يقترن عيد النوروز (أول أيام السنة الشمسية الجديدة) بالربيع وبالورد والجمال والفرح والأنس والمحبة والتسامح وآمال بالصفاء من أجل عامٍ مفعم بالأماني السعيدة. وفي أجواء احتفالية مميزة هذا العام بدأت أمس(السبت) عدة احتفالات بمناسبة النوروز (21 مارس/ آذار)، الذي صادف دخوله الساعة 8:32 دقيقة و13 ثانية مساء أمس بحسب توقيت البحرين.

وعلى الصعيد الاجتماعي، يحرص عدد من الجمعيات الأهلية والثقافية والجاليات الشرقية، فضلا عن عشرات العوائل في مناطق متعددة من المملكة على الاحتفال بحضور الأصدقاء وعشاق هذه المناسبة.

وينظر منظمو هذه الاحتفالات على أن الاحتفاء بالنوروز يعبّر عن الانفتاح والتنوع الثقافي والعرقي الذي تتميز به البحرين منذ القدم، فعلى رغم صغر المساحة الجغرافية وقلة عدد السكان فإن البحرين كانت ولاتزال موئلا للتنوع والتسامح الثقافي، وهي أقرب إلى فسيفساء جميلة، كما يرون أن لكل فئة الحق في أن تحتفظ بخصوصيتها لتضيف لونا جميلا ومميزا إلى الطيف البحريني.

وفي ليلة حلول السنة الجديدة تجتمع العائلة حول سفرة خاصة تسمى بسفرة «هفت سين» (أي السينات السبع)، وتتوسط السفرة نسخة من المصحف الشريف طلبا للبركة وسعة الرزق، وتضم 7 مواد يبدأ اسمها بحرف «السين»، وهي: سبزي (خضراوات)، سيب (تفاح)، سنجد (تمر)، سير (ثوم)، سكة (قطعة نقد معدنية)، سركه (خل)، وسمنو (حنطة). وتستهل الاحتفالات الشعبية بـالدعاء المأثور بهذه المناسبة : «يامقلب القلوب والأبصار يا مُدبر الليل والنهار، يا محوّل الحول والأحوال، حولّ حالنا إلى أحسن حال».

وأقامت جمعية «الإخاء» احتفالا كبيرا بهذه المناسبة في قاعة مرمريز مساء أمس. وقال الأمين العام لجمعية الإخاء الوطني موسى الأنصاري لـ «الوسط»: «تقيم جمعية الإخاء احتفالا سنويا بعيد النوروز، ولكن يدخل عيد النوروز قبل ساعات بحسب التقويم الفلكي الشرقي، والجمعية حريصة على تنظيم هذه الفعالية لتعزيز الجانب الثقافي وتنمية الحريات الاجتماعية التي يكفلها الدستور».

من جهته قال جعفر عابدين (أحد منظمي الاحتفال): «قبل 6500 سنة قبل الميلاد كان الإيرانيون يحتفلون بعيد النوروز، ولكن هذا اليوم انحرف من مكانه الأصلي، ولكن في الأزمنة اللاحقة شكل هذا اليوم فرصة لعمل مشروعات كثيرة لإحياء هذا اليوم للزراعة والاقتصاد بحسب السنة الفارسية القديمة». وأضاف عابدين «في بدايات القرن العشرين كان بعض الآباء في البحرين يحتفلون بعيد النوروز، وتوضع سفرة من سبعة أنواع في المنازل، بدايتها من سين، وقديما كانوا يضعون مرآة على الأرض ويصف البيض عليها بطريقة عمودية، وتحرك البيض يرمز لتحرك العام الجديد».

ويمضي قائلا: «كنا نحتفل في الأسبوعين الأوليين بالخروج إلى الحنينية والصخير وقلعة البحرين، ونقضي أياما جميلة جدا في البر من منطقة المنامة، وفي السنوات الأخيرة ركدت هذه الاحتفالات بعض الشيء ولكن بدأت الآن تنتشر مرة أخرى تدريجيا».

وينقل بعض الباحثين أن البحرينيين القدامى كانوا يحتفلون بعيد النوروز على بساطتهم وعفويتهم، مضيفا «في كتاب «ماضي البحرين وحاضرها» للشيخ إبراهيم المبارك يروي أن البحرينيين القدامى يحتفلون بماء النيسان وماء الدواء ومطر الرحمة».

من جانبها أقامت السفارة الإيرانية في البحرين احتفالا بهذه المناسبة مساء أمس في فندق الخليج بمشاركة طاقم السفارة وأفراد الجالية الإيرانية وأسرهم. وقال أحد منظمي الاحتفال لـ «الوسط»: «إن سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنامة تحرص على الاحتفاء بمناسبة النوروز، لأن هذه المناسبة تعبّر عن العادات والتقاليد الإيرانية المتجذرة والضاربة في أعماق التاريخ، كما أنها فرصة اجتماعية مناسبة للتلاقي بين أفراد الجالية في جو عائلي مميز».

وفي هذا العام دخلت بعض الأحياء الشعبية في المحرق والمنامة في قائمة الاحتفالات، كما تقيم جمعية البحرين الاجتماعية الثقافية احتفالها السنوي بهذه المناسبة مساء اليوم (الأحد) في فندق الخليج بمشاركة عدد من الفرق الموسيقية والإنشادية وإقامة فعاليات ثقافية متنوعة.

ويردد المحتفلون بالنوروز المقطوعات الشعرية والموسيقية للشعراء الأقدمين، تعبيرا عن الأماني بعامٍ جديد عسى أن يجعله الله مصدرا للخير والإلهام والبركة على الجميع.

إلى ذلك، زارت «الوسط» إحدى العائلات التي يعود تاريخها إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي احتفلت بهذه المناسبة.

واستقبلت «الوسط» الأختان راضية ومرضية حسن عباس، اللتان أكدتا أن العائلة تحتفل في كل عام بهذه المناسبة، ويشاركهما أبناء العائلة الاحتفال بتناول وجبة العشاء، إلى جانب الاحتفال وسط المائدة التقليدية.

من جانبها، قالت راضية حسن إن السفرة تتكون من سبعة مواد رئيسية تبدأ بحرف السين وهي: «سبزي»: خضراوات، «سيب»: تفاح، «سير»: ثوم، «سركة»: خل، «سنجد»: نوع من أنواع التمر، «سمنو»: حنطة، و «سكة»: نقود معدنية.

وأضافت أنه «إلى جانب تلك المواد السبع، يحرص معدو السفرة على وضع القرآن الكريم، وديوان شعر للشاعر الفارسي المشهور حافظ الشيرازي التي تمنح المحتفلين التفاؤل، وآنية توضع فيها أسماك يقوم أفراد العائلة برميها في الماء إذا ما عاشت حتى اليوم الـ 13، لتستمر مظاهر الاحتفال حتى اليوم 13 من العام الجديد، بالإضافة إلى وضع مرآة والبيض الملون للتفاؤل»، مؤكدة أهمية إحياء هذه المناسبة، وقراءة دعاء «يا مقلب القلوب والأبصار، يا مدبر الليل والنهار، يا محول الحول والأحوال... حول حالنا إلى أحسن الحال»