العدد 560 - الخميس 18 مارس 2004م الموافق 26 محرم 1425هـ

تحديات اقتصادية صعبة تواجه روسيا

بعد إعادة انتخاب بوتين لأربع سنوات أخرى

يتوقع أن يوجه الرئيس الروسي فلاديمير المزيد من الجهد لمعالجة المشكلات الاقتصادية التي تواجه بلاده المترامية الأطراف. وكان بوتين قد سحق منافسيه بعد أن حصل على أكثر من 70 في المئة من أصوات الناخبين في الانتخابات التي جرت قبل عدة أيام. ومن المتوقع أن يستفيد بوتين من تجديد فوزه إضافة لانتصار حزبه في الانتخابات النيابية التي جرت قبل عدة شهور لتمرير مشروعه الاقتصادي والذي يشمل خصخصة بعض القطاعات وتطوير نظام الضرائب ومحاربة البيروقراطية والروتين الإداري.

والأهم من كل ذلك لا يمكن لبوتين التغاظي عن المشكلات الاقتصادية التي تهدد بلاده في ظل تطلع الشعب الروسي للحصول على الرفاهية الموعودة.

المشكلات الاقتصادية

باختصار يواجه الاقتصاد الروسي تحديات جمة تتمثل في المديونية والتضخم والبطالة والتكيف مع تذبذب أسعار النفط إضافة إلى معالجة الآثار السلبية للحرب في الشيشان على الموازنة العامة فضلا عن زيادة الإنتاجية.

أولا: تعتبر المديونية أكبر مشكلة اقتصادية تواجه روسيا وهناك تخوف من زيادة في الدين في ظل برنامج التوسع الاقتصادي. يقدر حجم الدين الخارجي بـ153 مليار دولار ويمثل هذا الرقم 34 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي وتشكل خدمة الدين عبئا على الخزانة العامة إذ يتطلب معالجة الأمر قبول روسيا تقديم بعض التنازلات السياسية لأميركا والاتحاد الأوربي لقاء الحصول على إعادة جدولة الديون وإلغاء جزء منها. تجدر الإشارة إلى أن روسيا تمكنت في السنوات القليلة الماضية من دفع التخلص من بعض ديونها إذ كانت تمثل نحو 88 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي في العام 1999.

ثانيا: يعاني الاقتصاد الروسي من التضخم والذي تراوح في حدود 32 في المئة في الفترة 1998حتى العام 2002 وهذا بدوره أدى إلى مضاعفة شغف العيش لذوي الدخل المحدود. وقد أدى التحول السريع في روسيا نحو نظام السوق أو الرأسمالية إلى تدهور مستوى دخل الفرد في ظل الارتفاع المتواصل للأسعار. وكان المواطن قد حرم من الكثير من متع الحياة أصلا في ظل النظام الشيوعي البائد. وتشير بعض الأرقام غير الرسمية أن ثلث السكان يعيشون دون خط الفقر.

ثالثا: يوجد تخوف في روسيا من ارتفاع مطرد في نسبة البطالة إلا إذا تم تحقيق نمو قوي في الاقتصاد. تبلغ نسبة البطالة نحو 8 في المئة على أقل تقدير حسب الإحصاءات الرسمية. وربما تتمكن روسيا من احتواء أزمة البطالة في حال استمرار النمو الاقتصادي. في الحقيقة سجل الاقتصاد الروسي نموا قدره 7 في المئة في العام 2003 على خلفية ارتفاع أسعار النفط. كما أن ضعف النمو السكاني سوف يساهم في الحد من هذه الأزمة (سجلت روسيا نموا سلبيا محدودا للسكان بلغ 0,3 في المئة في الفترة 1998حتى العام 2002).

رابعا: يواجه الاقتصاد تحدي تنوع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على قطاع النفط والغاز. كما هو الحال مع اقتصادات دول مجلس التعاون يتميز الاقتصاد الروسي بتصديره للبترول والغاز. كأي دولة مصدرة للنفط يواجه الاقتصاد الروسي معضلة التكيف مع هبوط وصعود أسعار النفط وهذا بدوره يجعل الاقتصاد تحت رحمة الأسواق العالمية. يبلغ حجم إنتاج النفط في روسيا في حدود ثمانية ملايين برميل يوميا أي في حدود إنتاج المملكة العربية السعودية. وتشير التقديرات إلى أن القطاع النفطي ساهم بثلثي النمو الاقتصادي الذي تحقق في العام 2003 كنتيجة مباشرة لارتفاع أسعار النفط.

خامسا: يترنح الاقتصاد تحت ويلات تورط البلاد في حرب استنزاف في الشيشان. ولا تسمح وسائل الإعلام في روسيا للنقاد الاقتصاديين الحديث بحرية عن انعكاسات الحرب على الاقتصاد بشكل عام و الموازنة بالتحديد. وكانت الحكومة الروسية قد تعرضت لانتقادات لعدم سماحها للمرشحين غير بوتين بالاستفادة من وسائل الإعلام أثناء فترة الانتخابات. ومن المتوقع أن يستخدم بوتين فوزه في الانتخابات في مواصلة الحرب في ظل تهديد المقاتلين الشيشان بنقل الحرب إلى داخل روسيا.

سادسا: يعاني الاقتصاد الروسي من ضعف القدرة التنافسية بحيث نالت روسيا المرتبة 70 من بين 102 دولة في العالم في تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2003 الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي ويعود ذلك إلى الإجراءات البيروقراطية والروتين الإداري ومزاعم بتفشي الفساد والرشوة. ويعتقد أن الرئيس بوتين سيبذل جهودا مضنية لمحاربة هذه الظاهرة السلبية.

الأمل كبير في أن يتمكن رجل الـ (ك. جي. بي) أو الاستخبارات السوفياتية في العصر الغابر من القضاء على التحديات الاقتصادية التي تواجه بلاده. ويتمتع بوتين بشعبية في بلاده إذ يعتبره الكثيرون بالرئيس المثابر والجاد في معالجة لمعالجة المشكلات الاقتصادية التي تواجه روسيا في ظل عالم سريع التغيير.


روسيا في أرقام

تبلغ مساحة روسيا نحو 17 مليون كيلومتر مربع إذ تعتبر روسيا أكبر بلد في العالم من حيث المساحة. يقطن روسيا أكثر من 145 مليون نسمة أي نصف عدد سكان أميركا. يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي نحو 450 مليار دولار ويعتبر هذا الرقم محدودا قياسا بإمكانات البلاد إذ لا يتعدى نسبة 4 في المئة من حجم الاقتصاد الأميركي. يبلغ معدل دخل الفرد السنوي في روسيا قرابة 3,110 دولارات مقارنة بـ38,620 دولارا في أميركا. تحتفظ روسيا بفائض كبير في الميزان التجاري بشكل عام بسبب قوة الصادرات النفطية. تشير آخر الإحصاءات المتوافرة أن الفائض التجاري وقف في حدود عن 60 مليار دولار بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية إذ فاقت الصادرات عن 100 مليار دولار وتتركز على المنتجات النفطية والغاز والمواد الكيماوية والعتاد العسكري. بينما تشتمل الواردات على المعدات والسلع الاستهلاكية مثل الأجهزة الاليكترونية واللحوم والسكر والأدوية. حققت روسيا المركز 63 على مستوى العالم في مؤشر التنمية البشرية للعام 2003 الصادر من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مقارنة بالمرتبة السابعة لأميركا أو 37 بالنسبة للبحرين

العدد 560 - الخميس 18 مارس 2004م الموافق 26 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً