العدد 542 - الأحد 29 فبراير 2004م الموافق 08 محرم 1425هـ

إشهار جمعية المرسم الحسيني رسميا

بعد أربع سنوات من الجهود الحثيثة، استطاعت جمعية المرسم الحسيني للفنون الإسلامية، الحصول على الترخيص لمباشرة أعمالها بشكل رسمي.

فقد أصدر وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي أمس القرار رقم (5) للعام 2004 بشأن الترخيص بتسجيل جمعية المرسم الحسيني للفنون الإسلامية، التي تهدف إلى الاهتمام بالرسم المعبر عن الفكر والتاريخ الإسلامي، والعمل على تنمية وتقوية الروابط بين الفنانين وتشجيع المواهب الشابة. وتسعى الجمعية لتحقيق أهدافها عبر الندوات واللقاءات والمعارض الفنية.

مدير الجمعية عبدالنبي الحمر، أعرب لـ «الوسط» عن ارتياحه وارتياح الأعضاء المؤسسين (البالغ عددهم 39 فردا) لهذا القرار، وتمنى النجاح في إيصال فكرة أن ثورة الامام الحسين (ع) كانت رسالة إصلاحية للأمة وذلك عبر الفن الهادف.

وأشار الحمر إلى أن المرسم ليس مقتصرا على طائفة معينة، وإنما هو مفتوح لكل الطوائف والأديان، كاشفا عن محاولة الاتفاق مع الحقوقي السوري هيثم مناع عند زيارته للمرسم مطلع الأسبوع الماضي للمشاركة في معرض دولي سيعقد في جنيف العام المقبل، وهي خطوة من شأنها نقل المرسم إلى النطاق العالمي بعد نجاحه على المستوى المحلي والخليجي.

وزار وكيل وزارة الإعلام محمود المحمود المرسم مساء أمس الأول وأعرب عن إعجابه وأثنى على القائمين عليه. في وقت تزايد فيه إقبال الزوار على المرسم من جاليات عربية وأوروبية.


في المرسم الحسيني: عالم الدين الذي رفع الريشة لنصرة الحسين

المنامة - قاسم حسين

من الأنشطة الحافلة التي يشهدها موسم عاشوراء في السنوات الأخيرة المرسم الحسيني الذي يستقطب عددا كبيرا من الزوار من المواطنين والمقيمين من ضيوف البلاد. الريشة تخلق لغة تتجاوز الحدود، ولا تحتاج إلى ترجمان، فهي تقطر معانيها وتصب رسالتها في قلوب المتلقفين. ووسط هذا المهرجان الحافل بالحركة والالوان والظلال، التقينا السيد حيدر الستري(من منطقة جد علي)، أحد علماء الدين المعروفين على الساحة، واقفا أمام لوحتين يشارك بهما في هذا الموسم. ومعه كان هذا الحوار عن تجربته الفنية، وعن المرسم والفن على وجه العموم.

ما هي قصة المرسم من البداية؟

- جئت المرسم والفكرة قائمة، وكان المجتمع يترقبها، فهي فكرة جديدة ومعاصرة لارسال رسالة الحسين (ع)، فاجتذبت جمعا كبيرا من فنانينا وخصوصا الشباب، والامل كبير بان يكون مؤسسة تصهر كل الإمكانات والمواهب والقدرات لأن الحماس مرتبط بالجانب الديني العميق لدى الناس. بمعنى انه لو تصدى أي انسان لجمع مثل هذا العدد الكبير من الفنانين في موضع آخر لكان صعبا جدا. أما ان الموضوع مرتبط بهذا الجانب الديني العميق فكانت الحركة ميسرة. فتجمع عدد كبير من الفنانين المتحمسين الذين يزداد عددهم كل عام، ونحن نفكر هل ستستمر الامكانات مع تزايد العدد؟ورجاؤنا ان تدعم الفعاليات والاطر الاجتماعية مثل هذا المشروع.

كيف بدأت شخصيا مع المرسم؟

- بدأت المشاركة في أول مرسم بعد أن سمعت به، وكان ترحيب الاخوة بي حارا، وفتحوا لي المجال واسعا، فهم قد أحسوا بالدعم مني لاني أمثل رمزية خاصة كرجل دين، ومن جانبي ارتحت أن أقدم مثل هذه الرمزية لهم. هذه كانت أول مشاركة.

وكيف كانت اللوحة التي قدمتها؟

- اللوحة كان موضوعها سياسيا بحتا، فكانت هناك إشارة إلى بداية عصر الانفتاح والانفراج وزوال مرحلة القيود والسجون. فكان فيها قيد ويد متحررة تبحث عن النور والحرية.

وماذا كان عملك السابق؟

- كنت أعمل مدرس تربية فنية.

