عرض الفيلم الأميركي The Hulk العام الماضي. وأخرج هذا الفيلم الناجح لانغ لي الذي حقق 137 مليون دولار في شباك التذاكر. وبحق فإن جيمس شاموس، كاتب ومنتج هذا الفيلم كان يفكر بشكل خاص في بروس بانر والتسمم الاشعاعي والفرح الناجم عن جذب الجمهور من المراهقين لفيلم عن رجل أصبحت لديه عضلات قوية قادرة على تمزيق قميصه. لذلك فإنه من المدهش ان شاموس مستعد للتحدث باسهاب عن منتج الأفلام كارل درير الذي توفى في العام 1968 الذي قلما تشاهد أعماله في الولايات المتحدة خارج دور السينما التي تعرض أفلاما لشركات صغيرة.
تم عرض The Hulk في بريطانيا في اليوم نفسه الذي تم فيه إعادة عرض الفيلم الرائع Passion of Joan of Arc. وعلى عكس المتوقع فبدلا من ان ينتقد شاموس هذه المنافسة بينه وبين درير فإنه يؤيدها تماما. ومما يدعو إلى الغرابة ان شاموس أصبح معجبا بدارير الى حد كبير. فقبل ان يقوم شاموس بكتابة سيناريوهات لأفلام مثل The Ice Storm وRide with The Devil وCrouching Tiger وHidden Dragon قام بدراسة عمل للاستاذ الدنماركي بالتفصيل.
وقدم أطروحة الدكتوراه عن درير في جامعة كاليفورنيا، وفي العام 1988 ساهم بمقال يصعب فهمه عن إحدى كتب درير الذي قام بنشره متحف الفنون المرئية في نيويورك.
كان شاموس تلميذا عندما شاهد أول فيلم لدرير بعنوان Ordet العام 1945. وتدور حوادث هذا الفيلم الذي قام بكتابته كاج منك عن العقيدة والسمو. وإذا ما شاهدت هذا الفيلم فإن خاتمته ستبدو سخيفة وتافهة وهي عن (متعصب ديني يقترب من تابوت أم توفيت لتوها أثناء الولادة ويهمس في أذنها ويعيدها باعجوبة الى الحياة).
يقول شاموس «بالنسبة إلي يعتبر درير منتج أفلام يحب التنويع، انه يقوم بتغيير فكرة الفيلم أو العمل الفني في كل مرة مهما كان ذلك النوع». ولا يرى شاموس أي تعارض بين الدفاع عن أعمال درير وانتاج أفلام مثل The Hulk بنفسه (شاهد فيلم Ordet وستفهم ما أقصده!).
ويمضى شاموس قائلا: في فيلم Ordet تشاهد المعجزة بطريقتين (معجزة في الفيلم ومعجزة وجود الفيلم نفسه). وهذا يتطلب صبرا من الجمهور، ولكن المشكلة ان معظم الجماهير (في أميركا على الأقل) لا يوجد لديهم مثل هذا الصبر. فعندما تم عرض فيلم درير The Day of Wrath لأول مرة في الولايات المتحدة العام 1948 كان رد الفعل الجماهيري فاترا. وتم انتاج هذا الفيلم العام 1943 أثناء الاحتلال النازي للدنمارك وتم إعداده بأسلوب القرن السابع عشر.
ويعالج هذا الفيلم (مثل The Crucible لآرثر ميلر) الاضطهاد الديني وحرق العرافات. وان اختيار هذه المادة يدل على الجرأة لمنتج كان يعمل تحت حكم الفاشية ولكن النقاد الأميركيين كانوا قلقين بالنسبة إلى التطورات البطيئة في حوادث الفيلم.
ووجهت انتقادات للكثير من أفلام درير الأخرى. وتم انتقاد فيلم Passion of Joan of Arc ووصف بأنه «جامد بشكل متأصل» من قبل نقاد لم يلاحظوا استخدامه الفني لللقطات المأخوذة عن قرب وتحريره البارع أو المعاناة والألم الذي بدى على وجه جوان (ماريا فالكونتي) أثناء تعرضها للمحاكمة الوحشية.
أما فيلم دراير الأخير Gertrud (1964)، النسخة المعدلة لمسرحية هجالمر سودربيرج (1906)، الذي يروي قصة بطلة قوية خانها الرجال الذين أحبتهم، فقد انتقد بسبب وجود القليل من اللقطات المأخوذة عن قرب والاعتماد بشكل كبير على سلسلة من اللقطات الطويلة غير المقطوعة
العدد 639 - السبت 05 يونيو 2004م الموافق 16 ربيع الثاني 1425هـ