول المحكمة الدولية مالها وما عليها والتي تتمثل في أن نظام المحكمة الجنائية الدولية جاء ثمرة تسوية بين المتمسكين بالسيادة الوطنية وأنصار العدالة الدولية ما سمح «بإدخال عدة إجراءات تحمي سيادة الدولة». معتبرا أهلية المحكمة مسألة «فرعية» وبحسب البند 17 من نظامها فإنها لا تمنح المحكمة الأهلية في التدخل عندما تكون القضية موضوع ملاحقات من قبل دولة ما «إلا بحال عدم امتلاك الدولة الرغبة أو القدرة على تقصي الحقائق كما يفترض أو القيام بالملاحقات» وبحال أن هذه الدولة قد أجرت التحريات بالقضية لكنها ترفض القيام بالملاحقات المطلوبة «إلا إذا كان القرار هذا غير نابع عن عدم رغبة أو نتيجة عجز الدولة عن القيام فعليا بالملاحقات».
وفيما يخص النقطة الثانية ذكر مناع أن المحكمة لا تملك أهلية للبت بالقضايا التي سبقت وضعها موضع التنفيذ، أي بداية يوليو/ تموز 2002، والنقطة الثالثة تركز على صلاحياتها التي لا تشمل إلا الجرائم التي ارتكبت على أرض دولة عضو أو أن يكون المتهم مواطنا لبلد عضو، مستدركا «إلا إذا تم تكليف مجلس الأمن للمدعي العام النظر في الجرم أو بادر المدعي العام فتح تحقيق في جرائم الاختصاص من تلقاء نفسه»، أما النقطة الرابعة فتشير إلى أن مجلس الأمن يستمر في غض النظر أو قبول فكرة تشكيل محاكم دولية ومختلطة على رغم وجود المحكمة حتى في الجرائم الواقعة ضمن اختصاصها». وتناول مناع برنامج التحالف الدولي لغزة، إذ قال إنه ضم مباشرة عملية التوثيق الدقيقة وإرسال بعثات التحقيق المتعددة الميادين والهيئات لجعل جرائم الحرب الإسرائيلية موضوعا مثبتا بالأدلة القانونية والميدانية، و استنهاض المحكمة الجنائية الدولية وحشد جبهة مدنية عالمية واسعة من أجل مطالبة المدعي العام بمباشرة التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية في الضفة والقطاع والقدس.
العدد 2702 - الخميس 28 يناير 2010م الموافق 13 صفر 1431هـ