يكاد يجمع الكثير من المحللين و المتابعين للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، على أن الولايات المتحدة تمكنت من تجاوز عقبة كبرى عبر انتزاع موافقة الفلسطينيين على إجراء مفاوضات غير مباشرة مع «إسرائيل»، لكن المحللين يبدون شكوكا كبيرة بشأن فرص نجاح هذه المفاوضات.
وقال الخبير الفلسطيني في شئون السياسة الخارجية، زياد أبو عمرو «إن قرار المرور بمحادثات غير مباشرة اتخذ لعدم وجود مفاوضات مباشرة. وذلك لا يعني أن النتائج مضمونة».
وأضاف «أتوقع أن تضع الحكومة (الإسرائيلية) عراقيل بشأن كل المسائل الأساسية»، مشيرا إلى أن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو تجميد الاستيطان في الضفة الغربية هو دليل على تردده في التفاوض بجدية.
وقد سمحت «إسرائيل» الاثنين الماضي ببناء 112 مسكنا جديدا في الضفة الغربية المحتلة على الرغم من التجميد المعلن للاستيطان.
وهذا القرار يأتي غداة موافقة الفلسطينيين على إجراء محادثات غير مباشرة لأربعة أشهر عبر المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام، جورج ميتشل، وقبل ساعات من وصول نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن إلى تل أبيب في جولة إقليمية تهدف إلى محاولة إحياء عملية السلام بين «إسرائيل» والفلسطينيين المتوقفة منذ أكثر من سنة.
واعتبر المستشار الخاص لايهود باراك، يوسي الفير عندما كان الأخير رئيسا للوزراء، أثناء فشل مفاوضات كامب ديفيد في العام 2000، «أن الإدارة الأميركية ترتكب خطأ عندما تأمل بقيادة الإسرائيليين والفلسطينيين الى اتفاق نهائي بشأن حل الدولتين».
ورأى الخبيران أن الولايات المتحدة أظهرت أنها غير مستعدة لممارسة الضغوط الضرورية لإرغام الاسرائيليين على تسويات، كما تبين من مشكلة الاستيطان، ما لا يدعو للتفاؤل بنجاح هذه المحادثات.
ولفت زياد أبو عمرو إلى أنه «عندما كانت هناك حاجة للتدخل الأميركي من أجل إرغام «إسرائيل» على وقف المستوطنات، تراجعت الإدارة إلى الوراء. لذلك هناك ما يدعو للشك والقلق».
وفي الواقع بعد أن طالبت «إسرائيل» في البداية بتجميد المستوطنات، عادت إدارة الرئيس باراك أوباما لتوافق على اقتراح نتنياهو بتجميد محدود لعشرة أشهر لبناء مساكن جديدة في مستوطنات الضفة الغربية.
واعتبر يوسي ألفير أنه من غير المعقول أن تؤدي محادثات غير مباشرة إلى تسوية الملفات الخلافية الشائكة (الحدود، القدس الشرقية، الاستيطان وعودة اللاجئين الفلسطينيين) «نظرا إلى المواقف التي ينطلق منها نتنياهو و الرئيس الفلسطيني محمود عباس».
لكن المحلل الفلسطيني داود كتاب يرى أن الوقت يلعب ضد الإسرائيليين. وقال «إنه سباق ضد عقارب الساعة».
وأضاف كتاب «إن الإسرائيليين لديهم الخيار، إما أن يقبلوا بدولة فلسطينية عبر مفاوضات، أو أن يرغموا على ذلك» تحت الضغط الدولي، في إشارة إلى رغبة الرئيس محمود عباس باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على اعتراف بدولة فلسطينية.
وعلى الأرض، يسعى رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض لبناء مؤسسات دولة «مستقلة وقابلة للحياة» بحلول العام 2011، من دون انتظار نتيجة المفاوضات مع «إسرائيل».
وأكد داود كتاب أن عباس «في موقع مثالي»، مضيفا «فإن نجحت المفاوضات، ممتاز، وإن لم تنجح سيظهر للعالم أن الإسرائيليين هم الذين يعرقلونها». وسيحظى عندئذ بكل الشرعية ليطالب بالاعتراف بدولة فلسطينية.
العدد 2744 - الخميس 11 مارس 2010م الموافق 25 ربيع الاول 1431هـ