وكيف كان التحول إلى رجل دين؟

- كان التحول طبيعيا نهاية السبعينات، إذ رغبت في توسيع ثقافتي والجانب المعرفي لدي، خصوصا في مجال الفكر الاسلامي، فرأيت أن الحوزة هي أخصب مكان لذلك. كذلك اقتربت من العلماء فلمست عندهم ما كنت أتعطش إليه، وهو أساسيات الفكر الاسلامي بشكل مدروس ومحقق. وخلق ذلك لدي شغفا بأن أكون واحدا من طلاب الحوزة، وكانت مرحلة الحوزة هي من أحلى مراحل حياتي، ولم أشعر انها ضاعت من عمري. وحاولت ان أستثمر الفكر الذي اكتسبته في مجال الفن.

كيف؟

- بالبحث عن فلسفة اسلامية في هذا المجال. ومازلت أبحث حتى الآن، وأملي أن أقدم كتابات في هذا الشأن. وأيضا كنت اكتب في الشعر والأدب، ولدي مطبوعة من الشعر الحر، وهدفي تشجيع الشباب.

التصاقي بالفن قديم ووطيد. وأريد أن يدخل الفن في دائرة الفكر الاسلامي بقوة. فالموضوع الفني هو من جانب آخر موضوع فكري. كما أن الفن رسالة انسانية كبيرة، وهو جزء من الرسالة الاسلامية وله تأثير كبير لانه يتعامل مع حواس أكبر.

وماذا عن نظرة التحريم للفنون؟

- المجالات التي عليها ملاحظات محدودة، وهي تحديدا الرقص والنحت.

النحت بالتحديد كتجسيد..

- نعم، والنحت أخذ بعض العلماء اليوم ينظرون إليه نظرة أكثر موضوعية. فمن حيث قرب الاسلام من حقبة الاصنام، كان من الواقعية ان يجمد هذا النشاط ليفك الارتباط المغلوط بينه وبين حقبة الاصنام. أما الآن فيرى بعض العلماء ان الارتباط زال تقريبا لذلك صار الحكم أوضح والتحفظ صار أقل.

بالنسبة إلى الفن بشكل عام عندما يتكلم علماء الاسلام عن الجمال فهم يمتلكون لغة جيدة وقوية، ولم يكن الفن موضوعا منبوذا أو غريبا..

مثلا؟

- مثلا محمد قطب. أيضا علي عزت بيغوفيتش في كتابه «الاسلام والغرب»، لغته فنية بحتة وأفرد موضوعات للفن. وعندما يتحدث عن الثقافة تشعر أنه يعتبر الفن أكثر أبعاد الثقافة عمقا.

من جانب آخر الحوزة مليئة بالشعراء، محمد مهدي الجواهري هو ابن الحوزة، وابن مؤلف أكبر دورة فقهية في العصر الحديث، وهي الجواهر.

هل تتصور أني توصلت إلى اكتشاف جانب الفنان التشكيلي في شخصية الشاعر الدمستاني بعد قراءة قصيدته «أحرم الحجاج» مؤخرا؟

- فعلا، فأحد الفنانين المشاركين في المرسم رسم لوحات لكل مقطع من القصيدة التي ذكرتها. السؤال: كيف يطرح الفن من وجهة نظر اسلامية. طبعا مطلوب جهد كبير، وأن نسعى لجعل الفن موضوعا جماهيريا كأي موضوع في ندواتنا ومحاضراتنا وكتاباتنا. والمشكلة هي وجود فهم خاطيء شائع بان الفن مجموعة من الاسرار، ونحن نريد ان نستخدم الفن كأية أداة أخرى لخدمة المجتمع، وليس تحفة قديمة للتسلية والتلهي. الفن رسالة سامية، لانه يستخدم اليد والعين والفرشاة واللون، ويصرف وقتا طويلا لادراك مدى العمق والتوازن والادراك والوعي والاضاءة والتضليل وتناغم الخطوط والأشكال.

حسب تجربتك... كم تستغرق اللوحة؟

- يدخل حجم وموضوع اللوحة والدفقات الشعورية... إلخ.

(ابتسمت وقلت): اسمح لي أن أصارحك، أشعر أنني أمام إنسان آخر غير عالم الدين، أو بالاحرى أمام فنان معمم...!

- ابتسم بدوره وقال: لي قراءاتي الواسعة في هذا المجال وأحاول أن أبلور آراء، لذلك أرى أنني لا أشعر بالازدواجية بين العمل الفني وغيره، فالمجال الفني مجال انساني بحت، كالفكري تماما.

ألم يحرجك زملاؤك علماء الدين؟

- لا، بل لم أجد غير الترحيب والتشجيع منهم، والأمل بأن يتمكن عالم الدين من طرق جميع المجالات.

ألم تلمس أية مظاهر للتشدد من مدارس فكرية أخرى؟

- التشدد موجود في شريحة محدودة، فنحن نعرف الكثير من المدارس غير الشيعية يعملون في مجال الفن. قد تكون هناك فئات شبابية تحتاج إلى قراءة أكثر، ولكن رموز المدارس الأخرى لا يختلفون عنا كثيرا، بل نحن نستفيد كثيرا من اطروحاتهم في مجال الفن. ومشكلة هؤلاء الشباب اقتصارهم على الفقه او الفكر، ولا تهتم كثيرا بالفن، أما الاساتذة فلديهم نضج كبير.

وماذا عن الشباب في المرسم؟

- ابتسم وقال: إذا غبت فانهم يفتقدونني!

وما هو تقييمك للمعروض؟

- في البداية الكم مهم، للوصول إلى نوعية مرضية، وهذا يشعر به الجميع. ولكن وجود كم كبير من الفنانين يعمل امام جمهور لابد ان يشعر بالجرأة، وعنده مستوى لا بأس به.ونحن نعتز بالطاقات الشابة.

وماذا عن الناحية الفنية؟

- بشكل عام يعيش الفنانون هنا هاجس المستوى، والنظرة الاجتماعية للفن وقدرة المجتمع على قراءة اللوحة الفنية، خصوصا انه يرسم أمام انظار الجمهور، لذلك من الصعب الخروج من مدرسة المحاكاة إلى الايحاء، ومع ذلك لدي عدد كبير يستخدم الايحاء.

رأي الفنان أبو ديب

المرسم تجربة فريدة عن أية تجربة فنية في البحرين على الإطلاق. وتسألني كيف؟ الفنانون يقدمون عملا منجزا، ويبدأ تفاعل الجمهور مع العمل عند عرضه، وتبدأ عملية النقد اوالاعجاب، أما في هذا المرسم فالتجربة فريدة، بمعنى أن العمل يتفاعل مع الجمهور، ابتداء من وضع اللوحة على حامل الرسم، وتتلقى ملاحظات الناس وإعجابهم وانتقاداتهم أيضا.

كل الفنانين عندهم الشجاعة للوقوف أمام الجمهور، وعرض اعمالهم من اللحظة الأولى التي يتشكل فيها، إلى نهايته. بينما الفنانون الكبار يرفضون أن يطلع احد على أعمالهم في هذه المرحلة، وهذا مؤشر على رسالية الفن والمرسم.


رسالة النبل والتسامح واحترام الآخر

الفنان التشكيلي محمد بحرين (مدينة حمد)، 20 عاما من المشاركين في المعارض الفنية داخل البحرين وخارجها، يقول وهو واقف امام لوحته التي تحمل شعار الصليب: هو تجسيد للرسالة السماوية للنبي عيسى (ع)، مع ثورة كربلاء لإعطاء انطباع عن تقبل الآخر وتقريب واحترام الأديان. والاهم هو السلام والحب والتسامح، وان نتنزه عن تراكمات الماضي التي ملأت العالم بالحروب والتفرقة ومعاناة الانسان، والكل يدعي انه على صواب والآخر على خطأ. والمقولة الفنية تقول: «إذا سطع الجمال اختفى كل الظلام»، فيجب أن نكون نبلاء في فكرنا وننسى العقد التي تفسد سكينة الانسان».


الفنان الخزاعي الصغير:

من تكون السيدة: مريم العذراء أمة فاطمة الزهراء؟

الفنان الصغير البارز حسين عقيل الخزاعي 12 عاما (السنابس) كان واقفاُ أمام لوحة عجيبة استوقفتني كثيرا، لدقتها ووضوح ألوانها، سألته عن مغزاها فقال: «قرأت في الانجيل عن آية عظيمة ظهرت في السماء، وهي امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها اكليل من 12 كوكبا». وسلمني مقالا جاء فيه تكملة للقصة، وهي ان تنينا أحمر عظيما له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رأسه 7 قرون وقف ليأكل ولدها، وذهب ليصنع حربا مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله» ولم يتمكن علماء الكنيسة من تقديم تفسير واضح لهذه القصة، بعضهم يقول الكنيسة، وبعضهم يقول إنها مريم (ع)، ولكن مريم لم يكن لها ذرية غير ابنها المسيح، وليس لها شمس وقمر واثنا عشر كوكبا، ولم تدخل مع تنين يريد أن يبتلع أبناءها الذين يحملون شريعة الله. وحقيقة الامر أن القديسة هي الزهراء (ع)، والكواكب هم أبناؤها الـ 12، الذين يخوضون صراعا مع الشر والفساد». ويستشهد بكلمة للنبي أرميا: «للرب ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات»، فمن يكون ذبيح الله عند الفرات غير الحسين؟».

حين أتيت على قراءة المقال أدركت ان الفنان الصغير حسين عقيل الخزاعي الذي كان مشغولا بهذه الفكرة لمدة سنة كاملة كما قال، تأتي لوحته الغريبة لتجسد القصة الواردة في الانجيل بصورة فنية تعبر عن ملحمة كربلاء

العدد 542 - الأحد 29 فبراير 2004م الموافق 08 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً