العدد 491 - الجمعة 09 يناير 2004م الموافق 16 ذي القعدة 1424هـ

خادمات بارعات في الأكاذيب والقصص الوهمية

وجوه أخرى للحقيقة

463 خادمة فلبينية هربن من بيوت مخدوميهن في العام الماضي، 7 حالات بسبب الاغتصاب، 20 حالة بسبب التحرش الجنسي، 50 حالة بسبب الضرب واستخدام العنف. هذه هي إحصاءات مكتب رعاية العمالة الفلبينية في البحرين، وهو مكتب يختص بمساعدة الجالية الفلبينية التي تعمل خارج وطنها. وجوه أخرى للحقيقة يكشفها هذا التحقيق، فلو كانت أصابع الاتهام تشير في الآونة الأخيرة إلى العنف والاغتصاب اللذين تتعرض لهما بعض الخادمات في بعض البيوت، فهناك حقيقة أخرى وهي ان ليست كل قصص الخدم حقيقية، وان بعض الخادمات يلجأن إلى اختلاق الأكاذيب من أجل الهروب من الخدمة في بيت لم يأت على مزاجهن الشخصي.

بعض المخدومين يؤكدون ان الخادمة - وخصوصا الفلبينية - ما أن تستاء من أي تصرف تفكر في الهروب، وتلجأ إلى سفارتها لأنها تدرك ان هناك من يحميها.

والسريلانكية «ممثلة بارعة» أما البنجالية فهي «راعية مشكلات»، والإثيوبية «راسها يابس»، الإندونيسية سريعا ما ترفض العمل.

قصص كثيرة ترويها ربات البيوت عن حوادث كادت أن تقتل أطفالهن، وسحر أسود قَلَبَ بيوتهن رأسا على عقب بسبب حقد الخادمة، ونكرانها للجميل، والخادمات يروين قصصا مختلفة. والمسئولون في مكاتب الخدم لهم رأي آخر في هذه القضية.

مع جميع الأطراف كان هذا التحقيق.

( كلوركس) لطفلي

تروي (أ. ي) قصتها قائلة: «كانت لدي خادمة أعاملها معاملة ممتازة، وأعطيها كل ما تحتاج بل أكثر من حاجتها، لا أبخل عليها بأي شيء مهما كان غاليا، وفي يوم من الأيام اكتشفت انها تضع «كلوركس» في المياه التي تعطيها لولدي الصغير، وفي الشرطة أكدت انني أعاملها معاملة طيبة، وإنها راضية تماما في العمل في بيتي، ولكنها تحقد على ولدي لأنه يتوافر له ما لا يتوافر لأولادها في وطنهم، وهذا ما جعلها تؤذيه. فهل يمكن أن أثق في خادمة بعد اليوم»؟

قالت وصوتها يختنق بالبكاء: «الخادمة قلبت حياتي رأسا على عقب، منذ أن دخلت بيتي كانت تحاول دائما أن تحتضنني وكثيرا ما تمدح جمالي، شعرت بشيء مريب في تصرفاتها، وبدأت ارفض أسلوبها في التعبير عن إعجابها بي، ولاحظت تغييرا في تصرفات زوجي، لم يعد يطيق البيت، وأصبح دائم الشجار معي، حاولت استدراجها في الحديث ووعدتها بهدايا كثيرة، حتى اعترفت انها تعرف الكثير عن السحر الأسود، ويمكن أن تقرب زوجي مني إذا أنا نفذت كل ما تطلبه مني، وأوهمتها بموافقتي، وانتهزت أول فرصة وسفرتها إلى بلدها، وجاءت أخرى وحال زوجي يزداد كل يوم سوءا. لا تتحسن حالته إلا عندما نسافر ونترك البيت، وما أن نعود إلى بيتنا حتى تنقلب حياتنا رأسا على عقب مرة أخرى.

حاولت إقناع زوجي بتغيير البيت، ولكن إمكاناتنا المادية لا تسمح بذلك، تحولت سعادتي إلى شقاء مستمر، ولا أعرف كيف يمكن أن تعود لي السعادة من جديد، زوجي دائم الخروج من البيت على رغم كل محاولاتي للتقرب منه بلا جدوى، هذا الرجل ليس هو زوجي الذي تزوجته سنوات طويلة، هو رجل آخر مسحور لا أكاد أعرفه».

رجل في غرفتها

(ن. ز) أكاديمية في إحدى الجامعات تقول: «لا أدري لماذا حظي (ردي) مع الخدم على رغم انني أعاملهن معاملة لا يحلمن بها.

فالخادمة في بيتي لديها كل ما تحلم به وأكثر، غرفة خاصة وحمام، وتأكل الطعام الذي نأكل منه، حتى ان إحداهن كانت تضع لها الطعام قبلنا، وفي يوم سفرها سقطت الكعكة التي أعدتها لتأخذها معها في رحلتها، كان سقوط الكعكة أمامي وإذا بالكثير من مصوغاتي الذهبية المفقودة تسقط من الكعكة، لم أتوقع يوما ان هذه الخادمة التي أعاملها معاملة إنسانية، تسرقني وتنكر جميلي».

أخرى اكتشف زوجي انها تستغل بُعد حجرتها عن المنزل لتستضيف بها عاشقا كل ليلة تقريبا، هذه هي تصرفات بعض الخادمات، لا أنكر ان هناك من يعامل الخادمات معاملة سيئة، ولكن لماذا لا تنظرون أيضا إلى الوجه الآخر لما يحدث؟

قال وكأنه يرفض التذكر: «لا أنسى يوم عدت إلى بيتي في غير موعدي المعتاد، وبينما كانت زوجتي في عملها، لأجد الخادمة تضع إصبع قدمها في فم طفلي بديلا عن المرضعة، انهلت عليها بالضرب، وأعدتها إلى المكتب بعد أن اتفقت مع زوجتي على الاستغناء عن الخادمة».

حوادث سرقة، وسلوكيات تكشف عن خلل ما في نفسيات بعض الخادمات، قصص وهمية وأكاذيب تؤكدها ربات البيوت إنها من اختراع الخادمة تتسلح بها عندما تقرر الهرب من البيت، «فمن ذا الذي يستطيع أن يتأكد من صحة ما تدعيه الخادمة؟» - هذا ما تقوله ربات البيوت والكفلاء...

شروط العقد

في مكتب رعاية الفلبينيين في الخارج التقينا بمسئول المكتب (آتي ألن) الذي قال: «مكتبنا هذا هو مساعدة للجالية الفلبينية التي تعمل في الخارج، وله فروع في بلدان مختلفة، وبين المكتب والسفارة تنسيق وتعاون لحل مشكلات الجالية.

وبالنسبة إلى المشكلات الشائعة للخدم هي المعاملة القاسية من قبل المخدوم، وعدم الالتزام ببنود العقد المبرم بين المخدوم والخادمة، تأخر الرواتب أو عدم صرفها، عدم توافر الإقامة اللائقة للخادمة».

ويضيف: «فمن شروط العقد الذي تشترطه دولتنا أن تتقاضى الخادمة الفلبينية 300 دولار راتبا شهريا، وأن تمنح عطلة أسبوعيا للذهاب للكنيسة، وأن يتوافر لها الطعام والإقامة اللائقة، وان تعامل معاملة إنسانية، ولكن ما يحدث ان بعض المخدومين يضربون الخادمة أو يتحرشون بها جنسيا أو يعتدون عليها، وفي أحسن الحالات يعاملونها معاملة جافة وهذا ما يضطر الخادمة إلى الهرب».

وكيف تتأكدون من رواية الخادمة؟

- نتأكد من أسئلتنا المتكررة لها ومن رواية صديقاتها، وفي حال اكتشاف كذب الخادمة نرفض حمايتها ونتخلى عنها، نحن نعرف ان هناك خادمات يهربن من أجل العيش مع أصدقائهن، وهذه النوعية نرفضها تماما، ولكننا نحمي كل خادمة تلجأ إلينا بعد تعرضها للأذى من أي نوع.

وماذا يقدم المكتب إلى الهاربات؟

- نقدم إليهن إقامة وطعاما، فنحن ننفق نحو 50 دينارا أسبوعيا عليهن حتى نتوصل إلى حل لمشكلتهن أو تسفيرهن إذا استدعى الأمر وفقا لسبب الهروب، فلو كان بسبب التحرش الجنسي أو الاغتصاب أو الضرب تحول القضية إلى الشرطة، إلا إذا تنازلت الخادمة عن حقها وطالبت بتعويض مادي فقط، أما إذا كانت هناك أسباب أخرى فإننا نحاول حلها مع الكفيل.

نحن نطالب وزارة العمل بعدم السماح للكفيل بالاحتفاظ بجواز سفر الخادمة لأن هذا يمنعها من السفر، حتى لو كانت تعرضت لأي نوع من أنواع الاعتداءات، لماذا يمنح الكفيل كل هذه الحقوق في الوقت الذي تحرم الخادمة منها؟

وتشابهت شكوى الخادمات الهاربات والتي يقمن في المكتب، واتفقن على المعاملة القاسية التي يتعرضن لها من قبل ربة البيت سواء كانت ضربا أو إهانة مستمرة، أو عدم توفير الطعام أو عدم صرف الرواتب، أو عدم توفير المكان اللائق لإقامتهن.

بعض الخادمات تحدثن عن تحرش جنسي واعتداءات من قبل الكفلاء ما جعلهن ينتهزن أول فرصة للهرب.

قالت إحداهن: «لم يتحرش بي كفيلي، إنما كان أحد أقربائه يقيم في بيته، وأشعر دائما بيده تتحسس جسدي بينما أنا أعمل في أي مكان في البيت، وعند أول فرصة له، شعرت بالخوف، قررت الهرب خوفا من أن يعتدي علي».

أصحاب مكاتب الخدم لهم رأي آخر في هذه القضية:

عباس البصري - الحبيل للأيدي العاملة - يقول: «بعض الخادمات يأتين من أجل العمل، وأخريات يتحججن بأسباب واهية من أجل الهرب، فهناك من يزعمن أن البيت كبير ولا يقوين على العمل فيه، أو أسباب أخرى ولكن أكثر الخادمات اللاتي يقمن بالتسبب في وقوع المشكلات هن السريلانكيات، فالخادمة السريلانكية بارعة في التمثيل يمكن أن تقوم بجرح نفسها للادعاء على مخدومها، وهناك حوادث كثيرة قامت فيها بعض الخادمات بجرح اللثة أو الأنف من أجل الهرب، أو ترسل لأهلها ليرسلوا إليها رسالة يزعمون فيها ان والدها توفي، أما البنغالية فهي متخصصة في السرقة وصاحبة مشكلات كثيرة، لا نستطيع أنكار ان بعض المخدومين يتسببون في هرب الخادمة، والمفروض أن يكون هناك توازن بين الطرفين».

إبراء ذمة

يوسف الزايد - القادسية للأيدي العاملة - قال: «المشكلة الأساسية هي عدم توافر التعامل الإنساني من قبل بعض الكفلاء وانعدام وجود قانون يضمن حق الخادمة، وهناك بعض الخادمات اللاتي ترفضن التعاون مع الكفيل، ولا يحتملن أي سوء معاملة، وخصوصا من تعمل لأول مرة، ولكن بعض الكفلاء أيضا يرفضون إعطاءهن رواتبهن، ولحرص المملكة العربية السعودية على إعطاء الخادمة حقوقها، فلا يمكن أن تغادر أية خادمة المملكة من دون أن يكون لديها خطاب إبراء ذمة يؤكد أخذها حقوقها كافة قبل سفرها مختوما من قبل المكتب أو وزارة العمل، فلماذا لا يطبق هذا النظام في البحرين لضمان حق الخادمة والكفيل معا؟

يشاركه الرأي السيد مجيد- وكالة تايلوس - ويؤكد ان الخادمات عادة لا يتسببن في الكثير من المشكلات في الوقت نفسه الذي يعامل بعض الكفلاء الخدم بصورة غير إنسانية، ويوضح ان وجود سفارة فلبينية في البحرين ومكتب لرعاية هذه الجالية يوفر لهم الطعام والإقامة، ويقوم بتصعيد قضاياهم إلى الجهات المسئولة كافة، وهذا يحد من مشكلات هذه الجنسية. ويسأل عن دور جمعية متعهدي الأيدي العاملة ويعلق: «هذه الجمعية من أقدم الجمعيات في البحرين ولكننا لا نجد لها دورا، فأين دور هذه الجمعيات في حماية هؤلاء الخدم؟».

لينك - مسئولة مكتب شاكر للأيدي العاملة- تؤكد ان الخادمة السريلانكية هي أكثر الخادمات تسببا في المشكلات، وتعلق: «هذا ما جعلنا نتوقف عن جلب السريلانكيات لتجنب المشكلات، فهن يسرقن ويقمن بعلاقات سريعة مع الرجال، والإندونيسيات هن الأكثر إحساسا بالغربة وهذا ما يجعلهن يرفضن العمل أحيانا، والإثيوبيات يتمسكن برأيهن بأسلوب مرضي، ومن الحوادث التي لا تنسى عندما أحضرنا خادمة إثيوبية وكانت ممتازة بشهادة كفيلها، قام أهلها بعمل السحر الأسود لها، فأصبحت هذه الخادمة شبه مجنونة لا تنام حتى قمنا بتسفيرها».

وتظل الأسئلة حائرة لا أحد يمكن أن يحسم قضية المسئولية التامة، القانون وحده يمكن أن يحسم هذه القضية، فوجود ضوابط وقوانين يحل الكثير من القضايا، ويحمي أصحاب الحقوق ويردع الظالمين

العدد 491 - الجمعة 09 يناير 2004م الموافق 16 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 5:47 م

      تلاعب الخادمات قبل انتهاء العقد المتفق علية والمطالبه بالسفر

اقرأ ايضاً