في الوقت الذي تزدحم فيه عناوين الصحف المحلية، بمداخلات مختلفة لأعضاء مجلس النواب، ويثار الجدل بين مؤيد ومعارض حول بعض القضايا التي تمس الشارع البحريني، يبقى دور مجلس الشورى مجهولا لدى فئات مختلفة وقطاعات كثيرة.
ويعتقد البعض أن دور أعضاء مجلس الشورى ربما يقتصر على حضور الجلسات، وطرح بعض المداخلات، والتحدث عن قوانين لا يفهمها سوى المتخصصون فقط، وكأن هذا المجلس بعيد عن هموم الناس وقضاياهم.
ونحن هنا لا نقارن بين المجلسين، ولا نزايد على أهمية دورهما، فكلاهما وجد من أجل مهمة محددة تتمثل في التشريع لمجلس الشورى، وفي التشريع والرقابة لمجلس النواب.
ويبقى واقع يفرض نفسه وسؤال ملح: «لماذا لا يصل الدور الذي يقوم به أعضاء مجلس الشورى إلى الناس؟ ومن المسئول عن بقاء هذا الدور في الظل؟».
المهمة
أهم هذه الأسباب كما أوضحها أعضاء مجلس الشورى تكمن في طبيعة المهمة التي يقوم بها أعضاء المجلس والتي تنحصر في الجانب التشريعي، بخلاف المهمة التي يقوم بها أعضاء مجلس النواب المنتخبون من قبل الشعب، ثم إن أكثر ما يميز مجلس النواب هو الجانب الرقابي إذ أعطاه مساحة كبيرة لأن ينقل هموم الناس ومشكلاتهم، فهذه الخصوصية أعطت النواب فرصة أكبر لأن يكونوا أكثر قربا من الناس، فالفارق إذا يكمن في الاختصاص الدستوري، كما أن معظم العمل يتم في اللجان، والسرية التي تعد أساسا في عمل اللجان مسئولة عن انزواء هذا الدور بشكل أو بآخر، إذ إن هناك مادة في نصوص اللائحة الداخلية لمجلس الشورى تعتبر عمل اللجان سريا لا يجوز الإعلان عن تفاصيله.
المطبخ التشريعي
ويؤكد ذلك رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني الشيخ خالد آل خليفة: «البروز الإعلامي لمجلس الشورى ضئيل للغاية، والسبب في رأيي إن عمل المجلس يتم في اللجان واللجان هي مطبخ الغرف التشريعية في كل العالم، ولذلك فالموجود في المطبخ لا يتسرب إلى الخارج».
ويشاركه في الرأي عضو لجنة المرأة عبدالجليل الطريف: «أعتقد أن هذه المادة التي تؤكد سرية عمل اللجان تحجب الكثير من الجهد المبذول من قبل أعضاء مجلس الشورى».
الإعلام أيضا يتحمل مسئولية مباشرة من جهة أخرى، فقد أكد بعض الأعضاء أن هناك تقصيرا من قبل وسائل الإعلام في تسليط الضوء على الدور الذي يقوم به أعضاء مجلس الشورى مقارنة بالتغطيات الإعلامية لمجلس النواب، ولا يتوقف الأمر على عدم تسليط الضوء فقط، بل يتجاوز ذلك ليصل إلى حد التجاهل في كثير من الأحيان.
الإعلام مقصر
«ألوم وسائل الإعلام على عدم الاهتمام بإبراز الدور الذي نقوم به في المجلس، سعيت إلى الإعلام لنشر تقارير خاصة بلجنة المرأة، لأنني أعرف أن الإعلام لن يسعى إلينا، على رغم أننا والنواب نخدم الشعب، فلماذا الاهتمام بمجلس دون الآخر؟» هذا السؤال طرحته عضو لجنة المرأة فخرية ديري.
وتتجسد مسئولية الإعلام أيضا - كما تراها عضو لجنة المرأة ندى حفاظ - في عدم معرفة بعض الإعلاميين بأسلوب التغطية المناسبة لجلسات مجلس الشورى: «الإعلاميون الذين يحضرون جلساتنا خليط من الخبرات، وخليط من جديد على الساحة الإعلامية، وخليط غير مقتنع بالتكوين أصلا، وينعكس عدم اقتناع هذا على كتاباته، ويتجاهل أهم الإنجازات التي حققها المجلس، والتي طرحت في الجلسة، دور المجلس غير معروف لدى الكثيرين من المتعلمين والمثقفين، من العامة أيضا حتى أن البعض لا يرى أهمية من وجوده، على رغم أن نظام المجلسين نظام عالمي لم تبتدعه البحرين».
وهي لا تعفي بعض أعضاء المجلس من المسئولية معلنة: «لاشك أن جزءا من المسئولية يقع على عاتقنا، باعتبار أننا لا نبحث عن أصوات انتخابية، فنحن معينون، وهذا لا يجعلنا ننطلق من الاهتمام بالإعلام».
المصلحة الآنية
بينما ترى نائب رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة فوزية الصالح أبعاد أخرى للمسئولية وتجسد أسباب انزواء دور المجلس في آلية العمل في مجلس الشورى ونظرة الجمهور البعيدة للقانون، واحتياجه إلى تحقيق مصلحة آنية، ولكون التجربة جديدة، ولوجود فروقات فردية في التعامل مع الناس، وهي لا تعفي أيضا المجلس من المسئولية: «لكون المجلس جديدا لم يتعامل مع الإعلام بمستوى وبحجم المشروع الإصلاحي».
وتسأل: «ما الأهم في هذه المرحلة؟ التعامل مع الإعلام أم تكويني التشريعي، لا أستطيع أن أقف وأتحدث في تشريع معين قبل أن يتكون التشريع داخلي، لا نمتلك تجربة متراكمة نستطيع أن نقول من خلالها إننا وصلنا إلى مرحلة نستطيع فيها التحدث إلى الإعلام».
وليست هذه الحلقة المفقودة بين مجلس الشورى والناس، هي الوحيدة التي تثير الاسئلة، ماذا عن التفاعل مع الناس؟ هل اتصال الشورى بالجمهور مفقود؟ ماذا يحدث في كواليس اللجان؟
غدا نفتح أكثر من قناة للحوار مع أعضاء مجلس الشورى.
المادة 35 في اللائحة الداخلية لقانون مجلس الشورى تقول: «جلسات اللجان غير علنية، ويحرر محضر لكل اجتماع تدون فيه أسماء الأعضاء الحاضرين والغائبين، وملخص المناقشات، ونصوص القرارات، ويوقعها رئيس اللجنة».
وبسؤال أحد القانونيين عن تفسير هذه المادة قال: يمنع الإعلاميون من حضور جلسات لجان مجلس الشورى، ومن معرفة التفاصيل الدقيقة داخل الجلسات والتي قد تخص التأييد أو المعارضة أو ما يخص النصوص الدقيقة، ولكن من حق عضو المجلس الحديث إلى الإعلام بشكل عام عما يدور في جلسات اللجان من منطلق المرونة الإعلامية وإطلاع الجمهور على الدور الذي يقوم به المجلس، وربما جاء التحذير بالدقة في الحديث مع الإعلام من منطلق أن ما يدور في هذه اللجان مجرد توصيات وليست قرارات نهائية يؤخذ بها
العدد 591 - الأحد 18 أبريل 2004م الموافق 27 صفر 1425هـ