سارع المدافعون عن الحريات المدنية وحقوق الإنسان وخبراء القانون والدستور بإدانة مشروع قانون جديد معروض على مجلس الشيوخ الأميركي، يخول الحكومة سلطة اعتقال المشبوهين بالإرهاب لأجل غير مسمى، ومحاكمتهم أمام لجان عسكرية فقط.
وأكد الاتحاد الأميركي للحريات المدنية أن هذا القانون المقترح يمثل ضربة قاضية للإجراءات القانونية السليمة وسيادة القانون. وقالت مديرة المكتب القانوني بالاتحاد لورا مارفي، إن مثل هذا القانون هو «اعتداء مباشر على الدستور الأميركي».
وصرح مدير منظمة العفو الدولية - مكتب الولايات المتحدة لاري كوكس، أن «اللجان العسكرية أُنشئت لتمرير أدلة لا تقبل بها المحاكم، كما أنها لا تتبع معايير الإجراءات القانونية المنصوص عليها في القانون الدولي، فضلا عن كونها مجردة من الشرعية في منظور المجتمع الدولي». ويشار إلى أن السناتور الجمهوري جون ماكين والسناتور المستقل جوزيف ليبرمان عرضا على مجلس الشيوخ في الرابع من هذا الشهر، «قانون استجواب واحتجاز ومقاضاة العدو المحارب للعام 2010»، يقضي أيضا بوضع نظام جديد للاستجواب يشمل استشارة ضباط المخابرات حول كيفية التعامل مع المشتبهين بالإرهاب بعد اعتقالهم.
وجاء مشروع القانون على خلفية الانتقادات التي وجهها عضوا مجلس الشيوخ وغيرهما لإدارة الرئيس باراك أوباما لقرارها بمحاكمة عمر عبدالمطلب المتهم بخطف طائرة ركاب أميركية يوم عيد الميلاد في محكمة جنائية.
مُنح عبدالمطلب، المعتقل لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي، حق الإطلاع على حقوقه وطلب محامي دفاع، شأنه في ذلك شأن أي معتقل في الأراضي الأميركية سواء كان أميركيا أو أجنبيا.
ويقضي مشروع القانون المقترح بتشكيل فريق للتعامل مع ما يسمى «المعتقلين ذي القيمة العالية» يضم أعضاء من مختلف وكالات المخابرات، وذلك لاستجواب المشبوهين بالإرهاب والبت في تصنيفهم «كأعداء محاربين»، فإذا قرروا ذلك ووجهوا التهم للمشبوهين، جرت محاكمتهم أمام لجان عسكرية.
يذكر أن إدارة الرئيس أوباما شكلت مثل هذا الفريق في الصيف الماضي، بغية الحصول على المعلومات من أهم المعتقلين بشبهة الإرهاب. ويتألف الفريق، العامل لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي، من محققين ومحللين استخباراتيين وخبراء في اللغات والثقافات، لاستجواب المعتقلين دون تعذيبهم.
وأكد رئيس لجنة الدفاع عن الحقوق لوكالة انتر بريس سيرفس، تشيب بيتس، أن «مشروع القانون يشوه القانون الدولي، وخاطئ في سنده، ويسعى لطمس الحروب، كتلك الجارية على أفغانستان والعراق، والأحلام الفضفاضة الجذابة سياسيا والمضللة واقعيا، تلك التي لا تنتهي ولا تعرف حدودا جغرافية «للحرب الشاملة على الإرهاب».
وبدورهم، انتقد خبراء الشئون الدستورية الأميركيون مشروع القانون هذا. فصرح الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة أوهايو بيتير شان لوكالة انتر بريس سيرفس، «يبدو أن هناك خلافا مفهوميا أساسيا بين أولئك الذين يعتقدون أن سيادة القانون تهدد مكافحتنا للإرهاب، وأولئك الذين ينظرون إليها (سيادة القانون) كأقوى سلاح» في محاربة الإرهاب.
وذكّر بأن إدارة جورج بوش «أدانت أكثر من 300 مشبوه بالإرهاب قبضت عليهم في الولايات المتحدة، وذلك باللجوء إلى نظام العدالة الجنائية لمقاضاة جرائم متصلة بالإرهاب».
وصرح أستاذ القانون بجامعة الينويس فرانسيس بويل، للوكالة ذاتها أن الجدل الجاري يرجع إلى عهد بوش الذي «خلق عالما من العدمية يمكن أن يُخفي فيه البشر - بما فيهم الأميركيين - ويُحتجزون بمعزل عن العالم، ويُحرمون من حق الاتصال بالمحامين، والمحاكم العادية، ويُحاكمون أمام محاكم الكنغر، ويُعذبون، ويُعدمون، ويُغتالون، ويتعرضون لغير ذلك من ممارسات إرهاب الدولة».
أكد النواب الديمقراطيون أن المحاكم المدنية الأميركية، سواء في عهد بوش أو أوباما، حاكمت وأدانت أكثر من 300 إرهابي، وأن الترويج لنظام المحاكمات العسكرية يوفر للإرهابيين انتصارا دعائيا.
العدد 2741 - الإثنين 08 مارس 2010م الموافق 22 ربيع الاول 1431هـ