قال رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، وكبير الخبراء المستشارين للفريق الذي ساهم في إعداد الدراسة التحليلية لمركز سابات لسياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكينغز الأميركي، التي ترسم خطوط مستقبل الاقتصاد والمجتع العربي، بشأن «هل نحن مقبلون على ألفية جديدة من المعرفة»، بمناسبة صدور النسخة العربية من التقرير، والتي ستطرح في السوق خلال الأيام القليلة المقبلة للجمهور، عبدالله عبدالعزيز النجار، إن «الاستثمار في المعرفة، ضرورة استراتيجية للاقتصادات العربية لمواجهة الأزمة المالية العالمية». وبخصوص دولة الإمارات، أوضح النجار بأنها «تتمتع بمكانة جيدة على طريق (مجتمع المعرفة)، وخصوصا أن عدد مستخدمى الإنترنت بالإمارات في نهاية العام 2008، بلغ أكثر من 2,41 مليون مستخدم، بنسبة تزيد على 50 في المئة من إجمالي سكان الإمارات».
والإمارات بهذا تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية، ومكانة مرموقة بين دول العالم. كما أن الإمارات تعد من الدول الرائدة في مجال الاعتماد على نظم الاتصالات والمعلومات المتقدمة.
ويضاف إلى هذا، النطاق الواسع الذي تغطيه خدمات الحكومة الإلكترونية، ويستفيد منه السكان والمواطنون على السواء؛ الأمر الذي أدى إلى انتشار الوعى المعلوماتي والتعليم الإلكتروني، ونشر ثقافة «التكنولوجيا للجميع»، بحسب تقارير الأمم المتحدة عن الحكومة الإلكترونية. لذا فإنه من الضروري أن تتقدم الإمارات والدول العربية على درب إنتاج المعرفة، بدلا من الاقتصار على استيرادها، حتى يكون الإندماج في الاقتصاد العالمي، محققا للمصالح المتبادلة للجميع.
ويكفي أن نعرف أن متوسط مساعدات التنمية السنوية للفترة من 1996-2010 لمصر من الاتحاد الأوروبي بلغت 171,5 مليون دولار. في حين أن إجمالي واردات مصر من الاتحاد الأوروبي بلغ العام 2006 نحو 12,044 مليار دولار، أى أن كل دولار مساعدات، استوردت مصر مقابله من أوربا ما قيمته 70 دولارا! جاء هذا في البيان الصحافي الصادر عن المؤسسة بمناسبة قرب طرح النسخة العربية للدراسة، أمس (الخميس).
وأوضح عبدالله النجار أن كل هذه الجهود في مختلف الدول العربية، هي جهود حكومية، ويغيب القطاع الخاص عن المشاركة فيها، على رغم أن مجتمع واقتصاد المعرفة يقوم بالأساس على الشراكة بين وحدات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.
هنا تبرز أهمية قيام أصحاب الأعمال والصناعة والشركات الإماراتية بدعم جهود البحث والتطوير داخل الدولة بدلا من استيرادها، بكلفة أعلى، وهو الأمر الذي يهدد أي فرص حقيقية لبناء قاعدة علمية وتكنولوجية إماراتية عربية، قادرة على تلبية احتياجات القطاعات الصناعية والاستثمارية الإماراتية والعربية. في هذا السياق، سيمثل دعم شركات القطاع الخاص التمويلي، للعلماء والمخترعين العرب، الذين ترعاهم المؤسسات الأكاديمية، ومؤسسات المجتمع المدني الراعية للعلوم والتكنولوجيا في الإمارات والدول العربية، دفعة قوية من أجل خلق شركات تكنولوجية واعدة، ترتب قيمة مضافة، من خلال جذب المزيد من الاستثمارات، وخلق فرص عمل جديدة، تقدم منتجات بأسعار تكلفة تنافسية من شأنها أن تحسن من مستوى المعيشة للمواطنين في الإمارات والدول العربية.
ويدخل هذا الدعم تحت مظلة المسئولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص، وخصوصا أنها تساهم في خلق فرص عمل.
في سياق متصل، قال زميل مركز سابان بمعهد بروكينغر، والمؤلف الرئيسي لدراسة «ألفية جديدة من المعرفة، خمس سنوات على تقرير التنمية البشرية العربية، حول بناء مجتمع المعرفة»، كريسين إم. لورد، إنه «على رغم تسارع معدلات النمو في الاقتصادات العربيةإ إلا أنها معدلات غير كافية لتحقيق الرفاهية الاقتصادية والوفاء باحتياجات المواطنين أو للإندماج الإيجابي في الاقتصاد الدولي. وعلى رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الدول العربية في هذا الميدان، نجد أن للولايات المتحدة الأميركية مصلحة كبيرة في نجاح الاقتصاديات العربية في هذا المضمار».
مضيفا أنه «بعد مرور 5 سنوات على تقرير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الخاص بالتنمية البشرية في الدول العربية، عن بناء مجتمع المعرفة، وجدنا أن القراءة المتأنية العميقة، تكشف عن جدل كبير ونتيجة مهمة توصل إليها التقرير تمثلت في (عجز الاستثمار في المعرفة)، وهو الأمر الذي يهدد أى محاولات جادة للارتقاء بمعدلات التنمية البشرية والنمو الاقتصادي في الدول العربية.
وخلال أيام مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكينغز ينشر دراسة تحليلية جديدة باللغة العربية لتقييم ما تحقق، وما لم يتحقق، والتغيرات التي حدثت منذ العام 2003، حتى الآن. وتعتمد هذه الدراسة على تحليلات وآراء عدد من كبار الاستشارين العرب في مجال الاستثمار في المعرفة والتنمية البشرية والنمو الاقتصادي، وخصوصا أن مجموعة من التحليلات والنصائح العملية الواقعية، من شأنها المساهمة في بناء مجتمع المعرفة العربي.
وخلال السنوات الخمس الأخيرة، ارتفعت صادرات التكنولوجيا المتقدمة بنسبة 78 في المئة في الأردن، و31 في المئة في المغرب، و161 في المئة في السعودية. وفي مصر، يعمل أكثر من 40 ألف شخص في شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الوطنية والأجنبية العاملة في مصر. لقد بدأت اقتصادات المنطقة العربية، وحتى الاقتصادات غير النفطية، تحقق طفرة اقتصادية غير مسبوقة. وكشفت تقارير مؤسسات التقييم الدولية لمناخ وبيئة الأعمال، أن البنك الدولي صنف مصر في المرتبة الأولى على قائمة الدولة المطبقة للإصلاحات الاقتصادية، كما أبرز وأثنى على الإصلاحات في كل من السعودية، وتونس، والكويت، وجيبوتي
العدد 2366 - الخميس 26 فبراير 2009م الموافق 01 ربيع الاول 1430هـ