لقد كثر تعرض الأطفال لمشكلة الإعاقة السمعية، وتطرقت الكثير من الصحف العربية منها والأجنبية إلى ذلك. وبفضل تقدم العلم أصبح بمقدور من فقد حاستي السمع والنطق العودة تدريجيا إلى عالم الأصوات، ولكن ليس هناك إلا وسيلة وحيدة هي زراعة القوقعة التي تبقى حائلا أمام عشرات الأطفال الذين يتوقون إلى العيش كبقية الأطفال الأصحاء.
مريم عادل سعيد، إحدى هؤلاء الأطفال الذين يتطلعون بشوق إلى سماع صوت والديهم، ولعل الوالدين أكثر شوقا إلى سماع صوت طالما أملا في سماعه. يقول الوالد: «انني لا أريد أن أتطرق إلى تعريف المشكلة، ولكن هي تتلخص في عدم قدرة الطفل منذ الولادة على السمع بأية نسبة تذكر. ومع هذه المشكلة يفقد الطفل القدرة على النطق، وترتفع المأساة إلى إعاقة سمعية ونطقية. وأكد الطب الحديث امكان التغلب عليها بما يعرف بزراعة القوقعة، وهي عملية مضمونة النتائج 100 في المئة يستعيد بها الطفل السمع والقدرة على النطق عن طريق التدريب. وانني وزوجتي نشكل احدى الأسر التي قدر لها أن ترزق بمولود يعاني من هذه المشكلة».
وأضاف عادل سعيد «لم نستسلم... بدأنا التعرف على المشكلة ودرسنا جميع المصادر وبحثنا عن حلول المشكلة. وبمساعدة الأطباء المختصين، تأكد لنا بعد الفحوصات حاجة مريم إلى عملية زرع القوقعة، وأن من الضروري إجراؤها إذ ليس من مصلحتها التأخير، فقد كان عمرها آنذاك سنتين وثمانية شهور... في تلك الفترة لم نتعرف على إجراءات العملية، ولكن فوجئنا برد المختصين في المستشفى بعدم القدرة على إجرائها في هذه الفترة نظرا إلى كلفة العملية إذ تصل إلى ما بين 15 و18 ألف دينار، وبما أن عدد الأطفال المصابين بهذه المشكلة يزداد - حتى وصل الآن إلى ما يربو على 20 إلى 25 طفلا، وهم جميعا بحاجة ماسة إلى إجراء العملية، وهذا ما يؤكده الأطباء ونحن نعرف بعضهم إذ نلتقي ذويهم في مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الكائن في سند - وبعد أن طال الانتظار، لم نجد سبيلا لإجراء العملية سوى الاقتراض من المصرف».
وقال: «لقد حملنا عبئا ثقيلا غير محتمل على عبئنا السابق، وقدمنا الملف إلى وزير الصحة السابق، وبلغت فترة الانتظار ما يقارب سبعة شهور، وكنا نراجع مكتب الوزير ولم نحصل على أي رد، وإلى الآن لم نحصل على رد يذكر!... كان المطلوب من الوزارة مساعدتنا ولو بالشيء البسيط، وقد كفل لنا الدستور الحق في الحصول على العلاج... نعود إلى المشكلة الحقيقية، إذ ان هناك حتما أسبابا حقيقية لانتشار هذه الظاهرة في هذه الآونة، ونحن نستغرب من عدم قيام وزارة الصحة المعنية بهذا الشأن بمحاولة البحث عن أسباب انتشار المشكلة عند الأطفال، وتحديد وتبيان طرق الوقاية منها خلال فترة الحمل. إذ تبين من خلال الجلوس مع بعض الأمهات اللائي أنجبن أطفالا يعانون من مشكلة السمع أنهن تعرضن لعلاج في مستشفى السلمانية الطبي، ومن بينهن وزوجتي التي تعرضت لعلاج بالمضاد الحيوي من التهاب الغدة الدرقية خلال فترة الحمل، وكانت حينها في الشهر الثالث أو الرابع. وكانت النتائج أن ولدت مريم وهي فاقدة القدرة على السمع، وهناك كثير من الأطفال ولدوا مثلها كذلك».
وأشار إلى أن «هناك طابورا طويلا، بدأ صغيرا ثم طال، ليطول معه انتظار الحظ، لمن يمد يده إلى طفل من هؤلاء كي يعيد البسمة له من جديد. نريد أن نسمع طفلتنا وهي تنادينا، نريدها أن تلتفت عندما ننادي باسمها، فمن ينقل هؤلاء الأطفال من عالم الصمت، إلى عالم الحس والحركة. هناك سؤال يدور في خلدنا وهو محير، ففي الوقت الذي تصرف فيه الدولة أموالا طائلة على مشروعات يقال عنها سياحية واستثمارية وهي بكلفة خيالية، لماذا لا توجد مشروعات إنسانية؟ وسؤالي الثاني: هو لماذا لم تبادر أية جهة إلى الآن، بتأسيس لجنة أو جمعية تدعم من قبل الأهالي والشركات الأجنبية والوطنية لمعالجة هذه الحالات في الداخل أو في الخارج، أو تشكيل لجنة بمسمى لجنة العلاج في الخارج كي تقدم خدمات إلى المحتاجين للعلاج في الخارج، وخصوصا أن هناك حالات خطيرة تحتاج إلى من ينظر فيها بصورة لا تحتمل التأخير»
العدد 671 - الأربعاء 07 يوليو 2004م الموافق 19 جمادى الأولى 1425هـ