العدد 625 - السبت 22 مايو 2004م الموافق 02 ربيع الثاني 1425هـ

مور يثير الجدل مرة أخرى

الوسط - المحرر الفني، وكالات 

22 مايو 2004

صنف نقاد يوم الثلثاء 18 مايو/ أيار المخرج مايكل مور باعتباره أحد أقوى المرشحين للحصول على أعلى جائزة في مهرجان كان السينمائي بعد أن استقبل فيلمه الوثائقي الذي يهاجم الرئيس الاميركي جورج بوش بحفاوة كبيرة، وفيلم «فهرنهايت 9/11Fahrenheit » على الطريق الآن ليصبح أول فيلم تسجيلي يحصل على جائزة السعفة الذهبية منذ العام 1956.

وقدم الفيلم الذي عرض وسط موجة من الدعاية اثارها خلاف بشأن توزيعه في عام الانتخابات يعد خطبة هجاء عنيفة ضد ادارة بوش لحرب العراق و«الحرب على الارهاب»، ويرغب مور في رؤية بوش يهزم في الانتخابات المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

ووصفت صحيفة «فاراييتي» الفيلم بأنه «منشور دعائي مباشر»، وقالت ان مور قد يقنع بفيلمه الاميركيين الذين أفاقوا من الوهم وغير المهتمين بالإدلاء بأصواتهم، وأضافت المجلة «قد يحقق شيئا من النجاح بسبب سيطرة العاطفة على نبرته».

وقد وصف مور الفيلم بأنه يعتبر أول فيلم عن اساءة الجنود الأميركيين لمعاملة المسجونين العراقيين، ونقل تلفزيون «بي بي سي» البريطاني عن المخرج مور قوله في المهرجان «ان هذه الاساءة حدثت في الميدان - أى خارج أسوار السجن» وتتضمن مشاهد لجنود أميركيين وهم يضعون أغطية على وجوه مسجونين عراقيين، وأوضح قائلا «ان ما شهده العالم خلال الفترة الأخيرة كان عبارة عن صور فوتوغرافية سيئة تم التقاطها من داخل سجن أبوغريب بالقرب من بغداد، ولكن لم تكن هناك صور أو لقطات فيلمية من خارج السجن حتى الآن».

وكشف المخرج النقاب عن أنه كان أرسل ثلاثة أطقم سرية الى العراق لتصوير هذا الفيلم، وأشار التلفزيون البريطاني الى أنه لم يصدر بعد أى تعليق من جانب البيت الأبيض بشأن هذه القضية، وذكر مور أن فيلمه الوثائقي الجديد يبرز رد فعل الشعب الاميركي والادارة الاميركية على هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول العام 2001 ويتتبع العلاقة بين عائلة الرئيس بوش وبعض أفراد عائلة اسامة بن لادن.

وقال المخرج المتحمس الذي كان يشارك في طاولة مستديرة نظمتها مجلة «فراييتي» المتخصصة ان الفيلم يهدف خصوصا الى اقناع الناخبين الاميركيين بعدم انتخاب بوش الذي يعتبره «اسخف رجل شارك حتى الآن في السباق» الى الرئاسة، ووضع حد لسياسة خارجية خلفت «اضطرابات هائلة في العالم». واكد مايكل مور الذي فاز العام 2002 في مهرجان كان بجائزة خاصة، هي جائزة الذكرى الخامسة والخمسين لتأسيس مهرجان كان عن الفيلم الوثائقي «بولينغ فور كولومباين»، ان احد المقربين من جورج بوش ضغط على الموزعين في محاولة لمنع عرض فيلمه الجديد في صالات السينما، وفي نهاية المطاف ابرمت ستوديوهات ميراماكس اتفاقا مع مجموعة والت ديزني تسمح لها بايجاد موزع جديد، لكن هذا الامر لم يحصل بعد.

ويطرح فيلم مور عددا من القضايا الملحة التي شهدها العالم منذ الاعتداءات التي استهدفت برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، لكن الفيلم يذهب الى أبعد من ذلك وتحديدا الى كيفية انتخاب الرئيس بوش الذي يشكك في شرعية توليه رئاسة الولايات المتحدة.

ويظهر للمرة الاولى كيف اعلنت التلفزيونات الاميركية المرشح آل غور نائب الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون فائزا في ولاية فلوريدا، قبل ان تعود شبكة فوكس نيوز وتعلن فوز بوش، لكن المفاجأة التي لا يعرفها المشاهد هي ان شقيق بوش هو الذي يرأس هذه القناة التلفزيونية وهو الذي كان وراء اعلان هذا الفوز الذي اكدته فيما بعد هيئة محلفين تابعة لشبكة عائلة بوش، بذلك يؤكد الفيلم ان ولاية بوش قامت على كذبة وهو ما اكده المخرج في المؤتمر الصحافي الذي أعقب العرض حين قال ردا على سؤال عن امكان اعادة انتخاب بوش لولاية ثانية «يجب ان يكون انتخب لولاية اولى اولا، لنتحدث عن اعادة انتخاب». الا ان الفيلم يتهم الاعلام الاميركي بالتواطؤ مع بوش وادارته عارضا بوش في لحظات حرجة عمد الاعلام الاميركي الى اخفائها باستمرار، ومن اكثر هذه اللحظات حرجا تلك التي يُبلغ فيها بخبر الضربة على الولايات المتحدة فيما كان في مدرسة للصغار في فلوريدا بعد سلسلة طويلة من العطل التي قضاها بعيدا عن البيت الابيض، وغالبا في مزرعته في تكساس.

وعلى رغم سماعه للخبر كما يظهره الشريط الذي عثر عليه مور مع المدرسة التي صورت الحدث للذكرى فان الرئيس الاميركي يظل لمدة ثماني دقائق من دون اي رد فعل يتابع قراءة قصة على التلاميذ ويعلق المخرج «ذلك ببساطة لان احدا لم يكن معه ليتخذ القرار عنه».

هذه الوقائع وغيرها قاسية بالنسبة إلى أي شخص فكيف بالنسبة إلى رئيس أقوى دولة في العالم لذلك يقول مور ان الحزب الجمهوري حاول منع عرضها اذ اضافة الى رفض شركة ديزني توزيع الفيلم كما كان متوقعا وهذا ما اكسبه دعاية مجانية كبرى اخيرا، عمدت شركة الانتاج الاصلية التي يديرها ميل غيبسون الى فسخ العقد بعد اربعة اشهر من المباحثات وبعد أسبوعين من توقيعه.

ويظهر الفيلم في النهاية كيف ان الفقراء الاميركيين هم في النهاية من يحمي النظام الذي يسبب آلامهم ويستغل حبهم لبلدهم فيدفعون الثمن من دماء اولادهم، يقول الفيلم «ان تكسب الحرب يعني ان تديمها الى الابد». ويبدأ الفيلم بظلام دامس يعم شاشة العرض، ويسمع هدير الطائرات المخطوفة وهي ترتطم ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك قبل عرض لقطات للضحايا المفجوعين مقابل لقطة لبوش لحظة ابلاغه الخبر، وامعانا في السخرية يستخدم مور خلفية من موسيقى البوب. وبينما تتوالى اللقطات التي تظهر افرادا من عائلة ابن لادن وهم يحملون بسرعة في طائرات الى خارج الولايات المتحدة بعد الحادي عشر من سبتمبر ترتفع بالتدريج نغمة أغنية «عليّ ان اخرج سريعا من هذا المكان».

وتظهر نجمة البوب المغنية بريتني سبيرز وهي تمضغ العلكة لتعبر عن تأييدها للرئيس. وخارج البيت الابيض تنحني سيدة مفجوعة في نوبة بكاء هستيرية على ولدها الذي قتل في العراق.

وعلى خلفية الجدل الدائر بشأن صور الاعتداءات التي تعرض لها سجناء عراقيون يمثل الفيلم ضربة عنيفة اخرى، اذ يعرض لقطات للجنود الاميركيين وهم يسخرون من الموتى ويقفون لالتقاط الصور التذكارية مع معتقلين عراقيين غطيت رؤوسهم بالاكياس.

والفيلم مفعم بالمرح الساخر. ويعرض مور لقطة لجورج بوش الاب وهو يصرخ فيه قائلا «احترم نفسك والا... اذهب وابحث عن عمل آخر حقيقي»، وفي واشنطن يواصل مور شن حملة لدعم موقفه فقد راح يعترض طريق اعضاء في الكونغرس ليسألهم «ليس لكثير منهم ابناء في العراق... في الحقيقة هناك واحد فقط. ربما يتعين عليكم ايها القوم ان ترسلوا ابناءكم هناك اولا»، وقبل ان ينهي المشهد يتساءل «ما رأيكم في هذه الفكرة».

وينتقل مور بالكاميرا من غرفة المعيشة والعائلة المنكوبة في ولدها الى عالم المال والاعمال إذ البحث عن العقود في العراق، ويخبره احد المسئولين التنفيذيين العاملين لدى شركة لتصنيع العربات المصفحة قائلا «للاسف نعتقد ان الموقف سيكون جيدا على المدى القصير، لعقد الصفقات وسيئا للناس»، لكن يبلغ الفيلم ذروة تأثيره عندما يتناول العواطف الجياشة، إذ تحلق الكاميرا حول سيدة مكلومة يتهدج صوتها وهي تقرأ آخر رسالة تلقتها من ولدها قبل ان يقتل في العراق تقول وهي تحكي كيف انهارت عند سماع نبأ مقتله على الهاتف «ان لحم جسدك ليتمزق، فليس من المفترض ان تدفن فلذة كبدك».

وحظي مور الذي عادة ما تثير افلامه الوثائقية الجدل باستقبال يشبه ما يلقاه نجوم موسيقى الروك عندما شق طريقه على البساط الاحمر في قصر المهرجان مساء الاثنين الماضي 17 من الشهر الجاري.

ويعزز من التوقعات بفوز «فهرنهايت 11-9» أن الجمهور ظل يصفق واقفا لمدة 20 دقيقة متواصلة عقب عرضه الاول في كان يوم الاثنين الماضي

العدد 625 - السبت 22 مايو 2004م الموافق 02 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً