العدد 613 - الإثنين 10 مايو 2004م الموافق 20 ربيع الاول 1425هـ

المعايير البيئية الصارمة تهدد أمن الطاقة العالمي

في افتتاح «ميوس» 12

برزت ضخامة الاستثمارات النفطية والمعايير البيئية الآخذة في الصرامة، التي تحدثت عنها الأوراق الرئيسية في مؤتمر «ميوس» الثاني عشر الذي بدأ أعماله أمس تحت رعاية وزير النفط الشيخ عيسى بن علي آل خليفة كمحددات لجدوى الاستثمار في الصناعات النفطية الأساسية، ما يقود إلى التخوف على مستقبل أمن الطاقة العالمي، إلا أنه في الوقت نفسه قد يكون ايجابيا من جانب شحذ القدرات الإبداعية للعاملين في الصناعة نفسها لتنمية مصادر للطاقة ذات كلفة إنتاجية أقل وبأسعار أفضل وتلبي كذلك معايير «صداقة» البيئة.


وزير النفط يرعى افتتاح «ميوس 12»

ضخامة الاستثمارات النفطية والمعايير البيئية تهددان أمن الطاقة العالمية

ضاحية السيف - هناء بوحجي، جميل المحاري

حدد رئيس شركة نفط البحرين (بابكو) والعضو المنتدب محمد صالح الشيخ علي عددا من التحديات التي تواجهها صناعة النفط والغاز أهمها ان النفط مورد ناضب ومحدود، وقال في كلمته التي افتتح بها مؤتمر الشرق الأوسط للنفط والغاز الثاني عشر الذي يعقد للمرة الرابعة في البحرين ويحمل هذا العام شعار «نفط الشرق الأوسط وأمن الطاقة العالمي النهوض إلى التحدي»: «إن نضوب هذه الموارد الطبيعية يوازيه حقيقتان، الأولى وجود طلب دائم النمو، والثانية أنه لا يوجد حتى الآن مورد بديل لها».

ومضى يقول: «إننا الآن في مرحلة التوازن إذ تواكب درجة التناقص في الموارد المستخرجة استكشافات جديدة، وهذا التوازن مهم جدا للمحافظة على مستويات الأسعار».

ولكنه أضاف «في الوقت الذي تبدأ مرحلة تناقص المخزون ويواصل الطلب نموه فاننا سنبدأ مواجهة المشكلات التي سيولدها ارتفاع الأسعار، والتحدي حينئذ سيكون في الكيفية التي يتم من خلالها توفير بدائل تقليدية وغير تقليدية وكذلك السعي إلى رفع العمر الافتراضي للخزانات النفطية، أما التحدي الثاني الذي أشار اليه الشيخ علي فهو تأثير القوانين والأنظمة البيئية الجديدة على العوادم وعلى مواصفات المنتجات وخصوصا في الصناعات المنبثقة والتحويلية».

واسترسل قائلا: «مع ضعف أوضاع صناعة التكرير الاقتصادية تواجه تحديا حقيقيا بإلزامها بتخصيص استثمارات ضخمة ليست لها اية مردودات اقتصادية»، مشيرا الى أن بعض هذه المعايير من الممكن التأقلم معها إلا أن القوانين الصارمة التي تفرض على العوادم، وعلى المخلفات والرقابة على المياه تشكل تحديا رئيسيا يضاف إلى ضعف الأوضاع الاقتصادية للمصافي.

وقال الشيخ علي في المؤتمر الذي يرعاه وزير النفط الشيخ عيسى بن علي آل خليفة: «إن هذا الوضع أدى الى عدم تحرك أداء مصافي الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا الغربية»، مضيفا «أن جميع الصناعات التحويلية في جميع دول العالم مثل البتروكيماويات، الشحن، التكرير تواجه هذا التحدي في سعيها الى تلبية المعايير البيئية في الوقت الذي تسعى فيه الى المحافظة على جدوى الصناعة اقتصاديا».

وقال: «ستحتاج الصناعة التي تحقق عائدات وأرباحا هامشية إلى مليارات الدولارات لتحقيق ذلك».

أما التحدي الثالث فهو العائق الذي يمثله التحديان السابقان، نضوب المخزون وصرامة المعايير البيئية وارتفاع الطلب على المنتجات بمواصفات أكثر صرامة، جميعها تثير سؤالا عمن هو المستثمر الذي سيجابه هذه التحديات لتوفير الطاقة التي ستلبي الطلب المتنامي، هل هي الشركات النفطية العالمية الكبرى أم مستثمر جديد في الصناعة، مع الأخذ في الاعتبار الاقتصادات النامية وخصوصا في الصين والهند، ومع حظر إقامة مصاف جديدة في أميركا وفي أوروبا، إذ يبدو أن هناك تحديات رئيسية في اقتصادات التكرير.

ومن جانبه طرح نائب رئيس «شيفرون تكسيكو غلوبال ريفايننغ» ويليام هاتشديلت في ورقة بعنوان: «ما بعد البراميل: ثلاث ضرورات لتحقيق أمن الطاقة» طرح ثلاثة جوانب اعتبرها ضرورية لتحقيق أمن الطاقة على المستوى العالمي وهي تنمية وتنويع اقتصاد الشرق الأوسط، التأكد من بلوغ صناعة الغاز الطبيعي العالمية أقصى طاقتها بالاضافة الى تنمية الصناعات التحويلية والمنبثقة عن صناعات النفط الأساسية.

وفي مجال تنمية وتنويع اقتصادات الشرق الأوسط دعا هاتشديلت حكومات المنطقة إلى توفير احتياجات الاستثمارات الأجنبية والسياسات الجاذبة للاستثمارات وإزالة العوائق كالبيروقراطية وعدم ثبات السياسات التشريعية والأنظمة، لتشجيع المزيد منها على التوجه الى المنطقة، مشيرا الى أن الاستثمارات الأولى في مجال النفط قبل أكثر من ثلاثين عاما جاءت من الخارج ثم انتقلت شيئا فشيئا الى أيدي الحكومات.

وحذر في ورقته من أن تواجه الأجيال المقبلة في المنطقة أوضاعا صعبة بسبب أن العوائد النفطية الحالية لن تكون كافية وحدها لتحقيق التنمية الاقتصادية المطلوبة آخذا في اعتباره أرقام الأمم المتحدة التي تشير الى دخول نحو 6 ملايين فرد الى سوق العمل في الدول العربية بينما تتراوح معدلات البطالة عند مستوى 15 في المئة وأعلى من ذلك بكثير في بعض الدول، وقال: إن الاقتصادات بحاجة إلى أن تنمو على الأقل بمعدل 5 في المئة سنويا لتوفير الوظائف المطلوبة إذا ما أخذ في الاعتبار أن أكثر السكان تقل أعمارهم عن 18 عاما، وتوقع أن تكون لدى المستثمرين الأجانب شهية مفتوحة للاستثمار في المنطقة، مشيرا الى أن مؤشرات الاستثمار خلال السنوات الخمس المقبلة أعلى منها خلال السنوات العشر الماضية، وقال: «لا يكفي أن يمتلك الشرق الأوسط قوة الطاقة فقط وإنما أيضا القوة الاقتصادية والمشاركة في اقتصاد متنوع وتحييد حال عدم الاستقرار التي تهدد أمن الطاقة». أما الضرورة الثانية التي تحدث عنها هاتشديلت فهي الاستفادة من الغاز، مشيرا الى أن دول الشرق الأوسط تضم في أراضيها 36 في المئة من مخزون الغاز العالمي كما أن هناك طاقة كبيرة مرتقبة لتطوير مشروعات الغاز في اقتصادات المنطقة. ويعتبر الغاز، بحسب المتحدث، فرصة جديدة لتلبية الطلب على الطاقة النظيفة بالتكنولوجيا المتطورة والتي أنتجت توسعة صناعة الغاز الطبيعي المسال وصناعة تحويل الغاز الى سائل.

وأوضح أن توقعات وكالة الطاقة العالمية تشير الى أن مع حلول العام 2030 سيلبي الغاز 30 في المئة من حاجات الطاقة العالمية في مقابل 20 في المئة الحالية.

كذلك تشير الأرقام الى أن الطلب الأميركي على الغاز الطبيعي المسال سيتضاعف من ثماني الى عشر مرات عما هو عليه حاليا، كما يتوقع أن يرتفع الطلب الأوروبي أيضا على الغاز الطبيعي المسال بشكل حاد، أما في آسيا فالتوقعات تشير الى ارتفاع الطلب من 87 مليون طن العام المقبل الى 138 مليون طن بحلول العام 2015، وأشار الى أن تكنولوجيا الغاز المسال توفر في المستقبل بديلا للديزل الذي يعتبر ملك وقود المواصلات الصناعية.

أما الضرورة الثالثة التي لفت اليها هاتشديلت فهي الصناعات التحويلية والمنبثقة عن الصناعات الأساسية مشيرا إلى أن العالم بحاجة الى كميات متوافرة من الوقود، بسعر معقول وبجودة أفضل مما يدعو الى التفكير بأن التحدي الذي تواجهه الصناعة الآن هو التركيز على المنتجات «النظيفة» بكميات أكبر، لافتا الى أن الاستثمار في بناء المصافي الكبيرة يفتقر إلى تحقيق العوائد العالية والبعض ينتهي الأمر به الى الخسارة وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط وفي آسيا، أما في أميركا الشمالية وأوروبا فهذه الصناعات تواجه القيود البيئية. ودعا هاتشديلت الى الاستفادة من القيمة الفعلية لرؤوس الأموال بالاستثمار في المشروعات ذات العائد العالي والتركيز على المنتجات منخفضة الكلف وعالية العائد التي تتماشى مع المعايير البيئية الحديثة

العدد 613 - الإثنين 10 مايو 2004م الموافق 20 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً