العدد 669 - الإثنين 05 يوليو 2004م الموافق 17 جمادى الأولى 1425هـ

اليونان تعانق المجد من أوسع أبوابه

لا يختلف اثنان أن تأهل اليونان إلى نهائي كأس أمم أوروبا 2004 ثم إحرازها اللقب للمرة الأولى في تاريخها يعتبر مفاجأة كبيرة في عالم كرة القدم، لكنهما لا يختلفان أيضا على أنها استحقت اللقب بعد الأداء الرجولي والجهد الذي بذله لاعبوها في النهائيات.

وتوجت اليونان بطلة لأوروبا بفوزها على البرتغال المضيفة 1/صفر في المباراة النهائية أمس الأول الاثنين تفجرت بعدها مسيرات الفرح في جميع أرجاء اليونان والعالم قابلها حزن وبكاء في المدن البرتغالية.

ويأتي الإنجاز التاريخي للمنتخب اليوناني قبل نحو خمسة أسابيع من استضافة أثينا لنهائيات دورة الألعاب الاولمبية.

وربما كانت كلمة مفاجأة قريبة إلى الواقع بعد فوز اليونان على البرتغال في المباراة الافتتاحية، لان أحدا لم يرشحها لتحقيق نتائج لافتة في النهائيات، إلا أنها انتزعت تعادلا من إسبانيا بعد ذلك ما كان سببا في خروج الأخيرة من الدور الأول، وحجزت بدورها بطاقتها إلى ربع النهائي على رغم خسارتها في المباراة الثالثة أمام روسيا 1/2.

لكن المنطق الكروي فرض نفسه بعد ذلك ولم تعد كلمة مفاجأة في مكانها أبدا بعد الإنجاز الذي حققه منتخب اليونان بقيادة المدرب الألماني اوتو ريهاغل على حساب نظيره الفرنسي بطل النسخة الماضية والمرشح الأول لإحراز اللقب بفوزه عليه 1/صفر في ربع النهائي.

وإذا كان لهذه الخسارة آثار سلبية على المنتخب الفرنسي الذي كان يأمل بتخطي كبوة فقدان لقبه بطلا للعالم عندما خرج من الدور الأول لمونديال كوريا الجنوبية واليابان العام 2002 بالاحتفاظ بلقبه بطلا لأوروبا بقيادة جيل موهوب من اللاعبين أمثال زين الدين زيدان وتييري هنري وروبير بيريس وباتريك فييرا وغيرهم، فإنها شكلت نقطة تحول لمنتخب اليونان، فلم يعد يخشى مواجهة أي منتخب وارتفعت معنويات لاعبيه وبلغت درجات طموحاتهم أعلى مستوياتها.

المواجهة في نصف النهائي منتظرة لان اليونان كانت مدعوة لمقابلة تشيكيا صاحبة أفضل عروض في البطولة وأقواها والتي فرضت ذاتها مرشحة بارزة لإحراز اللقب، إذ كان الجميع يعتقد أن التشيكيين سيوقفون مغامرة اليونان بسهولة نظرا لتفوقهم البدني والفني من خلال ما قدموه في مبارياتهم السابقة وخصوصا عندما قلبوا تخلفهم أمام هولندا صفر/2 إلى فوز 3/2.

ومرة جديدة، لم يأبه ريهاغل ولاعبوه بأي اعتبارات أخرى في البطولة ولم يعترف بالترشيحات والتصريحات واحتفظ بأعلى درجات التركيز وادخل في أذهان لاعبيه «أسرارا نفسية وفنية» لكل مواجهة، وفعلا نجحت الخطة وقلب اليونانيون المعادلة أيضا بفوزهم على تشيكيا بهدف كسروا فيه قاعدة الهدف الفضي الذي يعتمدها الاتحاد الأوروبي لأنه كان ذهبيا، لا بل ماسيا، لأنه جاء مع صافرة انتهاء الشوط الإضافي الأول (الوقت الأصلي صفر/صفر).

وازدادت المكافآت المادية المرصودة للاعبي المنتخب اليوناني، وزحف الجمهور إلى متابعة منتخبه في البرتغال في النهائي يتقدمهم رئيس الوزراء الذي بكى بعد إحراز اللقب، وفيما كان الجميع يعتبر أن تأهل اليونان إلى النهائي هو الإنجاز بحد ذاته وان المنطق الكروي يقول بان تفوز البرتغال على أرضها وبين جمهورها العريض باللقب خصوصا أنها تقدم أداء هجوميا يفوق ما يقدمه المنتخب اليوناني من الناحية الجمالية.

لكن كرة القدم الحديثة لم تعترف بالأفضلية على الورق وبالأسماء الرنانة، فتواصل المد اليوناني الذي صدم البرتغاليين في عقر دارهم بهدف في الدقيقة 57 كان كافيا لكي تكتب بلاد الإغريق اسمها بأحرف من ذهب في سجل البطولة الأوروبية.

واللافت أن أداء المنتخب اليوناني كان ثابتا منذ المباراة الأولى وحتى النهائية، وكأن اللاعبين حفظوا تماما ماذا عليهم أن يفعلوا في النهائيات، وكان سرهم الهدوء والتمريرات الدقيقة جدا خصوصا في الهجمات المرتدة، والتمركز الجيد، ويبقى السر التنظيم الدفاعي الذي تحطمت عنده هجمات جميع المنتخبات التي واجهته.

استحقت اليونان لقب بطلة أوروبا بشهادة الجميع حتى بعض أفراد المنتخبات التي خسرت أمامها وقدمت إلى العالم أمثولة في الروح الجماعية والأداء الرجولي والالتزام بالخطة الموضوعة من قبل المدرب في الوقت ذاته، فدخلت التاريخ الكروي من أوسع أبوابه لا سيما إذا عرفنا أنها مشاركتها الثانية في النهائيات إذ كانت خرجت من الدور الأول في بطولة أوروبا العام 1980 من دون أن تحقق أي فوز.

ولم يكن لليونان أي سجل يذكر في عالم كرة القدم، وتملك مشاركة واحدة في نهائيات كأس العالم العام 1994 لكنها خرجت من الدور الأول من دون أي فوز أيضا

العدد 669 - الإثنين 05 يوليو 2004م الموافق 17 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً