علق النائب جاسم عبدالعال على رد وزير شئون مجلس الوزراء محمد ابراهيم المطوع على السؤال المتعلق بمعايير تقسيم وتوزيع المناطق والدوائر الانتخابية في مملكة البحرين، قائلا: «ما يؤسفني إن رد الوزير غير مقنع لأي شخص بسيط التفكير، والوزير يعلم في قرارة نفسه أن الاجابة والتبرير غير منطقيين وغير مقنعين».
واضاف عبدالعال «بالوقوف أمام الجدول الذي يوضح اعداد المواطنين واعداد الناخبين في كل الدوائر الانتخابية، يصاب المرء بالاستغراب والاحباط بشأن كيفية توزيع الدوائر بهذه الصورة التي عليها الآن... هل يعقل ان بعض الدوائر الانتخابية لا يتجاوز عدد سكانها 500 أو أقل من 2000 شخص، فيما دوائر أخرى يتجاوز عدد سكانها 20 ألفا و23 ألفا. إن هذا الفارق الكبير الذي تعدى كل النسب المئوية يعكس بكل المقاييس مدى التعسف من قبل السلطة في استخدام صلاحيتها عند تقسيم المناطق والدوائر الانتخابية».
وبيّن النائب أن «الوزير يذكر أن تقسيم المناطق والدوائر الانتخابية يتم وفق معايير تقديرية تملكها السلطة وترعى الخصوصية.
وأتساءل ما هي تقديراتكم وخصوصياتكم التي تختلف عن المعايير الدولية والبعيدة عن الموضوعية؟ هذا كلام أكل عليه الدهر وشرب ولا يتناسب مع عصر الانفتاح والإصلاح. لقد تم استبداد الشعوب (الضحك على الذقون) باسم الخصوصية وباسم التقاليد بل حتى باسم الدين في بعض الأحيان. ان الأصل والمعيار العالمي في توزيع المناطق هو عدد الناخبين والسكان في كل منطقة».
وأشار عبدالعال إلى «ان موضوع الكثافة السكانية للدوائر الانتخابية وطريقة رسم الحدود الجغرافية للدوائر أهم الموضوعات التي لاقت انتقادا من قبل الكثير من الجمعيات السياسية والكثير من المترشحين والمواطنين. لقد تباينت الكثافة السكانية للدوائر الانتخابية بشكل أدى الى عدم تطبيق احد اهم المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطية، وهو المساواة بين المواطنين والذي يعني هنا «صوتا واحدا للشخص الواحد» فعلى سبيل المثال كان عدد الناخبين في احدى الدوائر لا يتجاوز 540 مواطنا يختارون مرشحا واحدا، في حين بلغ عدد الناخبين في دائرة أخرى أكثر من 13 ألف مواطن يختارون مرشحا واحدا، ما يعني أن قيمة صوت الناخب في الدائرة الأولى تعادل حوالي 2500 صوت في الدائرة الأخرى ما من شأنه ان يخل بمبدأ المساواة في التمثيل والشرعية، وهذا يتنافى مع مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص اللذين نص عليهما الدستور في المادتين (4 و18)، كما يتعارض مع الفقرة (3) من المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن «إرادة الشعب هي مناط الحكم، ويجب ان تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين». ولا يتوافق ذلك أيضا مع ما جاء في المادة (25) الفقرة (ب) من الاتفاق الدولي لحقوق الإنسان ومع ما جاء في حقوق التصويت والانتخابات في إعلان اتحاد البرلمان الدولي عن مواصفات الانتخابات الحرة والعادلة والذي تم اقراره بالاجماع في اجتماع الاتحاد رقم (154) المنعقد في باريس في 26 مارس/ آذار 1994 إذ نص المتطلب رقم (6) لعدالة الانتخابات على «يحق لكل ناخب ممارسة حقه في الإدلاء بصوته بشكل متساو مع الآخرين، وان يكون وزن صوته مساويا لأصوات الآخرين».
واضاف «لقد أصبنا بالاحباط والشعور بالظلم ونحن نعيش التقسيم غير العادل للدوائر وكم من المعاناة نعانيها يوميا في تعاملنا مع العدد الضخم من السكان في دائرتنا والامتداد الجغرافي الممتد على طول الساحل الغربي وهي منطقة معروفه بالحرمان والإهمال والبطالة والتمييز من قبل السلطة عبر السنين الماضية.
وطالب عبدالعال بـ «إعادة النظر في تحديد المناطق والدوائر وفق المعايير الدولية والعدالة والمساواة بين المواطنين» وبما يتوافق مع ضرورة الاستجابة لأحكام الإصلاح الديمقراطي والسياسي في البلد وتنفيذ الرغبة الشعبية في التخلص من الظواهر السلبية التي صاحبت الانتخابات التشريعية التي أدت الى عدم تفعيل مختلف الطاقات والقوى والجهود الوطنية في حركة الإصلاح. ان الإصلاح السياسي يأتي عبر بوابة إصلاح وعدالة توزيع الدوائر الانتخابية التي ستدعم مسيرة الديمقراطية والحياة السياسية وتطبيق المعايير العالمية التي تؤمن المساواة النسبية بين الدوائر من حيث عدد السكان بين دائرة وأخرى، فالفارق بين الدوائر من حيث عدد السكان يتعارض مع مبدأ الديمقراطية ويؤدي الى استمرار الشعور بالظلم والتمييز بين أبناء الوطن الواحد وهذه الأمور ليست في مصلحة مستقبل ونماء ووحدة الشعب وتعزيز الولاء للقيادة السياسية. الإصلاح يحتاج الى مصارحة، والمصارحة من دون انصاف لن تصل بنا الى الإصلاح الحقيقي»
العدد 639 - السبت 05 يونيو 2004م الموافق 16 ربيع الثاني 1425هـ